شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

قدّم/ ي دعمك!
فصل الدين عن القبيلة... هل البدوي لاديني بطبعه؟

فصل الدين عن القبيلة... هل البدوي لاديني بطبعه؟

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

رأي نحن والخطاب الديني

الاثنين 17 أكتوبر 202210:33 ص

يندرج المقال في ملف "فصل الدين عن القبيلة" من إعداد وتحرير جمانة مصطفى

لأسباب كثيرة، بعضها تاريخي وبعضها بيئي وبعضها ثقافي، لا يمكن القول إن البدوي اللاديني هو "مقلّد للغرب" أو "مستلب" لأفكار الدولة الأوربية الحديثة على غرار التهم التي تُلقى في وجه اللادينيين العرب، بل هو أقرب إلى عائد في الزمن.
بكلمات قليلة على البدوي كي يتحول إلى علماني أن يتخلص من بعض العادات لا أن يتبنى عادات جديدة، وهذه (البعض) ليست قليلة إذ هي حمولة مئات السنين من تدوين تاريخه الثقافي من منظور فقهي، وحصره تقريباً في صيغة المضاف إليه "العربي المسلم" في كل مرة ذكرته الكتب، لتكون الكلمة الفصل لدينه لا لهويته السابقة.  

الاستعانة بالخيال لتصوّر البدوي بدون الإسلام

بين البداوة والإسلام علاقة عضوية قد تكون عصية على الفصل، فتذويب الهوية الثقافية داخل الهوية الدينية لأكثر من 14 قرناً كان كفيلاً بأن تفقد الأولى معظم نكهتها، لا سيما بعد تجيير جزء كبير من العادات البدوية/العربية على أنها إسلامية، والادعاء بأنها بدأت مع ظهور الرسالة المحمدية.
لا يمكن القول إن البدوي اللاديني هو "مقلّد للغرب" أو "مستلب" لأفكار الدولة الأوربية الحديثة على غرار التهم التي تُلقى في وجه اللادينيين العرب، بل هو أقرب إلى عائد في الزمن

لذا، لدى إعداد هذا الملف المعنون بـ"فصل الدين عن القبيلة" والذي يتمحور حول العادات والأعراف اللادينية عند البدو، كان لا بد من الاستعانة بالخيال قليلاً للوصول إلى شبه تصور عمن هو البدوي بدون الدين الإسلامي.
الغرور الحضري هو أول ما كان يجب التخلص منه لبلوغ الجواب أو الصورة المتخيلة بالأحرى، وكذلك عدم الوقوع في فخ المقارنة بين ما هو بدوي وما هو ريفي من جهة، وما هو مدني وما هو بدوي من جهة أخرى.
لذا كان الشرط الأهم الذي اعتمدته مواد وتقارير هذا الملف، هو الوصف المجرد معظم الوقت، كي لا نستنتج أن هذه العادات هي لادينية بالقياس أو بالمغايرة عن عادات القرية والمدينة العربية، وإنما بالقياس والمغايرة عن أحكام الشريعة.
التخلص من المفهوم الغربي الاستشراقي كان شرطاً ثانياً، فالمقصود باللادينية لا يعني العلمانية الحديثة بالضرورة، إذ قد نعثر على بعض العادات البدوية التي لا يشكل الدين مرجعيتها لكنها أكثر تزمتاً على مسطرة الحداثة وحقوق الإنسان اليوم، مثل عادة الثأر، وعادة الهجر في اليمن.

ليست كل العادات اللادينية أفضل من الدينية

كان الشرط الأهم الذي اعتمدته مواد وتقارير هذا الملف، هو الوصف المجرد معظم الوقت، كي لا نستنتج أن هذه العادات هي لادينية بالقياس أو بالمغايرة عن عادات القرية والمدينة العربية، وإنما بالقياس والمغايرة عن أحكام الشريعة

اللادينية المقصودة هي الأعراف التي إما تتعارض مع الدين الإسلامي بشكل مباشر، أو لا يشكل الدين مرجعيتها ولا يباركها، وهذا يعني أن نُفاجأ بقوانين بدوية لم يأت الإسلام على ذكرها في جرائم الاغتصاب والتحرش اللفظي والجسدي وتتفوق على القوانين العربية في اصطفافها لصالح المرأة وتصديقها دون دليل، مثل القاعدة البدوية التي تقول إن "كاذبة النساء صادقة" في جرائم الاغتصاب والتحرش والتي تطابق مبدأ  "نصدق الناجيات" التي تنادي به جماعات حقوق المرأة. كذلك عادات مثل رقص المرأة البدوية بالسيف "الحوشي" بين الرجال، واجتماعها مع حبيبها "التعليلة".
وفي المقابل هنالك ما يفوق بتهميشه للنساء الدين الإسلامي مثل زواج الفصلية عند قبائل العراق.  
أيضاً يتوقف الملف عند الغرام الذي يربط البدوي بحيوانات الصحراء مثل الغزال والخيل والصقر لاستكمال التصور ولإضاءة الجانب الإنساني وصورة المستمتع بالطبيعة.
يحاول الملف –وهذا الأصعب- رصد بعض العادات التي زالت أو في طريقها إلى الزوال، مثل عادة شرب عرق التمر في العراق، وهو خمر بدوي حصراً، ومثل شعر البدويات الجريء وغزلهن بالرجال الذي صارت كلفته عالية جداً بعد قيام الدول الدينية ورسم الحدود وصدور القوانين والهيئات المقيدة للحريات.

على البدوي كي يتحول إلى علماني أن يتخلص من بعض العادات لا أن يتبنى عادات جديدة، وهذه (البعض) ليست قليلة إذ هي حمولة مئات السنين من تدوين تاريخه الثقافي من منظور فقهي

في مقابلة خاصة برصيف22 ضمن الملف يرى الشاعر البحريني قاسم حدّاد أن العربي البدوي كانت لديه فرصة الانتقال الحضاري قبل الإسلام، لكن هذه الفرصة ضاعت للالتحاق بركب الحضارة مع تحول الدين إلى تجارة لم تزل مستمرة حتى اليوم، معترضاً بشكل كبير على وصف الجاهلية التي تجعل من البدوي غير المسلم جاهلاً، يقول: "الجاهلية لا يمكن أن تكتب ذلك الأدب الذي وصلنا من مراحل ما قبل الإسلام. والنص القرآني الذي بين يدينا لا يمكن أن ينشأ في مجتمع متخلف أدبياً، تلك كانت البدو وتلك كانت العرب التي تكتب المعلقات، البدء الجميل كان هناك".


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.



* يعبّر المقال عن وجهة نظر الكاتب/ة وليس بالضرورة عن رأي رصيف22

بالوصول إلى الذين لا يتفقون/ ن معنا، تكمن قوّتنا الفعليّة

مبدأ التحرر من الأفكار التقليدية، يرتكز على إشراك الجميع في عملية صنع التغيير. وما من طريقةٍ أفضل لنشر هذه القيم غير أن نُظهر للناس كيف بإمكان الاحترام والتسامح والحرية والانفتاح، تحسين حياتهم/ نّ.

من هنا ينبثق رصيف22، من منبع المهمّات الصعبة وعدم المساومة على قيمنا.

Website by WhiteBeard
Popup Image