شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

لنبدأ من هنا!

"التغيير الكبير يبدأ بفكرة"... اختتام مشروع لفريدريش ناومان حول "إعادة التفكير في السياسة"

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

سياسة

الأربعاء 27 أكتوبر 202107:51 م
Read in English:

Big change always starts with an idea. The conclusion of Friedrich Naumann’s project: Rethinking Politics

"أي تغيير كبير دائماً ما يبدأ بفكرة، ووراء كل فكرة هناك شخص". هذه الفكرة التي يقولها مدير المكتب الإقليمي في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا لمؤسسة فريدريش ناومان، ديرك كونتسه، تلخّص الدافع وراء إطلاق المؤسسة مسابقة iValues.

في 26 تشرين الأول/ أكتوبر، وصلت النسخة الأولى من المسابقة إلى خواتيمها، بعد أشهُر من العمل والورش المكثّفة، وأعلنت المؤسسة الألمانية، في حفل في فندق The Space في العاصمة الأردنية عمّان، عن الفائزين في مسابقتها الهادفة إلى "إعادة التفكير في السياسة في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا"، بالتعاون مع معهد الابتكار في السياسة في ألمانيا.

"مارثا إي دي يو"

ذات يوم، ضلّ الشاب السوري إيهاب بهواتي (28 عاماً) طريقه وهو يمشي في أحد شوارع الأردن. لجأ إلى أحد المارة وسأله عن طريق الوصول إلى المكان الذي ينشده، فتفاجأ بأنه من فئة الصم. فكّر إيهاب في الكتابة عبر الهاتف كوسيلة للتواصل مع هذا الشخص لكنه وجده أيضاً لا يستطيع القراءة أو الكتابة.

لم تمر الحادثة على الشاب السوري مرور الكرام. بل فكّر بإيجابية: كيف يخدم الأشخاص الصم في الأردن ويعلّمهم القراءة والكتابة؟

من هنا، ولدت فكرة مشروع "مارثا إي دي يو" MARTHA EDU الفائز عن فئة "جودة الحياة"، وهو مشروع لتعليم الصم في الأردن، يكتسب أهميته من واقع أن 80% من الصمّ في الأردن أميّون، وأن هنالك نقصاً في المدارس المخصصة للصم وفي المختصين بلغة الإشارة.

اسم التطبيق، بحسب بهواتي، مستلهم من قصة مارثاز فينيارد، وهي جزيرة لها مكانة خاصة في تاريخ الصَمَم. فلأن واحد من 25 من سكانها كان أصمّاً منذ الولادة، اخترعوا لغة إشارة في القرن التاسع عشر استخدمها جميع سكانها لخلق وسيلة للتواصل بين الجميع.

يقول لرصيف22 إن ما شهدته هذه الجزيرة الواقعة مقابل ولاية ماساتشوستس الأمريكية كانت ولا تزال تجربة إنسانية فريدة من نوعها تعطي مثالاً على الانسجام واحترام الآخر.

وتشرح المحامية الأردنية رشا أبو شقدان لرصيف22، وهي شريكة مؤسسة في المشروع، أن "تطبيق مارثا التعليمي" الإلكتروني هو تصميم وتطوير مدعّم بتقنية الواقع المعزز لتعليم الأطفال من ذوي الإعاقة السمعية الذين تتراوح أعمارهم بين سنتين وخمس سنوات لغة الإشارة، بهدف تمكينهم من الوصول إلى التعليم.

"من حقها"

كشابة تعيش في لبنان، حيث تعاني النساء من التمييز ضدّهن على صعد كثيرة، في الحياة الأسرية وفي أماكن العمل، وفي كل المجالات تقريباً، تسعى خلود الخطيب إلى إحداث تغيير في الواقع، فابتكرت تطبيق "من حقها" MIN HAQQIHA الذي يهدف إلى تعريف النساء بحقوقهن وبالخيارات التي يمكنهن اللجوء إليها لتحسين أوضاعهن المعيشية.

تقول الخطيب، وهي رئيسة "المنظمة اللبنانية للدفاع عن المساواة والحقوق" (Louder)، وصاحبة فكرة التطبيق الفائز عن فئة "حقوق الإنسان"، ومعدّة محتواه، لرصيف22 إن التطبيق يتضمّن موادَّ متنوعة ويتأسس على "رؤية أساسية هي عالمية حقوق الإنسان وعدم قابليتها للتجزئة".

يهدف التطبيق إلى "تأسيس مرجع قانوني حقوقي"، لكي تستطيع كل امرأة التعرّف على حقوقها وما تضمنه لها القوانين، ويرتكز على "منهج حقوقي ينطلق من المعايير والوثائق الدولية الأساسية المتعلقة بحقوق الإنسان عامة، والنساء خاصة، ويقارنها مع القوانين الوطنية وصولاً إلى رصد تنفيذها على مستوى الدولة".

تأمل الخطيب وفريق "من حقها" أن يسهم التطبيق في زيادة التوعية بحقوق الإنسان وبخاصة النساء، ورفع الوعي بأشكال العنف وآليات التصدي لها، وتعزيز أهمية مشاركة النساء في صنع القرار، والضغط على صانعي القرار لتعزيز المساواة بين الجنسين.

"زهرة اللوتس"

عن فئة "الاقتصاد وفرص العمل"، فاز مشروع "زهرة اللوتس"، وهو حاضنة تسعى إلى تمكين النساء في مجتمعات اللاجئين والنازحين في كردستان العراق، حيث تعيش حوالي 30 ألف أسرة نازحة، موزَّعة على 26 مخيماً، وذلك عبر مساعدتهنّ على إطلاق أعمال تجارية خاصة صغيرة.

تحصل النساء المدعومات، ومعظمهن ناجيات من تنظيم داعش وضحايا عنف قائم على النوع الاجتماعي، على تدريبات تساعدهنّ ليصبحن قادرات على إدارة مشروعات صغيرة من الألف إلى الياء، كما يوفّر المشروع لهنّ أخصائيين نفسيين أكفاء لمساعدتهنّ على تخطي مشاكل الصحة النفسية التي يعانين منها.

"أي تغيير كبير دائماً ما يبدأ بفكرة، ووراء كل فكرة هناك شخص"... مؤسسة فريدريش ناومان تختتم مسابقة iValues-2021، بعد أشهُر من العمل والورش المكثّفة، وتعلن خمسة فائزين

الهدف الأسمى للمشروع هو أن "تصبح النسوة اللاجئات والنازحات صانعات قرار، ومستقلات مالياً داخل أسرهن ومجتمعاتهن، وقادرات على إعالة أنفسهن وأُسرهنّ، وإعادة الاستثمار في أعمالهن الخاصة، وبناء ثقتهن ومهاراتهن وشبكاتهن الاجتماعية، بما ينعكس بالإيجاب على دورهن في إحداث التغيير في المجتمع"، تقول المديرة الإقليمية للحاضنة فيان أحمد لرصيف22.

"سي آي بوست"

عن فئة "الديمقراطية والمجتمع"، فاز مشروع CIBOOST الهادف إلى استخدام التكنولوجيا من أجل التأثير في السياسات وتعزيز الشراكات في تونس.

يهدف المشروع إلى التعريف بأهمية الصناعات الثقافية والإبداعية في مجتمعات واقتصادات الغد، وهي صناعات تعاني لحجز مكانة لها في سياسات التنمية في تونس رغم أنها تساهم بنحو تريليوني دولار سنوياً في الاقتصاد العالمي وتوفّر نحو 30 مليون وظيفة.

رسالة تشجيع ودعم

من المقرر أن يحصل كل مشروع فائز على دعم يتحدد وفق الاحتياجات، مع إمكانية تقديم تدريب لفريق العمل، بحسب الحاجة أيضاً.

إيهاب ورشا يعتبران أن فوز مشروعهما يحثهما على الترويج للتطبيق على مستوى العالم، "لترك بصمة إنسانية حقيقية تساعد ذوي الإعاقة السمعية للتعبير عمّا يريدون".

"المنطقة بحاجة ماسة إلى تحديث في مقاربة السياسات العامة والعمل الديمقراطي"... مؤسسة فريدريش ناومان تختتم مسابقة iValues-2021، بعد أشهُر من العمل والورش المكثّفة، وتعلن خمسة فائزين

أما الخطيب، فتقول: "أتيت من لبنان الذي يشهد معاناة اقتصادية وانهياراً لمقومات الحياة السياسية، وحيث نعيش انكساراً يومياً، لكن فور إدراكي إيمان الأشخاص بالمشروع شعرت بأني فائزة"، مضيفة أن الفوز هو رسالة تشجيع لفريق عمل التطبيق وأيضاً رسالة واضحة لجميع النساء في الوطن العربي بأن "العنف ليس قدراً حتمياً وواجب علينا أن نقف بوجهه"، ومتابعة أنها تتطلع إلى تعميم المشروع عربياً في الخطوة القادمة.

ويرى سفيان الماجري أن فوز مشروعه CIBOOST هو "تكريم حقيقي لفريق المشروع بعد العمل الطويل المتعب"، مضيفاً أنه يخلق "تحدياً جديداً لاستمرار العمل بما يحقق خدمة المجتمع التونسي".

أما فيان أحمد، فتعتبر أن الفوز هو تكريم "للنساء العراقيات الشجاعات اللواتي أظهرن مروءة كبيرة واخترنَ الأمل على الخوف من المستقبل"، وتضيف أنه سيشكل دافعاً مهماً وكبيراً لحاضنة "زهرة اللوتس" لمواصلة دعم النساء داخل العراق وخارجه وزيادة أعداد المستفيدات من المشروع.

ماذا بعد؟

"المنطقة بحاجة ماسة إلى تحديث في مقاربة السياسات العامة والعمل الديمقراطي"، تقول المديرة الإستراتيجية الإقليمية في مؤسسة فريدريش ناومان لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، يارا الأسمر.

قبيل إعلان المشاريع الفائزة، جمعت ورش عمل مجموعة من المبتكرين وواضعي السياسات العامة من دول مختلفة. وتلفت الأسمر إلى أن تقريب وجهات النظر بين هاتين الفئتين هو من أهداف مشروع iValues-2021، وإلى أن "جعل صناع السياسات يدركون أهمية الابتكار والتواصل مع المبتكرين كان من أهم المكاسب التي تحققت".

ستُواصل مسابقة iValues مهمتها المتمثلة في المساعدة في بناء أسس مجتمعات الغد. في العام القادم، لا خطط واضحة من الآن حول تنظيم نسخة ثانية من المسابقة، حسبما توضح الأسمر لرصيف22 مضيفة: "خلال العام القادم، سيعمل الفائزون على مشاريعهم، وسنقدّم لهم المساعدة لتطبيق ما يحلمون به، خاصةً وأن بعض البرامج عبارة عن مجرد أفكار لم تُطبّق بعد".

وتتابع: "تعلمنا أيضاً كم هو مهم أن نتحدث عن المشاريع والمبادرات الابتكارية والأشياء الإيجابية في المنطقة وليس فقط السلبيات".


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard
Popup Image