يمثل المجتمع العربي نحو 21% من سكان إسرائيل، نسبة كبيرة منه من الشباب. يتمتع هذا المجتمع بخصائص فريدة، وفي الوقت نفسه يشكو أفراده من عدم مساواة على أصعدة كثيرة.
مجال التكنولوجيا الفائقة، وهو مجال تبرع فيه إسرائيل، وتشكل صناعاته نحو 50% من صادراتها، يكشف عدم تكافؤ الفرص بين المواطنين العرب ونظرائهم غير العرب.
من أجل تغيير هذا الواقع، أعدّت "تسوفن"، وهي منظمة تسعى إلى دمج أفراد المجتمع العربي في الصناعات المتقدمة والعليا، خطةً خمسية تحت عنوان Five year policy plan for advancement of Hi-Tech in Israel’s Arab society.
تعزيز التكنولوجيا الفائقة في المجتمع العربي
تنطلق جهود "تسوفن" من حقيقة أن تعزيز التكنولوجيا المتقدمة والابتكار في المجتمع العربي مفتاحان للنمو الاقتصادي ولتقليص الفجوات الاجتماعية-الاقتصادية داخل إسرائيل، بحسب نعمة نجار، مديرة التطوير في المنظمة.
وتضيف لرصيف22 أن "الوضع الاقتصادي للمجتمع العربي في إسرائيل وظاهرة نقص الكفاءات البشرية في التكنولوجيا العالية هما ‘مشكلتان تحلان بعضهما البعض’"، فرغم تطور هذا القطاع، هناك نقص في الكفاءات ذات الخبرة على مستوى عام.
وتشرح: "يمكن الاستفادة من الاندماج في التكنولوجيا العالية في ارتداد المجتمع العربي لتحسين إنتاجية العمل، ما سيؤدي إلى زيادة دخل الأسرة ورفع مستوى المعيشة".
"حان الوقت لاغتنام الفرص المتاحة من خلال البيانات الضخمة والتكنولوجيا لإيجاد طرق لتحديث وتحويل الأنظمة الديمقراطية الهشة ومقاربة أهم التحديات المجتمعية مثل التطرف الديني، وأزمة المناخ، والفساد…"
تقسم نجار علاقة أبناء المجتمع العربي بالتكنولوجيا العالية إلى ثلاث مراحل/ أجيال: الأولى انتهت عام 2008، وفيها برز ما تسمّيه بـ"الجيل الوحيد"، حين كان هنالك عدد قليل من رواد التكنولوجيا المتقدمة في المجتمع العربي؛ والثانية ظهرت بين عامي 2008 و2017، حين برز "الجيل الثاني" الذي رسّخ صناعة التكنولوجيا الفائقة في المجتمع العربي، بفضل منظمات المجتمع المدني مثل "تسوفن"، والثالثة شهدت بروز "جيل التوسع"، وفيها تُبذَل جهود حكومية ومدنية لاستغلال القاعدة الحالية وخلق زخم للتوسع أكثر في صناعة التكنولوجيا الفائقة في المجتمع العربي. وبرأيها، "أسس تطوير التكنولوجيا الفائقة متوفرة في المجتمع العربي".
كجزء من جهود التنمية الاجتماعية والاقتصادية في المجتمع العربي ودمجه في صناعة التكنولوجيا العالية، وبمبادرة من اللجنة القطرية للسلطات المحلية العربية في إسرائيل بقيادة "تسوفن"، صيغت "الخطة الخمسية"، على أن تُنفَّذ تحت إشراف السلطات المحلية العربية بالتعاون مع الوزارات والجهات الحكومية الإسرائيلية المعنية.
التكلفة الإجمالية لتنفيذ الخطة هي 730 مليون شيكل (نحو 230 مليون دولار)، فيما يُقدَّر مردودها بزيادة قدرها خمسة مليارات شيكل (نحو مليار ونصف المليار دولار) في الناتج القومي الإسرائيلي.
تعتبر نجار الموافقة على الخطة الخمسية "اعترافاً من الحكومة الإسرائيلية بضرورة تقليص الفجوات والتنمية الاقتصادية للمجتمع العربي في إسرائيل".
وتأمل، هي وفريق المنظمة، في أن يسهم هذا الاستثمار الحكومي في "تطوير البنية التحتية التكنولوجية، وتعليم العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات وتطوير النظام البيئي، وتعزيز ريادة الأعمال في المجتمع العربي"، مشددةً على أن ذلك سيكون بمثابة "نقلة إستراتيجية وتغيير في قواعد اللعبة للمجتمع العربي في إسرائيل".
خلال السنوات القليلة الماضية، تضاعفت أعداد المهندسين والمهندسات العرب المتخصصين في التكنولوجيا المتقدمة، وبلغ 20 ألفاً، وهو ما انعكس بشكل واضح على زيادة دخل الأسر والاستثمار في شركات التكنولوجيا الفائقة في المدن العربية، وبناء التكنولوجيا المتقدمة في المناطق الصناعية في المدن العربية، والتنمية البيئية، وكذلك زيادة عدد الطلاب العرب الذين يدرسون في أقسام التكنولوجيا في الجامعات.
نجاحات موازية تحققت في إطار توسيع دوائر التأثير بالمقاييس الاجتماعية، بما فيها تغيير الوعي والحد من الفوارق الاجتماعية والاقتصادية وزيادة التوظيف العادل وتعزيز قيم المجتمع المشترك وتطوير ريادة الأعمال في المجتمع العربي.
منذ عام 2008، نجحت "تسوفن" في تعيين أكثر من ألف مهندس عربي في وظائف عالية الإنتاجية في صناعة التكنولوجيا الفائقة، بارتفاع حديث تمثل في تعيين قرابة 350 مهندساً عربياً في المتوسط سنوياً. وتشير تقديرات إلى أن هذه الوظائف ساهمت بمليار شيكل في الاقتصاد حتى الآن.
"THE LAWYARD" لزيادة الوعي السياسي في لبنان
إلى فترة قريبة، لم تكن في لبنان وسائل إعلام مستقلة، وكل وسائل الإعلام التقليدية كانت مدعومة من قبل سياسيين أو أحزاب سياسية، وناطقة باسم مصالحهم. تجارب عدّة ظهرت لكسر حلقة الهيمنة على المعلومات هذه، وساهمت انتفاضة تشرين الأول/ أكتوبر 2019 في تنبّه كثيرين إلى الواقع السائد أكثر وإلى أهمية العمل على تغييره.
من النوافذ إعلامية البديلة الجديدة والتي ترفع عدم الانحياز شعاراً لها The Lawyard، وهي منصة مفتوحة للمناقشات وتبادل الآراء على اختلافها.
تأسست "The Lawyard" مطلع تشرين الثاني/ نوفمبر 2018، كمنصة إعلامية مستقلة عبر إنستغرام، وباتت حالياً إحدى الصفحات الرائدة في لبنان والتي تقدّم أخباراً محلية وعالمية على مدار الساعة، مع تركيز خاص على التحليل القانوني وأيضاً السياسي، بطريقة "غير منحازة".
تتعاون "The Lawyard" مع عدّة منظمات غير حكومية محلية وإقليمية ودولية تُعنى بالابتكار ورفع الوعي السياسي، للتعريف بالقيم التي يؤمنون بها. كما تسعى إلى تكوين شراكات مع الأحزاب السياسية الصاعدة التي تدعم التغيير، حتى تكون جزءاً من حملاتها الانتخابية الإعلامية.
"Five Year Policy Plan" لزيادة دمج أبناء المجتمع العربي في إسرائيل في مجال التكنولوجيا الفائقة، و"The Lawyard" لرفع الوعي السياسي في لبنان… مبادرات مبتكرة تهدف إلى تعزيز الديمقراطية وطاقات المجتمع
عن عمل المنصة، تقول المؤسسة المشاركة ومسؤولة التواصل الاجتماعي للمشروع لين منيمنة لرصيف22: "هدفنا هو أن نقدّم لجمهورنا أخباراً مستقلة وموضوعية، حتى يتمكن من تكوين رأي خاص حول أي حدث دون تدخّل أو توجيه. غرضنا الأساسي رفع مستوى الوعي السياسي. قد يعتقد البعض أن لبنان لا ينقصه هذا الوعي، لكن على العكس. نرى حجم المشكلة عند وقوع أحداث كبرى وحساسة، مثل أحداث الطيونة الأخيرة على سبيل المثال".
تعمل منيمنة وشريكتها في تأسيس المنصة، زينب الحلبي، حالياً على إطلاق موقع "The Lawyard" الإلكتروني وتسجيله في وزارة الإعلام اللبنانية.
الابتكار في مجال الديمقراطية والمجتمع
المشروعان المذكوران هما من ضمن 25 مشروعاً وصلت إلى المرحلة النهائية من مسابقة مشروع iValues، وهو مشروع تطلقه للمرة الأولى مؤسسة "فريدريش ناومان من أجل الحرية" الألمانية وهدفه "إعادة التفكير في السياسة في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا"، بالتعاون مع معهد الابتكار في السياسة في ألمانيا، وذلك من أصل 280 مشروعاً تقدّمت للمسابقة.
تتوزّع المشاريع الـ25 المتنافسة على خمس مجالات: "الديمقراطية والمجتمع"، "الاقتصاد وفرص العمل"، "حقوق الإنسان"، "جودة الحياة" و"التنمية الإقليمية". عن كل فئة يفوز مشروع ويحصل فريقه على دعم يتحدد وفق الاحتياجات، مع إمكانية تقديم تدريب لفريق العمل، بحسب الحاجة أيضاً.
إضافة إلى هذين المشروعين، تتنافس ثلاثة مشاريع أخرى ضمن فئة الابتكار في مجال الديمقراطية والمجتمع، هي: "CCIBOOST" وهي مبادرة في تونس والشرق الأوسط هدفها استخدام التكنولوجيا للتأثير على السياسات وتعزيز ريادة الأعمال في الصناعات الثقافية والإبداعية، و"WE ARE ALL PARTNERS FOR PEACE" وهي شراكة بين نساء فلسطينيات وإسرائيليات تسعى إلى إنهاء الصراع الذي تضررن منه جميعهن، و"THE OPEN CITIES INITIATIVE" وهي مبادرة أخرى تستهدف المجتمع العربي في إسرائيل وتسعى إلى تعزيز المشاركة السياسية والحكم الرشيد في الحكومات المحلية العربية تحديداً.
"الوضع الاقتصادي للمجتمع العربي في إسرائيل وظاهرة نقص الكفاءات البشرية في التكنولوجيا العالية هما ‘مشكلتان تحلان بعضهما البعض’".
هذه السنة، سيُعلَن عن المشاريع الفائزة خلال احتفال تستضيفه العاصمة الأردنية عمّان، في 26 تشرين الأول/ أكتوبر.
تقول المديرة الإستراتيجية الإقليمية في مؤسسة فريدريش ناومان لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، يارا الأسمر لرصيف22، إن مسابقة iValues-2021 هي بمثابة مبادرة لتقريب وجهات النظر بين المبتكرين في المنطقة وواضعي السياسات العامة، مشيرةً على أن "المنطقة بحاجة ماسة إلى تحديث في مقاربة السياسات العامة والعمل الديمقراطي".
وتشرح أن هنالك ثلاثة معايير لتقييم المبادرات/ المشاريع المرشحة لاختيار الأفضل وهي "توفر الابتكار وقابلية المشروع للتطبيق على أرض الواقع، ومدى إفادته للمجتمع وقدرته على تحسين أوضاع الناس، واستدامة المشروع".
من جانبه، يشدد مدير المكتب الإقليمي في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا لمؤسسة فريدريش ناومان ديرك كونتسه على أن "الابتكار في حد ذاته، شيء لا يمكن للفرد أن يحققه بمفرده. قال أحد الحكماء ذات مرة: يمكنك أن تخترع وحدك ولكن لا يمكنك أن تبتكر وحدك. فالابتكار هو جهد جماعي لإحداث التغيير، بمعنى فهم تحديات الآخر والتعاون مع بعضنا البعض"، مضيفاً لرصيف22 أنه "يمكن رؤية هذا من خلال المشاريع المقدمة: كلها وُضِعت إما نتيجة لعملية إبداعية مجتمعية أو تعالج قضايا في المجتمع تؤثر على الكثير من الناس".
وعن أهمية الابتكار في مجال الديمقراطية والمجتمع، تقول الأسمر: "أعتقد أنه مع دخولنا العقد الثالث من القرن الحادي والعشرين، حان الوقت لاغتنام الفرص المتاحة من خلال البيانات الضخمة والتكنولوجيا لإيجاد طرق لتحديث وتحويل الأنظمة الديمقراطية الهشة ومقاربة أهم التحديات المجتمعية مثل التطرف الديني، وأزمة المناخ، والفساد، إلخ".
إذا كانت "The Lawyard" من بين الفائزين الخمسة، تقول منيمنة إن ذلك سيساعدهم على زيادة عدد أعضاء فريق المنصة، وبالتبعية زيادة المحتوى الذي تقدّمه، مع طموحات بسرد القصص بشكل "جديد تماماً".
أما نجار، فتقول إنهم يودون الاستفادة من "خبرة ومعرفة أصدقاء مؤسسة فريدريش ناومان من أجل الانفتاح على جماهير جديدة لم تعرف عن فعاليات ‘تسوفن’ من قبل".
وتعتبر أن الفوز بالجائزة سيكون بمثابة "اعتراف بسنوات عمل مؤسسة ‘تسوفن’ العديدة في تعزيز قيم التسامح والمساواة وأنشطتها الرائدة لتعزيز قدرات المجتمع العربي في إسرائيل".
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 5 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...