شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

ادعم/ ي الصحافة الحرّة!

"الهايجة المرتدة"... لماذا رانيا يوسف "ترند" دائماً؟

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

حياة

الأربعاء 9 يونيو 202104:46 م

بانتظام، إن لم يكن باستمرار، تتصدر الفنانة رانيا يوسف قائمة المتداول في مصر عبر مواقع التواصل الاجتماعي. يتهمها كثيرون بالسعي إلى إثارة الجدل، وأحياناً افتعاله، على الرغم من أن تصرفاتها وإطلالاتها لا تختلف كثيراً عن تصرفات زميلاتها وإطلالاتهن.

لسنا هنا بصدد استعراض أزمات يوسف، التي ملأت وسائل الإعلام كافة وشغلت الجمهور عدة أيام متتابعة. من "الفستان بدون بطانة" مروراً بـ"الإنسان كان بيحارب الديناصورات" لـ"مؤخرتي مميزة". إنما نحاول البحث عن السبب الذي يجعل "مدام رانيا" -الوسم الذي طالما تكرر اسمها وتصريحاتها عبره - في طليعة "الترند" باستمرار. 

فساتينها؟

مع التسليم الكامل بأن الملابس لا تكون البتة سبب التحرش، وفي حين لا يستطيع أحد أن ينكر أن فساتين يوسف جريئة وتبرز أنوثتها في أبهى حُلّة، لكن هل تستفز ملابس يوسف الجمهور وتجعله يهاجمها عبر السوشال ميديا؟ لا يبدو هذا السبب إذ كما لاحظ معلقون أن ملابسها لا تختلف عن ملابس زميلاتها في الوسط الفني لا سيما إطلالات البحر والمهرجانات. ومع ذلك، لا تتعرض أي من الأخريات للإساءة مثل يوسف، هذا إن لم تتلق إشادات بروعة مظهرها.

فساتين يوسف أيضاً ليست أكثر إثارة مقارنةً بأزياء نجمات العصور الذهبية للسينما المصرية، هند رستم وسعاد حسني وفاتن حمامة وشادية وغيرهن ممن يتم الثناء على رقيّهن وأناقتهن إلى الآن. 

جرأة تصريحاتها؟ 

لم تنكر يوسف في أي مقابلة صحافية أو تلفزيونية أنها شخصية "مجنونة" و"جريئة"، لكن عقب الهجوم عليها بعد التصريح حول مؤخرتها أوضحت أنها ضحية للتعامل الإعلامي المتربص بها. قالت إنها تتعرض لحصار أسئلة تضطرها إلى الإدلاء بتصريحات تفوح منها الإثارة والجدل وهي لا ترغب في ذلك.

"مدام رانيا" و"الهايجة المرتدة"... بانتظام تتصدر #رانيا_يوسف الترند، وتُتهم بأنها تسعى إلى إثارة الجدل، على الرغم من أن تصرفاتها وإطلالاتها لا تختلف كثيراً عن تصرفات وإطلالات غيرها من الفنانات

ما مشكلتها إذاً؟

بالعودة إلى بداية نجومية يوسف، التي ظهرت أول مرة في فيلم "الناجون من النار" عام 1994، ثم من خلال مسلسل "عائلة الحاج متولي" عام 2001، نجد أنها استطاعت أن تنفذ إلى قلوب الجمهور بشخصية الفتاة الحالمة الساذجة الوديعة التي لا رأي لها، وكل ما ترغب به هو أن تعيش زوجةً طائعةً في كنف رجلها.

بالنظر إلى الصورة التي ترتسم في أذهان المتفرجين عنها الآن، فهي النقيض تماماً إذ باتت المرأة المكتملة النضج والأنوثة، والمطلقة العزباء التي تربي فتاتين، والمتمردة، والجريئة، وصاحبة الأفكار غير المألوفة في المجتمع المصري ولا في وسطها الفني والاجتماعي. برغم أن كل هذه الصفات ليست عيوباً بل تحسب لأي سيدة نقطة قوة في ظروف مثالية، فهي في المجتمعات الشرقية التي تميز الرجل ليست كذلك. 

يمكن من خلال مقارنة بين الصورتين الذهنيتين استيعاب المشكلة الأساسية ليوسف مع الجمهور، وهي أنها تجتمع فيها التوليفة الكاملة للنموذج غير المرغوب فيه للنساء في المجتمعات الذكورية: مطلقة، جريئة ومتمردة، فخورة بجنسها، غير خجولة من جسدها ومتصالحة معه، مدافعة عن حقوق النساء. 

مع كل سجال تُثار فيه حقوق المرأة من قضايا العنف ضد النساء، إلى قانون الأحوال الشخصية غير المنصف للمرأة، وحتى حراك فضح المتحرشين، تكون يوسف حاضرة بقوة. كما تعبر عن فخرها بكونها أنثى وبالقوة التي تمنحها النساء لها.

في كل مقطع مصور تطل فيه يوسف، وهي ترقص لمتابعيها، وفي كل تصريح أعربت خلاله عن ثقتها بنفسها وبجمال إطلالاتها أو بحرصها على منح الحرية لابنتيها، حتى مع تصريح والدها عن صرامة تنشئتها كونه رجلاً عسكرياً، تتعرض يوسف لوابل من السخرية وتشويه السمعة والتنمر.

تجتمع في #رانيا_يوسف التوليفة الكاملة للنموذج غير المرغوب فيه للنساء في المجتمعات الذكورية: مطلقة، جريئة ومتمردة، فخورة بجنسها، غير خجولة من جسدها ومتصالحة معه، مدافعة عن حقوق النساء، تلك هي مشكلتها الأساسية

انزعاج

وبينما تقضي إجازتها السنوية في إسبانيا للاستجمام، تشارك يوسف جمهورها صور جولاتها اليومية. كانت صورتها مع رئيس نادي برشلونة الإسباني خوان لابورتا وبالاً عليها إذ دشّن مغردون وسماً مسيئاً -"الهايجة المرتدة"- حمل آلاف التغريدات المسيئة إليها، علاوة على عشرات التعليقات المهينة على الصورة نفسها.

أعربت يوسف عن انزعاجها الشديد معلقةً على الوسم بقولها: "قمة الوقاحة وقلة الأدب عشان صورة اتصورتها... قبلت الضحك وقلت طبيعي مش لازم نقف على كلمة عادية إنما توصل لهاشتاغ عنوانه قذر زي كل شخص مشارك فيه لمجرد إن واحدة ست شجعت الكورة أو بتتكلم عنها... متحرشين أقذر من بعض بكل واحد مشارك في الهاشتاغ ده"، معلنةً عزمها مقاضاة كل من أساء إليها ليكون عبرة.

وفي هذا التعليق نبهت يوسف إلى أن استهدافها سببه كونها امرأة. وهو ما لفتت إليه في تصريحات سابقة أيضاً. حين سئلت عن أسباب فشل زيجاتها، قالت يوسف إنها لم تعد مقتنعة بفكرة الزواج خاصةً بعد فشل زيجتها الأولى، وإنها تزوجت المرة الثانية والثالثة فقط بسبب "المجتمع". 

وأضافت: "الحقيقة إن أنا مكنتش عايزة أتجوز بس لأن المجتمعات العربية بتجبرك أن أنتي عشان شكلك وسمعتك أن أنتي تتجوزي. لكن أنا لو كان عندي الخيار أني متجوزش تاني مكنتش اتجوزت". يبدو أنها تحولت من بعد ذلك إلى تقرير حياتها بدون تعقيدات المجتمع حيث شددت على أنها "مش هتجوز تاني".

وإلى أن تصير مجتمعاتنا قادرة على تقبل الآخر كما هو، ورؤية الاختلاف أمراً إيجابياً وضرورياً لاستمرار البشرية، ستظل رانيا يوسف، على ما يبدو، عرضة للهجوم والإساءات.


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard
Popup Image