شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

ادعم/ ي الصحافة الحرّة!
10 سنتيمترات هزّت العرب… هل كان فستانها يعنينا؟

10 سنتيمترات هزّت العرب… هل كان فستانها يعنينا؟

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

حياة

الأحد 2 ديسمبر 201803:04 م

مثلما يعترفُ البريء، تحت التعذيب، بتُهمة لم يرتكبها، للتخلّص من جلّاده، قدّمت المُمثلة المصرية رانيا يوسف، مساء السبت، "بياناً توضيحياً" لتقول إنها لم تكن تقصد الظهور بشكل "يثير حفيظة وغضب الكثيرين ممن اعتبروا الفستان، الذي ارتدته في حفل ختام مهرجان القاهرة السينمائي، غير لائق"... بياناً كان أشبه بقول: "لا داعي لكُل ما فعلتموه!".

مُنذ ظهورها ليلة الخميس بفُستانها الشفاف الأسود، والذي كشف عن ساقيها، في حفل الختام، اجتمع عليها ظُلم المتنمرين، الذين يتلذذون بجلد الشخصيات العامة وراء شاشات هواتفهم، وظُلم الصحافة الصفراء التي تعددت عناوين أخبارها بين "شاهد.. بفستان «مايوه» رانيا يوسف على «الريد كاربت» بــ«القاهرة السينمائي»"، و"شاهد.. بكيني رانيا يوسف بحفل الختام"، وعلى هذا النسق، كتبت "الصحافة" سعياً لتحقيق نسب قراءات ومُشاهدات عالية.

45826500_353287538570967_6234568986229650340_n

واجتمع على الفنانة، إلى جانب الصحافة الصفراء، ظلم عدد من المحامين الذين قدّموا بلاغاً ضدها، موجهين لها تهم "الفعل العلني الفاضح والتحريض على الفسق والفجور وإغواء القصر ونشر الرذيلة بالمخالفة للأعراف والتقاليد والقوانين السائدة في المجتمع المصري"، ما يجعل رانيا يوسف مجبرة على المثول أمام القضاء يوم 12 يناير المُقبل. وقال مصدر قضائي لوكالة فرانس برس إن "يوسف قد تسجن لمدة تصل إلى 5 سنوات في حال إدانتها".

واعتبر المُحامون أن فُستانها، "الأشبه بالبيبي دول"، بحسب قولهم، يعد انتهاكاً صارخاً للقانون، ويسيء لاسم مصر وللمرأة المصرية، وأن إطلالتها يُعاقب عليها القانون وفقاً لنص المواد 278 من قانون العقوبات، والمادة 1 والمادة 14 من القانون رقم 10 لسنة 1961 الخاص بمكافحة الدعارة.

خبر تمثيلها أمام القضاء كان صادماً ومُستهجناً حتى تداولته صُحف عالمية، منها "ذا ديلي ميل"، و"يو إس إيه توداي"، و"نيويورك بوست"، و"ذاسن"، و"ذا تيليغراف"، و"ذا ميرور"، وكأن العالم العربي مِثالي لا يهزّه سوى فُستان يوسف. لم تهزّه الحرب المُندلعة في سوريا منذ عام 2011، ولا صور أطفال اليمن، وهُم على أسرّة الموت، عُراة وجِياعا، ولم تهزّه أعداد مُعتقلي الرأي في السجون العربية.

أما على الصعيد المصري، رُبما تدفعنا أزمة الفُستان لنتساءل: هل انتهت الأزمات في مصر؟ هل حلّت الدولة مُشكلة البطالة؟ ماذا عن الفقر والصحة والتعليم؟ ماذا عن البُنية التحتية؟ هل قضت على الفساد؟ وهل انتهت ظاهرة التحرّش؟ ماذا عن انهيار الذوق العام في عدة أمور؟ أليس هذا خدشاً؟

أتستحق قطعة قُماشة أن تكون حديث العالم العربي لثلاثة أيام وتقود صاحبتها إلى القضاء؟

مثلما يعترفُ البريء، تحت التعذيب، بتُهمة لم يرتكبها، للتخلّص من جلّاده، قدّمت المُمثلة المصرية رانيا يوسف، "بياناً توضيحياً"، كان أشبه بقول: "لا داعي لكُل ما فعلتموه!".
أتستحق قطعة قُماشة أن تكون حديث العالم العربي لثلاثة أيام وتقود صاحبتها إلى القضاء؟

"خانني التقدير"

بعد يومين من الضجة التي أحدثها فستانها، أصدرت الفنانة رانيا يوسف بياناً مُعتبرةً أنه "خانها تقديرها" بارتدائها الفستان قائلةً إنها لم تكن تتوقع أن يُثير "كل هذا الغضب".

وقالت إنها تحترم "مشاعر كل أسرة مصرية أغضبها الفستان" موضحة أن مصممي الأزياء والمختصين في الموضة قد يكونوا وضعوا في عين الاعتبار "أنها تلبس الفستان في مهرجان دولي"، لافتة إلى أنها ما كانت سترتديه لو كانت على دراية بردة الفعل.

سلّطت رانيا الضوء في بيانها على مسيرتها الفنية التي أُلغيت، بسبب فستانٍ، قائلةً إنها "تعتز" بكونها فنانة لها رصيد طيّب، موجهةً رسالة لجمهورها: "أتمنى من الجميع تفهم حسن نيتي وعدم رغبتي بإغضاب أي أحد".

ولم تنسَ ذكر نقابة المهن التمثيلية، التي تعتز بانتمائها لها "لدورها التنويري وحمايتها للقيم ودفاعها عن الفن والفنانين"، بحسب قولها.

لكن ما قالته يوسف عن "دفاع النقابة عن الفنانين"، يتناقض مع البيان الذي أصدرته نقابة المهن التمثيلية الذي قالت فيه إن "المظهر" الذي بدت عليه بعض ضيفات المهرجان، دون أن تذكر اسم يوسف، "لا يتوافق مع تقاليد المجتمع وقيمه وطبائعه الأخلاقية، الأمر الذي أساء لدور المهرجان والنقابة المسؤولة عن سلوك أعضائها"، بحسب البيان.

وقالت النقابة إن رغم إيمانها بحرية الفنان الشخصية "إيماناً مطلقاً" إلا أنها ستُحقق "مع من تراه تجاوزاً بحق المجتمع"، متوعدةً بأنه سيتلقى الجزاء المناسب.

بانتظار ما ستؤول إليه قصة فستان رانيا الذي شغل الناس على نحو غير متوقع، ومعرفة "الجزاء" الذي تشير إليه النقابة، ستراجع فنانات أخريات "ربما" خزانة ملابسهن، خوفاً من عقاب مماثل… رُهاب الفساتين في الطريق.

إنضمّ/ي إنضمّ/ي

رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard
Popup Image