شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

اترك/ ي بصمَتك!
عجزَت عن ممارسة الحميمية وتعايشت مع الحكّة والفطريات... العزباوات وأجساد بلا طبيب

عجزَت عن ممارسة الحميمية وتعايشت مع الحكّة والفطريات... العزباوات وأجساد بلا طبيب

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

حياة

الخميس 27 مايو 202106:25 م

فشلت إيمان في محاولة لإقامة علاقة جنسية كاملة مع خطيبها، تجتهد في معرفة السبب ببحثها وتقديراتها الخاصة، مثل العديد من الفتيات غير المتزوجات في العالم العربي، خوفاً من الذهاب إلى مختصين/ات في الطب النسائي.

لم تزل ظاهرة موجودة في مجتمعات عربية، اقتصار زيارة طبيب النساء على المتزوجات فقط، أما غير المتزوجة فلا داعي للكشف عليها، إما تحت بند "العيب"، أو "الحياء"، أو "الحرام"، تختلف المسميات لتصب كلها في مصلحة الحيلولة دون زيارة الفتيات أطباء الأمراض النسائية.

المهبل... منطقة مغلقة

تقول إيمان، اسم مستعار (24 عاماً) من قنا، لا تعمل: "اكتشفنا أن منطقة المهبل مغلقة بالكامل، ولا مجال لإكمال العلاقة، طبعاً أهلي لا يعلمون بالأمر، وقررنا ألا نخبرهم حتى بعد الزواج".

بعد عدة محاولات فاشلة، يئست إيمان وخطيبها، وتيقنا أنها بحاجة لفحص طبي متخصص في أمراض النساء.

تقول إيمان: "لم تكن الأزمة في أهلي ولا في شريكي بالطبع، وإنما في المجتمع القروي الذي ننتمي إليه، الجميع يعرف بعضهم بعضاً وحتى الأطباء لا يلتزمون الصمت ولا يحترمون خصوصيات المريضات، وستتناقل الألسنة أنني ذهبت لطبيب نساء، وأنا لست متزوجة، وهو ما يعني كارثة محققة".

فشلت إيمان في محاولة لإقامة علاقة جنسية كاملة مع خطيبها، تحاول معرفة السبب، تقول: "اكتشفنا أن منطقة المهبل مغلقة بالكامل، ولا مجال لإكمال العلاقة، أو الذهاب لطبيب نسائي"

استعاضت إيمان عن الطبيب بالبحث عبر الإنترنت، تتابع: "كل ما أشعر به، انحصرت نتائجه في احتمالين، إما تشنجات مهبلية، أو مضاعفات للختان الذي أجري لي، ولكنني لست أعلم ما يجرى معي".

تستبعد إيمان الذهاب لطبيب النساء في القرية حتى بعد الزواج، "سأضطر للذهاب إلى طبيب في محافظة أخرى حتى لا يعلم من أنا ولا من هي عائلتي".

التشنج المهبلي، بحسب موقع "ويب طب" المتخصص في الطب والصحة، هو حالة من تشنج عضلات لاإرادي يصيب منطقة المهبل بشكل مستمر أثناء محاولات اختراقه خلال العلاقة الحميمة أو تركيب السدادات القطنية، مما قد يفشل أحياناً إتمام العلاقة الجنسية أو يحدث ألماً بالغاً وعميقاً خلالها.

تصاب النساء بالتشنجات المهبلية في عدة حالات، منها التعرض لعنف جنسي أو صدمة جنسية سابقة، كالاغتصاب أو الختان، أو الدخول في علاقة جنسية خاطئة سببت ألماً قوياً، فيظل قابعاً في الذاكرة، ومرتبطاً بشكل وثيق بالجنس بشكل عام، أو بعض العوامل النفسية مثل الرهبة والخوف من ممارسة الجنس.

وأياً كانت الأسباب، لا بديل عن زيارة طبيب أو طبيبة متخصصة في أمراض النساء، ولا تغني تلك المعلومات عنها للعلاج المناسب.

التعايش مع الألم والحكّة

أصيبت هبة إبراهيم (27 عاماً) من المنيا، وهي في عمر الواحدة والعشرين بالتهابات فطرية بمنطقة المهبل، كان علاجها بسيطاً في البداية، بعض المراهم أو مضادات الفطريات.

تقول هبة: "رفضت جدتي الذهاب بي لطبيبة أمراض نسائية، لأنني أعيش معها بعد وفاة أبي وأمي وأنا في سن صغيرة، العجيب أن رفضها كان يعود لسببين، أولهما أنها تخشى أن يتناقل أهل القرية النميمة حولي، إن رأوني أدخل لطبيبة أمراض نسائية، والثاني أن يؤثر ذلك على تقدم العرسان لي".

وتضيف: "ظللت متعايشة مع هذا الوضع، بكل ما تسببه لي من ألم وحكة، لمدة عام والنصف تقريباً، حتى أتتني الفرصة وكنت مع إحدى قريباتي بالقاهرة، فذهبت للطبيبة فعلاً، طلبت بعض التحاليل، واكتشفنا أن السبب هو إصابتي بداء السكري".

"أحالتني الدكتورة للطبيب المختص، لأكتشف أن داء السكري وصل لمرحلة متقدمة، لأنني لم أكتشفه مبكراً، كل هذا كان يمكن تفاديه والسيطرة عليه، لو كنت ذهبت للطبيبة منذ البداية".

في سياق متصل، نشرت هيئة الإذاعة البريطانية، BBC، دراسة أجرتها جامعة مانشيستر البريطانية، خلاصتها أن 3 من كل 4 نساء، يصبن بعدوى الالتهابات الفطرية، بينما تصاب 6% بها أكثر من مرة، ورغم ذلك فإن أغلب نساء العالم محظور عليهن الحديث عنها.

حسبما أوضحت الطبيبة رينا روتيما قائدة فريق البحث، أنه غالباً ما ينظر إلى تلك الأمور على أنها مشكلة محرجة، ويجب على النساء التعايش معها، بدلاً من اعتبارها مشكلة طبية لها تأثير كبير عليهن وتحتاج إلى العلاج، نظراً لما تسببه من حكة وألم، وشعور قوي بعدم الارتياح يجعل المرأة عصبية وبائسة طوال الوقت.

"حامل من الجن"

في حال تجاوز المرض الآلام، والالتهابات المخفية، وتشابه مع أعراض الحمل، حينها تقف المرأة العزباء في موقف صعب، فمن ناحية محظور عليها الذهاب للطبيب المختص، ومن ناحية أخرى هي محل اتهام بإقامة علاقة جنسية.

تذكر دعاء عبد الجليل، معالجة نفسية بأحد مراكز حماية الأسرة في العاصمة الأردنية عمان، حالة فتاة (16 عاماً) زارتها بالمركز، مصابة باحتباس دموي بالرحم.

"ظن أهلها أنها حامل، كان والدها مسافراً خارج الأردن، ووالدتها امرأة غير متعلمة، صارت تلف بها على مشايخ السحر والدجل، فأفتوا لها بأن ما عندها هو حمل من جن. رجع والدها من السفر، طعن ابنته، شق بطنها المنفوخ بالسكين، وأخذ الجثة، وسلمها للمستشفى، وسلم نفسه للمركز الأمني".

وتضيف: "طبعاً ماتت الفتاة، وخرج تقرير الطب الشرعي يفيد أن الفتاة ليست حاملاً، وأنها عذراء، ولا يمكننا هنا سوى القول بأن ما أودى بحياتها هو جهل الأم والأب وعدم ذهابهما بطفلتهما إلى طبيب أمراض نساء، ليكشف لهما عن سبب انتفاخ بطن الفتاة".

إن انتفاخ عنق الرحم، بحسب موقع "طبي"، يحدث لعدة أسباب منها: حدوث شذوذ خلقي ناتج عن إصابة الجهاز التناسلي بحالة مرضية، وتمنع النزيف المهبلي الشهري، أي ما يعرف بالدورة الشهرية، وتجمع الدماء في عنق الرحم، وقد تكون مؤشراً للاصابة بالأورام الخبيثة في الرحم.

"لم تأت الدورة الشهرية"

عدم مجيء الدورة الشهرية، يشكل كابوساً للمرأة العزباء، وأسبابه عديدة، أحياناً تمني نفسها أنها ستأتي الشهر المقبل، قبل أن تحدث والدتها، مما يثير الريبة أكثر، والأم بدورها تنوب عنها في زيارة الطبيب لمنع حدوث فضيحة، بحسب إيمان عمر، مساعدة طبيبة أمراض نسائية (27 عاماً)، تسكن في الإسكندرية.

لها أكثر من ذكرى مؤلمة في مجال عملها، تحكي لرصيف22: "أنا أعمل مع طبيبة أمراض نسائية شهيرة، ولها اسم كبير في مجال الطب، مر علي خلال عملي معها لمدة أربع سنوات، العشرات من المواقف التي أجد فيها أماً تأتي وتروي أعراضاً تحدث لابنتها، أو تحجز الكشف، وعندما تدخل لحجرة الفحص، تخرج هاتفها للطبيبة لتحادث ابنتها صاحبة الحالة الأساسية".

"أصابتني التهابات فطرية بالمهبل، ورفضت جدتي ذهابي لطبيب نسائي، وظللت متعايشة مع الألم والحكة، لأكتشف بعدها أني مصابة بداء السكري، كان يمكن السيطرة عليه"

وتتابع: "في البداية كنت أتعجب كيف يمكن لمريض أن ينوب عنه أحد في شرح حالته، أمر غريب. وفي مرة، جاءت امرأة خمسينية لتروي للطبيبة ما حدث لابنتها، وهو انتفاخ كبير في منطقة الرحم، ورغم أن الفتاة تخطت سنوات البلوغ إلا أنها لم تأت لها الدورة الشهرية بعد. رفضت الطبيبة التصريح بأي تشخيص، وأصرت على رؤية الفتاة".

"خرجت المرأة ساخطة جداً، ولم تعد، بعد عدة شهور، حضرت هي وجمع من البلطجية، وكانوا ينوون الاعتداء على الطبيبة وعليّ، والتهجم على العيادة، فاستدعينا الشرطة، وفي التحقيق عرفنا أن الفتاة توفيت، ووالدتها تحمل الطبيبة المسؤولية لأنها رفضت تشخيص الفتاة من خلال والدتها".

تنهي عمر حديثها لـرصيف22: "فيما بعد عرفنا أن الفتاة كانت مصابة بحالة من حالات انسداد غشاء البكارة، وباختصار وتبسيط، ما حدث، هو أنه تجمعت دماء الدورة الشهرية وتعفنت وسممتها، فتوفيت إلى الله، أمر بشع، ولا يتحمل المسؤولية سوى أهلها".


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard
Popup Image