غادرت أكثر من من مئة عائلة عراقيّة مخيّم الهول الواقع في مناطق الإدارة الذاتيّة شمال شرقي سوريا تحت سيطرة قوات سوريا الديمقراطيّة (قسد) متجهة نحو العراق، وذلك وفق خطة جار تنفيذها تحت إشراف الأمم المتحدة.
وتذكر الخطة أنّ أولئك المحتجزين في مخيم الهول سينتقلون إلى "مخيّم زمار" الذي يُسمى أيضًا بـ"مخيّم العملة" الذي يقع غرب ناحية زمار العراقية قرب مراكز الانتشار الكردي في العراق، على بعد حوالى 65 كيلومترًا من مركز قضاء سنجار، وعلى بعد حوالى 75 كيلومترًا من مركز مدينة الموصل، في محافظة نينوى.
برغم أن المخطط كان أن تبدأ الدول في استقبال مواطنيها من سكان المخيم الذين انضموا إلى داعش، قررت كثير من دول العالم رفض استقبال مواطنيها، فيما قررت دول أخرى استقبال الأطفال أبناء مقاتلي داعش الأوروبيين من دون آبائهم.
من سجن إلى سجن
يعتبر مخيما الهول وروج الواقعان شمال شرقي سوريا، المركزين الرئيسيين لاحتجاز عائلات مقاتلي تنظيم داعش، وانتهى إليهما مصير كثير من المقاتلين واسرهم بعد انتصار القوات الكرديّة - بدعم كبير من التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة الأمريكيّة- وسيطرتها على مناطق واسعة في سوريا، وما تلاها من هزيمة التنظيم في العراق بعد حملة أمنيّة كبيرة. بدأ مخيم الروج في استقبال عائلات مقاتلي التنظيم سنة 2015 فيما استقبلهم مخيم الهول بدءاً من العام 2016.
وبرغم أن المخطط كان أن يكون وجود هؤلاء المقاتلين وعائلاتهم مؤقتاً، على أن تبدأ الدول في استقبال مواطنيها الذين انضموا إلى التنظيم، قررت كثير من دول العالم رفض استقبال مواطنيها، ومنها نيوزيلاندا وانجلترا وعدد من دول الاتحاد الأوروبي، فيما قررت دول أخرى استقبال الأطفال أبناء مقاتلي داعش الأوروبيين من دون آبائهم.
وترفض تلك الدول استعادة مواطنيها المحتجزين لدى الأكراد خوفًا من عمليات إرهابيّة محتملة، رغم سعي الأمم المتحدة وجهات ومنظمات دوليّة أخرى لحل "مشكلة" العائلات المحتجزة شمال شرقي سوريا ضمن توجه دولي لتفكيك هذا المخيم، إذ تعتبره بعض الدول "مدرسة إرهاب خطيرة". وبات العراق من الدول التي ترفض استعادة مواطنيها المنضمين إلى داعش والموجودين في سوريا الآن.
تمّ الاتفاق مع حكومة العراق على بناء مخيّم زمار بهدف إعادة المواطنين العراقيين الموجودين في مخيم الهول، وبدء برنامج لإعادة تأهيل الأطفال والنساء، إلّا أنّ العمل توقف لعدّة مرات بسبب ضغوط على الحكومة العراقيّة من جهات سياسيّة محليّة وفصائل مسلّحة ترفض استقبالهم.
إلى نينوى
خلال السنوات القليلة الماضيّة، أجرت الأمم المُتحدة مباحثات مع عدد من الدول، من بينها العراق، بخصوص عائلات مقاتلي داعش، مشدّدة على ضرورة إعادتهم إلى بلدانهم أو إيجاد حلول جذريّة لهم، فتمّ الاتفاق مع حكومة العراق على بناء مخيّم زمار (أو مخيّم العملة) بهدف إعادة المواطنين العراقيين الموجودين في مخيم الهول، وبدء برنامج بدعم دولي وأممي لإعادة تأهيل الأطفال والنساء، ولا سيما أولئك "المنتمين إلى الأفكار المتطرفة أو المتأثرين بها"، إلّا أنّ العمل توقّف في المخيّم لعدّة مرات بسبب ضغوط على الحكومة العراقيّة من جهات سياسيّة محليّة وفصائل مسلّحة ترفض استقبالهم.
في مخيّم الهول في سوريا حوالى 30 ألف عراقي، 95% منهم من عوائل منتمية إلى تنظيم داعش، وبحسب عدد من التقارير الإخباريّة فإنّ مئة عائلة تتألف من حوالى 700 شخص - أغلبهم من أهل محافظة نينوى- نُقلوا مؤخرًا إلى زمار، فيما قالت تقارير أخرى إنّ عددًا من حافلات النقل التابعة للعراق بدأت منذ الأربعاء (الخامس من أيار/ مايو الجاري) بالدخول إلى مخيم الهول شرق الحسكة لنقل نحو 500 عائلة عراقيّة تقيم في مخيم الهول كدفعة أولى من عدّة دفعات سيجري ترحيلها للعراق، "بموجب اتفاق أبرمته الحكومة العراقيّة مع قوات سوريا الديمقراطيّة (قسد)"، ولم يسع رصيف22 التأكد من صحة هذه الأرقام من مصدر رسمي.
رفض استقبال العائلات
توالت تصريحات عدد من السياسيين العراقيين الرافضة لعودة المواطنين العراقيين الموجودين في مخيم الهول إلى العراق، فقال محافظ نينوى نجم الجبوري إنّ "حكومة نينوى المحليّة لم تتلق أيّة تعليمات بشأن إعادة عوائل عصابات داعش من مخيم الهول إلى المحافظة"، وأكد "وجود رفض شعبي لعودة هذه العائلات"، وأضاف مناشدًا الحكومة المركزيّة "التفكير في هذه المسألة ودراسة الموقف في سبيل إيجاد أماكن لتلك العوائل بعيدًا عن المحافظة".
كذلك وصفت لجنة الأمن والدفاع النيابيّة عودة عائلات تنتمي إلى تنظيم داعش إلى محافظة نينوى بالأمر "الخطير"، إذ قال عضو اللجنة، بدر الزبادي، إنّ قرار نقل هذه العائلات "خطير، وسيتسبّب بمشكلات كثيرة للعراق" لأنّ هذه العائلات "تحمل أفكارًا إرهابيّة".
وقال النائب في البرلمان العراقي، صائب خضر، إنّ هذا القرار "خطير ويهدّد النسيج الاجتماعي في المنطقة"، مضيفًا إلى أنّ وجود عائلات داعش "سيهدد الاستقرار ويعيد خلايا داعش إلى هذه المناطق".
مستقبل سكّان مخيّمي الهول وروج
يطالب الأكراد دول العالم باستعادة مواطنيهم المحتجزين في هذين المخيّمين أو إنشاء محكمة دوليّة لهم، إلّا أنّه لم يجر سوى استعادة عدد قليل من الأطفال استقبلتهم دول قليلة مثل استراليا وكندا، في الوقت الذي سمحت فيه إدارة المخيم بخروج المواطنين السوريين من المخيم وعودتهم إلى مدنهم وبلداتهم.
في ظلّ التجاهل الدولي لمصير سكان المخيميّن، تحوّل مخيم الهول إلى "قنبلة موقوتة" حيث تجري اعتداءات تصل حد القتل على سكان المخيم من قبل آخرين لا يزالون مؤيدين ومؤمنين بتنظيم داعش، فقد سُجّل حتى الآن عشرات من حالات القتل والاعتداء، مما حدا المرصد السوري لحقوق الإنسان على تسميته بـ"دويلة الهول، وهو ما يجعل من إدارة المكان بالإمكانات المحليّة ومن دون مساعدة دوليّة "أمرًا مرهقًا صعباً وخطيرًا"، حسب مديرة المخيم، همرين الحسن.
في السياق نفسه، تساءل النائب العراقي ورئيس لجنة الأقاليم والمحافظات النيابيّة، شيروان الدوبرداني، عن احتمال عودة عائلات عراقيّة تعيش في المخيّمات ولا تنتمي إلى تنظيم داعش، إلى بلادها، قائلًا: إذا لم يكونوا من الدواعش أو عائلات عناصر التنظيم، فلماذا لا تدمجهم الحكومة في المجتمع العراقي، وتعيدهم إلى ديارهم؟ ولماذا يوضعون في المخيمات؟"،
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ يومرائع. الله يرجعك قريبا. شوقتيني ارجع روح على صور.
مستخدم مجهول -
منذ يومحبيت اللغة.
أحضان دافئة -
منذ يومينمقال رائع فعلا وواقعي
مستخدم مجهول -
منذ 6 أياممقال جيد جدا
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعحب نفسك ولا تكره الاخر ولا تدخل في شؤونه الخاصة. سيمون
Ayman Badawy -
منذ أسبوعخليك في نفسك وملكش دعوه بحريه الاخرين