"يُعاملون كأعداء ويُحاكمون كراشدين، يتعرضون للضرب مع التهديد بالاغتصاب والصعق بالكهرباء"… هذا هو حال أطفال اعتقلوا إثر احتجاجات شعبية في البحرين وفق ما وثقته منظمتان حقوقيتان.
في 10 آذار/ مارس، قال معهد البحرين للحقوق والديمقراطية (BIRD)، وهو منظمة غير ربحية، مقرها لندن، تدافع عن حقوق الإنسان في البحرين، ومنظمة هيومن رايتس ووتش الحقوقية الدولية غير الحكومية، إن أربعة أطفال - بين الحادية عشرة والسابعة عشرة من العمر- قيد الاحتجاز وينتظرون المحاكمة في البحرين، عقب توقيفهم على خلفية احتجاجات شهدتها البلاد في شباط/ فبراير الماضي.
ولفتت المنظمتان في البيان المشترك إلى أن الخميس 11 آذار/ مارس، سيشهد جلسة محاكمة للطفل سيد حسن أحمد أمين (16 عاماً)، مبرزةً أن وضعه الصحي "خطير".
وتستمر المحاكمة على الرغم من شكوى قدمها الأطفال الموقوفون وأسرهم تفيد بتعرض بعضهم للضرب والإرهاب على يد الشرطة البحرينية التي هددت اطفالاً موقوفين من الشهر الماضي بـ"الاغتصاب والصعق بالكهرباء".
واتّهم التقرير الحقوقي النيابة العامة والقضاة بـ"تسهيل" الانتهاكات التي وقعت بحق الأطفال، بسبب رفض حضور أهل الأطفال أو محاميهم أثناء الاستجواب رغم صغر أعمارهم، وصدرت تبعاً لذلك قرارات احتجاز بحقهم "دون داعٍ".
"عامل عناصرُ الشرطة الأطفال كأعداء يجب ترهيبهم ليعترفوا، بينما عمدت النيابة والقضاة إلى إبعاد الوالدَيْن والمحامين عن الإجراءات القضائية"... هيومن رايتس ووتش.
"نهج غاشم"
وترى المنظمتان أن الحكومة البحرينية تعاملت بـ"نهج غاشم" مع احتجاجات 14 شباط/ فبراير الماضي، التي صادفت الذكرى العاشرة لانتفاضة شعبية شهدتها البلاد عام 2011، لغرض "القضاء على المعارضة وثني المتظاهرين عن التجمع لإحياء الذكرى"، مدللةً على ذلك بأن الحكومة البحرينية انتهجت "الاعتقالات الاستباقية أو التعسفية لردع الناس عن الاحتجاج في أحداث بارزة أخرى، مثل سباقات "الفورمولا 1" العالمي.
بلغ إجمالي عدد الأطفال الذين أوقفتهم الشرطة البحرينية في النصف الأول من شباط الماضي 13، وفق أفراد من أُسرهم والناشطة الحقوقية البحرينية ابتسام الصايغ. في ظل اهتمام دولي بالقضية، أُفرج عن ستة أطفال منهم، رغم أمر القاضي بتجديد احتجازهم سبعة أيام.
عقب التواصل مع ستة من هؤلاء الأطفال، وعائلات خمسة آخرين، أفادت BIRD وهيومن رايتس بأنه "في بعض الحالات، اعتقلت الشرطة أطفالاً لمزاعم إحراقهم إطارات دراجات، أو كراسٍ، أو قطع الطرق"، كما اتهمت عناصر الشرطة الأطفال بـ"زرع قنابل مزيفة، والتخريب، وإلقاء قنابل ‘مولوتوف‘" وذلك خلال موجة سابقة من الاحتجاجات في تشرين الثاني/ نوفمبر 2020.
ولفتت المنظمتان إلى أن "الخطير في الأمر" هو أن الأطفال الذين تجري محاكمتهم كـ"راشدين"، قد يواجهون أحكاماً تصل إلى 20 عاماً سجناً في حال إدانتهم.
وتجدر الإشارة إلى أن العاهل البحريني، الملك حمد بن عيسى آل خليفة، وافق في 14 شباط/ فبراير على قانون رقم 4/2021 المتعلق بالعدالة الإصلاحية للأطفال وحمايتهم من سوء المعاملة.
يرفع القانون، الذي يصبح سارياً بعد ستة أشهر، سنّ المسؤولية الجنائية من سبعة إلى 15 عاماً، وقد عرّف الطفل على أنه أي شخص دون 18 عاماً، وتضمن نصوصاً حول إنشاء محاكم خاصة بالأطفال ومرافق احتجاز منفصلة لهم. وحتى يوضع هذا القانون قيد النفاذ في آب/ أغسطس المقبل، يستمر العمل بالقوانين الجنائية البحرينية الحالية التي تعامل كل من بلغ 16 عاماً فأكبر راشداً.
انتهاكات ومخالفات قانونية
علاوةً على توقيفهم التعسفي، شابت الإجراءات القانونية في معظم قضايا الأطفال الذين أوقفوا في مركز شرطة "مدينة حمد" انتهاكات ومخالفات. قال خمسة أطفال إنّ شرطيَيْن في ذلك المركز ضرباهم، وأهاناهم، وهدداهم بالصعق بالكهرباء من بطارية سيارة.
ووثّق التقرير الحقوقي كيف لم تسمح الشرطة بحضور الوالدَيْن أو المحامين أثناء اعتقال الأطفال والاستجواب الأوّلي، وهي الفترة المزعوم وقوع الانتهاكات فيها. ويتعارض هذا مع القانون البحريني الذي يحظر منع محامٍ من مقابلة موكّله في أيّ من مراحل الإجراءات الجنائية.
وسُمح للوالدَيْن بالحضور خلال الاستجواب في خمس حالات، عقب حصول الشرطة على "اعتراف شفهي" من الأطفال وتهديدهم بالاحتجاز إن لم يكرّروا اعترافهم في الإفادة الرسمية.
وأكد والد أحد الأطفال أن شرطياً ضرب ابنه (13 عاماً) على رأسه وأعضائه التناسلية، وهدّده بالاغتصاب، وصعقه بالكهرباء، وكرّر تهديده بالاغتصاب حتى بعد أن سُمح لوالده بالانضمام إليه.
وعقّب سيد أحمد الوداعي، مدير المناصرة في معهد البحرين للحقوق والديمقراطية على ذلك، بقوله: "تهديد شرطي لطفل في عمر 13 عاماً بالاغتصاب أو الصعق بالكهرباء من بطارية السيارة، هو وصمة عار على سمعة البحرين. عامل عناصرُ الشرطة الأطفال كأعداء يجب ترهيبهم ليعترفوا، بينما عمدت النيابة والقضاة إلى إبعاد الأهل والمحامين عن الإجراءات القضائية".
وأصدر القضاة أيضاً أوامر احتجاز الأطفال وجدّدوها من دون إخطار الأهل أو السماح لهم بحضور جلسات الاستماع.
ويجيز القانون المحلي للقضاة إصدار أوامر احتجاز الأطفال و/ أو تجديدها حتى سبعة أيام دون مبرّر معلّل.
من الانتهاكات أيضاً رفضُ السلطات زيارة الأهل لأطفالهم المعتقلين أثناء احتجازهم. كذلك مُنعت عائلة أحد الاطفال ويدعى "سيد أمين" من إيصال الأدوية له طوال خمسة أيام تلت اعتقاله. وتقاعس المركز عن منح الطفل الأدوية لثلاثة أيام إضافية، علماً أنه يعاني مضاعفات طبية خطيرة بسبب فقر الدم المنجلي.
أكد والد أحد الأطفال أن شرطياً ضرب ابنه (13 عاماً) على رأسه وأعضائه التناسلية، وصعقه بالكهرباء، وكرّر تهديده بالاغتصاب حتى في وجود الأب.
سجل طويل من إيذاء الأطفال
السجون البحرينية ذات سمعة سيئة في انتهاك حقوق السجناء، لا سيما سجناء الرأي والسجناء السياسيين، من حيث النظافة والرعاية الصحية والتعذيب. ولا يستثنى الأطفال من ذلك.
سبق أن وثّقت "اللجنة البحرينية المستقلّة لتقصي الحقائق" المشكلة لرصد الانتهاكات التي وقعت بين شباط/ فبراير، وآذار/ مارس عام 2011، أن أطفالاً اقتيدوا إلى مراكز شرطية وتعرّضوا لـ"الضرب، والصفع على الوجه، والركل بالقدم، والجلد، والإساءة اللفظية".
مرة أخرى عام 2019، تحدثت "لجنة الأمم المتحدة لحقوق الطفل" عن الاحتجاز التعسفي للأطفال في البحرين وتعرّضهم لسوء المعاملة والتعذيب خلال ذلك.
برغم التقارير الحقوقية العديدة التي تندد بالتعذيب والانتهاكات في السجون، للأطفال والبالغين، "تقاعست السلطات عن إجراء تحقيقات موثوق بها ومحاكمة المسؤولين وعناصر الشرطة الذين يُزعم ارتكابهم انتهاكات خطيرة، بما فيها التعذيب، وخلقت ثقافة الإفلات من العقاب"، وفق التقرير المشترك الأخير.
في الختام، حث معهد البحرين وهيومن رايتس البحرين على "الإفراج عن جميع الأطفال عند وجود بدائل عن الاحتجاز، وإسقاط التهم المنتهِكة الموجهة إليهم"، مناشديْن الحكومات التي تدعم البحرين وأجهزتها الأمنية، ومنها الولايات المتحدة وبريطانيا؛ "ضمان عدم استخدام مساعداتها لتمويل الانتهاكات، والمطالبة بالمساءلة علناً".
من جهته، قال بيل فان إسفلد، المدير المشارك لحقوق الطفل في هيومن رايتس ووتش: "هذه الانتهاكات التي يرتكبها نظام العدالة الجنائية هي الحلقة الأحدث في سجل طويل من إيذاء الأطفال لتوجيه رسالة قمعية. ينبغي أن تضمن المملكة المتحدة والولايات المتحدة وحكومات أخرى عدم استخدام دعمها الأمني للبحرين في تعذيب الأطفال وإذلالهم".
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ يومرائع. الله يرجعك قريبا. شوقتيني ارجع روح على صور.
مستخدم مجهول -
منذ يومحبيت اللغة.
أحضان دافئة -
منذ يومينمقال رائع فعلا وواقعي
مستخدم مجهول -
منذ 6 أياممقال جيد جدا
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعحب نفسك ولا تكره الاخر ولا تدخل في شؤونه الخاصة. سيمون
Ayman Badawy -
منذ أسبوعخليك في نفسك وملكش دعوه بحريه الاخرين