تسود مخاوف من ارتفاع أعداد ضحايا النيران التي اشتعلت في أحد مراكز احتجاز المهاجرين في العاصمة اليمنية صنعاء، مساء الأحد 7 آذار/ مارس. ففيما أكدت منظمة الهجرة الدولية (IOM) مقتل ثمانية، قال مسؤولون فيها إن العدد الدقيق للمتوفين ناهز 30 شخصاً.
وفي حين لم تتضح بعد أسباب الحادث المروّع، هاجم ناشطون يمنيون جماعة الحوثي، التي تسيطر على مركز الاحتجاز، زاعمين افتعالها الحريق، ومبررين ما ذهبوا إليه بعدد من السيناريوهات.
وأعربت منظمة الهجرة الدولية عن "حزن بالغ إزاء وفاة عدد من المهاجرين والحراس بسبب حريق نشب في مركز احتجاز في مدينة صنعاء اليمنية"، وذلك في بيان صدر عقب الحريق مباشرة. وأكدت المنظمة في بيانها وفاة ثمانية أشخاص إثر الحريق منبهةً: "تفيد التقارير بأن إجمالي عدد القتلى أعلى من ذلك بكثير".
وأكدت IOM استجابتها الفورية للحادث "بتقديم الرعاية الصحية الطارئة لأكثر من 170 جريحاً، من بينهم نحو 90 في حالة خطيرة"، بالإضافة إلى "توزيع الطعام على المتضررين".
وبينما أشارت المنظمة التابعة للأمم المتحدة إلى ان سبب الحريق لا يزال مجهولاً، شددت على أنه "يمثل واحداً من العديد من المخاطر التي واجهها المهاجرون خلال السنوات الست الماضية من الأزمة في اليمن"، وانطلقت من ذلك إلى الدعوة إلى "توفير الحماية والأمان لجميع الأشخاص بمن فيهم المهاجرون".
"هولوكوست وجريمة كبيرة"... يمنيون يتهمون الحوثيين بتدبير حريق في مركز احتجاز للمهاجرين الأفارقة أدى إلى مقتل وإصابة نحو 170 شخصاً مرشحين للزيادة
حريق متعمد؟
وأطلق ناشطون يمنيون عبر مواقع التواصل الاجتماعي على الحادثة اسم "مجزرة الجوازات"، مقترحين في تدويناتهم أسباباً محتملة عديدة للحريق تُدين في مجملها المتمردين الحوثيين.
وكتب الصحافي اليمني أحمد الزرقة عبر تويتر: "مليشيا الحوثي ترتكب مجزرة بشعة في حق اللاجئين الأفارقة الذين كانت تحتجزهم في سجن الجوازات بصنعاء بدون أي مبرر قانوني. عشرات الجثث المتفحمة في هولوكوست حوثي جديد…".
ووصف الصحافي والحقوقي اليمني همدان العليي الحادث أيضاً بأنه "هولوكوست وجريمة كبيرة"، مردفاً بأنه نتيجة متوقعة لـ"حكم العصابات العنصرية".
وعلّق الباحث والناشط السياسي اليمني نبيل البكيري على ما انتشر من "مشاهد مروعة للجثث المتفحمة والمتكدسة"، قائلاً: "جريمة تتحملها سلطة الأمر الواقع الانقلابية الحوثية بصنعاء، هي المتسببة بهذه الجريمة التي يجب أن تعاقب عليها، الغريب هو النفاق الدولي الكبير تجاه هكذا جريمة بشعة بحق الأخوة الأفارقة".
ومن الأسباب المحتملة للحادث التي تداولها معلقون يمنيون أن جماعة الحوثي افتعلت الحريق بدافع "الانتقام من المهاجرين" الرافضين لظروف اعتقالهم، أو لغرض "التحايل" وإلصاق الجريمة بهجمات التحالف الذي تقوده السعودية ضدهم، أو كـ"وسيلة ضغط" على المنظمات الإغاثية والإنسانية لتقديم الدعم للحوثيين لأجل هؤلاء المهاجرين، لا سيما أن وجودهم – المهاجرون- في البلاد "غير شرعي".
وأفادت مواقع محلية بشن الحوثيين حملة اعتقالات على المهاجرين من "الجاليات الصومالية والإثيوبية والأورمية" على مدار الأيام الماضية و"احتجزتهم في مكان تابع لها بمقر الجوازات"، وذلك بذريعة عدم امتلاكهم وثائق تثبت هوياتهم، ولا ثبت بكيفية دخولهم مناطق سيطرة الجماعة.
ولفتت هذه المواقع إلى أن الحوثيين اعتقلوا المهاجرين من أماكن عملهم، واشترطوا دفعهم مبالغ مالية كبيرة للإفراج عنهم أو الانضمام إلى صفوف الحوثيين كمقاتلين.
رداً على اتهامها بتدبير الحريق، حمّلت جماعة الحوثي المنظمة الدولية للهجرة والأمم المتحدة المسؤولية الكاملة عن الحريق، متهمةً إياهما بـ"التقاعس عن إيواء المهاجرين" و"عدم المساعدة في ترحيلهم"
ونقل موقع "العاصمة أونلاين" المحلي عما أسماه "مصدراً مطلعاً" أن مئات المهاجرين الأفارقة المحتجزين بالسجن "نفذوا ظهر الأحد، تظاهرة وهتافات داخل المعتقل للمطالبة بإطلاق سراحهم"، متابعاً أن الحوثيين حاولوا "قمع انتفاضتهم بإطلاق النار الحي والغازات، وهذا ما تسبب بسقوط قتلى وأدى إلى تهييج المحتجزين الذين اندفعوا بالمئات نحو البوابات، وعندها نشب حريق هائل، يرجح المصدر أن تكون الميليشيات لجأت لإضرامه لدفعهم (المهاجرين المحتجزين) للتراجع".
ولفت المصدر نفسه إلى أن جماعة الحوثي "حاولت إلصاق الجريمة بغارات طيران تحالف دعم الشرعية (الذي تقوده السعودية) التي تزامن استهدافها مع غارات مركزة لأهداف الميليشيات"، معتبراً أنها "فشلت بعد انتشار التفاصيل الحقيقة للجريمة في الأوساط العامة".
وتزامن الحريق مع هجمات متبادلة بين الحوثيين والسعوديين على مواقع كل منهما، إذ شن التحالف غارةً جوية على صنعاء، بينما أعلن الحوثيون مسؤوليتهم عن هجوم وقع على منشآت نفطية حيوية في السعودية.
رد الحوثيين
على الجانب الآخر، حمّلت جماعة الحوثي، في بيان، كلاً من المنظمة الدولية للهجرة والأمم المتحدة المسؤولية الكاملة عن الحريق، متهمةً إياهما بـ"التقاعس عن إيواء المهاجرين" و"عدم المساعدة في ترحيلهم"، علماً أن الأمرين ليسا من مسؤوليات IOM.
ولم تعلن الجماعة حصيلة نهائية لضحايا الحريق الذي نشب في مركز كان يؤوي نحو 700 مهاجر.
وتجدر الإشارة إلى أنه رغم الحرب المميتة الدائرة في اليمن منذ عام 2014، يتخذ عشرات الآلاف من المهاجرين - معظمهم من القرن الأفريقي - من البلاد نقطةً للعبور إلى السعودية، أملاً في العثور على فرص عمل بالبلد الخليجي. لكن كثيرين يعلقون في اليمن بسبب غلق الحدود.
وقالت IOM في بيان سابق؛ إن 20 شخصاً على الأقل غرقوا الأسبوع الماضي بعد أن ألقى "مهربون" بـ 80 مهاجراً في البحر بين جيبوتي واليمن.
وبينما حاول نحو 138 ألف شخص الهجرة من القرن الأفريقي عبر اليمن في عام 2019، انخفض العدد كثيراً عام 2020، إلى 37000، بسبب جائحة فيروس كورونا، وفق إحصاءات منظمة الهجرة الدولية.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
أحمد لمحضر -
منذ يوملم يخرج المقال عن سرديات الفقه الموروث رغم أنه يناقش قاعدة تمييزية عنصرية ظالمة هي من صلب و جوهر...
نُور السيبانِيّ -
منذ 3 أيامالله!
عبد الغني المتوكل -
منذ 4 أياموالله لم أعد أفهم شيء في هذه الحياة
مستخدم مجهول -
منذ 4 أيامرائع
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ أسبوعتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري