شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

قدّم/ ي دعمك!

"كاكال" سيموّل الاستيطان في الضفة الغربية… لماذا تعترض منظّمات صهيونية عالمية؟

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

سياسة

الثلاثاء 16 فبراير 202112:40 م

في خطوة تمثل انقضاضاً واضحاً على "حل الدولتين" وتهدف إلى إكمال السيطرة الإسرائيلية على كل فلسطين، صادق الصندوق القومي اليهودي (كاكال) على قرار يخوله العمل في الضفة الغربية ويخصص أكثر من مليار دولار أمريكي لشراء أراضٍ فلسطينية فيها في إطار توسيع المشروع الاستيطاني الصهيوني.


منذ تأسيسه عام 1901، كأحد مخرجات المؤتمر الصهيوني الخامس، ساهم الصندوق في تملك اليهود مئات الآلاف من الأمتار قبل نكبة عام 1948، وتواصلت نفس السياسة بعد النكبة.


مع ذلك، ونظراً لاعتماده على تبرعات يهود العالم والمتعاطفين معهم في الدول الغربية، أحجم الصندوق على مر العقود الماضية عن تمويل الكتل الاستيطانية في الضفة الغربية بُعيْد حرب عام 1967. 


في تحول جذري خطير، صادقت إدارة الصندوق، مساء 14 شباط/ فبراير، على تغيير سياسته رسمياً للسماح له بشراء أراضٍ في الضفة الغربية لصالح المشروع الاستيطاني اليهودي.


يمنح الاقتراح الأولوية للاستيلاء على الأراضي ضمن كتلة مستوطنات غوش عتصيون (جنوب القدس)، ووادي الأردن، والمناطق المحيطة بالقدس المحتلة، ومنطقة بنيامين شمال القدس، وجنوب تلال الخليل، والمناطق المتاخمة لحدود ما قبل عام 1967.


وبينما يدعم اليمين المتطرف الخطوة بشدة، عارضتها أحزاب المركز واليسار وجماعات الصهيونية الإصلاحية والمحافظة حول العالم.

الصندوق القومي اليهودي يخصص 1.2 مليار دولار مبدئياً لتمويل النشاط الاستيطاني غير الشرعي في الضفة الغربية. الفلسطينيون يتجهون إلى المحكمة الجنائية الدولية وجماعات صهيونية عالمية تعارض بشدة

السلطة الفلسطينية تقاضيه

في الاجتماع الحكومي الأسبوعي، قال رئيس الوزراء الفلسطيني، محمد أشتية: "سندرج الصندوق القومي اليهودي كإحدى أدوات الاستعمار الاستيطاني أمام المحكمة الجنائية الدولية لتتم مقاضاته هناك"، لافتاً إلى عدم مشروعية التعامل مع الصندوق باعتباره منظمة خيرية لجمع تبرعات معفاة من الضرائب في أمريكا وبريطانيا بعدما قرر إنفاق أمواله في المستوطنات غير الشرعية.



وتجدر الإشارة إلى أن الكنيست الإسرائيلي أقدم عام 1954 على إقرار قانون ينظم عمل الصندوق ويحميه من أية مساءلة قانونية دولية، لذا حصر نشاطه في الأراضي الواقعة ضمن حدود ما يعرف بـ"السيادة الإسرائيلية".


وفي بيان، نددت وزارة الخارجية وشؤون المغتربين الفلسطينية بـ"تصاعد جرائم الاحتلال"، مدينةً بأشد العبارات تصديق الصندوق الإسرائيلي على "مشروع قرار استعماري توسعي يهدف لإطلاق يد الصندوق لسرقة المزيد من أرض دولة فلسطين المحتلة وتخصيصها لصالح تعميق وتوسيع المستعمرات، بما في ذلك تخصيص مبلغ 38 مليون شيكل (نحو 1.2 مليار دولار أمريكي) لهذا الغرض".


شددت الوزارة الفلسطينية على الخطورة البالغة للخطوة التي قالت إنها تشكل "إمعاناً في تغول دولة الاحتلال وأذرعها المختلفة لضم وأسرلة أجزاء واسعة من أرض دولة فلسطين" بل "تغلق الباب نهائياً أمام أية فرصة لإقامة دولة فلسطينية مستقلة، قابلة للحياة، متصلة جغرافياً بعاصمتها، القدس الشرقية".


وناشدت في الختام المؤسسات الدولية والمجتمع الدولي تحمل مسؤولياتهما إزاء تلك الجرائم، متهمةً الأخير بـ"إدارة الظهر لها وتجنب الأزمات مع دولة الاحتلال في هذه المرحلة".

على الرغم من أن معارضة الجماعات الصهيونية العالمية للخطوة مهمة، لا يبدو أن الصندوق سيتراجع عن قراره. نائب رئيس الصندوق تحدث فقط عن "تسوية" بين اليمين المتطرف وأكثر التيارات اعتدالاً

معارضة يهود في العالم

الاعتراض على الخطوة لم يكن من الجانب الفلسطيني فقط، إذ اعتبرت منظمات صهيونية عالمية ومجموعات ضغط في الولايات المتحدة وأوروبا أن الخطوة تهدد وجودها وقد تنسف جهودها المتمثلة في جمع التبرعات لصالح الصندوق.


سبق ذلك التحذير من أن تمويل الصندوق للنشاط الاستيطاني المجرم بموجب القانون الدولي سيضر بالعلاقات الدبلوماسية الدولية لإسرائيل، من دون أن تلتفت إدارة الصندوق أو تهتم.


في بيان حاد اللهجة، قالت منظمة "مركاز عولامي" (تعني بالعربية مركز عالمي)، المنظمة الصهيونية لحركة المحافظين اليهود، إنها "تعارض الخطوة" التي قد "تعرض كاكال ووطننا للخطر بشكل لا يمكن تداركه". والمنظمة هي الذراع السياسية لليهودية المحافظة، وتمثلها لدى المؤسسات الصهيونية الدولية، بما في ذلك مجلس إدارة الصندوق القومي اليهودي. 


شددت المنظمة على أن القرار المقترح "يضع كاكال في موقف يحتمل أن ينتهك القانون الدولي" بما قد "يضر" المجتمعات اليهودية في 55 دولة لديها فروع لجمع التبرعات لصالح الصندوق، مبرزةً أنه في كثير من هذه الدول "يمنع منعاً باتاً جمع الأموال التي تُستثمر في المناطق المتنازع عليها". وخلص البيان إلى أن "اتخاذ قرار غير مسؤول سيؤدي إلى إلحاق ضرر جسيم بقدرة كاكال على مواصلة العمل في هذه البلدان".

القرار المقترح "يضع كاكال في موقف يحتمل أن ينتهك القانون الدولي" بما قد "يضر" المجتمعات اليهودية في 55 دولة لديها فروع لجمع التبرعات لصالح الصندوق.

وانتقدت المنظمة الصهيونية بشدة الإجراء الحالي الذي "يحاول فرض هيكل يعكس ويفضل سياسة الاستيطان لليمين الإسرائيلي المتطرف، وهو عمل لا يتفق مع ما كان مبدأً أساسياً لكاكال طوال تاريخه"، داعيةً إلى العودة إلى "الإجماع الصهيوني" الذي زعمت أنه كان سياسة الصندوق سابقاً.


موقف "مركاز عولامي" هو أحدث المواقف الاحتجاجية للجماعات اليهودية في الشتات حيث كان الحاخام ريك جاكوبس، رئيس حركة الإصلاح اليهودي الأمريكية، قد أعلن أن حركته "تعتزم تعبئة المجتمع اليهودي لمحاربة خطة الصندوق القومي اليهودي من خلال القنوات السياسية والقانونية".


وأوضح جاكوبس أن منظمته، مثل غالبية اليهود الأمريكيين، "عارضت منذ فترة طويلة انتشار المستوطنات لأنها تعرض إمكانية حل الدولتين للخطر".


وفي حين أن معارضة يهود الشتات هذه الخطوة مهمة لأن العديد منها جزء من مجلس إدارة الصندوق القومي اليهودي، الذي ستكون له الكلمة الأخيرة في التحول إلى السياسة المثيرة للجدل، ليس واضحاً مدى إمكانية التراجع عن القرار الذي تدعمه قيادة الصندوق.


من جهته، توقع آلون طال، نائب رئيس الصندوق، أن تسهم المخاوف العميقة لمجموعات الشتات المشاركة في مجلس الإدارة في حدوث تغييرات جوهرية في القرار عبر "تسوية بين القيادة اليمينية الأيديولوجية للجماعة التي طورت الاقتراح الأصلي والقوى الأكثر اعتدالاً في مجلس الإدارة"، من دون أن يشير بأي حال إلى احتمال إلغاء القرار.


تضمنت مصادقة الأحد قراراً بإرجاء التصويت النهائي على تمويل الصندوق للمستوطنات في مجلس الإدارة إلى ما بعد الانتخابات الإسرائيلية المقررة في 23 آذار/ مارس المقبل، على إثر تهديد العديد من أعضاء قيادة الصندوق القومي اليهودي بالاستقالة، فضلاً عن طلب زعيم حزب "أزرق أبيض"، وزير الدفاع الإسرائيلي بيني غانتس بتأجيل الخطوة الخطيرة نظراً لحساسية الظرف الراهن في إسرائيل.


في غضون ذلك، تعهدت "مركاز عولامي" أن ممثليها في مجلس إدارة الصندوق "سيثابرون في معارضتهم" حتى النهاية.


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard
Popup Image