شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

لنبدأ من هنا!

"تضطهد دولة الشعب اليهودي"... إسرائيل تعلن الحرب على "الجنائية الدولية"

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

سياسة

الاثنين 8 فبراير 202105:48 م

تريدها إسرائيل حرباً، لذا عيّنت جنرالاً في جيش الاحتلال مشرفاً على "المعركة ضد المحكمة الجنائية الدولية"، لا لشيءٍ سوى أن تلك الأخيرة أعلنت عزمها التحقيق في جرائم حرب محتملة ارتكبها قادة عسكريون إسرائيليون في الأراضي الفلسطينية المحتلة.

 

في 8 شباط/ فبراير، أعلن موقع صحيفة "يسرائيل هيوم" المقربة من حكومة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، عبر نسختها الإنكليزية، أن إيتي فيروب، رئيس الكليات العسكرية في جيش الاحتلال الإسرائيلي، سوف يشرف على فريق خبراء، أحدهم مختص في القانون الدولي، يقود المواجهة ضد المحكمة الجنائية الدولية ومقرها "لاهاي" عقب إعلان الأخيرة ولايتها وصلاحيتها للتحقيق في ارتكاب جرائم حرب إسرائيلية في الضفة الغربية وقطاع غزة والقدس المحتلة. 

 

في كانون الأول/ ديسمبر عام 2019، أعلنت المدعية العامة للمحكمة الجنائية الدولية فاتو بنسودا، لأول مرة، سعيها إلى التحقيق في "مزاعم" ارتكاب مسؤولين إسرائيليين جرائم حرب في الأراضي الفلسطينية. وطلبت المشورة أو الرأي القانوني للمحكمة حول اختصاصها في نظر المسائل المتعلقة بالأراضي التي تحتلها إسرائيل.

 

وكانت دعوة بنسودا إلى "تحقيق كامل" قد أعقبت خمسة أعوام من التحقيق الأولي على إثر عملية "الجرف الصامد" أو حرب غزة عام 2014 . بدأ التحقيق الأولي في كانون الثاني/ يناير عام 2015 أي بعد قرابة أربعة أشهر على الحرب التي استمرت 50 يوماً.

 

مساء 5 شباط/ فبراير الجاري، أفادت المحكمة الدولية بأنها "قررت بالأغلبية أن الاختصاص الإقليمي للمحكمة بشأن الوضع في فلسطين يشمل الأراضي التي تحتلها إسرائيل منذ عام 1967".

 بسلاح "معاداة السامية"... إسرائيل تبدأ معركتها ضد "الجنائية الدولية" عقب إعلانها نية التحقيق في جرائم حرب إسرائيلية محتملة في الأراضي الفلسطينية المحتلة

رفض إسرائيلي وإدانة

على الفور، اعتبر نتنياهو قرار المحكمة "معاداة صريحة للسامية"، مضيفاً في بيان: "عندما تحقق المحكمة الجنائية الدولية مع إسرائيل بتهمة ارتكاب جرائم حرب وهمية، فإن ذلك يعدّ معاداة للسامية".

 

ومنذ ذلك الحين، شرعت إسرائيل في إكمال استعداداتها لمواجهة إجراءات المحكمة الدولية التي كانت قد بدأتها منذ أشهر مع الإعلان الأول لـ"بنسودا"، وفق "يسرائيل هيوم".

 

مساء 7 شباط/ فبراير، عقد الكابينت أو المجلس الوزاري الإسرائيلي للشؤون الأمنية والسياسية اجتماعاً لمناقشة تداعيات قرار المحكمة الجنائية وملابساته، وانتهى إلى بيان رفض وإدانة للقرار "الشائن".

 

هاجم الكابينت الإسرائيلي المحكمة بشدة، قائلاً إن حكمها "يفضح المحكمة كـ"هيئة سياسية تقف في صف واحد مع المنظمات الدولية المدفوعة بمبادئ معاداة السامية". وشدد على أنها "لا تتمتع بسلطة اتخاذ مثل هذا القرار" لأن إسرائيل ليست دولة عضوة فيها (لم توقع إسرائيل أو يصوت برلمانها على الانضمام إلى المحكمة) والسلطة الفلسطينية غير معترف بها كدولة ذات سيادة".

 

ليست هذه المرة الأولى التي يثير فيها الإسرائيليون هذا الادعاء الأخير. ويرد فلسطينيون على ذلك بأن فلسطين وفقاً لقرار الأمم المتحدة عام 2012 "دولة" غير عضوة. كما أنها عضوة في "معاهدة روما" التي انبثقت منها محكمة الجنايات الدولية عام 2002.

 

وفي تكرار لما ورد في بيان نتنياهو، تعجب المجلس الوزراي الإسرائيلي من أن المحكمة في لاهاي "أنشئت لمنع الفظائع مثل تلك التي ارتكبها النازيون ضد الشعب اليهودي. وبدلاً من ذلك، تضطهد دولة الشعب اليهودي"، زاعماً أنها في المقابل "تغض الطرف عن جرائم الحرب المروعة التي ترتكبها أنظمة قمعية مثل إيران وسوريا بشكل يومي"، وتستهدف "الديمقراطية الوحيدة في الشرق الأوسط".

 

ورأى نتنياهو في بيانه أن المحكمة "تدعي أنه عندما تدافع إسرائيل وهي دولة ديموقراطية، عن نفسها ضد الإرهابيين الذين يقتلون أطفالنا ويرسلون الصواريخ إلى مدننا، فإننا نرتكب جريمة حرب".

 

كان يشير بذلك إلى رد حركة الجهاد الإسلامي الفلسطينية وكتائب عز الدين القسام - الجناح العسكري لحركة حماس الفلسطينية - على العدوان الإسرائيلي على غزة، وفد أسفرت الهجمات المتبادلة وقتذاك عن سقوط 2251 قتيلاً من الفلسطينيين، غالبيتهم من المدنيين، مقابل 74 إسرائيلياً، معظمهم من العسكريين.

 

وتجدر الإشارة إلى أن قرار المحكمة الجنائية الدولية يقضي بالتحقيق في جرائم الحرب المحتملة التي ارتكبتها إسرائيل وحماس على السواء.

 

تعبئة للمعركة

علاوةً على تعيين الجنرال "فيروب" لتنسيق جميع جوانب المعركة القانونية، بدأت وزارة الخارجية الإسرائيلية بالتعاون مع جيش الاحتلال "تقييم مختلف الاحتمالات للردود"، وفق "يسرائيل هيوم".


في الأثناء، تستعد وزارة العدل الإسرائيلية لمواجهة قرار المحكمة الجنائية الدولية، على الرغم من قولها إن المدعين الدوليين "أمامهم طريق طويل قبل أن يقرروا بدء أي تحقيق محدد". ونقلت "يسرائيل هيوم" عن وزارة العدل الإسرائيلية: "من وجهة نظرنا القرار معيب قانونياً في أساسه، ويتجاوز صلاحيات المحكمة ويدمرها".

 

بدوره، أمر مجلس الوزراء الإسرائيلي المصغر "الجهات المعنية باتخاذ الإجراءات اللازمة لتأمين مصالح الدولة والدفاع عن مواطنيها وجنودها"، من دون توضيح إذا كانت هذه الإجراءات ستشمل الإسرائيليين في الخارج.

 "من المتوقع استدعاء المئات من كبار المسؤولين الأمنيين الإسرائيليين خشية اعتقالهم في الخارج"... رعب في إسرائيل إثر قرار "الجنائية الدولية" التحقيق في أحداث حرب غزة 2014

هلع إسرائيلي

على الرغم من محاولات بعض وسائل الإعلام الإسرائيلية والمحللين الإسرائيليين التقليل من خطورة التحقيق الجنائي الدولي، وما قد يترتب عليه، كشفت صحيفة هآرتس الإسرائيلية مدى تخوف القيادات السياسية والأمنية. ونقلت عن "مسؤولين أمنيين كبار"، لم تذكرهم، أنه "من المتوقع استدعاء المئات من كبار المسؤولين الأمنيين الإسرائيليين، في الماضي والحاضر خشية اعتقالهم في الخارج".

 

وأضافت مصادر الصحيفة أن عدداً من الدول الأعضاء في المحكمة الجنائية الدولية وافق على توجيه تحذير مسبق لإسرائيل من أية نية لاعتقال إسرائيليين عند وصولهم إلى تلك البلدان، أو في حالة صدور طلب بإصدار مذكرة اعتقال بحقهم. وأضافت المصادر ذاتها لـ"هآرتس" أن تل أبيب قد تطلب من المدرجين على تلك القائمة المحتملة الامتناع عن السفر إلى الخارج لتفادي الاعتقال والمحاكمة.

 

برغم ذلك، قالت "يسرائيل هيوم" إنه حتى انعقاد الاجتماع الوزاري السياسي الأمني، لم يتم إطلاع أي من الملحقين بالجيش الإسرائيلي في الخارج أو غيرهم من ممثلي الجيش الإسرائيلي على ما إذا كان القرار سيؤثر عليهم، أو كيف سيكون هذا التأثير، أو ما يجب أن تكون ردودهم إذا سئلوا عن الأمر.

 

 لكن الصحيفة الإسرائيلية المقربة من نتنياهو حذرت من تبعات أخرى لقرار المحكمة الدولية إذ اعتبرت أنه يُعرِّض التنسيق الأمني مع الفلسطينيين للخطر، ويهدد فرصة نادرة للسلام في المنطقة، في إشارة إلى اتفاقيات أبراهام التي طبَّعت على إثرها عدة دول عربية علاقاتها مع إسرائيل.

 

إشادة فلسطينية وتنديد أمريكي

وعبَّر رئيس الوزراء الفلسطيني محمد اشتية عن ترحيبه بقرار المحكمة الدولية، واصفاً إياه بأنه "انتصار للعدالة" و"إنصاف لدماء الضحايا وذويهم" و"رسالة بعدم تفلّت المجرمين من العقاب". وأبدت السلطة الفلسطينية استعدادها للتعاون مع المحكمة.

 

لكن الإدارة الأمريكية الجديدة عبَّرت عن "قلقها العميق" إزاء موقف المحكمة الدولية من حليفتها، إسرائيل. قال المتحدث باسم الخارجية الأمريكية، نيد برايس، للصحافيين: "نحن قلقون بشدة من محاولات المحكمة الجنائية الدولية ممارسة اختصاصها على العسكريين الإسرائيليين. لقد تبنّينا دائماً موقفاً مفاده أن اختصاص المحكمة يجب أن يشمل حصراً البلدان التي تقبله، أو القضايا التي يحيلها مجلس الأمن الدولي" إليها. 

 

بعيداً عن "الجنائية الدولية"، كانت لجنة أممية قد دانت الجانبين الإسرائيلي والفلسطيني بارتكاب جرائم حرب أثناء حرب عام 2014 استناداً إلى "معلومات موثوق بها" في تقرير صادر في حزيران/ يونيو عام 2015. وذلك بعدما لام مجلس الأمن الدولي، في نيسان/ أبريل من نفس العام، الجيش الإسرائيلي على هجومه بسبع غارات على مدارس تابعة للأمم المتحدة في غزة كانت تُستخدم ملاجئ للسكان.

 

ووثّقت منظمتا العفو الدولية وهيومن رايتس ووتش، في تقارير عديدة، هجمات إسرائيلية على منازل المدنيين الغزيين، واستهداف "الجماعات الفلسطينية المسلحة" منازل مدنيين في إسرائيل أيضاً.

إنضمّ/ي إنضمّ/ي

رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard
Popup Image