شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

ضمّ/ ي صوتك إلينا!
من ألف أسرة يهودية إلى 6.5 مليون يهودي... كيف وصل الإسرائيليون إلى أرض فلسطين؟

من ألف أسرة يهودية إلى 6.5 مليون يهودي... كيف وصل الإسرائيليون إلى أرض فلسطين؟

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

سياسة

السبت 25 نوفمبر 201704:29 م

"لطالما كنا مؤمنين بالهجرة ‘العليا’ ومؤمنين بكم. دولة إسرائيل تؤمن بالهجرة... تعالوا لتحسّنوا حياتكم في هذا البلد القوي الذي يبتسم له التاريخ". بهذه الكلمات افتتح رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو كلمته في الاحتفال الأول لـ"عيد الهجرة" والذي أحيي لأول مرة في نوفمبر 2016. أتى اختيار إسرائيل شهر نوفمبر من أجل إحياء هذه المناسبة لوقوع ذكرى وعد بلفور في الشهر نفسه. ويصف الإسرائيليون الهجرة بكلمة "عليا"، وتعني بالعبرية الصعود، في إشارة إلى اعتبارهم أن الهجرة إلى فلسطين بمثابة الارتقاء والسمو والعلو. ولكن هجرة اليهود إلى فلسطين بدأت قبل وعد بلفور لتشكل الرافد الأول لتأسيس وطن قومي لليهود في فلسطين، على الأرض التي "تفيض لبناً وعسلاً" بحسب ما جاء في سفر الخروج (الإصحاح 33).

من حاران إلى أرض كنعان

هاجر العبرانيون الأوائل إلى "أرض كنعان" (فسطين) مع النبي إبراهيم كما ورد في سفر التكوين. "أخذ أبرام ساراي امرأته، ولوطا ابن أخيه، وكل مقتنياتهما التي اقتنيا والنفوس التي امتلكا في حاران. وخرجوا ليذهبوا إلى أرض كنعان. فأتوا إلى أرض كنعان. واجتاز أبرام في الأرض إلى مكان شكيم إلى بلوطة مورة. وكان الكنعانيون حينئذ في الأرض" (سفر التكوين، الإصحاح 12). وبعد فترة من الزمن هاجر العبرانيون، قوم النبي إبراهيم، إلى مصر بسبب المجاعة. "وحدث جوع في الأرض، فانحدر أبرام إلى مصر ليتغرب هناك، لأن الجوع في الأرض كان شديداً" (سفر التكوين، الإصحاح 12).

من مصر إلى أرض كنعان مجدداً

هاجر اليهود مجدداً من مصر نحو أرض كنعان بعد مصادمات مع فرعونها، وقادهم يوشع بن نون إلى تلك الأرض بعد غزو مدينة أريحا الفلسطينية. وصف غوستاف لوبون في كتابه "اليهود في تاريخ الحضارات الأولى" المعركة بين بني إسرائيل وسكان أريحا بقوله: "غزو بني إسرائيل لفلسطين إنما كان من ذلك النوع من القتال بين الزراع والرعاة، وبين الحضريين والمدنيين". يشير الدكتور جمال الشاذلي في كتابه "دراسات في الصهيونية" إلى أن اليهود ظلوا في فلسطين حتى كوّنوا المملكة القديمة التي انقسمت في ما بعد إلى السامرة ويهوذا، وذلك إلى أن حدث السبي البابلي عام 586 قبل الميلاد. لكن مع ظهور الفرس، سمح الملك قوروش لليهود بالعودة إلى فلسطين، إلا أن بعضهم رفض وفضّل بابل. ثم حدث الشتات الكبير لليهود في عهد الرومان وملكهم تيتوس عام 70 بعد الميلاد، وتم تدمير هيكل سليمان، حسب روايتهم. ويشير المؤرخ اليهودي إسرائيل كوهن في كتابه "هذه هي الصهيونية" إلى أنه لم يتبقَّ سوى أعداد قليلة جداً من اليهود في فلسطين بعد السبي الروماني، حتى أنه في عام 1169، لم يكن في فلسطين كلها ألف أسرة يهودية فقط.

المستوطنون القدامى

شهد القرنان السادس عشر والسابع عشر حركة هجرة ليهود أوروبا باتجاه فلسطين، بسبب اضطهاد ملوك إسبانيا لهم، وعاشوا في الأماكن المقدسة مثل طبرية وصفد والخليل، حسبما يروي الدكتور زين العابدين أبو خضرة في كتابه "الكيبوتس بين المثالية والواقع".

الصهيونية والهجرة

حين ظهرت الحركة الصهيونية في نهاية القرن التاسع عشر، اعتمد زعماؤها لتحقيق رغبتهم في إنشاء وطن قومي لليهود على إقناع المهاجرين اليهود بفكرتي العهد والخلاص اللتين وردتا في التوراة. وبحسب هذه السردية، يؤكد العهد القديم أحقية اليهود في أرض الميعاد. وبدأت الصهيونية في تحقيق أهدافها على هذا الأساس، كما يقول أستاذ الأدب العبري في جامعة القاهرة الدكتور جمال الشاذلي لرصيف22.

الهجرات الحديثة وظهور المستوطنات

بدأت الهجرات اليهودية الحديثة لفلسطين عام 1881، وبلغ عدد اليهود في موجة الهجرة الأولى التي استمرت حتى عام 1903 ما بين 20 و30 ألفاً، قدموا من شرق أوروبا وروسيا، وعملوا بالزراعة، وأسسوا ما يُعرف بالمستوطنات الزراعية. في تلك الفترة، أسس اليهود مستوطنات ريشون لتسيون، زخارون يعقوب، روش بنياه (1882)، بحسب ما يروي الدكتور زين العابدين أبو خضرة في كتابه "الأدب العبري الحديث". وكان قد سبق تأسيس هذه المستوطنات تأسيس أول مستوطنة يهودية صغيرة هي "مكفيه يسرائيل" عام 1870، أي قبل بدء حركة الهجرة بـ11 عاماً. تكفّلت جمعية "أحباء صهيون" وحكة "بيلو" بتمويل هذه الهجرة، ومعها صندوق تطوير الاستيطان في فلسطين الذي تأسس عام 1852. ورعى تلك العملية الملياردير اليهودي البارون إدموند دي روتشيلد.
عام 1169، لم يكن في فلسطين كلها سوى ألف أسرة يهودية. كيف أصبح عددهم 6.5 مليون؟
في إسرائيل حالياً 6.5 مليون يهودي، يشكلون نسبة 74.7% من إجمالي سكانها. كيف وصل هؤلاء إلى أرض فلسطين التاريخية؟

الهجرة الثانية 1904-1914

بلغ عدد المهاجرين اليهود القادم معظمهم من روسيا في هذه المرحلة بين 35 و40 ألفاً، وأشرفت المنظمة الصهيونية على هذه العملية بالتعاون مع "الصندوق القومي اليهودي" ومهمته شراء الأراضي الفلسطينية وعدم بيعها مرة أخرى لأي سبب. وكان معظم مهاجري هذه الفترة مشبعين بالأفكار الاشتراكية، ومن الفقراء، وأطلق عليهم لقب "حالوتسيم"، أي "طلائع"، وركزوا على بناء اليشوف والكيبوتس ليدعموا أسس الاستيطان اليهودي في فلسطين. ومع حلول عام 1914، وصل عدد اليهود في فلسطين إلى 85 ألفاً، ووصل عدد المستوطنات إلى 44 مستوطنة.

الهجرة الثالثة 1919-1923

بلغ عدد المهاجرين خلال هذه الموجة 35 ألف يهودي جاءوا من روسيا ورومانيا وبولونيا وألمانيا وأمريكا ودول أخرى. وترجع المعيدة في قسم اللغات الشرقية في جامعة القاهرة الدكتورة اعتماد جمال سبب تزايد العدد إلى كون تلك الفترة هي فترة الانتداب البريطاني على فلسطين، وقد سمحت بريطانيا لليهود بنقل ملكية الأراضي العربية إليهم، فحدثت طفرة استيطانية. ويوضح الدكتور جمال الشاذلي في كتابه "الأدب العبري مجموعة دراسات" أن هذه الفترة شهدت نشأة المنظمة اليهودية الصهيونية المتطرفة "بيتار" التي دربت المستوطنين على العمليات العسكرية، كما تأسست منظمة "هاغاناة" التي كانت النواة لتأسيس الجيش الإسرائيلي.

الهجرة الرابعة 1924 -1931

بلغ عدد المهاجرين خلال هذه الموجة 89 ألفاً، معظمهم من بولونيا وبولندا والعراق واليمن وتركيا، وأغلبهم من الطبقة الوسطى. لكن بدأت مشاكل البطالة تظهر بسبب العدد الكبير للمهاجرين، فعاد نحو 23 ألف يهودي إلى البلدان التي أتوا منها في ما عرف بالهجرة العسكرية، على حد تعبير الشاذلي. وحاولت الوكالة اليهودية معالجة الأمر، فراحت تدفع إعانات لليهود العاطلين عن العمل وأقامت بعض المشاريع لتشغيل المهاجرين الجدد.

الهجرة الخامسة 1932- 1944

جاء حوالي 215 ألف يهودي خلال هذه الموجة من وسط أوروبا وألمانيا إلى فلسطين. وفي هذه الفترة زاد اضطهاد النازية لليهود فاتجه نحو 45 ألفاً من الألمان اليهود إلى فلسطين، بعد اتفاق المنظمة الصهيونية والوكالة اليهودية مع النازيين على تسهيل إجراءات هجرة اليهود لفلسطين. وفي هذه الفترة، نجح اليهود في بناء نحو 80 مستوطنة.

الهجرة حتى عام 1948

وصل خلال سنوات الحرب العالمية الثانية نحو 21 مركباً تقل 15 ألف مهاجر يهودي، وكشفت الوثائق السرية البريطانية أن الأسطول البحري البريطاني كان يساعد المهاجرين حتى يصلوا إلى فلسطين ويمدهم بالمؤن، كما أوعزت بريطانيا لسفارتها في تركيا بإعطاء اليهود تصريحات دخول لفلسطين. كذلك أنشأت الولايات المتحدة مكتب مهاجري الحرب عام 1944 الذي ساعد اليهود في الخروج من الأراضي التي كانت تحتلها النازية. وأيدت لجنة تحقيق "أنكلو - أمريكية" عام 1946 طلب الرئيس الأمريكي هاري ترومان بالسماح لمئة ألف يهودي بالذهاب إلى فلسطين، تنفيذاً لمقررات وعد بلفور. ولم تنفذ بريطانيا المطلب مباشرة، لكنها سمحت بالهجرة وفتحت الأبواب على مصراعيها أمام المهاجرين. ووصلت في الفترة من 1945-1948 نحو 65 سفنية تقل نحو 70 ألف مهاجر، ليصل في النهاية إجمالي اليهود المهاجرين إلى فلسطين بين عامي 1940 و1948 إلى نحو 120 ألفاً، بحسب "الموسوعة الفلسطينية".

الهجرة بعد عام 1948

نشطت الهجرات من دول العالم بعد إعلان قيام إسرائيل عام 1948، فوصل من رومانيا 119 ألفاً، ومن بولونيا قرابة 103 آلاف، وحوالي 37 ألفاً من بلغاريا، و35 ألفاً من ليبيا. حاولت الحركة الصهيونية استخدام جميع الطرق لإقناع اليهود بالهجرة، ويفيد جمال الشاذلي في كتابه "دراسات في الصهيونية" بأن جمعية أبناء صهيون والاتحاد الصهيوني ساعدا في ذلك، ونجح يهودي يدعى كاستروا في إنشاء فرع للمنظمة الصهيونية العالمية في مصر وأسماه "منظمة الصهيونيين بمصر"، كما نشأت جمعية صهيونية في مصر لجمع التبرعات، وهذه الجمعيات كلها ساعدت على هجرة اليهود المصريين إلى فلسطين.

باب لا يغلق.. درج السياسيون الإسرائيليون على استغلال أي حدث للترويج للهجرة لإسرائيل وقد خصصوا 45 مليون دولار لتشجيع يهود فرنسا وبلجيكا وأوكرانيا والدنمارك على الهجرة

وفي اليمن، توصلت الوكالة اليهودية إلى اتفاق يقضي برفع الحظر عن هجرة يهود اليمن إلى فلسطين، وسميت عملية نقل نحو 49 ألفاً منهم بعملية "البساط السحري"، بحسب الموسوعة الفلسطينية. وفي المغرب، أرسلت المنظمات الصهيونية وفودها إلى البلاد ولم تلقَ ترحاباً في البداية، لكنها بعد قيام الدولة نجحت في الترويج لأفكارها، وهاجر من المغرب في الفترة بين عامي 1948 و1973 قرابة 200 ألف يهودي مغربي، بحسب الموسوعة العبرية في مجلدها الرابع. وتزعم المصادر الصهيونية أيضاً أن الوكالة اليهودية نجحت في التوصل إلى اتفاق مع العراق يقضي بالسماح لمَن يريدون الهجرة من يهوده بالهجرة مع إسقاط الجنسية عنهم. ووصل نحو 114 ألف يهودي من العراق بين عامي 1950- 1951. لكن الفترة الممتدة من 1952 حتى 1964 شهدت تراجعاً وانحساراً في الهجرات، ثم تتابعت حركات الهجرة صعوداً وهبوطاً حتى وصلنا إلى يومنا هذا. واليوم، نجد أن الحركة الصهيونية نجحت في تحقيق معظم أهدافها. فقد وصل عدد سكان إسرائيل من جميع الديانات إلى 8.680 مليون نسمة، منهم 6.484 مليون يهودي، بنسبة 74.7% من إجمالي السكان، والعرب 1.808 مليون نسمة ويشكلون 20.8%، بحسب دائرة الإحصاء المركزية الإسرائيلية.

أرقام النكبة

رصدت "موسوعة النكبة الفلسطينية" بعض الأرقام المتعلقة بالوجود اليهودي في أرض فلسطين، وما امتلكوه من أراضٍ. ففي عام 1918 امتلكوا نحو 240 ألف دونم، بنسبة 1.56% من إجمالي أرض فلسطين، ووصلت النسبة إلى 1.8 مليون دونم عام 1948. وفي ما يتعلق بعدد اليهود، فكانوا في عام 1800 حوالي 5 آلاف، ووصل عددهم عام 1948 إلى 650 ألفاً، أي ما يعادل 31.7% من إجمالي عدد السكان آنذاك.

باب لا يغلق

درج سياسيو إسرائيل على استغلال أي حدث للترويج للهجرة لإسرائيل. فمع وقوع أي عمل إرهابي في أية دولة، تتجدد دعوات اليهود إلى الهجرة. ففي عام 2003، حينما استهدفت بعض العمليات الانتحارية الدار البيضاء في المغرب، دعت الحكومة الإسرائيلية يهود المغرب للقدوم إلى إسرائيل. وقال رئيس الاتحاد العالمي لليهود سام بن شطريت لهم: "لا تتأخروا في ظل التهديد الذي يحلق فوق رؤوسكم. إحزموا حقائبكم وتعالوا. ستقدم لكم المؤسسات و700 ألف من اليهود القادمين من المغرب المساعدة في استيعابكم". وتكررت دعوات اليهود للهجرة إلى إسرائيل في مناسبات كثيرة. ففي شباط 2015، دعا بنيامين نتنياهو يهود الدنمارك للهجرة إلى إسرائيل بعد الهجوم الذي تعرض له كنيس يهودي وأسفر عن مقتل حارسه، وقال نتنياهو: "مجدداً يقتل اليهود في أوروبا، فقط لأنهم يهود، اليهود يستحقون الحماية في كل بلد، ونقول لإخواننا من اليهود: إسرائيل هي وطنكم. نحن ندعو لاستقبال الهجرة الجماعية من أوروبا". وفي التوقيت نفسه، أعلن نتنياهو تخصيص 45 مليون دولار لتشجيع يهود فرنسا وبلجيكا وأوكرانيا والدنمارك على الهجرة إلى إسرائيل. وبين حين وآخر، تثور سجالات بين الحكومتين الإسرائيلية والفرنسية بسبب دعوة اليهود الفرنسيين للهجرة إلى إسرائيل.


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard
Popup Image