مع توافد أكثر من 50 ألف سائح إسرائيلي على جارتها وحليفتها الإمارات في غضون أسبوعين، أظهرت البحرين أنها لن تقف مكتوفة الأيدي، إذ أعلنت خطة جديدة مدعومة من عاهل البلاد رأساً لجذب السياح اليهود عقب التطبيع بين المملكة الخليجية وإسرائيل في أيلول/ سبتمبر الماضي.

في تقرير خاص، ذكرت صحيفة "جيروزاليم بوست" أن ملك البحرين حمد بن عيسى آل خليفة يسعى إلى وضع خطة جديدة لجذب السياح اليهود بعد اتفاقات إبراهام الأخيرة، لافتةً إلى أن المبادرة تستهدف السياح في أمريكا الشمالية وإسرائيل بشكل أساسي.

ونقلت الصحيفة الإسرائيلية عن وزير الصناعة والتجارة والسياحة البحريني، زايد الزياني، أن بلاده "كمركز للتعايش السلمي مع تاريخ غني ومشهد تراثي وسياحي، ستوفر عبر هذه المبادرة السياحية تجربة لا تُنسى لجميع من يزورونها"، مبيناً أنها أيضاً "ستفتح آفاقاً جديدة للسياح اليهود الباحثين عن وجهة جديدة ومثيرة".

عوامل جذب

أما جهاد أمين، رئيس مجلس إدارة شركة "بيست أوف بحرين" أو "أفضل ما في البحرين" السياحية، فاعتبر أن الطرق الجديدة المباشرة خلال العام 2021 إلى الولايات المتحدة وتل أبيب (اعتباراً من كانون الثاني/ يناير) عبر شركة طيران الخليج، الناقل الوطني في البحرين، ستساعد في الجهود المبذولة لجذب الإسرائيليين إلى المملكة.

وجهة فريدة لسياحة كوشر... بتكليف من ملك البلاد، الفنادق والمطاعم البحرينية تتسابق إلى توفير احتياجات السائحين الإسرائيليين المحتملين لا سيما المتدينين منهم وبالتعاون مع شركات إسرائيلية

ولفت إلى أنه بالتنسيق مع شركة Da’at Travel الإسرائيلية في أمريكا، والتي تقدم خدماتها حصراً للمسافرين اليهود المتدينين، سيكون هناك العديد من العوامل التي تشجع هذه الفئة من السياح على زيارة الأرخبيل الصغير الذي وصفه بأنه "موطن السكان اليهود الأصليين في الخليج".

يرغب البحرينيون في أن يكونوا محطةً في رحلة اليهود الأمريكيين الزائرين لإسرائيل. قال أمين: "في حين أن 25% من زوار إسرائيل على الأغلب من اليهود الأمريكيين، ما نحاول القيام به هو عرض تمديد لتلك الرحلة إلى إسرائيل". وبينما أقر بأن عدد السياح الأمريكيين في البحرين محدود راهناً، أعرب عن أمله أن تسهم اتفاقيات إبراهام، التي لفتت انتباه الإسرائيليين للبلاد، في تغيير هذا الوضع قريباً.

حاول أمين في حديثه إلى "جيروزاليم بوست" إغراء السياح الإسرائيليين، فلفت إلى أنه بالنسبة للسياح "المتعطشين للتاريخ والثقافة"، تعد البحرين "وجهة فريدة" مقارنة بالعديد من دول الخليج الأخرى التي يهيمن عليها المغتربون. في حين أنه لم يحدد بلداً بعينها، بدا وكأنه يشير إلى الإمارات التي وقّعت أيضاً اتفاق سلام مزعوم مع إسرائيل وفتحت الباب على مصرعيه للزائرين حتى بلغ عدد الإسرائيليين الذين زاروها خلال أسبوعين فقط -تزامناً مع عيد الأنوار اليهودي (حانوكا)- أكثر من 50 ألفاً.

وتابع: "على عكس البلدان الأخرى في المنطقة، يمكن للزوار التواصل مع السكان المحليين بسهولة أكبر. على سبيل المثال، سائق التاكسي والكونسيرغ (مقدمو الخدمات في الفنادق) وصاحب المتجر البحرينيون"، مستدركاً "لا يعرف الناس مقدار ما تقدمه البحرين من حيث الثقافة والتاريخ". 

في أحدث إحصاء، تحديداً عام 2018، قُدّر عدد سكان البحرين بـ1,503,091 نسمة، بينهم 689,417 مواطناً بحرينياً و813,377 غير بحريني، بحسب منصة البحرين للبيانات المفتوحة التي تبرز احتضان المملكة مقيمين من 161 جنسية.

من جهته، أوضح جيريمي كانيفت، مدير المبيعات والتسويق في فندق ريتز كارلتون البحرين، وهو أول فندق في البلاد يوفر خيارات ما يعرف بـ"سفر كوشر" أو "السياحة اليهودية" الخاصة باليهود المتدينين، أن المبادرة أتاحت الفرصة للترويج للبحرين كوجهة فريدة.

وأضاف: "ينمو الطلب منذ توقيع اتفاقيات إبراهام. على الرغم من أن الطلب ليس كبيراً في الوقت الحالي، نشعر أن الطلب سيزداد بعد الإعلانات الأخيرة الصادرة عن شركة طيران الخليج وشركة إل عال (الإسرائيلية للطيران) في ما يتعلق بالرحلات الجوية المباشرة بدءاً من كانون الأول/ يناير 2021".

لإغراء الإسرائيليين لزيارتها، تروج البحرين لـ"موطن السكان اليهود الأصليين في الخليج"، ولسحب الأعداد المتزايدة التي تزور الإمارات، يبشر مسؤولوها بـ"وجهة فريدة" يمكن التواصل فيها مع "السكان الأصليين" مقارنة بدول خليجية أخرى يهيمن عليها المغتربون

حتى الآن، كان الغرض الأبرز للمسافرين اليهود في إسرائيل وأمريكا الشمالية وأوروبا الذين يتوقون إلى زيارة المملكة  الخليجية، التي تضم 33 جزيرة، العمل و/ أو الترفيه. لكن كانيفت قال إن الأمر التالي على جدول أعمال فندقه هو تقديم برامج خاصة لحفلات الزفاف اليهودي والعطلات. ونوه بأن هناك الكثير من العوامل  لجذب السياح الإسرائيليين إلى هذه الوجهة الأقل شهرة لديهم، قائلاً: "البحرين جزيرة صغيرة لكنها تزهو بجمالها وتاريخها الغني".

وأشار كانيفت إلى أن الإستراتيجيات الاقتصادية والاستثمارية التي تتبعها البحرين لغرض التنمية المستقبلية تراعي بشدة "الحفاظ على الثقافة حية"، شارحاً "يمكنك مشاهدة المباني المعاصرة الشهيرة جنباً إلى جنب مع مواقع التراث البحريني والأسواق التقليدية والأماكن الفنية".

في غضون ذلك، قال أمين إنه يتوقع -بحلول الوقت الذي تُخفف فيه القيود على السفر بسبب جائحة الفيروس التاجي- أن تكون هناك مجموعة أكبر من الفنادق والمطاعم التي تقدم طعام الكوشر اليهودي، بعيداً عن رفاهية الخمس نجوم في فندق ريتز كارلتون، التي تتجاوز ميزانية العديد من المسافرين.

تعقيباً على الإجراءات البحرينية الحثيثة لجذب الإسرائيليين، قال إبراهيم نونو، رئيس الجالية اليهودية في البلاد، إنه متفائل بشأن الخطة، مضيفاً "كان هناك اهتمام كبير من رجال الأعمال والسياح اليهود بالقدوم لزيارتنا وإقامة أعمال تجارية هنا. سيؤدي هذا إلى مزيد من النمو في مجتمعنا، وهو وقت مثير للغاية بالنسبة لنا".

وأكد نونو أن الجالية المكونة من نحو 50 شخصاً تلقت استفسارات حول تكلفة تمضية فترة عيد الفصح اليهودي في البحرين، علاوةً على خدمات الصلاة وأمور أخرى متعلقة بالحياة اليهودية في الدولة الخليجية.