بلباسهم المميز؛ الكيباه والمعطف الأسود الطويل وخصل الشعر الطويلة التي تتدلى على جانبي الرأس، أو بملابس عربية تقليدية (فلسطينية أو إماراتية)، أو حتى بملابس عصرية يتجول آلاف الإسرائيليين مرتاحين واثقين في دبي بينما يتباهون بالتعريف عن أنفسهم وبلدهم للاستمتاع بلذة الحفاوة المفرطة التي باتوا يتلقونها في البلد الخليجي بشكل غير مسبوق ربما في أي مكان آخر خارج إسرائيل.
منذ توقيع الإمارات اتفاق السلام مع إسرائيل، منتصف أيلول/ سبتمبر الماضي، لم يكن لافتاً فقط التهافت على إقامة علاقات سياسية واقتصادية وإستراتيجية وأمنية بين الجانبين، فاللافت أيضاً كان إقبال العديد من الإماراتيين على إظهار المودة للإسرائيليين على المستوى الشعبي، حسن ضيافة وطيبة فهمهما الإسرائيليون على طريقتهم.
خلال الأسبوعين الماضيين فقط، منذ بدء الرحلات التجارية بين تل أبيب ودبي وأبوظبي، أنعش الإسرائيليون السياحة بشكل ملحوظ. وبات عادياً سماع أشخاص يتحدثون العبرية في جميع الأسواق والمراكز التجارية وعلى الشواطئ.
تجاهل أكثر من 50 ألف إسرائيلي المخاوف المتعلقة بتفشي وباء الفيروس التاجي وكذلك التحذيرات من احتمال استغلال عملاء إيرانيين الإمارات وجهةً لشن هجمات انتقامية ضد الإسرائيليين لا سيما عقب اغتيال أبرز علمائها النوويين محسن فخري زادة الشهر الماضي. ويتوقع مسؤولو السياحة الإسرائيليون أن يكون قد وصل العدد إلى أكثر من 70 ألف شخص خلال الأيام الثمانية الخاصة باحتفال "عيد الأنوار اليهودي" (حانوكا)، الذي بدأ الأسبوع الماضي.
على الرغم من شعور الإسرائيليين الأوائل الذين وصلوا دبي بـ"صدمة ثقافية"، نظراً للاختلافات الجمة بين الشعبين، كان الإماراتيون عازمين على تذويب كافة الاختلافات وسرعة التجانس مع أصدقائهم الجدد الذين أصبحوا في كثير من المناسبات يصفونهم بأنهم "أشقاء" وتوصف دبي بـ"بيتهم الثاني". وذلك حرصاً على مليارات الدولارات التي يحتمل أن يجنونها من الاستثمار الإسرائيلي في السياحة والتكنولوجيا الفائقة والزراعة والأسلحة.
قال أحد السياح الإسرائيليين في دبي، ويدعى آرييه إنجل، لصحيفة "واشنطن بوست"، عن ذلك: "يبدو أنهم يريدوننا حقاً هنا". أما مواطنته ريم إيلوز، فرأت أن الإماراتيين "لديهم الكثير ليخسروه إذا لم يكن هناك سلام".
"أفضل مكان يمكن أن تكون فيه كيهودي"... أكثر من 50 ألف إسرائيلي زاروا الإمارات خلال أسبوعين ويتوقع أن يكون قد وصل العدد إلى 70 ألفاً خلال عطلة حانوكا الذي يحتفل به لأول مرة في دبي علناً
فرصة لكسر قيود كورونا
علاوةً على توق الإسرائيليين للشعور بأنهم "مُرحب بهم" في منطقة الشرق الأوسط، فإن دبي وفرت للآلاف منهم فرصة للتغلب على التدابير الاحترازية التي فرضتها الجائحة وخاصةً بعد أن يئسوا من السفر لقضاء فترة الأعياد اليهودية الحالية.
منذ تطبيع العلاقات بين البلدين، عملت الحكومتان على تسهيل آلية السياحة؛ أعلنت كل دولة الدولة الأخرى "دولة خضراء"، وهذا ما يسمح للزوار بالسفر بينهما ذهاباً وإياباً من دون حاجة إلى الحجر الصحي. الأسبوع الماضي، غيّرت وزارة الصحة الإسرائيلية تصنيف الإمارات إلى اللون الأحمر، مما أصاب الإسرائيليين بالذعر. وسرعان ما رضخت الصحة الإسرائيلية وأعادت التصنيف الآمن بناءً على طلب من الخارجية الإسرائيلية.
وفي ظل القيود التي تفرضها الصحة الإسرائيلية على التجمعات، أصبحت دبي "وجهةً مثالية" لهؤلاء الإسرائيليين الراغبين في إقامة حفلات زواج صاخبة، وبشكل خاص اليهود الأرثوذوكس المتشددين الذين يشتهرون بكسرهم القواعد واستضافة أعداد كبيرة في أعراسهم غير عابئين بالعدوى وانتشار الأمراض.
.وكان أول حفل زفاف يهودي قد أقيم في دبي مطلع الشهر، ثم توالت حفلات الزفاف في الفنادق وقرب برج خليفة الشهير
"يبدو أنهم يريدوننا حقاً هنا"... يتباهى الإسرائيليون خلال تجولهم في دبي بهويتهم للاستمتاع بحفاوة مفرطة يتلقونها في شكل غير مسبوق؛ يرتدون الكيباه، ويغنون بالعبرية، ويؤدون صلواتهم علناً
محاولة إذابة الفروق الاجتماعية
في غضون ذلك، تعقد شركات السياحة في البلدين دورات تثقيف متبادلة عبر "زووم" في ما خص العادات والآداب. وهم يلفتون عملاءهم من السائحين المحتملين إلى القوانين والآداب العامة المفروضة.
استعانت شركات السياحة الإسرائيلية بمرشدين ذوي خبرة يعملون في الإمارات لإطلاع مرشديها على ما يجب وما لا يجب فعله عند السفر إلى البلد العربي. ففي الإمارات ليس مسموحاً تبادل القبلات في الأماكن العامة أو قطع الصفوف أو الصراخ والشتائم، يحتاج الإسرائيليون هذه الدروس التعليمية بسبب اشتهار بعضهم بأنهم زوار صاخبون.
على صعيد "حُسن الضيافة"، أضافت الفنادق والمقاهي والمطاعم الإماراتية الشمعدان -التي تشير إلى شموع حانوكا- إلى ديكورات أعياد الميلاد في غالبية الأماكن الشهيرة. ووفرت العديد منها طعام الكوشر الحلال وفق الشريعة اليهودية.
بينما تفرض إسرائيل قيوداً صارمة على التجمعات، مما يعطل حفلات زواج المتشددين دينياً، باتت دبي وجهةً لأعراس اليهود الذين يتجمعون بأعداد ضخمة غير عابئين لاعتبارات السلامة واحتمالات نقل الأمراض
مركز الجالية اليهودية هناك (JCC)، بعدما كان يخدم عدداً صغيراً من زوار الأعمال والمقيمين، بات مركزاً لإرشاد ومساعدة الإسرائيليين بحسب الحاخام مندل دوتشمان الذي أكد: "نتلقى حوالى 300 رسالة بريد إلكتروني (طلباً للمساعدة) يومياً". تتعلق هذه الرسائل باستفسار الإسرائيليين عن أين يمكنهم تناول الطعام والصلاة والعثور على ميكفاه، وهو الحمام التعبدي الذي تزوره اليهوديات الملتزمات شهرياً.
في حين يرجح ازدهار السياحة الإسرائيلية إلى دبي، هناك اتجاه إلى بناء ميكفاه تلائم معايير دبي الفاخرة، يعتقد دوتشمان أنها سوف تكون "ألطف ميكفاه في العالم".
أما أول حانوكا يحتفى به بشكل عام في دبي، فيقيم JCC حفلاً ضخماً كل ليلة -من ليالي الاحتفال الثمانية- في قاعدة برج خليفة يحضره مئات الإسرائيليين الذين يرقصون على أصوات وأنغام المطربين ودي جي من إسرائيل. عن سعادته بهذا قال دوتشمان: "أعتقد حقاً أن هذا هو أفضل مكان يمكن أن تكون فيه كيهودي".
لم يعد مستغرباً أن نشاهد صوراً ومقاطع فيديو لعائلات إماراتية تستضيف إسرائيليين أو تشاركهم في طعامهم واحتفالاتهم الدينية وسهراتهم الترفيهية في دبي أو حتى إسرائيل. وانتشرت مقاطع أداء الصلوات والطقوس اليهودية في صحراء دبي وفنادقها، كدلالة على "التسامح الديني" و"تقبل الآخر" وإن كان الهدف الأساسي هو المكاسب المادية المحتملة.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يوممتى سوف تحصل النساء في إيران على حقوقهم ؟!
مستخدم مجهول -
منذ يومينفاشيه دينيه التقدم عندهم هو التمسك بالتخلف
مستخدم مجهول -
منذ يومينعظيم
Tester WhiteBeard -
منذ يومينtester.whitebeard@gmail.com
مستخدم مجهول -
منذ يومينعبث عبث
مقال عبث من صحفي المفروض في جريدة او موقع المفروض محايد يعني مش مكان لعرض الآراء...
مستخدم مجهول -
منذ 6 أيامرائع