شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

اترك/ ي بصمَتك!
وائل كفوري معنِّف… لماذا ننتظر كثيراً لتصديق جرم المنتهِك؟

وائل كفوري معنِّف… لماذا ننتظر كثيراً لتصديق جرم المنتهِك؟

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

حياة

الثلاثاء 23 يوليو 201906:50 م

"نعم ملك الرومانسية معنِّف، ونعم هناك صور وتقارير وأدلة تثبت اعتداءه بالضرب الهمجي على زوجته السابقة، هذا عدا العنف المعنوي المرعب والذي لم يزل مستمراً، نعم هذه الامرأة تختزن الكثير من الوجع والأسرار التي من شأنها، إن كشف عنها، أن تعرّي محبوب الجماهير".

هذا ما أكدته الناشطة النسوية اللبنانية حياة مرشاد في 22 تموز/ يوليو، بعد ساعات قليلة من انطلاق صوت كفوري، "سفير الحب"، في المسرح الجنوبي في مهرجان جرش الأردني، مُطرباً العشاق، مشيرةً إلى أنه يتهرّب من الإعلام خشية سؤاله عن أزمته مع طليقته أنجيلا بشارة بعدما وجّه إليها إنذاراً قانونياً يمنعها من التصريح بأي معلومات تتعلّق بحياتهما الخاصة.

وبدأ خلافهما في الظهور إعلامياً بعدما قررت بشارة خوض معركة قضائية ضد زوجها السابق للحصول على حقوق طفلتيهما ميشال وميلانا، متهمةً إياه بالتقصير في دفع المستحقات المترتبة عليه. وأشارت مرشاد إلى أن كفوري يقيم "في قصره العاجي، في حين تقيم طفلتاه ووالدتهما حالياً في منزل من ثلاث غرف يفتقر لأدنى مقومات الراحة".

ولامت مرشاد الإعلام الذي "يغازل الظالم عبر جلد الضحية"، متسائلةً: "ألم يسأل الإعلام نفسه بأي حق يخفي فنان زوجته عن العالم تسع سنوات وكأنها واحدة من ممتلكاته يفعل بها ما يشاء ساعة يشاء؟ لم يسأل بأي حقّ يمنع وائل كفوري زوجته من إكمال دراستها أو زيارة عائلتها أو استقبال ضيوف أو أصحاب؟ لم يسأل بأيّ حق يقوم رجل متزوّج بلعب دور 'دونجوان عصره' في العلن مع فنانات وإعلاميات وغيرهن من دون مراعاة مشاعر زوجته؟".

وتابعت في سلسلة الأسئلة: "لم يسأل هذا الإعلام بأي حقّ يجبر كفوري زوجته على الامتثال لأوامره بعدم التصريح عن خبر طلاقهما، ثم بطريقة مهينة وبقرار أحادي ارتأى أن يعلن الخبر عبر صديقته الإعلامية ريما نجيم بطريقة لا تليق بارتباط عمره تسع سنوات بامرأة آثرت تحمّل 'جنونه' حفاظاً على ما تبقى من الحب وثمرته؟".

ولفتت مرشاد إلى أن الأسوأ من "إخفاء" كفوري زوجته السابقة أنجيلا بشارة هو "استمراره في تبرير ذلك بحجة أنه 'فنان غامض حريص على أن يعيش حياةً هادئة مع عائلته' وأن 'ذلك يبقى في نطاق حريته الشخصية' وأن من حقه 'إبعاد حياته الشخصية عن الكاميرات'"، على حساب طمس زوجته. 

وينقسم منزل كفوري إلى طابقين، "طابق له ولأصحابه وطابق 'للحرمة التي يمتلكها' والممنوع عليها مواجهة أحد من زوّار 'السلطان'"، بحسب مرشاد. 

واختتمت الناشطة النسوية حديثها قائلةً إن بشارة لا تنوي مقاضاة كفوري بتهمة العنف الزوجي، ولا نشر وثائق حول ذلك، أو التشهير بطليقها بأي وسيلة، لأن "ميشال وميلانا أولاً"، وفق تعبيرها، مضيفةً "وهو الله يسامحه". 

اللافت أن ما كشفته مرشاد كان ليُسقِط كفوري مباشرةً إن كنّا في بقعة أخرى من العالم ربما، ولكن تقرير مرشاد لم يثر ضجةً مثلما كان مفترضاً، وجاءت بعض الردود كالتالي: "هل الذي يشاع صحيح؟"، "أوف خلصونا بقى. ما خصنا بالموضوع نحن بنحب وائل كفوري الفنان وبس وبعدين يلي بصير بين الرجال ومرته ما ممكن حدا يعرفه. حاج (يكفي) قرف شو عرفكن إنه هي ما بتكذب"، و"طلاق وتطلّقتي وما بقى يمدّ إيده عليكِ وكل حدا حرّ بحياته. الفضايح لشو؟ الجرصة لشو؟ تبهدلي بيّ ولادك وتشوهيله سمعته من ورا حقدك. أنه بس كرامة لبناتك، احفظيله كرامته قدام جمهوره. عيب عليكِ". 

وبين الانكار وتصنّع عدم الاهتمام بالحياة الخاصة، وبين "جلد الضحية" من خلال الطلب منها أن تصمت، يأتي سؤالنا: لماذا ننتظر كثيراً لتصديق جرم المنتهِك؟ وفي بعض الأحيان لا نصدقه أبداً؟

"نعم، ملك الرومانسية وائل كفوري معنِّف، ونعم، هناك صور وتقارير وأدلة تثبت اعتداءه بالضرب الهمجي على زوجته السابقة أنجيلا بشارة"... لماذا ننتظر كثيراً لتصديق جرم المنتهِك؟ وفي بعض الأحيان لا نصدقه أبداً؟

"ألم يسأل الإعلام نفسه بأي حق يخفي فنان زوجته عن العالم تسع سنوات وكأنها واحدة من ممتلكاته؟"... قصة الفنان اللبناني وائل كفوري مع زوجته تعيد طرح أسئلة عديدة حول تعامل الناس مع حالات العنف والتحرش التي تقوم بها شخصيات عامة 

ملائكة في عيوننا

تمتعض شريحة كبيرة من الشباب اللبنانيين من عدم حساسية الرأي العام تجاه قضايا العنف ضد النساء. تقول الصحافية اللبنانية الشابة دجى داود لرصيف22 إن "للفنانين العرب معجبين يرونهم كملائكة، برغم تصريحات أو سلوكيات البعض التي تؤكّد أنّهم ذكوريون أو معنّفون"، مشيرة إلى أن هؤلاء جزء من المنظومة الذكوريّة التي تُغلّف جميع القطاعات.

أضافت داود أن ‏العالم العربي بعيد عن تحقيق جزء مما حققته حملة Me Too العالمية التي أطلقتها المُمثلة الأمريكية أليسا ميلانو عام 2017 لفضح التحرش الجنسي بعد الكشف عن تعرض ممثلات للتحرش من قبل منتج هوليوود هارفي واينستين، قائلةً: "هنا لا يزال الاغتصاب مسموحاً به إذا تزوج المغتصب ضحيته، وهنا يُسمح للزوج أن يغتصب زوجته، ولا يُحاسب المتحرّش، كما يُباح للرجل أن 'يؤدب' زوجته. وفيما تسمح القوانين الشرعية بذلك في بعض الحالات، يُحلّلها المجتمع في حالات عدة، خصوصاً تلك التي يكون فيها للرجل شهرة وعلاقات وأموال واستثمارات".

ولفتت داود إلى أن تعنيف كفوري لزوجته السابقة ليس أمراً مستهجناً حينما يصدر من شخص "تفاخر بحرمان أمّ من أولادها"، إذ صرّح في أكثر من سياق بأنه مصر على التمسّك بحضانة ابنتيه في حال وقوع الطلاق. وأضافت: "من خلال المنطق نفسه الذي يسمح له بسلخ أطفال عن أمهم، يسمح لنفسه بالاعتداء الجسدي عليها وتعنيفها حدّ دخولها المستشفى، لا بل يمنعها بالقانون (الذكوري) من التصريح عن ذلك". 

وأكدت أن ‏عدم تفاعل بعض فئات المجتمع مع قضية تعنيف وائل كفوري لزوجته أو المطالبة بمقاطعته يعود أولاً لـ"قوّته القانونية والمالية التي تُتيح له أن يزيد العنف عنفاً بقمع طليقته ومنعها من تداول الموضوع، وثانياً يعود للنظام الذكوري الذي يعتبر هذا العنف عابراً يجب عدم حلّه أو محاسبة مرتكبه، خصوصاً إذا كان رجلاً مشهوراً".

من جهته، قال وكيل كفوري القانوني المحامي النائب هادي حبيش إن "الخلاف الحاصل بين كفوري وطليقته بعد الطلاق ناجم عن منع الأخيرة لكفوري من مشاهدة الطفلتين القاصرين وفقاً لاتفاق بين الطرفين". 

وتعليقاً على تعنيف كفوري لزوجته، قال: "لو كان صحيحاً لكانت السيدة أنجيلا بشارة أشارت إليه في المحكمة أثناء المحاكمة. كل ما يحكى عن علاقتهما الزوجية بعد حصول الطلاق أصبح خارج السياق"، موضحاً أن كفوري التزم الصمت حفاظاً على مشاعر طفلتيه.

"في حب هالأيام؟"

لا يصعب تصديق رواية حياة مرشاد. فوائل كفوري استفز بعض الفئات من جمهوره في أيلول/ سبتمبر الماضي حينما قال رداً على أحد أسئلة الإعلامية المصرية وفاء الكيلاني: "ليش مين بحب حدا هالأيام؟ كله بمثل على بعضه".

وحينما سألته: "حتى المتزوجين؟"، أجاب: "خلصنا بقى... متل ما عم خبرك"، رافضاً الكشف عما إذا كان متزوجاً أو مطلقاً بقوله إن الموضوع شخصي ولا جواب لديه".

ورغم عدم تقديمه جواباً شافياً، قال أثناء الحلقة عبارات مثل "عايش حياة غير مستقرة وفيها علاقات كثيرة"، و"الزواج أفشل مشروع في الحياة"، و"لن أعيد تجربة الزواج مرة أخرى بسبب الغيرة وظروف العمل الصعبة".

ولكنه لم يكن مجرد طلاق على الأرجح، بل أزمة بين الاثنين تسمح لكفوري بالبوح بمشاعره مستخدماً كلمات مبطنة على التلفاز. 

ماذا يقول الطب النفسي؟

في السياق ذاته، يقول طبيب الأمراض النفسية وعلاج الإدمان، علي قرقر، لرصيف22 إنه بات سهلاً لـ"المحبين"، بوجود مواقع التواصل، أن يُكوّنوا أفكاراً تلقائية تجاه الشخصيات العامة تتسق مع ما يظهرونه لجمهورهم، موضحاً أن "من السهل تكوين فكرة مفادها أن الشخصية العامة تحظى بحياة أسرية سعيدة".

ولذلك قد نصدّق معلومة نسمعها عن شخص لا نعرفه، في حين يصعب علينا تصديقها في الحالة الأخرى، إذ يقول الطبيب: "إن تلك المعطيات لن تتوافر لدى الشخص العادي وقد تحل بسهولة في محلها تصورات عن صعوبة عيشه أو ضغوط حياته أو كبت أدى إلى انفجار". 

وقدّم الطبيب اللاعب المصري المتحرّش عمرو وردة على سبيل المثال، قائلاً إن تضامن البعض معه، أو عدم تصديقهم إقدامه على التحرش الجنسي أو الممارسات الصبيانية تجاه النساء يعود إلى "الفكرة التلقائية التي يكتسبها الناس عن المشاهير وهي أنهم لا يعانون الكبت الجنسي". 

وأضاف: "هناك فكرة تلقائية تخرج بدافع غريزي في الدفاع عما يبدو للوعي أنه يمثلنا".

"كلّما زادت شعبية الشخصية العامة (وهذا حال كفوري)، قل تصديق الخبر، والعكس صحيح تماماً"

من جهة أخرى، أوضح الطبيب أنه كلّما زادت شعبية الشخصية العامة (وهذا حال كفوري)، قل تصديق الخبر، والعكس صحيح تماماً، لافتاً إلى أن حادثة وردة، أظهرت ضعف شعبيته بعدما هاجمته أعداد كبيرة. 

29 مليون مشاهدة لمُغتصب

"المعلم"، لقب أعطاه لنفسه الفنان سعد لمجرد حالما حقق شعبية واسعة جعلت الكثيرين ينكرون حوادث اغتصابه المتكررة بل راحوا يدافعون عنه أيضاً.

فقد وُجه إليه أكثر من اتهام رسمي بـ"الاغتصاب"، وقيل في أحد التحقيقات إنه "اعتدى على فتاة فرنسية مغريبة بالضرب واغتصبها تحت تأثير الكحول والكوكايين". ورغم هذا، فإن الفتيات كنّ أول من احتفلن "افتراضياً"، على مواقع التواصل، حينما أُطلق سراحه وعاد إلى جمهوره رغم أنه لا يزال تحت الإقامة الجبرية في باريس بانتظار الحكم النهائي.

اللافت أيضاً هو تحقيق فيديو كليب صوّره في باريس، مكان إقامته الجبرية، رفقة الفنان المصري محمد رمضان بعنوان "إنساي"، 29 مليون مشاهدة منذ انطلاقته في 18 تموز/يوليو الجاري، بدلاً من أن تتكاتف الجماهير وتقاطعه لإسقاط مغتصب من الساحة الفنية.

إنضمّ/ي إنضمّ/ي

رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard
Popup Image