شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

اشترك/ ي وشارك/ ي!

"الحياة دي غريبة جداً"... فنانون فارقوا الحياة على خشبة المسرح أو أمام عدسة الكاميرا

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

حياة

الأحد 21 يوليو 201904:59 م

يقول الشاعر الفلسطيني محمود درويش: "الموت لا يوجع الموتى، الموت يوجع الأحياء". ولكن ماذا لو كان هؤلاء الأحياء جمهور مترقّب يجلس على تلك الكراسي الحمراء، يُشاهد بصمت تام، وأضواء خافتة، بطل العمل الفني وهو ينحني أرضاً، مودعاً الحياة، لا تمثيلاً، بل واقعاً؟

آخر هؤلاء الأبطال، الكوميدي الهندي المقيم في دبي، مانجوناث نايدو (36 عاماً) الذي قدّم عرضاً كوميدياً في "The Clavichord" في دبي في مساء 19 تموز/يوليو، متحدثاً عن "القلق والضغوط النفسية" قبل أن يصاب بنوبة قلبية جعلته يجلس على مقعد قربه قليلاً ليلتقط أنفاسه، ومن ثم سقط أرضاً على المسرح، بينما اعتقد 80 شخصاً من الجمهور ما جرى "مشهداً تمثيلياً" ضمن عرضه.

وقالت شاهدة عيان إن بعد ثلاث دقائق من استلقائه على المسرح، دون تحرك، هرع بعض الكوميديين المشاركين في العرض إلى جانب موظفي الفندق إليه في محاولة لإسعافه، قبل أن يتم نقله إلى مستشفى الزهراء بالقرب من الفندق، ولكنه كان قد فارق الحياة بالفعل.

يقول الشاعر محمود درويش: "الموت لا يوجع الموتى، الموت يوجع الأحياء". ولكن ماذا لو كان هؤلاء الأحياء جمهور مترقّب يجلس على تلك الكراسي الحمراء، يُشاهد بصمت تام، وأضواء خافتة، بطل العمل الفني وهو ينحني أرضاً، مودعاً الحياة، لا تمثيلاً، بل واقعاً؟
توفي كوميديان أثناء عرضه في دبي، فيما كان يعتقد الجمهور سقوطه مجرد "مشهداً تمثيلياً"… وفاته التراجيدية هذه جعلتنا نستذكر الشخصيات الفنية التي رحلت عن عالمنا على خشبة المسرح أو أمام عدسة الكاميرا

حوّل دقيقة الصمت… إلى لحظات صراع

في 18 أيار/مايو 2019، فارق الممثل السوري فواز جدوع (63 عاماً) الحياة بعدما تعرض لأزمة صحيّة مفاجئة أثناء تصويره مشهداً في مدينة اللاذقية السورية لمسلسل "دقيقة صمت" الذي عُرض في شهر رمضان الماضي.

اللافت أنه كان يتحدّث عن الموت، وكأنه يرحب به ضمن المشهد الدرامي، إذ كانت آخر جملة نطق بها: "شو شفت بالموت؟".


يوسف حداد: التُقطت هذه الصورة قبل لحظة من المأساة

وصف الممثل اللبناني يوسف حداد لحظات جدوع الأخيرة ومحاولة فريق العمل في إسعافه، قائلاً: "دقيقة صمت… للممثل فوّاز الجدّوع، الذي حوّل هذه الدقيقة إلى لحظات صراع مع الحياة ووجع لن ينتهي بموته المفاجئ المفجع أمام أعيننا وبين أيدينا".

وتابع: "كم حاولنا إنعاشك إلا أن قلبك رفض العودة ورحلت في مكان اعتبرته مقدساً وختمت رحلتك الفنية بعد دقيقة من action لتقول cut، وساد الصمت وانتهى المشوار الطويل".

صعقة كهربائية تنهي حياة شاعر مغربي

رحل رئيس رابطة أدباء الشمال الشاعر والروائي المغربي محسن أخريف (40 عاماً) يوم 21 نيسان/أبريل الماضي، فور تعرّضه لصعقة كهربائية عند تناوله الميكروفون من يد الكاتبة المغربية فضيلة الوزاني التهامي وسط ذهول الحاضرين.



وجرى ذلك خلال مُشاركته في فعاليات الدورة الـ21 من عيد الكتاب في تطوان شمال المغرب داخل خيمة لم تكن مُجهزّة ضد الأمطار، مما أدّى إلى تبلل السجاد الذي وقف عليه.

وأعربت التهامي التي كانت تُدير الحوار مع أخريف عن حُزنها موضحةً تفاصيل الحادثة بقولها: "كنت أدير الجلسة، وكان الميكروفون بيدي وكنا على وشك الانتهاء، فوجئت بالشاعر محسن أخريف يتقدم بسرعة ليمنع متطفلاً من إفساد اللقاء، تناول الميكروفون وقبل أن يسلمه، تجمد ثم سقط على ظهره فوق السجاد المبلل يصارع الموت".

وتابعت: "مر كل شيء بسرعة، ولم نكن نعرف أن الموت كان يطوف حول خيمتنا، ينتظر من يخطو فوق الماء ليضمه إليه".

كانت "وفاة درامية"

في 6 أيار/مايو 2014، تحوّل مشهد درامي إلى مشهد واقعي، أمام أعين طاقم عمل مسلسل "إخوة الدم" البدوي، حينما لفظ الممثل الأردني محمود السوالقة أنفاسه الأخيرة "تمثيلاً"، وما أن انتهى المشهد حتى أدرك طاقم العمل أن ذلك لم يكن إلا حقيقة ناتجة عن تعرضه لنوبة قلبية.

وكان الممثل الأردني منذر رياحنة الذي لعب دور ابنه في المسلسل قد تفاجأ بوفاة السوالقة بين يديه بالفعل.

وكشف رياحنة أن السوالقة كان يشعر باقتراب موعد موته، طالباً منه أن يدفنه بنفسه في حال وفاته. وأضاف أن هذه كانت وصية الراحل الوحيدة.

وفاة "فهمان" المعطاء

في 25 تموز/يوليو 2011، رحل الممثل اللبناني محمود مبسوط، الذي اشتُهر بشخصية "فهمان"، في مستشفى الشيخ راغب في منطقة النبطية في لبنان بعدما أُصيب بأزمة قلبية على المسرح أثناء مشاركته في فعاليات مهرجان تراثي-قروي في بلدة كفرصير الجنوبية.

وارتبط اسم مبسوط بالممثل صلاح تيزاني وآخرين بمسلسل "أبو سليم" الاجتماعي الكوميدي الذي كان يبثه التلفزيون اللبناني في الستينيات والسبعينيات.



وأوضح تيزاني لوكالة فرانس برس: "كنا نحيي حفلة في بلدة كفرصير ضمن عشاء قروي ونقدم بعض المشاهد الفكاهية، فقال لي محمود إن صدره يؤلمه قليلاً. طلبت منه أن يرتاح خلف المسرح وأني سأكمل عنه. وبعد أن أنهيت المشهد، وجدته مستلقياً على الأرض ويخضع لتنفس اصطناعي".

وأضاف: "خضع في المستشفى لعملية قسطرة للقلب، وتبين أن 3 من شرايينه مسدودة، وكان ينبغي أن يخضع لعملية قلب مفتوح، لكنه لم يصمد".

وأشار تيزاني إلى أن وفاة زميله "خسارة لا تعوض للفن ولبنان"، وأنه "من الممكن أن يأتي مثله ولكن لن يأتي أفضل منه، لأنه فنان معطاء. كان مريضاً ومع ذلك كان يعتلي المسرح".

محرقة مسرح قصر ثقافة بني سويف

وفي السياق ذاته، بعيداً عن أعين الجمهور، سجّلت خشبة مسرح قصر ثقافة بني سويف يوماً مأساوياً في تاريخ المسرح المصري يوم 5 أيلول/سبتمبر 2005 حينما تسبب سقوط شمعة كانت ضمن ديكور عرض مسرحية "مَن مِنّا" لفرقة الفيوم المسرحية باندلاع حريق، بعد العرض، أودى بحياة أكثر من 50 شخصاً، بين فنانين ومسرحيين ونقاد.

ومن بين الراحلون الناقد والكاتب المسرحي محسن مصيلحي والناقد والمخرج المسرحي صالح سعد، والكاتب والناقد المسرحي مدحت أبو بكر، والناقد نزار سمك، والمخرج بهاء الميرغني.

وفاة موثقة

بعد تحية استمرت لأكثر من خمس دقائق، وبينما كان المطرب السعودي طلال المداح يؤدي أغنية "الله يرد خطاك" على مسرح "المفتاحة" في مدينة أبها في السعودية أمام أكثر من 3 آلاف شخص يوم 11 آب/أغسطس 2000، تعرض لأزمة قلبية، أسقطته من على الكرسي الذي كان يجلس عليه. وتمّت محاولة إسعافه ونقله إلى المستشفى ولكنه سرعان ما فارق الحياة.

وكان المداح يعاني من مشاكل في القلب، ونصحه الأطباء آنذاك بالراحة ولكنه استمر في إحياء الحفلات حتى توفي.

وشيّع جنازته أكثر من 100 ألف شخصاً في مكة المكرمة بحضور شخصيات سياسية وفنية سعودية.

"الحياة دي غريبة جداً"

ومن بين نجوم الفن الذين فارقوا الحياة في مواقع تصوير أعمالهم الممثل محمود المليجي (72 عاماً) الذي رحل أثناء تصوير فيلم "أيوب" في بلاتوه استديو مصر يوم 6 حزيران/يونيو 1983.



واللافت كان حواراً دار بينه وبين الممثل الراحل عمر الشريف من دون مقدمات، إذ قال المليجي: "يا أخي الحياة دي غريبة جداً، الواحد ينام ويصحى، ويصحى وينام وينام ويشخر". ومن بعد ذلك مال رأسه، فيما ظنّ من حوله أنه يؤدي مشهداً تمثيلياً للنوم يتوافق مع كلماته، حتى اكتشفوا وفاته.

وسقط كذلك كل من نصري شمس الدين، وفريال كريم، وإبراهيم عبدالرازق وصلاح ذو الفقار والعديد غيرهم في قمة عطائهم وشغفهم. رحلوا ولكن مشاهد رحيلهم لا تزال عالقة في عقول الكثيرين.


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

WhatsApp Channel WhatsApp Channel
Website by WhiteBeard