دخلت ناشطات ومنظمات نسويات "من المحيط للخليج" في إضراب نسائي عام عابر للحدود، الأربعاء 6 تموز/ يوليو، احتجاجاً على زيادة جرائم قتل النساء وتعنيفهن في المنطقة العربية خلال الآونة الأخيرة، والتطبيع مع ثقافة "التعاطف مع المعنفين وتبرير العنف ضد المرأة".
في الأسابيع الأخيرة، هزّت مجموعة من جرائم قتل النساء والفتيات بطرق وحشية المنطقة العربية. قُتلت الطالبة المصرية نيرة أشرف أمام أبواب جامعتها ذبحاً في وضح النهار، وحظي قاتلها بتعاطف مثير للقلق عبر مواقع التواصل الاجتماعي فيما شُنّت حملة لتشويه سمعتها والطعن في أخلاقها. كما قُتلت الطالبة الأردنية إيمان أرشيد بالرصاص داخل جامعتها.
وطعن مواطن أردني زوجته أمام محكمة شرعية في الكرك بسبب مطالبتها بنفقة أبنائهما، فيما عذّب مواطن أردني آخر طفلتيه وقتلهما وأخفى جثتيهما في حرم منزله لأكثر من 10 أيام قبل اكتشاف فصول الجريمة. وقتل قاضٍ مصري أيضاً زوجته المذيعة شيماء جمال وشوّه جسدها ودفنها في مزرعة وتظاهر لأيام بالبحث عنها. وقُتلت الفلسطينية لبنى منصور طعناً على أيدي زوجها الذي كانت تحاول الانفصال عنه في الإمارات.
وفاءً لأرواح النساء اللواتي قتلن غدراً... #أنا_مضربة #إضراب_نسائي_عام #تضامن_عابر_للحدود
لماذا تُضرب النساء؟
أسفر الغضب النسائي من تزايد العنف والقتل بحق النساء عن الدعوة إلى "إضراب نسائي عام" و"تضامن عابر للحدود" في جميع الدول العربية، احتجاجاً على "العنف الذكوري" ومحاولات التبرير المتكررة للجُناة بالزعم أنهم يعانون اضطرابات نفسية أو عاطفية أو حتى إلقاء اللوم على الضحية ومظهرها ولبسها.
في إحدى الدعوات إلى الإضراب، ورد: "لأن جرائم قتل النساء تزداد يوماً بعد يوم على امتداد عالمنا العربي من المحيط إلى الخليج، ولأن الحكومات العربية ما زالت تتجاهل مطالب الحركة النسوية ولا تحرّك ساكناً في إطار تأمين الحماية الأمنية والسلامة الشخصية للنساء والفتيات، ولأننا نؤمن بأن الأمن والأمان النفسيين والإجتماعيين والعدالة والمساواة كلّها أولوية لكل امرأة وفتاة، نعلن التزمنا بالإضراب النسائي العام الذي تمّت الدعوة لتنفيذه الأربعاء 6 تموز 2022".
وذُكر في دعوة أخرى: "نختار اليوم خطوتنا نحو الإضراب، أي أننا نختار التضامن، التضامن العابر للحدود، لأن العنف الممنهج، المباشر وغير المباشر، على اختلاف السياقات في المنطقة يأخذنا لنتيجة واحدة، هي كراهية النساء حد إنهاء حيواتهن".
وعبر حساباتها، قالت جمعية الاتحاد النسائي التقدمي اللبنانية غير الربحية: "لأن حماية الناجيات من العنف هي شغلنا الشاغل، فإن إضرابنا يكون امتناعاً عن الكسل أو التلكّؤ أو التردد في بذل كل الجهود المتاحة لوقف العنف القائم على النوع الاجتماعي وحماية ضحاياه من النساء وسائر الفئات المهمّشة مهما كلّف الأمر!".
لأن جرائم قتل النساء تزداد يوماً بعد يوم على امتداد العالم العربي، ولأن الحكومات العربية تتجاهل مطالب الحركة النسوية ولا تحرّك ساكناً في إطار تأمين الحماية الأمنية والسلامة الشخصية للنساء والفتيات #إضراب_نسائي_عام #تضامن_عابر_للحدود #أنا_مضربة
ثمة دعوات اقترحت أشكالاً محددة للإضراب، بينها الامتناع عن الذهاب للعمل أو أداء الأعمال المنزلية ونشر الصور واللافتات التضامنية التي تعكس المشاركة في الإضراب عبر السوشال ميديا، بالإضافة إلى الوقفات الصامتة والتظاهرات. ودعت جمعيات وحسابات نسوية أردنية إلى وقفة "صامتة" أمام مجلس النواب الأردني "وفاءً لأرواح النساء اللاتي قتلن غدراً".
ولاقت الدعوات إلى الإضراب قبولاً واسعاً وحققت تفاعلاً كبيراً عبر وسوم: #إضراب_نسائي_عام و#تضامن_عابر_للحدود و#أنا_مضربة. واعتبرت المشاركات أن الإضراب صرخة "عشان الضحية الجاية تعيش" ولأجل وقف قتل النساء.
إضرابات نسائية ناجحة
وفكرة الإضراب ليست حديثة على الحراك النسوي سواءً العالمي أو العربي. فهناك عدة إضرابات نسائية ناجحة استطاعت تحقيق بعض المطالب والمكتسبات للنساء في سياق المساواة مع الرجال.
عام 1905، أضربت النساء في بريطانيا مطالبات بالحق في الاقتراع، وهو الحق الذي انتزعته النساء مطلع العام التالي. بين عامي 1909 و1910، دخلت عاملات صناعة الملابس في نيويورك في إضراب واسع احتجاجاً على ظروف العمل. يُحتفى بذكرى هذا الإضراب سنوياً في 8 آذار/ مارس - يوم المرأة العالمي.
الإضرابات ليست جديدة على الحراك النسوي العالمي أو العربي. عام 1954، اعتصمت سيدات مصريات في نقابة الصحافيين وأضربن عن الطعام لإقرار حق المرأة في الترشح والتصويت بالانتخابات، ما ترتب عليه إقراره في دستور عام 1956 #إضراب_نسائي_عام #تضامن_عابر_للحدود #أنا_مضربة
واعتصمت تسع سيدات مصريات عام 1954 في نقابة الصحافيين وأضربن عن الطعام لإقرار حق المرأة في المشاركة السياسية بما في ذلك حق الترشح والتصويت في الانتخابات. أقر حق المرأة المصرية في المشاركة في الانتخابات النيابية بالترشح والانتخاب في دستور عام 1956.
وشهد عام 1975 أول إضراب نسائي على المستوى الوطني. كان ذلك في آيسلندا للمطالبة بالمساواة بين الجنسين لمناسبة السنة الدولية للمرأة.
ومنتصف حزيران/ يونيو 1991، شاركت مئات الآلاف من النساء في سويسرا (نحو نصف مليون سيدة) في أكبر إضراب نسائي حتى ذلك الحين، بدعوة من عاملات مجال صناعة الساعات، لإقرار المساواة بين الجنسين في الأجور وفي التأمينات الاجتماعية، ووضع حد للتمييز ضد النساء والتحرش الجنسي بهن. كان لهذا الإضراب الفضل في الكثير من الإنجازات التي تحققت للمرأة السويسرية لاحقاً.
وشهد الثامن من آذار/ مارس عام 2017 إضراباً نسائياً عالمياً تاريخياً لأجل حقوق المرأة بوجه عام، لا سيّما في الأجور وحرية التنقل والمشاركة السياسية، مع مطالبة بوضع حد للميسوجينية أو كراهية النساء التي أججتها تصريحات الرئيس الأمريكي آنذاك دونالد ترامب.
وتكررت في السنوات الأخيرة الإضرابات النسائية الوطنية والعالمية لأسباب عدة، منها إقرار الإجهاض ووقف التمييز والعنف ضد النساء في إسبانيا والأرجنتين وبولندا وغيرها.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
Apple User -
منذ 10 ساعاتHi
Apple User -
منذ 10 ساعاتHi
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ 3 أيامرائع. الله يرجعك قريبا. شوقتيني ارجع روح على صور.
مستخدم مجهول -
منذ 4 أيامحبيت اللغة.
أحضان دافئة -
منذ 5 أياممقال رائع فعلا وواقعي
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعمقال جيد جدا