رياضة Geocaching هي من الرياضات السياحية الحديثة نسبياً مقارنة بالرياضات الأخرى، لكنها في الأراضي الفلسطينية تعد رياضة استثنائية، لما لها من أبعاد جغرافية وسياسية.
Geocaching هي باختصار رياضة العثور على ما يسمى الكنز الموجود داخل صندوق أو علبة، توضع إحداثياتها على موقعGeocaching.com الأشهر عالمياً للخوض في هذه اللعبة. وكل ما عليكم فعله للمشاركة في اللعبة، البحث عن إحداثيات هذا الكنز، عبر نظام Gps والتطبيق المجاني الموجود على هاتفكم الشخصي، للوصول إلى الكنز الموجود غالباً في الأماكن التي تستحق الزيارة.
يكون لهذا الكنز عادة علاقة بالبيئة الجغرافية، مثل مقتنيات بسيطة يضعها اللاعبون السابقون، ويبحث عنها اللاعبون الجدد. وخلال بحثهم يزورون أماكن جميلة، ويتعرفون إليها عن قرب، وبمجرد حصولكم على هذا الكنز، يجب أن تضع كنزاً جديداً وتخفونه في مكان ما، وتضعوا إحداثياته الجديدة على موقع Geocaching.com. ومن شروط ما يوضع في علبة الكنز أن لا يكون من الأشياء الضارة بالبيئة. ولا بد من وجود ورقة تشرح هذه اللعبة ومعلومات عن المكان الجغرافي الموجود فيه الكنز، بالإضافة إلى توضيح ما هو المطلوب من الشخص، حين يعثر على العلبة.
في الضفة الغربية، بدأت هذه اللعبة بالانتشار بجهود فردية لتحفيز الشباب على الخروج من المدن والمقاهي، والتوجه إلى الطبيعة والجبال لمعرفة بلدهم بشكل أعمق. فخلال مشاركتهم في اللعبة، وإلى حين العثور على الكنز، يتعرف الشباب الفلسطيني إلى أماكن جغرافية، مجهولة غالباً بالنسبة إليهم.
سوزان شلبي مدير العلاقات الدولية في اتحاد كرة القدم الفلسطيني، من أوائل القائمين على هذه اللعبة والداعين للمشاركة فيها. تقول لرصيف22: "أرى أن هذه اللعبة انتشرت إلى الآن بالشكل المطلوب بين الشباب الفلسطيني". وأضافت أنها تطمح لأن يكون الإقبال عليها أكبر، خصوصاً أن معظم المشاركين في مجموعات البحث عن الكنز، هم من السياح الأجانب العاشقين للطبيعة الجغرافية لفلسطين. وأشارت إلى أنها تشعر بالخجل عندما لا يعرف الشباب الفلسطيني وطنه، وما فيه من مناطق وطبيعة. واعتبرت أن توجه الشباب إلى المقاهي والاعتماد على الألعاب الالكترونية للتسلية أضر كثيراً بمعرفة جغرافيا الوطن، لافتة إلى أن Geocaching هي أسهل طريقة للتعرف على الأرض.
ومع استثنائية الوضع الفلسطيني، تعتبر سوزان أن المشاركة في هذه اللعبة، يعد تحدياً للاحتلال الإسرائيلي المصادر يومياً للأرض الفلسطينية في الضفة الغربية، وسط جهل فلسطيني كبير بطبيعة هذه الأرض.
وتمر بعض الرحلات الجماعية لهذه اللعبة، عبر قرى فلسطينية مهددة بالمصادرة لبناء مستوطنات إسرائيلية جديدة عليها، ويقوم سكان هذه القرى بشرح وضعهم للشباب والمشاركين الأجانب. هي لعبة ترفيهية، لكن فلسطينياً لها أبعاد سياسية.
على الجانب الآخر، تستغل إسرائيل هذه الرياضة بشكل كبير في الترويج لنفسها، فخلال زيارة بسيطة لموقع اللعبة، ووضع إحداثيات فلسطين على الموقع، تلاحظ الأماكن الكثيرة للكنوز المنتشرة، التي وضعها إسرائيليون، مع ورقة شرح فيها معلومات تاريخية يراها الفلسطينيون مغلوطة. في حين لن تجد أكثر من أربعة مواقع لكنوز وضعها فلسطينيون في بعض الأماكن في الضفة الغربية.
ولمواجهة هذه الإجراءات الإسرائيلية، يحاول الفلسطينيون الدعوة للخروج في رحلات أسبوعية جماعية، تحت مسميات مختلفة، للتعرف على بلادهم والعثور على الكنز المدفون مع عمليات تنظيف لهذه الأماكن من القمامة والأوساخ. وأصعب ما يواجه الفلسطينيون في هذه الرحلات، المضايقات الإسرائيلية من قبل المستوطنين. تقول سوزان تميم: "خلال خروجنا في إحدى الرحلات تجاه منطقة وادي القلط في أريحا بالأغوار الفلسطينية، تعرضنا لمضايقات من قبل المستوطنين، واضطررنا إلى مغادرة المكان قبل الوصول إلى الكنز".
وتعتبر منطقة الأغوار من أهم الأماكن للعب Geocaching لما فيها من جبال ووديان، تشجع على الذهاب إليها وزيادة الوعي الفكري والثقافي بها.
[caption id="attachment_56329" align="alignnone" width="700"] منطقة الأغوار[/caption]
[caption id="attachment_56330" align="alignnone" width="700"] منطقة الأغوار[/caption]
ومن العقبات الأخرى أمام نجاح هذه اللعبة، قلة الوعي الثقافي، فتتعرض العديد من الكنوز المخبأة لعمليات سرقة وإتلاف من قبل بعض الشباب، الذين يعثرون على الكنز عن طريق الصدفة، ولا يلتزمون بالتعليمات المدونة على الورقة المرفقة مع الكنز، فيأخذون ما هو موجود في اللعبة من دون وضع بديل.
Geocaching هو ملعب جديد وممتع وسهل للتعرف إلى الأرض والحفاظ عليها، ومواجهة الإجراءات الإسرائيلية. لكن الفلسطنيين لم يستغلوا هذه الرياضة بالشكل المطلوب، مقارنة بالجانب الآخر. ففي حين تهتم وزارات إسرائيلية بدعم هذه اللعبة، لا يوجد أي جهد من الوزارات الفلسطينية، خصوصاً السياحة والثقافة في التوعية في شأن هذه اللعبة.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومينكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 6 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...