يلجأ الفلسطينيون من أهالي غزة إلى المنتجعات والشاليهات المنتشرة بكثرة على طول ساحل بحر القطاع، برغم ارتفاع كلفتها المالية.
يأتي ذلك في ظل تحذيرات عدة أطلقتها جهات مختصة، ذكرت فيها أن نحو 50% من مساحة الشاطىء تعاني من التلوث، بالإضافة إلى وجود نسب تلوث متفاوتة من المساحة المتبقية، تزامنًا مع استمرار تدفق المياه العادمة إلى مياه البحر، وهذا ما يشكل خطراً على المصطافين.
وأكّد إبراهيم العجلة، مدير الإعلام في مصلحة مياه بلديات الساحل، وجود 90 ألف لتر مكعب يومياً من المياه العادمة، يتم ضخها من جميع محافظات قطاع غزة. وأشار إلى "وجود 4 محطات معالجة للمياه العادمة، موّزعة على 4 مناطق في القطاع"، مشدداً على أنها "لم تقم بالدور المطلوب منها، نتيجة الظروف الصعبة التي تعاني منها غزة، وأبرزها الانقطاع المتواصل للتيار الكهربائي".
وفي تقرير أصدرته سلطة جودة البيئة خلال العام الجاري، أكدت فيه أن 50% من شاطئ بحر غزة غير صالح للاستجمام، أما النصف الآخر فيعتبر ملوثاً بسبب تصريف المياه العادمة غير المعالجة أو المعالجة بشكل جزئي إليه.
وتباينت آراء المواطنين حول مدى رغبتهم بالتوجه لاستئجار شاليهات ومنتجعات خاصة بهم وبعائلاتهم. فبينما يعجز الكثيرون عن تحمل تكاليف الاستجمام في منتجع خاص، يفضّل إبراهيم عودة (55 عاماً) استئجار شاليه خاص لعائلته بدلاً من الذهاب إلى شاطئ البحر. يقول: "نشعر بالخصوصية والأمان لأطفالنا، والاستمتاع واللهو والسباحة بحرّية، بعيداً عن تلوث الشاطئ". ويشير إلى أنّ "بدل إيجار الشاليه مرتفع جداً، مقارنة بأسعار الخيام الشعبية المنتشرة على الشاطئ"، إلا أنّها الوسيلة الأكثر راحة وأمناً له ولعائلته.
هبة عبد ربه (30 عاماً)، هي أيضاً تفضل قضاء وقت إجازتها في أحد المنتجعات أو الشاليهات بدلاً من الذهاب إلى شاطئ البحر، رغم الحالة الاقتصادية الصعبة التي يشهدها القطاع ،معتبرةً أن "قضاء يوم في المنتجع هو الاختيار الأنسب لي ولعائلتي".
مقالات أخرى
خليجيون ينفقون على السلع الفاخرة 4 أضعاف ثمنها
لماذا يغيب العلم الفلسطيني عن غزة؟
وتضيف: "تلوّث مياه البحر وانتشار بعض الأمراض نتيجة السباحة فيها، يدفعاننا دائماً للتوجه إلى المنتجعات والشاليهات، بغض النظر عن ارتفاع تكاليف الاستئجار، حفاظاً على أرواحنا وأراوح أطفالنا". وتشير إلى أنّها تحاول التخفيف من أعباء دفع إيجار الشاليه، من خلال تنسيق رحلة مع صديقاتها، وتقاسم المبلغ المدفوع، وهذا ما يجعلهن قادرات على دفع التكاليف.
وأوضح محمد صبيح، صاحب أحد المنتجعات في المنطقة الوسطى في قطاع غزة، لـرصيف 22، أن "أسعار استئجار الشاليه لديه تراوح بين 120 و200 دولار لليوم الواحد، بحسب الأيام والمواعيد". ويعتقد صبيح أن "الأسعار مناسبة وفي متناول أيدي الجميع"، لافتاً إلى أن "جميع المواطنين يستطيعون حجز المنتجع، خصوصاً أنه يتّسع لأكثر من 30 شخصاً ما يجعلهم قادرين على تقاسم المبلغ فيما بينهم".
وقال صبيح إنه "يعاني من حالة ركود اقتصادي، نظراً للأوضاع الصعبة التي يشهدها القطاع"، وأضاف: "نسعى إلى توفير أفضل خدمات للزبائن، من نظافة مياه المسبح، وتوفير الكهرباء، وكل ذلك يتطلب مصاريف كثيرة".
وأكّد صلاح أبو حصيرة، رئيس الهيئة الفلسطينية للمطاعم والخدمات السياحية، أن "القطاع السياحي في غزة شبه مدمّر بسبب الأوضاع الاقتصادية الصعبة، إضافة إلى الحروب الثلاث التي عصفت بالقطاع، وأدت إلى تدمير مناطق سياحية عدة". وأوضح أن "الكثير من المنتجعات السياحية أغلقت أبوابها بسبب الأوضاع الاقتصادية الصعبة، وعدم استقرار الأوضاع بشكل دائم في غزة". وأشار إلى "وجود نحو 120 منشأة سياحية، بين منتجعات ومطاعم وشاليهات مسجلة رسمياً"، لافتاً إلى أن "ملكية معظمها تعود إلى شركات فلسطينية استثمارية، والأخرى تعود إلى الجهات الحكومية الرسمية في غزة".
وقال أبو حصيرة إن "المنتجعات التابعة للجهات الحكومية أو المؤسسات الاستثمارية، تتنافس فيما بينها، وهو أمرٌ انعكس بشكل كبير على المنتجعات الموجودة سابقاً، ويملكها مستثمرون عاديون". ورأى أن "هذا التنافس دفع بتلك المنتجعات إلى خفض الأسعار، بشكل كبير، الأمر الذي لا يستطيع المستثمر العادي تنفيذه، إذ سيكبده خسائر فادحة".
واعتبر المحلل والمختص في الشؤون الاقتصادية معين رجب، أن "انتشار المنتجعات والشاليهات في القطاع ظاهرة طبيعية، نتيجة الحصار الإسرائيلي المفروض على القطاع، وعدم استطاعة المواطنين السفر بهدف الترفيه إلى الدول المجاورة". وأكد أن "هذا الانتشار دليل على أنها تحقق أرباحاً بنسب كبيرة، نظراً لتعدد شرائح المجتمع الفلسطيني". وأوضح أن "بعض المنتجعات مقتصر على الأثرياء وأصحاب الدخل المرتفع".
وختم أن "الاستثمار في إنشاء المنتجعات والشاليهات أكثر أمناً"، لأنه غير مرتبط بالمعابر التي تتحكّم بها إسرائيل، مشيراً إلى أن "إغلاق المعابر وتوقف حركة الأفراد عن السفر، مكسبان جيدان لأصحاب هذه المنتجعات، لأنهما يعززان السياحة الداخلية".
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
HA NA -
منذ 3 أياممع الأسف
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت بكل المقال والخاتمة أكثر من رائعة.
Eslam Abuelgasim (اسلام ابوالقاسم) -
منذ أسبوعحمدالله على السلامة يا أستاذة
سلامة قلبك ❤️ و سلامة معدتك
و سلامك الداخلي ??
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعمتى سوف تحصل النساء في إيران على حقوقهم ؟!
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعفاشيه دينيه التقدم عندهم هو التمسك بالتخلف
مستخدم مجهول -
منذ أسبوععظيم