"نحب الورد كثيراً لكننا نحب الخبز أكثر"، لسان حال مزارعي الورد في قطاع غزة، وقد بات رصيد تصديرهم للورد هذا العام صفراً، بعد توقف دعم الحكومة الهولندية للقطاع الذي يعد سفير غزة إلى أوروبا.
المزارع مازن حجازي، 33 سنة، توقف كلياً هذا الموسم عن زراعة الورد واستبدلها بالخضر. يقول: "أجبرت على ذلك حتى لا أخسر"، مضيفاً "17 سنة وأنا أزرع الورد، بمشاركة أشقائي، لم أتركه بسهولة، لولا أن تسويقه دولياً أصبح سيئاً". كان يعمل لدى مازن نحو 40 عاملاً، يتقاضى كل منهم شهرياً 1200 شيكل، أو ما يعادل 280$ في دفيئات الورد، إلا أنه استغنى عن 20 منهم، وانتقل الباقون إلى زراعة الخضروات، فهي، على حد قوله، لا تحتاج إلى عمّال كثر. بدوره، يملك حمدان حجازي 60 دونماً كان يزرعها وروداً، في رفح جنوب قطاع غزة، إلا أنه زرع نحو 59 دونماً منها خضراً هذا العام، وأبقى على دونم واحد من الورود للتسويق في السوق المحلية.يقول: "كنت أزرع 60 دونماً من القرنفل، تكلفة الدونم 5000$، رعايةً وأجوراً، كانت أرباحي تراوح بين 35 و 40 ألف شيكل سنوياً، أو ما يعادل 9000$، إلا أنني وجميع المزارعين مُنينا بخسارة كبيرة جراء تراجع أسعار البورصة وتوقف دعم الهولنديين لنا". كان يعمل لحمدان 40 عاملاً، يعيلون أسراً فقيرة، وقد استغنى عن غالبيتهم، واستبقى 8 لمساعدته في زراعة الخضر كالطماطم والفلفل الحلو والشمام والباذنجان. يقول: "تسويق الورد أفضل بالنسبة لي برغم تكاليفه المرتفعة مقارنة بالخضر. إلّا إنني في كل عام أخسر، لذا ما أجنيه من الخضر يكفي لسد حاجات أسرتي والأرض وأجور العمال". برغم بُعد حمدان عن الورد، ظل متعلقاً بزراعته، إذ لا يزال يملك حساباً في البورصة العالمية يتابع عبره أسعار الورود، لعله يوماَ ما يستعيد عافية الزراعة التي أحبها وتعلق بها. يقول إنه من خلال متابعاته لبورصة الورود كان الورد الغزاوي يحصل على المرتبة الأولى في الجودة إذ "كانت الوردة الواحدة تباع بـ30 سنتاً، بينما الأوروبية بـ15". لكن في السنوات الأخيرة "انخفض سعر الورد، وتلا الانخفاض إغلاق المعابر ووقف الدعم الهولندي، وهذا ما أثر على جدوى زراعته". ويضيف "أبقيت على دونم واحد لزراعة الورد، ولكن أملي في أن يتحسن الوضع فأعود لزراعة الورد الذي اعشق، فأنا على استعداد لاستئناف هذه الزراعة حتى لو خارج غزة، وبمواصفات عالية الجودة".القطاع أهم مصدري الورد لأوروبا
كان قطاع غزة قبل العام 2007 أهم مصدّري الورود لأوروبا، لأن طقسه ونوعية تربته وأراضيه الساحلية مناسبة لزراعة الورود. لكن الحال تغير بعد ذلك العام الذي فرضت إسرائيل فيه حصاراً على صادرات القطاع كافة.
يزرع برغم الخسائر
تعلّق المزارع الشاب محمد حجازي، 28 سنة، بزراعة الورد منذ طفولته، جعله يزرع دونمين من القرنفل الأشهر في غزة، وذلك برغم خسارته خلال السنوات الماضية. يقول محمد "أحب الورد كثيراً، ارتبطت به مذ كان عمري 11 سنة، ولا أجيد زراعة أنواع أخرى".
دأب محمد على سقي مزروعاته وقطف وروده بمفرده في دفيئته الزراعية برفح جنوب قطاع غزة. يقول "اشتاق إلى أجواء موسم القطف، كنا نقضي يومنا كله ونحن نحضّر الورد للتصدير، بمقاسات مختلفة مع عشرات العمال". يضيف "بقية الدونمات تحولت إلى زراعة الخضر للسوق المحلية الفلسطينية. برغم خسارتي التي أسدد ديونها حتى الآن، قررت زراعة هذين الدونمين بالورد". يتابع، ممسكاً ضمة من الورود الحمراء والبيضاء: "حياتي بين الورود لا استغني عنها، أحبها كثيراً، أربيها كما لو أنها أحد أطفالي، وأهديها إلى أصدقائي في مناسباتهم السعيدة، كعيد الحب وعيد الأم وفي الأعراس". السوق الفلسطينية المحلية التي يعول عليها محمد في تسويق وروده، تعاني من الحصار وسوء الأوضاع المعيشية وعدم صرف رواتب الموظفين في القطاع الحكومي، لذا فالإقبال على شراء الورود ضعيف جداً، ويقتصر على مناسبات موسمية. إذ حال سكان غزة كحال مزارعي الورود "نحب الورد، ولكن نحتاج إلى الخبز أكثر".نشر الموضوع على الموقع في 15.02.2015
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
Mohammed Liswi -
منذ يومأبدعت بكل المقال والخاتمة أكثر من رائعة.
Eslam Abuelgasim (اسلام ابوالقاسم) -
منذ يومحمدالله على السلامة يا أستاذة
سلامة قلبك ❤️ و سلامة معدتك
و سلامك الداخلي ??
مستخدم مجهول -
منذ 3 أياممتى سوف تحصل النساء في إيران على حقوقهم ؟!
مستخدم مجهول -
منذ 4 أيامفاشيه دينيه التقدم عندهم هو التمسك بالتخلف
مستخدم مجهول -
منذ 4 أيامعظيم
Tester WhiteBeard -
منذ 4 أيامtester.whitebeard@gmail.com