تحمل الفوانيس الرمضانية في مصر تعبيرات عن مزاج المصريين السياسي ورأيهم في السياسيين. ليس شكل الفوانيس ما يدلّ على ميولهم العامة، بل أيضاً درجة إقبالهم على شرائها أو إحجامهم عنه.
الشارع المواجه لمسجد السيدة زينب في القاهرة، حيث تُنصب الخيام التي تبيع فوانيس رمضان، يزدحم بالمارة والبائعين والسيارات. داخل الخيام هذه السنة، لا ترى سوى صور لرجل سياسة واحد على الفوانيس، هو الرئيس عبد الفتاح السيسي.مواضيع أخرى:
قصص خلق الكون في حضارات الشرق القديمة
التديّن المصري كمزيج من المذهب السنّي والمذهب الشيعي الموروث عن الفاطميين
الوضع لم يكن كذلك دائماً. في السنة الماضية، امتلأت خيام التجار في العاصمة المصرية بـ"فانوس السيسي" وحقق مبيعات عالية عكست تنامي شعبية السيسي بين المصريين. ولكن قبل ذلك، وُضعت صور الرئيس المعزول محمد مرسي والرئيس التركي رجب طيب أردوغان على بعض الفوانيس وكان أنصار الإخوان المسلمين يضعونها على الفوانيس الكبيرة خلال المناسبات.
فوانيس ما بعد حكم الإخوان
محمد السيد هو موظف حكومي يبلغ من العمر 58 سنة ويعمل، مع اقتراب شهر رمضان، في بيع الفوانيس في شارع الخيامية (شارع صنّاع الخيام) في حي الغورية في القاهرة الفاطمية. قال لرصيف22: "الفوانيس علامة الفرح، لا ينفع في شيء وضع أسماء عليها. أما الفوانيس التي تحمل أسماء أشخاص، فهي تخلط بين فرحة المواطن العادي والسياسة العابرة". رغم ذلك، هو يعدّ السيسي استثناءً، "لأنه أنقذ مصر".
ويُذكّر السيد بأن فانوس الجندي المصري، المُسمّى "تسلم الأيادي"، اكتسح سوق الفوانيس في مصر عام 2013، وهي السنة التي أسقط الجيش فيها حكم جماعة الإخوان. أما في العام الماضي، فقد انتشرت فوانيس السيسي، وبعضها صناعة مصرية وبعضها صُنع في الصين.
تعكس أشكال الفوانيس وأسماؤها مزاج عموم المصريين. ولطالما سمّى التجار مبيعات رمضانية مثل الأطعمة بأسماء فنانين وفنانات ليجذبوا الزبائن. وهذا ما يؤكده محمد السيد مضيفاً: "الناس في العام الماضي أصابها تفاؤل كبير، واستغل صناع الفوانيس ذلك وروّجوا لفوانيس السيسي".
ويقول خليل كامل، 26 عاماً، أحد الحرفيين الذين يصنعون الفوانيس، أنهم صنعوا في العام الماضي فوانيس السيسي، وشهدت رواجاً كبيراً، ولكن مزاج الناس اختلف هذه السنة لأنهم اعتادوا وجود السيسي. وقبل ذلك، انتشرت في السوق فوانيس مرسي وأردوغان وخالد سعيد لكنها كانت في معظمها صناعة صينية.
الفوانيس والسلطة
معروف أن ارتباط الفوانيس بالسلطة ورموزها تقليد في ثقافة المصريين. ففي العقد الثالث من القرن الماضي، كان هناك فانوس "البرلمان" وهو يشبه الفانوس المعلق في قاعة البرلمان المصري الذي كان حديثاً آنذاك. كما كان هناك فانوس "فاروق"، المسمّى باسم الملك فاروق.
وقال لرصيف22 الدكتور محمد حسن، وهو باحث متخصص في الفولكلور المصري: "هناك ثابت ومتغير في صناعة الفوانيس. المتغير هو الخامات والرموز السياسية، وهي ترتبط بمرحلة زمنية لا تطول في الوجدان الشعبي. أما الثابت فهو القيمة الجمالية للفانوس نفسه، وأهم رمز لم يتغّير هو الهلال وهذا طبيعي ولا يدعو للغرابة"، في إشاره إلى رمزيته في الثقافة الإسلامية.
بعد ثورة 25 يناير، لوحظ إدخال رموز سياسية وثورية في صناعة الفوانيس. ففي العام 2011 شاهد المصريون فانوس الثورة مزيّناً بعلم مصر وصورة خالد سعيد، وهو من ضحايا تعذيب الشرطة وكانت قضيته من العوامل التي فجّرت الثورة. وبعد إطاحة الجيش محمد مرسي، انتشرت في اعتصام رابعة العدوية، حيث كان الإخوان ومناصروهم يعتصمون للمطالبة بعودة الرئيس، فوانيس عليها صورة مرسي والرئيس التركي أردوغان، بينما انتشرت في المتاجر فوانيس لجندي مصري، وللرئيس الحالي ووزير الدفاع آنذاك عبد الفتاح السيسي.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
Ahmad Tanany -
منذ يومينتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ 4 أياملا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ 6 أيامأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ أسبوعمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...
Nahidh Al-Rawi -
منذ أسبوعتقول الزهراء كان الامام علي متنمرا في ذات الله ابحث عن المعلومه