من الملاحظ أن عملية إرسال واستقبال صور العري على مواقع المواعدة الالكترونية في تزايدٍ ملحوظ، خاصة بالنسبة لبعض الرجال الذين لا يخجلون من مسألة التعري وتصوير أعضائهم التناسلية وإرسالها للنساء، كمحاولة منهم لجذب الطرف الآخر واستمالته. وفي حال سألتم بعض النساء اللواتي ينخرطن في عالم المواعدة عبر الانترنت، فإنهنّ يجمعن على أنهنّ يتلقين بشكلٍ روتيني صوراً صادمة تكشف الأعضاء التناسلية للرجال على المنصات الإكترونية. من إثبات الرجولة وصولاً إلى محاولة "اصطياد" الشابات وايقاعهنّ في فخ الابتزاز، لماذا يعمد بعض الرجال إلى تصوير أجزائهم الحميمية وإرسال صور أعضائهم التناسلية عبر الإنترنت؟ وهل هذه الخطوة "الصبيانية" تعتبر كفيلة بإشعال الرغبات الدفينة لدى المرأة أم تخمد حماستها الجنسية؟
sexting
يتكوّن مصطلح sexting من كلمتين: sex أي الجنس وtexting أي النص المكتوب، وهو يشمل عملية تبادل الصور والفيديوهات والرسائل الجنسية عبر الهواتف النقالة. وبالرغم من الخشية من الوصمة الإجتماعية والشعور بالخجل الذي يرافق الكثيرين، فإن ظاهرة تناقل صور الأعضاء الحميمية أصبحت منتشرة بشكلٍ واضحٍ في مجتمعاتنا الحديثة، اذ كشفت دراسةٌ أجريت في أميركا في العام 2015 أن 88% من المشتركين من الرجال والنساء، أقدموا على ارسال واستقبال المحتوى الجنسي. وقد كشفت دراسة أخرى شملت نحو 2000 شخص أوروبي وأميركي، أن جيل الألفية ليس وحده المعني بظاهرة الـsexting، اذ تبيّن أن نحو 27% من الأميركيين الذين يبلغون 45 عاماً وما فوق، وحوالي 21% من الأوروبيين الذين ينتمون إلى الفئة العمرية نفسها، أقدموا على إرسال صورة حميمية في مرحلةٍ من مراحل حياتهم.النساء أكثر ميلاً إلى إرسال صور صدورهنّ (غالباً بناء على طلب الرجل) والرجال أكثر ميلاً واندفاعاً إلى إظهار أعضائهم التناسلية من دون أن يتم سؤالهم عنها.
إقدام بعض الرجال على ارسال صور أعضائهم التناسلية قد يكون نتيجة شعورهم بالغضب تجاه النساء، وكأن الأمر يتعلق بالسلطة والسيطرة إلى حدٍّ كبير، فيأتي كسلوك جنسي عدواني.ويبدو أن صور العري ليست جميعها على قدم المساواة ولا تصور الأجزاء نفسها من الجسم، فالنساء كن أكثر ميلاً إلى إرسال صور صدورهنّ (غالباً بناء على طلب الرجل) والرجال كانوا أكثر ميلاً واندفاعاً إلى إظهار أعضائهم التناسلية من دون أن يتم سؤالهم عنها. وبالرغم من أن عملية تبادل الصور الحميمية قد تحصل بين الجنسين، فإن الدراسة توصلت إلى أن النساء كن أكثر عرضةً لتلقي محتوى جنسي غير مرغوب فيه مقارنةً بالرجال، هذا وقد ازداد احتمال حدوث ذلك مع النساء اللواتي تراوح أعمارهنّ بين 18 و24 سنة.
النظريات المختلفة
قد يعتبر معظم الرجال الذين يخشون "الرفض الجنسي"، أنهم من خلال إرسال صور أعضائهم التناسلية، يحصلون على نوع من الموافقة المسبقة التي تسمح لهم بخلع سروالهم من دون خجلٍ أو قلقٍ عندما يحين موعد اللقاء الفعلي بينهم وبين الطرف الآخر. في هذا الصدد، كشف موقع "سي أن أن" عن مجموعةٍ من النظريات التي تقف وراء قيام بعض الرجال بإرسال صور لأعضائهم التناسلية، من دون الأخذ في الحسبان موافقة الطرف الآخر ورغبته في ذلك من الأساس.
يحب معظم الرجال تلقي مثل هذه الصور الحميمية من الغرباء، وبالتالي فإنهم يفترضون أن النساء يرغبن في ذلك أيضاًإساءة فهم المرأة: من المرجح أن هذا السلوك يمثل جانباً من سوء فهم الرجل لدوافع الأنثى الجنسية، ففي الحقيقة يحب معظم الرجال تلقي مثل هذه الصور الحميمية من الغرباء، وبالتالي فإنهم يفترضون أن النساء يرغبن في ذلك أيضاً. تقول "اليكساندرا كاتيهاكيس"، مؤسسة مركز الجنس الصحي في لوس أنجلس:" إن الرجل ليس جيداً في قياس مستوى اهتمام المرأة به"، مشددةً على أن مثل هذه الصور الجنسية ليس في "موضع ترحيب"، "لكون معظم النساء لا يكترثن بصور "القضيب"، بل يشعرن بالإثارة عند النظر إلى عيون الرجل أو مؤخرته"، على حدّ قولها. وبدوره، يوضح "جو كورت"، الخبير الجنسي في "رويال أوك" أن معظم الرجال يعتقدون أن النساء يرغبن في رؤية صور العضو الذكري من أجل الشعور بالإثارة الجنسية، ولكن بالنسبة لمعظم النساء، فإن هذا الأمر لا يحدث".
التعلق بالأجزاء الحميمية: تعتبر المعالجة النفسية في نيويورك "جانيت ستيرن" أن هذا الاعتقاد الخاطىء تجاه دوافع المرأة يغذيه أيضاً مدى ارتباط الرجل بأجزائه الحميمية:" أعتقد أن الرجال بشكلٍ عام، يشعرون بالارتباط بأعضاهم التناسلية ويريدون من الشخص الذي يهتمون به جنسياً أن يشاركهم في هذا الاهتمام"، مشيرةًً إلى أن الرجل يعتقد أنه من خلال إقدامه على إرسال صور أجزائه الحميمية يجلب المتعة للشخص المتلقي.
الشعور بالإثارة: بعض الرجال يشعرون بالإثارة لمجرد مشاركة صورهم الحميمية مع الغرباء، وغالباً ما يفعلون ذلك من خلال ما يعرف بـcyberflashing، عن طريق استخدام مثلاً ميزة AirDrop المتوفرة في أجهزة الأيفون.
العدوانية: إقدام بعض الرجال على ارسال صور أعضائهم التناسلية قد يكون نتيجة شعورهم بالغضب تجاه النساء، وكأن الأمر يتعلق بالسلطة والسيطرة إلى حدٍّ كبير، فيأتي كسلوك جنسي عدواني. الرجال يعبّرون عن غضبهم تجاه النساء في إطار "إيروتيكي".
السيطرة: إرسال صور للأجزاء الحميمية هو مزيج من البحث عن القبول والحميمية والسعي وراء الهيمنة والسيطرة.
الاندفاع والتهور: بعض الرجال يفتقرون إلى القدرة على السيطرة على أنفسهم وعلى تصرفاتهم التي غالباً ما تكون متهورة، فالاندفاع يلعب دوراً كبيراً في اقدام الرجل على إرسال الصور الحميمية للمرأة. via GIPHY
النظرية التطورية: بعض الرجال مهيئين أكثر لهذا النوع من السلوك، وهو أمر يوافق عليه الباحث في مجال الجنس "جاستين ليميلر" بالقول:" توحي النظرية التطورية أن الرجال والنساء قد طوروا نزعات معرفية محددة من المحتمل أن تساعد في التناسل الناجح، وعليه فإن النظر المفرط في اهتمام المرأة بالجنس مع الغريب، سواء كان ذلك في تطبيق "تندر" أو في الحياة الواقعية، يمكن اعتباره تكيّفاً بحسب وجهة نظر هذه النظرية، التي تعتبر أن الرجل يقلل من احتمال تفويت أي فرصة محتملة للتناسل"، غير أن "ليميلر" شدد على ضرورة عدم قيام الرجال باستخدام ذلك كمبرر لسلوكهم السيىء.
بدوره، اعتبر موقع seeker أن إقدام الرجل على تصوير الأجزاء الحميمية وإرسال الصور إلى الطرف الآخر، يعود إلى الغرائز الأساسية للإنسان، ويشرح أستاذ علم النفس "دارا غرينوود" ذلك بالقول:" إن رغبتنا في الاتصال هي أمر اساسي، إلا أن حياتنا اليومية غالباً ما تكون منفصلة جسدياً"، مضيفاً أن المرء يستمد الإحساس بالذات وبالهوية عندما يشاهد الآخر صوره ويقيّمها.
كيف يتأرجح موقف النساء من هذه الظاهرة؟
في أوهايو، أطلق لقب "المصوّر العاري" على رجلٍ كان يقفز بين النساء كاشفاً عن عضوه الذكري، بغية أن يلتقط الصور لردود فعلهنّ، وعندما ألقي القبض عليه في وقتٍ لاحقٍ اعترف بأنه كان يمارس العادة السرية عند مشاهدة ردود أفعال النساء.الأشخاص الذين يقدمون على إرسال صور أعضائهم التناسلية يكون لديهم مستوى أعلى من الرضا عن حياتهم الجنسيةلا شك أن التفاخر بالأعضاء الجنسية قد يكون له تأثير كبير على جرعة المتعة التي قد يختبرها البعض، اذ تبيّن أن الأشخاص الذين يقدمون على إرسال صور أعضائهم التناسلية يكون لديهم مستوى أعلى من الرضا عن حياتهم الجنسية. وهنالك آراء تعتبر أن تناقل المحتوى الجنسي يندرج ضمن سياق الحرية الشخصية ومجرد وسيلة لتقريب المسافات بين الطرفين، وتشدد الآراء الأخرى على أن إرسال صور أو مقاطع فيديو جنسية عبر المواقع الإلكترونية دون أخذ موافقة الطرف الآخر، هو فعل مناف تماماً للقيم والأخلاق ومجرد طريقة بائسة لإشباع الرغبات الغرائزية، هذا وقد وصفته بعض النسويات بأنه شكل من أشكال "الاعتداء الجنسي" والطريقة التي يتمكن من خلالها الرجل من فرض "هيمنته الجنسية" على المرأة.
ولعلّ الخطورة تكمن في تحول "الدردشة الجنسية" إلى مدخل للابتزاز والتهديد وسط غياب عامل الثقة بين المرسل والمتلقي، الأمر الذي يسبب أضراراً نفسية قد يصعب الخروج منها بسهولة، على غرار الفضيحة الجنسية التي طالت أخيراً مؤسس شركة "أمازون" وأغنى رجل في العالم "جيف بيزوس" الذي اتضح أنه أرسل صوراً جنسية له إلى عشيقته نجمة التلفزيون الأميركية "لورين سانشيز"، بالإضافة إلى العشرات من الرسائل النصية التي تتضمن ايحاءاتٍ جنسيةٍ.
يشدد موقع "سيكولوجي توداي" على أنه من المهم أن يفهم الرجال والنساء على حدّ سواء أن قيام الرجل بإرسال صور أجزائه الحميمية، وإن كان سلوكاً مقيتاً، إلا أنه ليس شخصياً، ولا يشكل دليلاً قاطعاً على أن جميع الرجال هم "جنس منحرف ومثير للإشمزاز" أو أن جميع النساء محتشمات.
فهذا التصرف هو مجرد تعبير عن الاختلافات بين الجنسين لناحية استراتيجيات التزاوج والتواعد، كما يكشف عن بعض الاختلافات الجوهرية بين الرغبات الجنسية الخاصة بالجنسين، مما يعني أنه يتعيّن على الرجال أن يبذلوا المزيد من الجهد من أجل فهم الدوافع الجنسية لدى المرأة قبل التهور والكشف عن أعضائهم التناسلية.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومينكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 6 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...