"أعتقد أنه ليس هناك رجل في العالم لم يرغب في أن يكون قضيبه أطول بإنشين أو ثلاثة"، هذا ما قاله مايكل أوليري، أستاذ جراحة المسالك البولية في كلية الطب في جامعة هارفارد، مضيفاً: "صدّقوني إن كنت أعرف طريقة مضمونة وفعالة لتكبير العضو الذكري لأصبحت الآن مليارديراً".
يعتقد العديد من الرجال أن قوّتهم مرتبطة بقضيبهم، وبأنه كلما كان حجم العضو الذكري أكبر كلما كان ذلك أفضل، خاصة في العملية الجنسية، ما يدفع البعض منهم إلى اللجوء إلى أساليب مختلفة لتكبير القضيب من بينها الجراحة، فقد كشفت إحصائيات الجراحة التجميلية الدولية أنه يتمّ إجراء أكثر من 8 آلاف عملية تكبير للعضو الذكري سنوياً حول العالم، مع العلم أن الخبراء يؤكدون أن الحبوب والكريمات وعمليات تكبير العضو جراحياً، كلها طرق غير فعالة لا بل تحمل آثاراً خطيرة، كالإصابة بضعف الانتصاب أو العجز الجنسي الدائم.
من الوقوف لساعاتٍ أمام المرآة وقياس العضو الذكري باستمرار والوقوع في أفخاخ الإعلانات التجارية التي تروّج لكريمات "سحرية" زاعمةً أنها قادرة على إطالة العضو الذكري بضع سنتيمترات، وصولاً إلى الذهاب لطبيب مسالك بولية قد يتاجر بحالتهم وينسج لهم وعوداً براقة حول جراحة تكبير القضيب، يزداد هوس بعض الرجال بحجم قضيبهم لحدّ الإصابة بمتلازمة القضيب الصغير، والتي تندرج ضمن الحالة النفسية التي تُعرف باضطراب تشوه الانطباع الذاتي. (Body Dysmorphic Disorder)
فما هي متلازمة القضيب الصغير؟ هل من علاقة بين حجم العضو والأداء الجنسي؟ وكيف تقوم صناعة "البورنو" على الترويج للقضيب الكبير وتشويه صورة الرجل لجسده؟
هاجس القضيب الصغير
يعاني بعض الرجال من "متلازمة القضيب الصغير"، وهي من أنواع الاضطرابات الشخصية التي تشوّه إدراك الشخص بشأن جسده، نتيجة الهوس ببعض الأفكار الجنسية، حيث يعتقد الرجل أنه لديه قضيب صغير مع العلم أن حجم العضو لديه قد يكون طبيعياً، غير أن القلق يسيطر عليه ويمنعه حتى من ممارسة الجنس بشكلٍ طبيعي، ظناً منه أنه عاجز عن إمتاع الطرف الآخر أثناء الجماع.
بمعنى آخر، فإن الأشخاص المصابين بمتلازمة القضيب الصغير لا يعانون من مشكلةٍ طبيةٍ تتمثل في وجود قضيب صغير بالفعل، إنما يعانون من هاجس الحجم الطبيعي، فيشعرون بالعار والقلق إزاء حجم عضوهم الذكري ويخالون أن قضيبهم صغير جداً micropenis، وهو ما يؤثر سلباً على حياتهم الجنسية وعلى صحتهم النفسية.
يعتقد العديد من الرجال أن قوّتهم مرتبطة بقضيبهم، وبأنه كلما كان حجم العضو الذكري أكبر كلما كان ذلك أفضل، خاصة في العملية الجنسية
وفي هذا الصدد، أكّدت الأخصائية في علم النفس ستيفاني غانم، أن هناك العديد من الرجال الذين يقصدون عيادتها ويشتكون من حجم عضوهم الذكري ومن عدم قدرتهم على تلبية حاجات الشريك، مشيرةً إلى أنه عندما نتحدث عن النظرة إلى الجسد وربط حجم العضو الذكري بالرغبة الجنسية، يجب العودة دائماً إلى التربية التي تلقاها الشخص وإلى الأفكار المتوارثة التي ترسّخت في ذهنه.
وفي حديثها مع رصيف22، أوضحت غانم أن اضطراب تشوّه الانطباع الذاتي لدى بعض الرجال قد تكون أسبابه تربوية، اجتماعية ودينية، كالاعتقاد مثلاً أن "الجسد حامل الذنوب، وبالتالي يجب قمع جميع الرغبات الجنسية في حال لم تكن العلاقة مكلّلة بالزواج وتهدف إلى الإنجاب"، على حدّ قولها.
وكشفت ستيفاني أن اضطراب تشوّه الانطباع الذاتي يحدث أيضاً حين ينظر الشخص المعني إلى جسده وكأنه مجزأ وليس عبارة عن بنية كاملة: "نعتبر جسدنا وكأنه آلة لإشباع رغبات الشخص الآخر...".
هذا وأوضحت غانم أن مقاربة الحجم الطبيعي للعضو الذكري تختلف من مجتمعٍ إلى آخر ومن ثقافةٍ إلى أخرى، كما أن الدراسات الطبية كلها تؤكد أن الحجم ليس مهماً، وبالتالي لا يجب أن يشكل هذا الموضوع عائقاً في العلاقة الجنسية، مشددةً على ضرورة أن يتعرّف المرء إلى جسده وإلى مكامن اللذة الموجودة في داخله: "لأنو ما منعرف جسمنا ما منعرف كيف نستخدمه...الأهم هو النظر إلى كيفية تعامل الرجل مع جسده ومع العضو الذكري لإشباع رغباته في المقام الأول"، على حدّ تأكيدها.
تصورات خاطئة
تسيطر مخاوف صغر حجم العضو الذكري على أذهان الكثير من الرجال بخاصة في عالمنا العربي، واللافت أن المفاهيم الخاطئة حول أحجام القضيب المختلفة تساهم في تشكيل تصوراتٍ خاطئةٍ، وقد تدفع الشخص إلى الاعتقاد الخاطئ بصغر عضوه الذكري، وعليه يبقى السؤال الذي يشغل بال الكثيرين: ما هو متوسط حجم القضيب؟
تختلف التقديرات العلمية لمتوسط حجم القضيب، وفق ما يوضحه موقع medical news today، وفي حين أن الكثير من الناس تعتقد أن القضيب النموذجي يبلغ طوله 6 بوصات أي 15.24 سم، إلا أن هذا الاعتقاد غير صحيح.
ففي العام 2014، كشفت تحاليل شملت أكثر من 15 ألف رجل، الحقائق التالية:
- يبلغ متوسط طول القضيب غير المنتصب 9.16 سم.
- يبلغ متوسط طول القضيب المنتصب 13.12 سم.
هذا وسعت بعض الأبحاث الأخرى إلى تحديد ما يعتبر بمثابة قضيب صغير بالفعل، فعرّفت إحدى الدراسات الـmicropenis على أنه القضيب الذي يقلّ طوله عن 7 سم عندما يكون منتصباً.
ولكن هل يتعلق حجم العضو الذكري بشعور المرأة بالمتعة الجنسية؟
بحسب الدراسة التي أجراها الباحث راسل إيزينمان، أكد الباحثان ماسترز وجونسون، أن حجم العضو الذكري ليس لديه أي تأثير فيزيولوجي على الرضا الجنسي لدى الإناث، بحيث أن المهبل يتكيّف ليناسب حجم العضو.
اعتمد البحث على مسحٍ شمل 50 امرأة نشطة جنسياً، تتراوح أعمارهنّ بين 18 و 25 عاماً، وقد طُرح عليهنّ السؤال التالي: أثناء ممارسة الجنس، أيهما أفضل: طول العضو الذكري أم سماكته؟ دون الأخذ بعين الاعتبار الحب والانجذاب والمشاعر الرومانسية.
وقد تبيّن أن معظم النساء يعتبرن أن السماكة أكثر أهميةً من الطول، هذا وقد كشفت إحدى الدراسات أن نحو 85% من النساء يشعرن بالرضا عن حجم العضو الذكري لدى شريكهنّ، في حين أن الرجال يشعرون بعدم الرضا عن أنفسهم، بحيث يعتقد نحو 45% منهم أنه لديه عضو ذكري صغير، بخاصة حين يقارن نفسه بالممثلين في الأفلام الإباحية.
دور الإباحية في تشويه صورة القضيب
من أكثر الأسباب التي تؤدي إلى إصابة الرجل باضطراب تشوه الانطباع الذاتي هو الإدمان على مشاهدة الأفلام الإباحية، والتي غالباً ما تشوه صورة وحجم العضو الذكري، من خلال التركيز على القضيب الكبير والسميك وربطه بالرضا الجنسي وبقدرته على إشباع رغبات المرأة أثناء العملية الجنسية.
في كتابه The Penis Book: A Doctor’s Complete Guide to the Penis، يكشف أخصائي المسالك البولية آرون سبيتز أن حوالي 40% من الرجال الذين يذهبون لأطباء المسالك البولية سعياً لتكبير القضيب، قد أصابهم الإحباط نتيجة مشاهدة الأفلام الإباحية، مع العلم أن حجم قضيبهم يندرج ضمن المقياس الطبيعي، وعن هذه النقطة يقول: "بالرغم من أن معظم الرجال يعرفون بشكلٍ حدسي أن ما تصوره المواد الإباحية ليس حقيقياً، إلا أن قلة من الرجال لديهم أي إطار مرجعي آخر لمقارنة أنفسهم به"، مشيراً إلى أن الرجل في العادة لديه اطلاع محدود على أشكال القضيب وأحجامه المختلفة.
يعاني بعض الرجال من "متلازمة القضيب الصغير"، وهي من أنواع الاضطرابات الشخصية التي تشوّه إدراك الشخص بشأن جسده، نتيجة الهوس ببعض الأفكار الجنسية، حيث يعتقد الرجل أنه لديه قضيب صغير مع العلم أن حجم العضو لديه قد يكون طبيعياً
هذا وشدّد سبيتز على ضرورة التحدث مع طبيبٍ أو معالجٍ نفسي قبل الخضوع لأي نوع من الجراحة تهدف إلى تكبير العضو الذكري: "بشكلٍ عام، طالما أن جسمك يتمتع بصحةٍ جيدة ويعمل بشكلٍ جيّد، فلا يوجد سبب وجيه للقلق بشأن الأحجام التي لا يمكنك التحكم بها"، وأضاف: "تقبل جسمك الطبيعي، حافظ على صحته قدر الإمكان، استمتع به، وبالقدر نفسه من الأهمية، اجعل الشخص الآخر يستمتع أيضاً".
واللافت أنه حتى الممثلين الإباحيين يتفاجؤون بما يرونه في الحياة الواقعية مقارنةً بما هو موجود على PornHub، فقد قال ثيو فورد، وهو ممثل أفلام إباحية لصحيفة هافيغتون بوست إن القضيب الضخم لا يشكل القاعدة العامة: "يبلغ متوسط حجم القضيب في العالم حوالي 6 بوصات، ولكن في المواد الإباحية، غالباً ما يزيد حجمه عن 8 أو 9"، هذا وقد أعرب فورد عن أمله في أن يتذكر الأفراد دوماً أن الإباحية هي مجرد "فانتازيا".
لكل عضو ذكري قصته
صحيح أننا في هذا الزمن بتنا أقل ارتباطاً بنوع الجنس، ونحاول بجميع الطرق كسر قيود الأدوار التقليدية التي كبّلت المجتمعات المحافظة لفترةٍ طويلة، من خلال تعزيز مفهوم الذكورية العمياء واعتبار المرأة كائناً ناقصاً، إلا أن البعض ما زال يصرّ على ربط مفهوم الرجولية بحجم العضو الذكري.
في كتابها Manhood: The Bare Reality أرادت المؤلفة لورا دودسوورث التأكيد على أنه لكل عضو ذكري قصته، فهناك القضيب "المقتنع" تماماً بنفسه والذي أشبع رغبات ومغامرات صاحبه الجنسية، وهناك القضيب الذي "خذل" صاحبه وأصابه بخيبات آمل...
وعليه يضم الكتاب مجموعة من الصور والمقابلات التي تعود لـ100 رجل يتحدثون عن مفهومهم للرجولة: من الجندي إلى المدمن على المواد الإباحية وصولاً إلى الأشخاص الناجين من سرطان البروستاتا، يتشارك هؤلاء الرجال في تبديد القلق الناجم عن صورة الجسد والأفكار الخاطئة، من خلال التحدث بصراحةٍ عن علاقاتهم بأجسادهم، وعن تجربتهم مع الجنس والأبوة وغيرها من المواضيع الحساسة....
وفي كل صورة التقطها لورا دودسوورت، يبرز العضو الذكري مع الخصيتين والبطن واليدين والفخذين، ومن خلال القاء نظرة خاطفة على هذه الصور يتضح أن هناك بعض الرجال الذين لديهم ثقة بأنفسهم ويعيشون في تناغمٍ تام مع أجسامهم، في حين أن بعضهم الآخر يبدو ضعيفاً وخجولاً وذلك يمكن ملاحظته من خلال طريقة وقوفهم أمام عدسة الكاميرا.
وبعد إجراء مقابلات مع هؤلاء الرجال اكتشفت لورا أن العديد منهم يشعر بالخجل والقلق بشأن حجم العضو الذكري، مما يؤثر على أجزاء مختلفة من حياتهم، في حين أن البعض الآخر كان فخوراً بهذا الجزء من جسده.
هذا وحرصت دودسوورت على التأكيد على وجود أشكال وأحجام متنوعة للعضو الذكري نفسه، وهو أمرٌ يطمئن الرجال وبخاصة الشباب، على حدّ قولها، مشيرةً إلى أن هذا الكتاب لا يركّز على جمالية الجسد بل على ضرورة تقبله: "غالباً ما يخضع موضوع العضو الذكري للسخرية...نصف الناس في العالم لديهم قضيب ومن الظلم أن نكون قاسيين عليهم"، على حدّ قولها.
واللافت أن هذه ليست التجربة الأولى للورا دودسوورت في عالم الجسد، إذ أنها في العام 2014 أجرت مقابلات مع نساء للتعرف على علاقاتهنّ بصدورهنّ، غير أن تناول مثل هذا الموضوع الشائك، يبقى أقل حساسيةً من موضوع العضو الذكري، بحسب ما قالته لصحيفة الغارديان البريطانية: "لقد تم تجميل الأثداء لذلك اعتدنا على رؤيتها في الحياة اليومية، لا يمكن قول الشيء نفسه عن القضيب الذي لا يزال غير مرئي ويندرج ضمن المحرّمات".
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 5 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...