شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

لنبدأ من هنا!
كارل لاغرفيلد المبدع الذي ذاق طعم إكسير الشباب الأزلي خلف برقعٍ للرجال

كارل لاغرفيلد المبدع الذي ذاق طعم إكسير الشباب الأزلي خلف برقعٍ للرجال

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

حياة

الأربعاء 20 فبراير 201908:54 م
"لماذا يجب أن أتوقف عن العمل؟ إذا قمت بذلك فسوف أموت وسوف ينتهي كل شيء"، هذا ما قاله يوماً أيقونة الموضة العالمية "كارل لاغرفيلد"، الذي توفي يوم أمس بمستشفى باريسي عن عمر ناهز 85 عاماً. بالرغم من نشاطه المعتاد وشغفه بالعمل، تغيّب المصمم الألماني أخيراً عن عرض شانيل الخاص به، في سابقةٍ هي الأولى من نوعها منذ أن بدأ عمله مع دار الأزياء الشهيرة في يناير 1983، الأمر الذي زاد من الشكوك والإشاعات حول حقيقة وضعه الصحي، خاصةً بعدما خرجت دار "شانيل" عن صمتها وذكرت في بيانها أن "كارل لاغرفيلد" قد تعرض لـ"وعكةٍ صحيةٍ". برحيله فقد عالم الموضة مصمم الأزياء العالمي الذي لطالما اشتهر بلوكه الفريد الذي رافقه على مرّ السنوات، ونظاراته السوداء التي يعتبرها بمثابة "برقع للرجال".
ما هو الإرث الكبير الذي تركه هذا "القيصر" بعد رحيله؟ وكيف استلهم ابداعاته من الشرق الأوسط ومن المرأة العربية تحديداً؟

إكسير الشباب والجدل حول شخصيته

"لديّ نوع من النيمفومانيا للموضة التي لا تصل إلى النشوة الجنسية ابداً". طوال حياته، بقي "كارل لاغرفيلد" يتمتع بالنشاط والطاقة، ويجول على أبرز العواصم العالمية من دون تعبٍ أو مللٍ. فهذا الرجل الثمانيني وصفه البعض بأنه "غير طبيعي"، لكونه يقود 3 علامات تجارية كبرى: شانيل وفاندي وكارل لاغرفيلد، فبالنسبة ل"شانيل" وحدها كان يصمم 7 مجموعات سنوياً، وفي حين أن معظم من هم في سنه يستمتعون بسن التقاعد، فإن "لاغرفيلد" كان ينتقل من بلدٍ إلى آخر في العالم لكونه الرجل الأكثر تأثيرا والأكثر طلباً في عالم الموضة.
لديّ نوع من النيمفومانيا للموضة التي لا تصل إلى النشوة الجنسية ابداً
وعليه أوضحت صحيفة "التلغراف" البريطانية، في مقالٍ سابق أنه ليس من المستغرب أن يرغب العلماء في اختبار الحمض النووي الخاص به، "إذ يبدو أن جيناته تحتوي على إكسير الشباب الأبدي، عقلياً وجسدياً". وفي حديثه لمجلة "فوغ" البريطانية في عدد نوفمبر، علّق "كارل" على هذا الموضوع، بالقول:" لقد طلبوا مني القيام بذلك، على اعتبار أنني لست شخصاً طبيعياً، لكنني رفضت بشكلٍ قاطعٍ، لأن الأشياء الفريدة تكون فريدة". وكان "لاغرفيلد" قد أوضح بأنه وقّع على عقودٍ عمل لمدى الحياة مع فندي وشانيل تنتهي بوفاته، مشيراً إلى أنه لا يشعر بأيّ تعبٍ على الإطلاق، لا بل  يكره الأشخاص البطيئين، إضافةً إلى امتعاضه من المتكبّرين، إذ كان يردد دوماً: "رجلاي على الأرض، لكن ليس على هذه الأرض".
ليس من المستغرب أن يرغب العلماء في اختبار الحمض النووي الخاص به، إذ يبدو أن جيناته تحتوي على إكسير الشباب الأبدي، عقلياً وجسدياً
قد عبّر "لاغرفيلد" مراراً عن حبه لقطته: "إنها محور عالمي. إنها تشبه "غريتا غاربو"، لديها شيء لا يُنتسى في طريقة تحركها، وهي تلهم في أناقتها وطريقة تصرفها
واللافت أن هذا الرجل "الإستثنائي" انغمس في "عالم الوحدة" وقرر تمضية بقية حياته برفقة "قطته المدللة" Choupette التي سرعان ما دخلت عالم الشهرة والأضواء مع أكثر من 50 ألف متابعٍ على تويتر و122 ألفاً على انستغرام، وقد عبّر "لاغرفيلد" مراراً عن حبه لقطته: "إنها محور عالمي. إنها تشبه "غريتا غاربو"، لديها شيء لا يُنتسى في طريقة تحركها، وهي تلهم في أناقتها وطريقة تصرفها"، مضيفاً أن هذه القطة هي "الأغنى في العالم، اذ لديها ثروة خاصة بها، وإذا حدث مكروه لي، فإن الشخص الذي سيهتم بها لن يكون في حالة بؤس".

الخسارة

ما إن انتشر خبر وفاته، حتى تسارع عدد كبير من المشاهير لنعي المصمم الألماني "كارل لاغرفيلد"، فقد نشرت العارضة "فيكتوريا بيكهام" صورة له على تطبيق انستغرام، وكتبت تحتها: "أنا حزينةُ للغاية لسماع هذا الخبر. كان كارل عبقرياً. ولطالما كان كريماً ولطيفاً جداً معي على الصعيدين الشخصي والمهني". https://www.instagram.com/p/BuERQm-gf1A/?utm_source=ig_web_copy_link بدورها تحدثت "دوناتيللا فيرساتشي" عن "لاغرفيلد"، كاشفةً عن مقدار الدروس التي تعلمتها منه على مرّ السنين. كما علّقت العارضة العالمية "جيجي حديد" على خبر وفاة "كارل لاغرفيلد" بالقول:"لن يكون هناك أبداً كارل لاغرفيلد آخر.كل ثانية قضيتها معك كانت شرفاً، فرحاً وإلهاماً...شكراً على كل شيء". أما "بيلا حديد"، فأكدت أن "روح الفكاهة التي تحلّى بها لاغرفيلد بالإضافة إلى فطنته وحبه وشغفه للموضة والأزياء كلها أمور "ستعيش إلى الأبد"، وأعربت عن شكرها الكبير لهذا المصمم العالمي الذي "لمس القلوب" وكان مصدر إلهامٍ" للعالم أجمع. https://www.instagram.com/p/BuEBVEgB67D/?utm_source=ig_web_copy_link وكان "بيرنارد أرنو"، الرئيس التنفيذي ورئيس مجلس إدارة شركة "لويس فيتون"، قد أشار في بيانٍ قصيرٍ إلى أنه مع وفاة "كارل لاغرفيلد" فقد عالم الأزياء "عبقرياً ساهم في جعل باريس عاصمة الموضة في العالم وفندي من أكثر البيوت الإيطالية إبداعاً"، مضيفاً أن العالم مدين لـ"لاغرفيلد" بالكثير بسبب "ذوقه وموهبته الاستثنائية". https://www.instagram.com/p/BuEHKWyAivV/?utm_source=ig_web_copy_link وشدد "أرنو" على أنه سوف يتذكر دائماً خيال "لاغرفيلد" الخصب وقدرته على تصور اتجاهات جديدة في كل موسم، وطاقته التي لا تنضب، وبراعته في الرسم وثقافته الموسوعية وذكاءه وبلاغته الفريدة، معتبراً أن الثقافة وعالم الأزياء قد "خسرا مصدر إلهامٍ عظيماً".

لاغرفيلد والعالم العربي

كذلك تأثر العالم العربي بخبر وفاة "كارل لاغرفيلد" الذي أظهر اهتماماً كبيراً بالأزياء العربية واستلهم الكثير من تصاميمه الخاصة من البلدان العربية، بالرغم من بعض الانتقادات التي واجهته خلال مسيرة حياته المهنية.
ففي العام 1994، اثار "لاغرفيلد" الجدل بعدما قام بتصميم فساتين "شانيل" مطرزة على الصدر بآياتٍ قرآنية، غير أن المصمم الشهير أعرب يومذاك عن أسفه للخطأ الذي حصل في قضية "الأثداء الشيطانية" كما وصفتها بعض الصحف الأجنبية، وأكد أنه كان يعتقد أن النص المكتوب مقتبس من قصيدة حبٍ هندية. بعدها قرر "كارل لاغرفيلد" أن يستمد إلهامه من الشرق الأوسط بطريقةٍ بعيدة عن المشاكل والجدل، فقدم عرضاً ضخماً في دبي في العام 2014، وكانت مجموعته مستوحاة من رؤية الليالي العربية الضبابية وتضم: بنطلونات للحريم، معاطف مستوحاة من الغترة، جنباً إلى جنب مع الاستخدام المكثف لنمط الفسيفساء.
وفي ديسمبر 2018 أطلق مجموعة فريدة مستوحاة من الأزياء المصرية في متحف متروبوليتن للفنون في نيويورك، إذ تجول العارضون بملابس اتخذت طابعاً ذهبي اللون، وأكسسوارات (قبعات، زخارف ريش، أقراط ذهبية طويلة) كلها تعبق بتاريخ مصر القديم. وقد عمل "كارل لارفيلد" مع المهندسة المعمارية اللبنانية "ألين اسمر دامان" على مشروع تجديد فندق de Crillon في باريس، بالإضافة إلى التعاون الكبير الذي جمعهما في سياق نحت قطع أثاث من الصخور الرخامية، وقد أطلق على هذه المجموعة ذات الالوان الأحادية اسم "منحوتات معمارية". هذا وقد أوضح موقع "اراب نيوز" أنه، وفي انتصار لمشهد الأزياء في الشرق الأوسط، قام "كارل لاغرفيلد" في العام 2017 بتصوير "بيلا حديد" لأول مرة في فوغ أرابيا في عددها الصادر في سبتمبر.

مشوار نجاح

في العام 1933، ولد "كارل لاغرفيلد" في مدينة "هامبورغ" الألمانية، في كنف عائلةٍ عريقةٍ. أكمل دراسته الثانوية في باريس، وكان مولعاً بالفنون على أشكالها وأنواعها، وأصبح يهتم بشكلٍ خاص بعالم الموضة والأزياء. في العام 1954 اشترك في مسابقةٍ عالميةٍ لتصميم معطف، واستطاع الفوز بالجائزة الأولى التي مكنته من الدخول إلى عالم الخياطة ودور الأزياء من الباب العريض. فبالرغم من صغر سنه، عمل "لاغرفيلد" مساعداً للمصمم الشهير"بيار بالمان" في العام 1955، وفي العام نفسه أصبح مديراً فنياً في دار جان باتو للأزياء، إلى أن قرر في العام 1963 أن يكون مصمماً مستقلاً، فكانت له بصمات مميزة في إيطاليا وفرنسا وألمانيا واليابان. عمل "كارل" مع علامات أزياء مختلفة، وتم تعيينه مستشاراً إدارياً في دار أزياء "فاندي" في العام 1967. أما "المعجزة" الكبرى فقد حدثت بعد انضمام "لاغرفيلد" إلى "شانيل" في العام 1983 واعادة إحياء هذه الدار من جديد، وهكذا على مدى 36 عاماً من التصميم والإبداع أكد المصمم العالمي أن "كوكو شانيل لم تمت"، اذ حافظ على "روح شانيل" من خلال إطلاق تصاميم أنيقة وتتضمن في الوقت نفسه مسحةً من الإثارة، في الوقت الذي كان المسّ فيه بتايور "شانيل" الذي ابتكرته كوكو شانيل خطيئة، كما قال متهكماً في حوار مع موقع wwd.


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

WhatsApp Channel WhatsApp Channel
Website by WhiteBeard
Popup Image