بعد نحو عشرة أيام من مقتل الشاب الجزائري أصيل بلالطة (21 عاماً) ذبحاً في سكنه الجامعي، برّر المُتّهم ش.ع (22 عاماً) جريمته برفض الضحية أصيل "الانصياع لرغباته الجنسية".
ووفقاً لما نقلته صحيفة النهار الجزائرية الثلاثاء، أمر عميد قضاة التحقيق في محكمة بئر مراد رايس في جزائر العاصمة بوضع المدعو ش.ع، وهو طالب في كلية الاقتصاد بجامعة الجزائر، في الحبس المؤقت بتهمة القتل العمد مع سبق الإصرار والترصّد.
وقال المُتّهم في التحقيق إنه تعرّف على أصيل، وهو طالب في كلية الطب في الجامعة ذاتها، عن طريق فيسبوك عبر "حساب أصيل الثاني المُخصص للأصدقاء"، وفقاً لما جاء في التحقيق نقلاً عن صحيفة النهار.
استقبل أصيل الجاني بسكنه الجامعي "طالب عبد الرحمن" مساء الأحد 10 فبراير، فحاول ش.ع الاعتداء عليه جنسياً ولكن بحسب التحقيق، محاولة أصيل الدفاع عن نفسه أدّت إلى ذبحه من الوريد إلى الوريد بواسطة آلة حادة (مشرط)، ثم كتب المُتّهم جملة "He is gay" أي "إنه مثلي" بدماء أصيل على الحائط قبل أن يهرب بسيارة أصيل وهو ما جعل رجال الأمن يتوجهون لغُرفته اعتقاداً منهم أنها محاولة سرقة لكنهم وجدوا الشاب "جثة هامدة ملفوفة في بطانية غارقاً في دمائه".
وتتطابق اعترافات المُتهّم مع ما قاله مصدر من مصلحة الطب الشرعي من المركز الاستشفائي الجامعي مصطفى باشا بعد يومين من الجريمة بشأن تعرّض أصيل للتعنيف ومحاولة اعتداء جنسي قبل نحره من الوريد إلى الوريد والتنكيل بجثته.
لم يتطرّق الإعلام الجزائري المحلّي عند وقوع الجريمة إلى جملة "إنه مثلي". ولكن بعد التحقيق، لفتت إليها صحيفة النهار قائلةً إنه بحسب "المعلومات المسربة من التحقيق"، استُعملت هذه العبارة "للتمويه وبهدف تشويه سمعة الضحية"، مُضيفةً أن "الغرض منها جعل الجريمة تأخذ منحى آخر وإعطائها طابع ممارسات غير أخلاقية".
يقول آدم عضو جمعية ألوان المعنية بحقوق المثليين لرصيف22: في الجزائر والعديد من الدُول العربية، الرجل الذي يعتدي جنسياً على المثلي لا يعتبر نفسه مثلياً.
في حديث رصيف22 مع صديق الضحية أصيل بلالطة، قال لنا: "مستحيل أن يُرافق أصيل شاباً مثلياً … حين نتكلّم عن هذه الأمور، أصيل كان يتشنج ويدعوهم بقوم لوط".
جريمة دافعها رهاب المثلية
كانت جمعية ألوان المعنية بحقوق المثليين ومزدوجي الميول والمتحولين جنسياً أوّل من كشفت عن مُلابسات الجريمة مُعتبرةً أنها "جريمة شنيعة دافعها رُهاب المثلية (الهوموفوبيا)"، ولا تزال الجمعية مُتمسكة برأيها حتى اللحظة.
في حوار سابق مع رصيف22، قال آدم، أحد أعضاء جمعية ألوان، إنه بغض النظر عن ميول الشاب الراحل الجنسية، كتابة "إنه مثلي" على الحائط تدل على الكراهية تجاه المثليين، مُضيفاً: كأنه مسموح قتل المثلي.
ويؤكد آدم بعد مرور أسبوع لرصيف22 أن معرفته بآخر تطوّرات القضية لن تُغير من اعتقاد الجمعية بأن الجريمة دافعها رهاب المثلية، نافياً استغلال الجريمة للدفاع عن المثليين جنسياً بقوله: "كان القاتل مثلياً أم لا، الجريمة دافعها رهاب المثلية لأن ما حصل مع أصيل يحصل لعشرات المثليين أو من يشتبه بمثليتهم في الجزائر".
وأوضح في حديثه أنه يتم "إيقاع هؤلاء في الفخ"، على حد تعبيره، عبر مواقع التواصل الاجتماعي ثم يُغتَصبون أو يُسرَقون أو يتم الاعتداء عليهم جسدياً، مُضيفاً: في الجزائر والعديد من الدُول العربية، الرجل الذي يعتدي جنسياً على المثلي لا يعتبر نفسه مثلياً.
ولفت إلى أن هؤلاء الرجال يشرّعون اغتصاب المثليين أو من يشتبهون بمثليتهم، قائلاً إن جمعية ألوان تتلقى العديد من الشهادات حول الانتهاكات التي يتعرض إليها المثليون من حيث الاعتداءات الجنسية والجسدية، مُقدماً لرصيف22 إحدى الشهادات التي روى فيها أحد المثليين كيف استدرجه شاب على مواقع التواصل حتى ألتقى به واعتدى عليه جسدياً، ومن ثم سرق ما بحوزته.
صديق الطفولة: أصيل لم يكن يتحدّث "في هذه الأمور"
حاور رصيف22 صديقَ طفولة أصيل ويدعى شوثري عبدالرشيد، قائلاً "كما تعلمين نحن أصدقاء ولا نخفي شيئاً عن بعضنا"، مُضيفاً أن أصيل لم يكن يتطرّق في حديثه إلى المثلية الجنسية قائلاً: لم يكن لأصيل علاقة بهذه الأمور، حتى بيننا نحن الأصدقاء المقربين لا يتكلم في هذه الأمور.
ورداً على ما يقصده هُنا قال إنه "من المُستحيل" أن يُرافق أصيل شاباً مثلياً قائلاً: "حين نتكلّم عن هذه الأمور، أصيل كان يتشنج و يدعوهم بقوم لوط".
[caption id="attachment_185353" align="alignnone" width="960"] الراحل أصيل بلالطة وصديقه شوثري عبدالرشيد[/caption]ولفت إلى أنه لم يكن على دراية بمعرفة أصيل بالمُتهّم ش.ع إلا من التحقيقات التي بحسب قول عبدالرشيد لرصيف22 كشفت أنهما تحدثا مّرتين قبل وقوع الحادثة.
ويُكّذب صديق أصيل رواية الصحافة الجزائرية عمّا جرى في التحقيق قائلاً إن القاتل قصد أصيل لسرقته وفقاً لما نقله له والد أصيل عن "اعترافات القاتل" عند التحقيق، لافتاً إلى أن أصيل كان "يمتلك سيارة وهاتفاً ذكياً باهض الثمن وحاسوباً محمولاً (لابتوب)".
وحين سألنا عبدالرشيد عمّا جاء في التحقيق وإن كانت ما نقلته الصحافة الجزائرية "عارياً عن الصحة"، قال: اعذريني.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 5 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...