شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

ساهم/ ي في صياغة المستقبل!

"جاري البحث عن الكرامة"..مثليٌّ يهرب من مصر بعد تهديده بالقتل

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

حياة

الأربعاء 27 فبراير 201911:41 ص

بسبب صوته الناعم وصفاته الأنثوية إلى حد ما، تلقى الشاب المصري فريد رمضان (27 عاماً) خمسة آلاف رسالة كراهية بلغت حد التهديد بالقتل. 

في حوار مع رصيف22، يقول فريد إنه اكتشف مثليته الجنسية في عمر الـ13 وأعلن عنها رسمياً يوم 20 نوفمبر 2015 لكنّ بَوْحَه جعله يتعرّض لمحاولة قتل من شقيقه الذي يصغره بسنة واحدة، وهو ما دفعه للرحيل من منزله والبحث عن مبيت آخر.

نقطة التحول في حياته كانت يوم 16 نوفمبر 2018 حين نشر صورة له عبر حسابه في فيسبوك احتفالاً بشفائه من سرطان الغدد اللمفاوية للمرة الثالثة وصادف الحدث السعيد يوم عيد ميلاده. ظهر فريد في تلك الصورة حاملاً كعكة كتب عليها: خضعت اليوم لآخر جلسات العلاج الكيميائي.. نجوت من السرطان.

https://www.facebook.com/photo.php?fbid=1112458542245753&set=pob.100004448524039&type=3&theater

تداول روّاد فيسبوك صورته بشكل واسع لأنه "بطل" قهر السرطان ثلاث مرّات، وبعدما اكتشف البعض مثليته الجنسية المُعلن عنها عبر حسابه، تحوّلت المُباركات إلى رسائل كراهية وتهديد بالاغتصاب والقتل.

يقول رمضان لرصيف22 إنه تلقّى نحو خمسة آلاف رسالة كراهية حتى اليوم "دون مُبالغة" على حد تعبيره، أقساها كانت من قبل "مجهول" عبر موقع آسك إف إم الذي يسمح بكتابة رسالة دون تحديد الهوية، جاء فيها: "لمّا شفت صورتك فرحت أنّك خفّيت (شُفيت)، لمّا تصفحت بروفايلك وعرفت أنك مثلي، تمنيّت أن السرطان يرجعلك تاني وينهش في جتتك (يأكل جسدك) وتموت لوحدك"

Faried-Ramadan2

"مين الإنسان اللي ممكن يتمنى لإنسان آخر حاجة زي كدة بسبب ميوله الجنسية؟"، تساءل رمضان، مُرجحاً في حديثه مع رصيف22 أن يكون المُرسل هو الشخص ذاته الذي اعتدى عليه جسدياً وحاول خطفه إلى جانب شخصين آخرين بعد أن تلقّى رسالة أُخرى على آسك إف إم جاء فيها: "بتحاول تكسب عطف الناس؟ احنا هنجيبك وعارفين إنك ساكن في 6 أكتوبر وهنسيب لك تذكار حلو على وشّك الحلو".

ابتسامتي أقوى من كراهيتكم

يقول فريد رمضان إنه تعرّض لمحاولة اختطاف واعتداء جسدي بسبب ميوله الجنسية في 5 ديسمبر 2018 حين خرج من بيته في مُجمع "دجلة بالمز Degla Palms" في منطقة 6 أكتوبر باحثاً عن سيارة أُجرة، اقتربتْ منه آنذاك سيارة من نوع "هيونداي فيرنا" نزل منها 3 أشخاص وانهالوا عليه بالضرب باستخدام كريك حديدي يُستخدم لإصلاح إطار السيارات، حسب وصفه.

يقول فريد لرصيف22: "ضربوني على كل أنحاء جسدي، ورددوا عبارات مثل: يا شاذ.. تستحق القتل". مُضيفاً أن أحدهم قال "حطوه بالعربية (ضعوه في السيارة)" ولكنهم هربوا بعد رؤيتهم عامل بناء يقترب منهم.

وأشار إلى أنهم قالوا له "المرة الجاية رح نحط سكينة في بطنك". اللافت هُنا رد فعل رمضان، الذي التقط صورة "سيلفي" وهو يبتسم والدماء تسيل من رأسه ونشرها على فيسبوك مُعلقاً: "أنا بهدي السيلفي دي للتلاتة البلطجية اللي ضربوني قدام الكومباوند (المُجمع السكني) علشان أنا مثلي الجنس وبقولهم إن ابتسامتي أقوى من كراهيتكو". (هذه العبارة أطلقتها صفحة LGBT بالعربي على فيسبوك)

ما دفعه لنشر صورته وهو ينزف، أنه ناشط في مجتمع المثليين ومزدوجي الميول والمتحولين جنسياً (LGBT Community) لدعم كُل مثليٍّ يُعاني ما عاناه سابقاً ويقول لرصيف22: "كُنت فاكر أنّي ملعون ومريض وحاولت أحارب المثلية الجنسية التي ظننت أنها مرضاً".

ويضيف: "بعد الحادثة، رغم القهر، أردت إثبات أن ما فعلوه بي لم يؤثر علي. فقررت مُحاربة كُرههم بصورة أبتسم فيها.. لكني بكيت كثيراً بعدها في طريقي إلى المستشفى".

"عرفنا أنك في لبنان وحبايبنا كتير هُناك. هنرش على وشّك مية نار وعلى وجه أختك، وابقى تصوّر برضه وافتخر أنك شاذ"... إحدى الرسائل التي تلقّاها فريد رمضان بعد هروبه من مصر
"لمّا شفت صورتك فرحت أنّك خفّيت، لمّا تصفحت بروفايلك وعرفت أنك مثلي، تمنيّت أن السرطان يرجعلك تاني وينهش في جتتك (يأكل جسدك) وتموت لوحدك"... إحدى الرسائل التي تلقّاها فريد رمضان
بحسب استطلاع لمعهد بيو للأبحاث، فإن 95% من المصريين يقولون "على المجتمع أن يرفض المثلية الجنسية"، ورغم ذلك يقول فريد رمضان لرصيف22 إنه أعلن مثليته "ليثأر"...

التحريض على الفسق والفجور

وفي اليوم ذاته الذي تعرّض فيه فريد رمضان للاعتداء الجسدي، قدّم أحد المُحاميين المصريين بلاغاً ضده بتهمة التحريض على الفسق والفجور بسبب ما كتبه على فيسبوك إلى جانب الصورة التي نشرها مُباشرةً بعد الحادثة، وأبلغه صديقه أن الأمن ذهب إلى منزل والدته (المُسجل في بطاقة فريد الشخصية) وسأل عنه.

ويحظر القانون المصري نشاط المثليين والمثليات، ويجرّمها بعقوبات جنائية باعتبار أن ما يقومون به "تحريض على الفسق والفجور".

يقول رمضان لرصيف22 إنه عاش 11 يوماً في رعب قبل أن يهرب إلى سريلانكا ثم لبنان يوم 21 ديسمبر موضحاً أن لبنان يطالب بتصريح أمني لم يستطع إصداره بسبب موقفه القانوني ولذلك لم يتجّه إلى لبنان مُباشرةً.

ولفت إلى أن المؤسسة العربية للحقوق والمساواة وعلى رأسها مؤسسها جورج قزّي ومنظمة Dignity For All (الكرامة للجميع) المعنيّة بحقوق مُجتمع الميم ساعداه في الوصول إلى لبنان، قائلاً إنه يعمل حالياً على إتمام إجراءات اللجوء مع المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين ويبحث عن عمل يتناسب مع وضعه الصحي.

ولم تتوقف التهديدات مُنذ انتقاله إلى لبنان لافتاً إلى أنه تلقى رسالة طالت شقيقته التي تبلغ من العمر 13 سنة هذه المرّة عقب حوار إذاعي أجراه مع بي بي سي جاء فيها: "عرفنا أنك في لبنان وحبايبنا كتير هُناك. هنرش على وشّك مية نار وعلى وجه أختك، وابقى تصوّر برضه وافتخر أنك شاذ".

Faried-Ramadan

إعلان مثليتي أشبه بثأر

بحسب استطلاع لمعهد بيو للأبحاث، فإن 95% من المصريين يقولون "على المجتمع أن يرفض المثلية الجنسية"، ورغم ذلك يقول رمضان لرصيف22 إنه أعلن مثليته "ليثأر".

وأوضح: "حسيت بنوع من الثأر ولازم آخذه من الناس اللي تخلوا عني بسبب مثليتي الجنسية. وأيضاً هُناك ثأر بيني وبين الطبيب أوسم وصفي (وهو أول طبيب مصري يُقال إنه "يُعالج المثلية الجنسية") الذي أوهمني لنحو سنتين بأنه سيُعالجني وكان يأخذ المال وهو على علم بأن المثلية ليست مرضاً"، إذ أسقطت منظمة الصحة العالمية عام 1990 المثلية الجنسية من لائحة الأمراض النفسية.

وقال رمضان: "حياتي خلال فترة العلاج كانت تراجيدية بشكل غير طبيعي حاولت الانتحار بسبب الأدوية التي كان يصفها لي الطبيب "، ولذلك يشعر بأن من واجبه "توعية" من حوله  فيقول "لم نختر ذلك ولكننا وُلدنا مُختلفين بغض النظر عن الأسباب".

ورداً على ما إذا كان "يتحجج بمثليته لطلب اللجوء" مثلما يدّعي البعض، يقول: "أعلنت مثليتي عام 2015 ولم أنوِ الرحيل أبداً"، مُضيفاً: "مش هقول بحب وطني وكلام كليشيه.. بس أنا بعشق بلدي وبكره مجتمعها العنصري".

ووجه رسالة عبر رصيف22 للذين اعتدوا عليه ويهددونه حتى اللحظة قائلاً "التقبّل جاي لا محالة والعنف الذين تمارسونه علينا لن يوقفنا"، مُضيفاً: "المؤسف أنه لم يكن هُناك مراعاة إنسانية على الأقل كوني تشافيت حديثاً من مرض السرطان ولكن جاري البحث عن كرامة".


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard
Popup Image