يؤمن لاعب كمال الأجسام المسلم إبراهيم حسن مصري، الذي يعيش في مدينة عكا المحتلة الواقعة تحت حكم الاحتلال الإسرائيلي، أن الرياضة والالتزام بالدين أمران لا يختلفان، لذلك لم يمنعه عمله مؤذناً في مسجد الجزار بعكا، من أن يهتم برياضة كمال الأجسام التي حقق فيها بطولات عديدة، إلا أن هذا البطل فُصل من الإمامة بقرار من وزارة الداخلية الإسرائيلية بسبب ظهوره على المسرح شبه عارٍ إلا من لباس ضيق اعتبره رجال الدين "لا يليق بعمله كمؤذن".
ورفع لاعب كمال الأجسام البالغ من العمر 46 عاماً، الخميس الماضي أذان صلاة الظهر بصوته العذب لآخر مرة مبعد أن كان رفعه للأذان يبث ويوزع بصوته على كل جوامع عكا الستة في اللحظة ذاتها، منذ أن بدأ العمل مؤذناً في مسجد الجزار عام 2005.
ويسكن مدينة عكا المدرجة على لائحة التراث العالمي لمنظمة يونسكو المشهورة بأسوارها وأسواقها القديمة الجميلة، 55 ألف شخص، 72 ٪ منهم يهود و28 ٪ عرب.
ويقول مصري إن قرار فصله من عمله فيه ظلم كبير، فاللباس الضيق أو "المايوه" كما يطلق عليه لاعبو كمال الأجسام هو أحد قوانين اللعبة، ولا يمكن لأي لاعب ارتداء زي آخر، لأنه يظهر كل عضلات الجسم بشكل واضح أثناء المسابقات المحلية أو الدولية.
وإبراهيم حسن مصري أب لثلاثة أطفال، ولد وترعرع في مدينة عكا القديمة على البحر المتوسط، ومارس الرياضة في سن الـ 15 عاماً وشارك في بطولات عدة في كمال الأجسام، وحاز بطولة إسرائيل مرات عدة، وكانت آخر مشاركة له عام 2017 توج خلالها بطل إسرائيل للوزن الثقيل.
ونقلت وكالة فرانس برس عن اللاعب قوله إنه استلم رسالة من وزارة الداخلية الإسرائيلية المسؤولة عن تعيين المؤذنين والأئمة في المساجد بتاريخ الأول من يناير 2019 تعلمه فيها بإنهاء عمله في 31 يناير بسبب مشاركته في مسابقة كمال الأجسام في مارس 2017.
قرار فصل اللاعب اتخذته لجنة تحقيق ضمت رجال دين مسلمين في مدينة الناصرة وعقدت في مايو من العام 2017، بعد أن قاموا باستدعائه وأظهروا له الصور التي تبين مشاركته في المسابقة واعتبروا أنها لا تليق بمؤذن، معترضين على ارتدائه لباساً "يظهر عورة الجسم" بحسب قولهم.
ويقول مصري إنه أرسل رسالة اعتذار للداخلية، وأبلغهم بأنه لن يشارك في المسابقات في المستقبل، لكن رغم ذلك قررت اللجنة فصله بعد نحو سنتين من النقاش، ومن جانبها أكدت الوزارة أن فصله جاء "وفقاً للقواعد”. ويؤكد مصري أن الوزارة كانت تعلم أنه يمارس رياضة كمال الأجسام قبل أن توظفه، مضيفاً أن الإسلام يشجع ممارسة الرياضة.
ويعتبر مسجد الجزار من أهم المساجد في الأراضي المحتلة بعد المسجد الأقصى لخصوصيته التارخية وطابعه المعماري. بني سنة 1781، وشيده والي عكا أحمد باشا الملقب بالجزار (1734-1804) على طريقة المساجد الفخمة في إسطنبول، وتنتشر في الفناء الخارجي للمسجد أشجار ونباتات في حديقة غناء وتحيط به أروقة تعلوها 52 قبة.
ونقلت فرانس برس عن حارس المسجد وسام زلفي قوله: "كيف يفصلون إبراهيم من عمله لمجرد أنه شارك في مسابقة؟هو رياضي مذ كان طفلاً، ومعروف بأنه إنسان طيب وخدوم، وكل أهالي عكا يقدرونه، لقد أنقذ الكثير من الشبان من شرك المخدرات بإلحاقهم بالرياضة"، مضيفاً بحزن: "لا يوجد عندنا بعكا مؤذن بجمال صوته".
جمع إبراهيم مصري بين الرياضة والتزامه الديني وعمله مؤذناً السنوات الماضية وواظب على التمرين، وفتح نادياً للتدريب عام 2003 مع شريك له في مدينة عكا الجديدة أطلقا عليه اسم "النادي الصحي العكي" انتسب إليه عشرات الشبان.
مؤذن بمايوه...وهذا يكفي لفصله من الجامع، اللافت أن هذا المؤذن فلسطيني ومن فصلته هي الداخلية الإسرائيلية.
الرياضة والالتزام الديني
جمع إبراهيم مصري بين الرياضة والتزامه الديني وعمله مؤذناً السنوات الماضية وواظب على التمرين، وفتح نادياً للتدريب عام 2003 مع شريك له في مدينة عكا الجديدة أطلقا عليه اسم "النادي الصحي العكي" انتسب إليه عشرات الشبان.
وفي النادي، توزعت المعدات الرياضية للتمارين واللياقة، إلى جانب صور لإبراهيم خلال مشاركته في بطولات رياضية.
وقال نقيب أئمة المساجد والمؤذنين الشيخ محمد كيوان تعليقاً على فصل مصري: "كنت أتمنى لو سألني قبل مشاركته في المسابقة، كنا قدمنا له النصح"، مشيراً إلى أن "إبراهيم يعرف أنه اقترف خطأ، لم يسأل الإدارة قبل الالتحاق بالمسابقة وتقديم العروض"، قائلاً إنه "لا يجوز شرعاً أن يظهر عورته أمام النساء والرجال والأطفال".
وتقدم إبراهيم مصري بطلب استئناف قرار فصله لدى محكمة العمل المركزية في حيفا سينظر فيه الأحد 3 فبراير الجاري.
هل الإسلام يمنع لاعبي كمال الأجسام من ارتداء "المايوه"؟
تواصل رصيف22 مع خدمة الفتاوى بدار الإفتاء المصرية، بهدف معرفة حكم الشرع في ما يتعلق برياضة كمال الأجسام، وبحسب إجابة الدار فإن اللعبة نفسها مطلوبة لأنها تهدف إلى إعداد الجسم القوي الصحيح، وهو ما أمر به الإسلام أتباعه، لاهتمام الإسلام بالإنسان روحاً وجسداً، وتشجيعه ممارسةَ الرياضة بكل أشكالها ما دامت لا تشملمحرمات كتفويت الصلاة، أو كشف العورات أو اختلاط بالنساء.
وتضيف الدار أن "عورة الرجل من السرة إلى الركبة، ولا يجوز له كشفها إلا لزوجته، كما لا يجوز لغيره النظر إلى عورته، وبناء عليه فإن ارتداء "مايوه" ضيق على المسرح أمر يتنافى مع الدين، لأنه يظهر عورة الرجل للجمهور"، مضيفة أنه "إذا أتيح للرياضي ارتداء لباس طويل من السرة إلى الركبة كبديل للمايوه الضيق القصير فلا ضرر من ممارسة هذه الرياضة".
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومينكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 5 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...