فرنسا هي بلد الحريات ولديها قوانين تحمي الحريات الشخصية، ومنها حرية التدين. ولكن هذه القوانين تتحوّل تدريجياً إلى مجرّد نظريات بسبب موجة الإسلاموفوبيا التي تنتشر في المجتمع الفرنسي.
ظاهرة الإسلاموفوبيا (رُهاب الإسلام أو الخوف من الإسلام) قائمة منذ وقت طويل في المجتمع الفرنسي ولكنها ازدادت كثيراً بعد الاعتداء على صحيفة شارلي إيبدو وبعد الهجمات الإرهابية التي استهدفت باريس.وهذه الظاهرة تفاقم من أزمة الجالية المسلمة في فرنسا وما يرتبط بها من مشاكل اندماج وانصهار في المجتمع الغربي وتهدّد مفهوم المواطنة وتنذر بصراع هويات لا أحد يعرف ما يمكن أن ينتج عنه.
"لم يدافع عني أحد حينما بدأ شخص بمهاجمتي بشتى العبارات السيئة وأنا في ميترو باريس. ما زلت أذكر هذا اليوم جيداً"، قالت هاجر ميتيري، مواطنة تونسية مقيمة في فرنسا لرصيف22. وقال مصطفى مولود، مواطن فرنسي من أصل مالي: "تتم مهاجمتي بشتى العبارات خاصة في وسائل النقل، أولاً لأنّي أسود البشرة وثانياّ لأنّي مسلم".
حيث تعيش أكبر جالية مسلمة
الصورة ليست قاتمة تماماً. بحسب أستاذ العلوم السياسية في جامعة فرنسا الجنوبية فانسون جيسار، إن "فرنسا هي البلد الأكثر تميزاً بين بلدان أوروبا، ففيها تسكن أكبر جالية مسلمة، عدا أنها البلد الذي خطا خطوات متقدمة للاعتراف بالإسلام والمسلمين من خلال تأسيس المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية. ولكن فرنسا هي أيضاً البلد الذي يقولون لك فيه: آه أنت مسلم، ديانتك تجلب المشاكل لفرنسا".
بعد اعتداء شارلي إيبدو وهجمات باريس الإرهابية، برزت الإسلاموفوبيا بشكل واضح بين الفرنسيين. قال لرصيف22 ياسر لواتي، المتحدث باسم جمعية مناهضة الإسلاموفوبيا في فرنسا، إن "هذه الاعتداءات ساهمت في تشويه صورة المسلمين وتسليط الضوء على كل ما يرتبط بهم".
وروت سليمة مراد، طالبة جزائرية مقيمة في فرنسا، حادثة حصلت مع صديقتها، فقد "تم الاستغناء عن خدماتها كمدرّسة خاصة وقالت لها ربّة المنزل أن ابنتها التي تدرّسها صارت تخاف ولا تشعر بالأمان لوجودها في البيت بعد أحداث باريس الأخيرة".
هذه الحالة ليست معزولة. فقد أكّد لواتي أنه "بعد هجمات يناير 2015، ازدادت الأعمال المعادية للإسلام بنسبة 23.5%، ما بين يناير ويونيو مقارنةً بالفترة نفسها من العام الماضي".
وبرغم أن القانون الفرنسي يجرّم العنصرية فإن فرنسا هي أول بلد يصدر قانوناً يحظر ارتداء النقاب، ويمنع الحجاب في المدارس. ويرى البعض أن هذه قوانين عنصرية، وقال لواتي إنه "بين عامي 2004 و2015، صدرت بضعة قوانين تستهدف المسلمين تحت غطاء العلمانية".
غريب في بلدي
تشغل أذهان المسلمين الفرنسيين أسئلة كثيرة أبرزها يتصل بمشاكل الهوية والمواطنة. قال مصطفي كمال، مواطن فرنسي من أصل جزائري، "إنه من الصعب أن تشعر بأنك غريب في بلدك، من الصعب أن تشعر بأنك مستهدف ومنبوذ فقط لأنك مسلم".
وربما تكون المشكلة الأكبر في موجة الإسلاموفوبيا في فرنسا أن معظم أفعال معاداة المسلمين ليست واضحة. فبحسب فانسون جيسار: "نحن في مواجهة مع خطاب معادٍ الإسلام، وليس سهلاً التصدي له لعدم وضوحه، فهو ليس مثلاً كالخطاب العنصري الذي شهدته أمريكا في بداية ستينيات القرن الماضي".
منذ أحداث 11 سبتمبر 2001، راحت ظاهرة الإسلاموفوبيا تنشأ في بعض البيئات وتزداد حدّة في بيئات أخرى، وصار مواطنون غربيون كثيرون يربطون بشكل مباشر بين المسلم والإرهاب.
ورأى لواتي أننا "انتقلنا إلى خطاب يمس الإسلام كديانة والمسلمين كأشخاص" مضيفاً أن "تضخيم وسائل الإعلام بعض الأمور دفع الكثرين إلى القيام بأفعال معادية للمسلمين، ترتكب بشكل خاص ضد النساء كونهنّ ظاهرات (يرتدين الحجاب)"، فنحو 80% من الاعتداءات توجّه ضد نساء.
سجال بين الفرنسيين غير المسلمين
يعيش المجتمع الفرنسي انقساماً واسعاً حول القضايا المرتبطة بالأقليات المسلمة. قال المواطن الفرنسي أموري فاردينال لرصيف22 إن "فرنسا هي بلد العلمانية، وهنالك الكثير من أماكن العبادة من مساجد وما إلى ذلك، وهذا ما يجب أن يفهمه المسلمون. ولكنّي أرى من غير اللائق إظهار الديانة في كل مكان وهذا ما تفعله نساء المسلمين إذ يأتين إلى العمل بالحجاب. لا أفهم لماذا يظهرون ديانتهم في كل مكان".
في المقابل، هنالك فرنسيون لهم آراء أخرى. فبحسب لونا مريانو: "لا أفهم لماذا يتم دائماً نسب الأعمال الإجرامية إلى المسلمين والخلط بين الدين والإرهاب. يجب أن لا ننسى أن أول ضحايا الإرهاب هم مسلمون".
وفي رأي بيار ماري، "لكل إنسان حرية الملبس واعتناق ما أراد، لا نستطيع فرض ما نريد على الآخرين، فأنا أؤمن بحرية المعتقد".
ولا يمكن إهمال دور اليمين المتطرف في تغذية النزعات العنصرية وبث الكراهية تجاه العرب والمسلمين. ولكن لواتي يؤكد أن "الإسلاموفوبيا ليست حكراً على اليمين المتطرف فقط وإنما هي مشتركة بين الجميع، إذ يقال هنا إن حريتك الدينية تنتهي عند باب منزلك".
واعتبر أن "القول إن حريتي الدينية تنتهي عند باب منزلي هو كالقول إن حريتي في التعبير تنتهي عند باب منزلي أيضاً، وكأننا لا نستطيع امتلاك الحرية في أماكن محددة".
والجدير ذكره أن الجمعية المناهضة للإسلاموفوبيا تستقبل قرابة 2000 ملف في السنة من الضحايا مباشرة. ولكن لواتي يؤكد أنه "لا يبلغ جميع الضحايا بما يجرى لهم إمّا لعدم علمهم بوجود جمعيات مختصة أو لخوفهم أو لأنهم يكونون قد قدموا شكوى لدى جهاز الشرطة ولم تُحمل شكواهم على محمل الجد".
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يوممتى سوف تحصل النساء في إيران على حقوقهم ؟!
مستخدم مجهول -
منذ يومينفاشيه دينيه التقدم عندهم هو التمسك بالتخلف
مستخدم مجهول -
منذ يومينعظيم
Tester WhiteBeard -
منذ يومينtester.whitebeard@gmail.com
مستخدم مجهول -
منذ 3 أيامعبث عبث
مقال عبث من صحفي المفروض في جريدة او موقع المفروض محايد يعني مش مكان لعرض الآراء...
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعرائع