من القاهرة التي حلّ فيها ضيفاً على الرئيس عبد الفتاح السيسي، وصف الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أوضاعَ حقوق الإنسان في مصر بأنها باتت أسوأ مما كانت عليه في عهد الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك، الذي ثار ضده ملايين المصريين في العام 2011، مضيفاً أن وضع الحقوق حالياً أسوأ كذلك مما كان عليه قبل أكتوبر من العام 2017 حين زار الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي باريس.
ويؤدي الرئيس الفرنسي زيارةً لمصر تستمر ثلاثة أيام، ورغم نقده المباشر لوضع حقوق الإنسان في مصر إلا أنه يأمل بتعزيز "الشراكة الاستراتيجية" مع القاهرة.
وفي ديسمبر الماضي، أبرمت مصر عدة عقود مع شركات فرنسية خلال المعرض العسكري للأسلحة إيدكس 2018 ما زاد التعاون العسكري الفرنسي المصري متانةً.
وقال ماكرون، في تصريحات للصحفيين على هامش زيارته للقاهرة التي وصلها مساء الأحد قادماً من أسوان جنوب مصر، إن حملة الاعتقالات في مصر لا تقتصر فقط على معارضين سياسيين، بل تشمل كذلك معارضين يشكلون جزءاً من الوسط الديمقراطي التقليدي ولا يشكلون تهديداً للنظام.
وقال الرئيس الفرنسي إنه سيبحث أوضاع حقوق الإنسان "بصراحة أكبر" مع نظيره المصري، عبد الفتاح السيسي، مؤكداً أنه سيجري بعيداً عن الإعلام جلسات مغلقة مع النظام المصري ستناقش بعض الحالات الفردية لمعارضين وشخصيات أخرى مسجونة.
وأكد ماكرون أنه سيتحدث بطريقة أكثر صراحة وأكثر وضوحاً عن أوضاع حقوق الانسان مع السيسي لأنه يعتقد "أن ذلك يصب في مصلحة الرئيس السيسي والاستقرار في مصر"، على حد تعبيره.
ووصف ماكرون النظام المصري الحالي بأن لديه "ملامح تسلطية نسبياً يعتبرها قادته ضرورية لتجنب زعزعة الاستقرار، خاصة من جانب الإخوان المسلمين أو جهات معارضة في الداخل، أنا أعي ذلك، وأحترمه".
وبرر ماكرون رفضه المطالبات التي تنادي بقطع كل أشكال التعاون بين بلده ومصر بسبب أنها "ستسرع أكثر من تقرب مصر من روسيا أو من قوى أخرى تتمنى حصول ذلك".
والمثليون أيضاً
وتابع ماكرون قائلاً: "حالياً، ليس المعارضون السياسيون وحدهم في السجون، بل هناك معارضون في المعترك الديمقراطي التقليدي ممن لا يشكلون تهديداً لاستقرار النظام، إنهم صحافيون، ومثليون جنسيا من النساء والرجال ممن لديهم قناعات يبدو لي أنها لا تشكل أي تهديد للنظام".
وأكد الرئيس الفرنسي أن طريقة الحكم هذه يعتبرها المجتمع المدني المصري "أكثرَ قساوة من نظام الرئيس المصري الأسبق حسني مبارك"، الذي تنحى عن الحكم في 2011 عقب ثورة 25 يناير.
وشدد ماكرون على أهمية "الاستقرار واحترام السيادة"، لكنه أضاف أن "ما يحصل هنا (في إشارة للانتهاكات المصرية لأوضاع حقوق الإنسان) يهدد على المدى الطويل الاستقرار في مصر".
وذكر ماكرون أنه سيبحث مع نظيره المصري قضية المدرس الفرنسي إريك لانغ الذي تقول وسائل الإعلام الفرنسية إنه لقي حتفه بعد تعنيفه في 13 سبتمبر 2013 عندما كان معتقلاً أسبوعاً في مركز للشرطة في القاهرة، مؤكداً أنه "يجب تحقيق تقدم" في القضية، وأن "عائلة لانغ تطالب بظهور الحقيقة في هذه القضية".
ولم تنقل وسائل الإعلام المصرية المقرب أغلبها من النظام المصري تصريحات ماكرون تلك، واكتفت فقط بالحديث عن الزيارة باعتبارها دليلَ على نجاح نظام السيسي واستقرار الدولة المصرية.
وازدانت الشوارع والميادين المصرية بلافتاتٍ ترحيبية حملن صورتي الرئيس الفرنسي ونظيره المصري مع شعار "مصر وفرنسا تاريخ مشترك".
سوريا وليبيا
بحسب تقرير لقناة فرانس 24 فإن الملفين السوري والليبي سيكونان على رأس المباحثات المشتركة بين ماركون والسيسي.
ويقول تقرير القناة إن الأوضاع في سوريا تقلق فرنسا كثيراً خاصة بعد قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب سحب قوات بلاده الموجودة هناك والفراغ الذي ستحدثه هذه الخطوة في المشهد السوري وتأثير هذا القرار على الأطراف الموالية للغرب مثل الأكراد وكذلك على الترتيبات السياسية لإعادة الاستقرار لهذا البلد الذي دمرته الحرب المستعرة منذ سبع سنوات.
ويلفت تقرير القناة أن القاهرة تستضيف جزءاً من المعارضة السورية على أراضيها مع الحفاظ في الوقت نفسه على علاقات طيبة بنظام الرئيس بشار الأسد وهو ما يخوّلها لعب دور الوسيط بين الطرفين.
ولفت التقرير إلى أن الوضع الأمني في ليبيا وتأثيره على دول الاتحاد الأوروبي يشغل فرنسا كذلك، فباريس تريد مناقشة الترتيبات الأمنية في هذا البلد المجاور لمصر الذي تعصف به الفوضى.
وأعلنت فرنسا مراراً مساندتها الدور الذي تلعبه القاهرة في ليبيا من أجل توحيد الأطراف المتصارعة وإعادة بناء الجيش الليبي ليصبح قوة قادرة على حفظ الأمن والسلام في المنطقة.
وتأمل فرنسا أن يكون للاستقرار في ليبيا نتائج إيجابية على ملف الهجرة غير الشرعية في البحر المتوسط.
يؤدي الرئيس الفرنسي زيارةً لمصر تستمر ثلاثة أيام، ورغم نقده المباشر لوضع حقوق الإنسان في مصر إلا أنه يأمل بتعزيز "الشراكة الاستراتيجية" مع القاهرة.
أرسل الحقوقي المصري بهي الدين حسن مدير مركز دراسات حقوق الإنسان، والمقيم حالياً خارج مصر، رسالة إلى الرئيس الفرنسي تحدث فيها عن الانتهاكات التي تحدث في مصر في السنوات الأخيرة، مطالباً الرئيس الفرنسي باتخاذ موقف جاد مما يحدث في مصر.
صفقات سلاح فرنسية مصرية ضخمة من جهة وانتقاد لحقوق الإنسان في مصر من جهة ثانية. ماذا يريد ماكرون؟
حقوقي مصري يراسل ماكرون
من جانبه أرسل الحقوقي المصري بهي الدين حسن مدير مركز دراسات حقوق الإنسان، والمقيم حالياً خارج مصر، رسالة إلى الرئيس الفرنسي تحدث فيها عن الانتهاكات التي تحدث في مصر في السنوات الأخيرة، مطالباً الرئيس الفرنسي باتخاذ موقف جاد مما يحدث في مصر خصوصاً ما يستهدف منظمات المجتمع المدني، وأن يتوقف عن دعم النظام المصري بالسلاح ومعدات التجسس بحجة مكافحة الاٍرهاب في مصر.
ويقول معارضون للسيسي إنه يضيق الخناق على جميع المعارضين، لكن المؤيدين يقولون إن الإجراءات الصارمة ضرورية لتحقيق الاستقرار في مصر، التي هزتها سنوات الاضطراب التي أعقبت سقوط مبارك.
وفي عام 2017 تضاعفت مبيعات الأسلحة الفرنسية لدول في الشرق الأوسط رغم ضغوط مشرعين ومنظمات حقوق الإنسان للحد من تدفق الأسلحة على منطقة تشهد اضطرابات عنيفة منذ سنوات. ووصلت مصر أبريل 2017 الدفعة المتبقية من طائرات رافال من فرنسا في إطار عقد بقيمة 5.2 مليار يورو أي ما يعادل حوالي 5.5 مليار دولار.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومينكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 6 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...