زعمت صحيفة هاآرتس الإسرائيلية أنها حصلت على "كنز” يتمثل في المذكرات التي كتبها كبار السياسيين الإسرائيليين في فترة الستينيات من القرن الماضي وما بعدها "تؤرخ" لبداية المشروع النووي الإسرائيلي من حيث تكلفته الضخمة وقرار تبنيه والخلافات التي أثيرت حول الإعلان عنه من عدمه.
وتكشف وثائق هاآرتس التي تصفها الصحيفة العبرية بأنها الأكثرُ سرية بشأن البرنامج النووي لإسرائيل، كيف كان محتملاً استخدام "القنبلة الذرية" ضد مصر خلال حرب أكتوبر 1973.
ما الذي تكشفه الوثائق؟
أكد آدم راز، محرر هاآرتس ومؤلف كتاب "الكفاح من أجل القنبلة” الذي يتمحور حول تاريخ إسرائيل النووي، أنه عثر على أكثر من 100 وثيقة تتوزع بين مذكرات وقصاصات ومسودات بخط اليد، تلخص أكثر الاجتماعات والأحداث المتعلقة بالبرنامج النووي لإسرائيل أهمية.
ولفت راز إلى أن الغالبية العظمى من الوثائق "أصلية" وكتبها إسرائيل غاليلي، وكان وزيراً دون حقيبة ومستشاراً مقرباً من رئيسي الوزراء، ليفي أشكول وغولدا مائير، فيما كتب القلة المتبقية من الوثائق كل من إيغال آلون وشيمون بيريز وموشيه ديان وأبا إيبان وليفي إشكول.
وتكشف الوثائق العديد من بنود اجتماعات سرية للغاية عقدت بين عامي 1962و1963، حيث تمت مناقشة مستقبل المشروع النووي الإسرائيلي وتأثيره على جيران إسرائيل وخاصة مصر.
ونظراً لخطورة وحساسية ما جاء في هذه الاجتماعات لم يسمح لأي من الحضور تلخيص ما تم التوصل إليه ولم تكتب محاضر رسمية به خوفاً من تسريبها.
الغريب أن الأسئلة التي طرحها غاليلي على زملائه في هذه الاجتماعات لا زالت تشغل بال الكثير من المؤرخين في جميع أنحاء العالم في الوقت الراهن، بحسب هاآرتس. وكانت بعض الأسئلة تستفسر عن موعد بدء تشغيل مفاعل ديمونا النووي الإسرائيلي، وما إذا كان يمكن إخفاؤه عن المفتشين الأجانب، وكمية الأموال التي يتعين توفيرها للمشروع.
وبدأ العمل في المفاعل النووي الإسرائيلي في نهاية عام 1958، بسرية تامة دون علم الكنيست أو الحكومة الإسرائيلية، كما توضح الوثائق، وكان الجزء الأكبر من تمويله من مساهمات أجنبية، ما ساعد على تجاوز الخلافات بشأن ضرورة بدء البرنامج ومناقشة أهميته المحتملة حتى سربت أنباء حوله في ديسمبر 1960.
لِمَ التكتم؟
تشدد الصحيفة العبرية على أن التكتم كان ضرورة في بداية البرنامج النووي الإسرائيلي، أولاً لأنه سيؤثر بشكل كبير على اندماج إسرائيل في شبكة العلاقات الدولية وتورطها في الحرب الباردة، وثانياً لأنه سيدفع بلداناً أخرى بالمنطقة إلى تطوير برامج نووية للدفاع عن نفسها مثل مصر، وثالثاً أن من شأن ذلك إفساد الجهود التي كانت تقودها الولايات المتحدة آنذاك لمنع الانتشار النووي.
ووصف أرنان أزارياهو، الذراعُ الأيمن لغاليلي والزعيم العسكري إيغال ألون، هذه الاجتماعات عقب عدة سنوات، بأنها أسفرت عن أكثر القرارات أهمية في تاريخ الصهيونية، في إشارة إلى رفض المجتمعين مقاربةً طرحها بيريز وديان بتحويل الجزء الأكبر من ميزانية وزارة الدفاع إلى مفاعل ديمونا، والإعلان عن البرنامج النووي الإسرائيلي بدلاً من سياسة "الغموض".
وتظهر الوثائق كيف كان غاليلي قلقاً من تأثير تطوير البرنامج النووي على "تقويض مصداقية إسرائيل" وخطورة إتمام المشروع في ظل وجود زعيم مثل عبد الناصر ربما يشن حرباً وقائية ضد ما وصفه بـ "الهدف المبرر" كما سيمنحها شرعيةً لإطلاق مشروع نووي خاص بها.
تكلف المشروع النووي أكثر مما توقع القادة الإسرائيليون، ففي اجتماع عقد في أبريل 1962، قال شيمون بيريز إنه حتى ذاك التاريخ، تم إنفاق 158 مليون ليرة إسرائيلية على تجهيز المفاعل (حوالي 53 مليون دولار، بحسب سعر الصرف آنذاك). وبعد عامين، أي منتصف عام 1964 تقريباً، أشار ألون إلى أنه في المناقشات التي جرت في مجلس الوزراء، ذُكِر أن مفاعل ديمونا كلّف قرابة 60 مليون دولار، لكنه كان مقتنعاً بأن الكلفة الحقيقية "ثلاثة أضعاف ذلك الرقم".
في حين تشير ملحوظة لغاليلي لا تحمل تاريخاً إلى أن الكلفة الإجمالية للمفاعل قد تصل إلى ضعف الرقم 180 مليون دولار أمريكي. وتوقع العديد من القادة أن المعرفة المسبقة لحجم تكاليف المفاعل كانت وحدها كافية لإلغاء الفكرة.
تكشف وثائق هاآرتس التي تصفها الصحيفة العبرية بأنها الأكثرُ سرية بشأن البرنامج النووي لإسرائيل، كيف كان محتملاً استخدام "القنبلة الذرية" ضد مصر خلال حرب أكتوبر 1973.
تخطيط لضرب مصر نووياً
الجانب الأكثر إثارة في الوثائق يتعلق بمصر، حيث دفعت "الصدمة" التي تعرض لها الإسرائيليون عندما باغتتهم القوات المصرية في حرب أكتوبر 73 على الجبهة في سيناء، إلى التفكير باستخدام السلاح النووي ضد مصر.
ففي الثالثة من بعد ظهر يوم الثامن من أكتوبر عام 1973، وصل وزير الدفاع موشيه دايان إلى مقر وزارة الدفاع بتل أبيب، ليقول لرئيسة الوزراء الإسرائيلية غولدا مائير إنه ربما يكون من الضروري الاستعداد قبل تفعيل "الخيار النهائي" في إشارة إلى استخدام السلاح النووي ضد مصر، لكن غاليلي الذي اصفر وجهه تساءل عما إذا كان فقد عقله لكن ديان كان مصراً على تنفيذ اقتراحه.
وفي اليوم التالي، عُقد اجتماع ثانٍ، بمشاركة شالفيت فريير، المدير العام لهيئة الطاقة الذرية الإسرائيلية، وكانت تتفق مع فكرة ديان بضرب مصر بالنووي، لكن إسرائيل ليئور، مساعدة رئيسة الوزراء للشؤون العسكرية آنذاك، قالت لهما "انسيا الفكرة تماماً".
وشدد محرر هاآرتس على أهمية تاريخ المشروع النووي الإسرائيلي ليس فقط بسبب تأثيره على ماضي الدولة العبرية، لكن لعمق تأثيره في الحاضر والمستقبل، كما يؤكد الكاتب على ضرورة إجراء مناقشة جادة ومسؤولة حول الحقائق التاريخية دون "إفساد" سياسة الغموض.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يوممتى سوف تحصل النساء في إيران على حقوقهم ؟!
مستخدم مجهول -
منذ يومينفاشيه دينيه التقدم عندهم هو التمسك بالتخلف
مستخدم مجهول -
منذ يومينعظيم
Tester WhiteBeard -
منذ يومينtester.whitebeard@gmail.com
مستخدم مجهول -
منذ يومينعبث عبث
مقال عبث من صحفي المفروض في جريدة او موقع المفروض محايد يعني مش مكان لعرض الآراء...
مستخدم مجهول -
منذ 6 أيامرائع