قالت صحيفة "واشنطن بوست" في تقرير الاثنين إن العالم العراقي سليمان العفاري، وافق على التعاون مع مسلحي تنظيم الدولة الإسلامية "داعش" حين استولى التنظيم على مدينة الموصل العراقية في العام 2014.
وكان العفاري البالغ من العمر 52 عاماً، يعمل في وزارة الصناعة والموارد المعدنية العراقية حين احتلت داعش الموصل.
وقالت الصحيفة الأمريكية إنها حصلت على معلوماتها من خلال مقابلة خاصة أجرتها مع العفاري المسجون في إقليم كردستان العراق، داخل مقر إدارة مكافحة الإرهاب، وهو من بين عدد قليل من المشاركين المعروفين في برنامج الأسلحة الكيميائية التابع لداعش بعد أن تم القبض عليه حياً. ووصفت الصحيفة العفاري بأنه شخص عاطفي ومرتب بطريقة مثالية.
وبحسب الصحيفة فإن داعش طلب من العفاري "المساعدة على إنتاج سلاح كيميائي"، فأجابهم بأنه لا يعرف إلا القليل عن ذلك، لكنهم صمموا على أن يساعدهم، فوافق في النهاية على عرضهم وأشرف على إنتاج التنظيم لغاز الخردل طوال 15 شهراً.
وكان العفاري واحداً من مجموعة مختصين كلفهم داعش بتركيب وإنتاج سلاح كيميائي تم استخدامه لاحقاً ضد المدنيين والفصائل المسلحة المتحالفة مع الجيش الأمريكي والتحالف الدولي خلال القتال في العراق وفي سوريا.
وردأ على سؤال الصحيفة عما إذا كان نادماً على تعاونه مع "داعش"، قال العفاري إنه لا يعرف إذا كان يستطيع استخدام كلمة الندم، مضيفاً أن من قبضوا عليه هم الجنود الأمريكيون والأكراد في العام 2016 وهو الآن سجين في أربيل، عاصمة الإقليم الكردي الذي يتمتع بحكم ذاتي، معتبراً أن تنظيم "داعش” تحول إلى سلطة حاكمة آنذاك، وقد اضطر للعمل معها بسبب حاجته للمال، بحسب تعبيره.
وقد أكد روايةَ العفاري العديدُ من المسؤولين الأمريكيين والأكراد الذين شاركوا في مهام تدمير مصانع الأسلحة التابعة لداعش وفي تعقبل كبار قادتها و القبض عليهم أحياء أو قتلهم.
وتقول الصحيفة إن اعترافاتِ العفاري تلقي الضوء على مشروع الأسلحة الكيميائية الذي أراد داعش التفوق فيه من خلال الاستعانة بالمختبرات الجامعية، وكادر من العلماء والفنيين المؤهلين، حيث استخدمت الأسلحة التي صنعها التنظيم في عشرات الهجمات على الجنود والمدنيين في العراق وسوريا، ما تسبب بسقوط مئات الضحايا، بحسب المسؤولين الأمريكيين والعراقيين.
وقال العفاري في حواره مع الصحيفة إن حديثه مع قادة داعش جعله يقتنع أن كل ما يريدونه من الأسلحة الكيميائية هو ترويع القوات العراقية التي حاولت استعادة الأراضي التي استولى عليها التنظيم، وقال العفاري: "كان من المهم لداعش أن تصنع شيئاً قوياً حتى يمكن أن تروعهم (العراقيين)"، مضيفاً: "كان الأمر يتعلق بخلق الرعب، والتأثير على نفسية ومعنويات القوات التي تقاتلهم".
وأضاف العفاري: “جاؤوا إليّ طلباً للمساعدة في المعدات، والعتاد الذي يحتاجونه للأسلحة الكيميائية"، مؤكداً: "لدي تجربة مع الفولاذ المقاوم للصدأ، وكانوا يبحثون عن الفولاذ المقاوم للصدأ، ليس لديك خيار سوى أن تصبح واحداً منهم ".
احتلال الموصل
وانتشر أفراد من تنظيم داعش في الموصل في يونيو من العام 2014، وفي غضون ستة أيام، هزم التنظيم المكون من 1500 مقاتلاً قافلةً عسكرية عراقية كانت أكبر من حيث العدد 15 مرة، ونجح التنظيم في الاستيلاء على المطار والقواعد العسكرية المحيطة به، وتسبب هجوم داعش بنزوح نصف مليون مدني تقريباً، وتخلى آلاف الجنود العراقيين عن أزيائهم العسكرية محاولين الفرار، لكن تم قتل معظمهم على يد المهاجمين.
ويوم 11 أغسطس من العام 2015، أي بعد مرور 14 شهراً على رفع الرايات السوداء فوق أراضي الموصل، قام مسلحون تابعون لداعش بإلقاء 50 قذيفة هاون على قرية كان يسيطر عليها مقاتلو البشمركة الكردية جنوب أربيل، وانفجرت المقذوفات مخلفة دخاناً أبيض وسائلاً زيتياً، وفي غضون دقائق، أصيب حوالي 30 من جنود البشمركة وشكا آخرون من الغثيان وحروق في العينين وآلام في الرئتين
كان العفاري واحداً من مجموعة مختصين كلفهم داعش بتركيب وإنتاج سلاح كيميائي تم استخدامه لاحقاً ضد المدنيين والفصائل المسلحة المتحالفة مع الجيش الأمريكي والتحالف الدولي خلال القتال في العراق وفي سوريا.
التقدم في برنامج الأسلحة الكيميائية توقف على ما يبدو في أوائل العام 2016، حسب خلاصة واشنطن بوست، بعد أن أطلق القادة الأمريكيون والعراقيون حملة كبيرة لتدمير مراكز الإنتاج وقتل العاملين فيها أو القبض عليهم، ومع ذلك، لم يتم محو التهديد بالكامل.
مهمة معقدة
وأكد اختبار معملي أولي أن قذائف الهاون احتوت على خردل الكبريت، وأنها محلية الصنع، وفي البنتاغون والبيت الأبيض أثار هذا الاكتشاف المخاوف من أن المجموعة الإرهابية بدأت بتصنيع أسلحة كيميائية بدائية، ما يعني أنها قد تستحوذ قريباً على أسلحة أكثر تطوراً.
تكمل الصحيفة أنه على مدار الأشهر التالية، بدأت إدارة الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما وحلفاؤها من الأكراد والعراقيين شنَّ حملة لتدمير مراكز إنتاج تلك الأسلحة، وقتل كبار قادة البرنامج، وكانت المهمة معقدة لأن الأهداف كانت في معظمها في المراكز الحضرية وسط عدد كبير من السكان المدنيين، ومع ذلك، رأى البيت الأبيض أن القضاء على البرنامج الكيميائي لداعش أولوية قصوى.
التقدم في برنامج الأسلحة الكيميائية توقف على ما يبدو في أوائل العام 2016، حسب خلاصة واشنطن بوست، بعد أن أطلق القادة الأمريكيون والعراقيون حملةً كبيرةً لتدمير مراكز الإنتاج وقتل العاملين فيها أو القبض عليهم، ومع ذلك، لم يتم محو التهديد بالكامل، حيث قام قادة داعش بنقل المعدات وربما المواد الكيميائية من العراق إلى سوريا في العام 2016، بحسب ما أكده المسؤولون العراقيون، ويحتمل أن يكون معظم هذه الأسلحة تم دفنها بعد سقوط التنظيم.
لكن الصحيفة تشدد على أن المعلومات والمهارات التي حصل عليها التنظيم من الفريق المكلف بصنع الأسلحة الكيميائية سواء من العفاري أو من غيره من أعضاء فريق الأسلحة الكيميائية، لا تزال موجودة بلا شك، ومحتجزة في ذاكرة الكمبيوتر، وفي ذاكرة أعضاء التنظيم الذين لا زالوا على قيد الحياة وتفرقوا بعد انهيار داعش مؤخراً.
ونقلت الصحيفة عن هاميش دي بريتون جوردون، خبير الأسلحة الكيميائية الذي قاد فرق الاستجابة السريعة للجيش البريطاني وحلف شمال الأطلسي قوله إن “جهاديين في جميع أنحاء العالم يمكنهم الوصول إلى شبكة الإنترنت التي تحوي تفاصيل هذه الأمور"، مضيفاً أن التنظيم الإرهابي لا زال مهتماً للغاية بالحصول على السلاح الكيميائي".
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومينكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 6 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...