في سرية تامة وبطائرة مطفأة الأضواء، وصل ترامب العراق الأربعاء في زيارة مفاجئة لتفقد القوات الأمريكية. الزيارة لم تدم أكثر من 3 ساعات، دافع خلالها ترامب عن بقاء الجيش الأمريكي في العراق بعد قراره الانسحاب المفاجئ من سوريا بزعم هزيمة داعش والقضاء عليها. لم تلقَ الزيارة ترحيباً في الأوساط السياسية ولا الشعبية، بل أثارت تساؤلات عن السبب الحقيقي للبقاء الأمريكي في العراق الذي هزم بدوره داعش، ما يقيم مقارنة بين أسباب مغادرة سوريا وأسباب البقاء في العراق وكلاهما سجل انتصارات مهمة على التنظيم الإرهابي.
الرفض الشعبي تزامن مع تنديد زعماء سياسيين وقادة فصائل مسلحة عراقية بالزيارة واعتبروها "انتهاكاً" لسيادة البلاد.
وصرح المكتب الإعلامي لرئيس الوزراء العراقي عادل عبد المهدي، بأن السلطات الأمريكية أعلمت بغداد برغبة الرئيس ترامب زيارة العراق لتهنئة حكومة العراق الجديدة وزيارة العسكريين الأمريكيين، قبيل وقت قصير من الزيارة، وأوضح أن الحكومة العراقية رحبت بالطلب الأمريكي.
تدابير أمنية مشددة
وفي أول زيارة يقوم بها إلى منطقة تشهد صراعاً مسلحاً خلال عامين قضاهما في الحكم، اصطحب الرئيس الأمريكي زوجته ميلانيا ترامب ومجموعة صغيرة من المساعدين ومسؤولي جهاز أمن الرئاسة والصحافيين لقضاء عيد الميلاد وسط الجنود الأمريكيين حيث التقط معهم الصور.
ولم يفت ترامب أن يتغنى ببطولته للقيام بمثل هذه المغامرة، فقال لجنوده والصحافيين: "رأيتم ما تعين علينا المرور به في الطائرة المظلمة التي تم إطفاء جميع أضوائها" مشدداً على أن هاجسه الأمني الرئيسي كان على السيدة الأولى لذا اتخذ هذه الإجراءات الاحترازية.
ولم ينس الرئيس الأمريكي الدفاع عن قراره بشأن الانسحاب من سوريا، قائلاً: "نريد السلام وأفضل سبيل لتحقيقه من خلال القوة” معلناً أن القوات الأمريكية في سوريا كان لها هدف ومهلة زمنية محددين بقوله: "وجودنا في سوريا لم يكن بلا نهاية ولم تكن النية أبداً أن يكون دائماً".
وتابع: " حان الوقت لإخراج شبابنا. كنت أوقع كثيراً من الرسائل وأنا لا أحب إرسال رسائل تخبر الأهل بقتل ابنهم أو ابنتهم، لا أحب فعل ذلك لكنه يحدث منذ فترة طويلة".
في المقابل، قال ترامب إن قوات بلاده باقية في العراق معلناً: " ليست لدينا خطط لسحب القوات من العراق".
وتعدّ القوات الأمريكية في العراق قرابة 5200 جندي، تزعم الولايات المتحدة أنهم يقومون بتدريب القوات العراقية وتقديم المشورة لها بينما لا تزال تشن حملة ضد داعش.
ما الهدف من الزيارة
تعرض ترامب لانتقادات من بعض قادة الجيش الأمريكي لعدم زيارته الجنود الأمريكيين في مناطق الصراع خاصةً عقب إلغائه زيارة لمقبرة في فرنسا الشهر الماضي في ذكرى الحرب العالمية الأولى بسبب المطر، لكنه ربما اختار زيارة قواته في العراق تحديداً لنفي شائعات الانسحاب منه، عقب إعلان سحب جميع قواته من سوريا والحديث عن سحب نصف قواته من أفغانستان.
وكالة رويترز رجحت أن تكون الزيارة في إطار جهود ترامب لنشر أنباء إيجابية عنه في الصحف الأمريكية عقب هجوم متواصل ضده بسبب قراراته سحب كل القوات الأمريكية من سوريا وسحب نحو نصف القوة الأمريكية في أفغانستان وقوامها 14 ألف جندي وإجبار وزير الدفاع جيم ماتيس على الرحيل قبل شهرين من الموعد المقرر، الهجوم الذي شارك به كثير من المشرعين الجمهوريين والديمقراطيين الذين يؤمنون بأن هزيمة داعش ليست بتلك البساطة وأن سحب القوات يغضب الحلفاء الدوليين أولهم فرنسا.
كما تأتي الزيارة في ظل تصاعد التوتر بين واشنطن وطهران، وسعي الولايات المتحدة لمواجهة نفوذ إيران المتزايد في الشرق الأوسط، وكأن ترامب يبعث برسالة إلى إيران: "سنبقى هنا بالبلد المجاور".
زيارة ترامب أثارت تساؤلات عن السبب الحقيقي للبقاء الأمريكي في العراق الذي هزم بدوره داعش، ما يقيم مقارنة بين أسباب مغادرة سوريا وأسباب البقاء في العراق وكلاهما سجل انتصارات مهمة على التنظيم الإرهابي.
قال مواطن عراقي: "لن نحصل على أي شيء من أمريكا. كانوا في العراق على مدى 16 عاماً، ولم يقدموا للبلد سوى الدمار والخراب".
غضب عراقي
السعادة التي ارتسمت على وجوه الجنود الأمريكيين لزيارة قائدهم، قابلها غضب عراقي شديد بسبب الزيارة، وفي أول رد فعل رسمي رفض رئيس الوزراء العراقي عادل عبد المهدي طلب ترامب بالذهاب لمقابلته بالقاعدة العسكرية الأمريكية، بحسب نواب عراقيين، وذكر مكتبه في بيان: " تباين في وجهات النظر لتنظيم اللقاء أدى إلى الاستعاضة عنه بمكالمة هاتفية تناولت تطورات الأوضاع ".
وزعمت سارة ساندرز المتحدثة باسم البيت الأبيض أن إلغاء الاجتماع، يعود إلى "مخاوف أمنية والإخطار بالزيارة قبل موعدها بقليل”، لكنها أكدت أن ترامب وعبد المهدي أجريا ”اتصالاً رائعاً“ وأن المسؤول العراقي قبل دعوة ترامب لزيارة البيت الأبيض العام القادم.
وفي تعليقه على الزيارة، قال قيس الخزعلي الأمين العام لحركة "عصائب الحق" وهي ميليشيا شيعية قاتلت في صفوف القوات العراقية المتحالفة مع أمريكا ضد داعش، عبر تويتر: "زيارة ترامب لقاعدة عسكرية أمريكية بدون مراعاة الأعراف الدبلوماسية، يكشف حقيقة المشروع الأمريكي في العراق"، وأردف بلهجة حادة: "رد العراقيين سيكون بقرار من البرلمان بإخراج قواتك العسكرية رغماً عن أنفك وإذا لم تخرج فلدينا الخبرة والقدرة لإخراجها بطريقة أخرى تعرفها قواتك التي أجبرت على الخروج ذليلة في 2011".
وسبق أن تساءل الخزعلي، عقب إعلان قرار ترامب سحب القوات الأمريكية من سوريا، ومزاعمه بشأن "هزيمة داعش والقضاء على وجوده" عن حدوث هزيمة مماثلة للتنظيم في العراق وعن السبب "الخفي" للبقاء الأمريكي في بلاده.
في السياق ذاته، دعا صباح الساعدي زعيم كتلة الإصلاح النيابية في بيان إلى جلسة طارئة لمجلس النواب لبحث "هذا الانتهاك الصارخ لسيادة العراق وإيقاف هذه التصرفات الهوجاء من ترامب الذي يجب أن يعرف حدوده فإن الاحتلال الأمريكي للعراق انتهى" على حد قوله.
ومن جهته شدد تحالف البناء، منافس كتلة الإصلاح في البرلمان، على موقفه الرافض للزيارة أيضاً، وأفاد في بيان لزعيمه هادي العامري بأن ”زيارة ترامب انتهاك صارخ وواضح للأعراف الدبلوماسية وتُبين استهتاره وتعامله الاستعلائي مع حكومة العراق".
وأشارت رويترز في الوقت نفسه، إلى عدم اهتمام المواطنين العراقيين بزيارة ترامب. وقال مواطن عراقي: "لن نحصل على أي شيء من أمريكا. كانوا في العراق على مدى 16 عاماً، ولم يقدموا للبلد سوى الدمار والخراب".
قذائف في محيط السفارة
وتحدثت تقارير إعلامية عن سماع دوي انفجارات وإطلاق صافرات إنذار إثر سقوط قذائف بالقرب من محيط السفارة الأمريكية بالمنطقة الخضراء فجر الخميس بعد ساعات قليلة من مغادرة ترامب العراق.
وبالتزامن مع ذلك بدأ مجلس النواب العراقي صباح الخميس مساعيه لإقرار قانون يتعلق بإخراج جميع القوات الأجنبية من العراق، بعد وصول مسودة القرار إلى اللجنة القانونية النيابية، من أجل صياغة القانون وطرحه للتصويت، في ظل مخاوف مناوئة من أن يفسح هذا الإجراء في حال تم المجال لإيران للسيطرة منفردة على البلاد.
يشار إلى أن الرئيس الأمريكي توقف لنحو ساعة ونصف في قاعدة رامشتاين الجوية في ألمانيا لمصافحة جنوده هناك فيما أعلنت المتحدثة باسم البيت الأبيض الخميس أن وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو سيلتقي رئيس الوزراء العراقي عادل عبد المهدي في بغداد في 11 يناير القادم.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يوممتى سوف تحصل النساء في إيران على حقوقهم ؟!
مستخدم مجهول -
منذ يومينفاشيه دينيه التقدم عندهم هو التمسك بالتخلف
مستخدم مجهول -
منذ يومينعظيم
Tester WhiteBeard -
منذ يومينtester.whitebeard@gmail.com
مستخدم مجهول -
منذ 3 أيامعبث عبث
مقال عبث من صحفي المفروض في جريدة او موقع المفروض محايد يعني مش مكان لعرض الآراء...
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعرائع