في الوقت الذي كان فيه العالم العربي منهمكاً بالقمة الاقتصادية العربية التي عُقدت يوم الأحد في بيروت، استيقظ اللبنانيون يوم الجمعة 18 يناير على خبرٍ ينتهك مفهوم الحرية واحترام الرأي والتعبير وحقوق الأفراد وخياراتهم الجنسية.
ففي خضم سياسة قمع الحريات التي تمارسها السلطة اللبنانية، يبدو أن وزارة الاتصالات قد قررت بدورها حظر تطبيق "غرايندر" في لبنان، وهو أشهر تطبيقٍ للمواعدة يستهدف مجتمع الميم ويقدم لهؤلاء المستخدمين/ات مساحةً حرةً من أجل التعرف بعضهم على بعض ضمن بقعةٍ جغرافيةٍ محددةٍ، بعيداً عن الملاحقات القانونية والعقوبات المشددة التي تطال مجتمع الميم في معظم البلدان العربية التي تعتبر "المثلية الجنسية جريمة" يجب محاسبة مرتكبها وانزال أشدّ العقوبات به.
وكان المستخدمون قد أبلغوا في وقتٍ سابقٍ عن مشاكل في الشبكة الإلكترونية وعن عجزهم عن الدخول إلى تطبيق "غرايندر"، في حين أنه لم يصدر عن شركتي "الفا" و"Touch" للاتصالات الخلوية في لبنان اي بيانٍ لتوضيح ملابسات هذه المسألة.
بلبلة على "تويتر"
بين ليلةٍ وضحاها، فوجىء روّاد Grindr في لبنان بعدم قدرتهم على الوصول إلى التطبيق الأكثر استخداماً بين مجتمع الميم، من خلال شبكات الهاتف النقال 3G و4G، في حين أن الاتصال عبر "واي فاي" لم ينقطع، من هنا رجح المستخدمون أن تكون السلطات اللبنانية قد قررت حظر تطبيق "غرايندر" على شبكات الهاتف النقال، وهو الأمر الذي أثار حفيظة الكثير من المواطنين، وأحدث بلبلة على شبكات التواصل الاجتماعي. تحت هاشتاغ GrindrLebBan، انهالت التعليقات والآراء المستنكرة على تويتر والتي اعتبرت أن قرار الحظر "عار" وخطوة "غبية". وفي هذا الصدد كتب أحد المستخدمين:" GrindrLebBan لأننا لم نتخيّل يوماً أن السلطات اللبنانية يمكن أن تصبح أكثر غباءً وازدراء...ولكنها أضحت كذلك... يا للعار". وغرّد مستخدم آخر: عار عليك saadhariri@!! عار عليك أن تسمح لـ@aljarrahjamal بأن يملي علينا ما نستطيع فعله وما لا نستطيع!! وفي تغريدةٍ أخرى عبّر عن استغرابه من حالة الصمت التي تسود الجميع:"كيف يلتزم الصمت الجميع؟ وكانت "خرابيش نسوية"، وهي مبادرةٌ نسوية تستخدم فن الكوميكس والرسومات لمحاربة العقلية الذكورية، قد توجهت في تغريدتها إلى شريكتي "الفا" و touch للاتصالات بالسؤال التالي: "هل أقدمتما على حظر غرايندر في لبنان؟ أنتما مدينتان للجميع بشرح ما حصل... مشددةً على أن الجميع ينتظر بياناً توضيحياً والعالم كله يراقب هذه القضية. أما "جورج قزي"، الناشط في مجال حقوق المثليين والمدير التنفيذي للمؤسسة العربية للحريات والمساواة (AFE) فقد غرّد بطريقةٍ ساخرةٍ: "يا جماعة ممكن يكونوا منعوا غرايندر مؤقتاً كرمال القمة العربية، حتى الكم واحد يللي مشاركين ما يغيبوا!"، لافتاً إلى أن "الحرب على المثليين والمساحات المخصصة لهم، آخرها منع غرايندر بأمرٍ من وزارة الاتصالات، هي حرب على الحريات الخاصة، آخر ما تبقى للبنانيين، هل المفروض ان نترك البلد للفاسدين، ودواعش المؤسسات الدينية؟". ?s=19المطالبة بتوضيح
لقد أثار قرار حظر "غرايندر" في لبنان استنكار العديد من الناشطين والناشطات الذين يعتبرونه خرقاً بامتياز للحريات الشخصية وفصلاً من فصول الاضطهادات التي تمارس بحق مجتمع الميم في لبنان، مطالبين الجهات المعنية بتوضيح أسباب وخلفيات هذا القرار المفاجىء والذي هو "من دون جدوى"، بحسب ما وصفته الناشطة عبير غطاس، مشيرةً إلى أن الشعب اللبناني يجيد لعبة تجاوز المحظورات. وفي هذا السياق كانت منظمة SMEX التي تعمل من أجل تحويل شبكة الإنترنت إلى منصةٍ عربيةٍ مفتوحةٍ ومجانيةٍ، ومتنوعة وديناميكية، قد تواصلت مع شركتي "ألفا" و"تاتش" للحصول على تعليقٍ حول هذا الموضوع."الحرب على المثليين والمساحات المخصصة لهم، آخرها منع غرايندر بأمرٍ من وزارة الاتصالات، هي حرب على الحريات الخاصة، آخر ما تبقى للبنانيين، هل المفروض ان نترك البلد للفاسدين، ودواعش المؤسسات الدينية؟"
تنصح SMEX الراغبين بالوصول إلى تطبيق المواعدة "غرايندر" باستخدام إحدى الشبكات التالية: NordVPN، Tunnel Bear، Mullvad وبالطبع TOR.وفي حين أن شركة "الفا" قد امتنعت عن الردّ، فإن ممثل من شركة "تاتش" أوضح أن حظر تطبيق "غرايندر" جاء بموجب قرار صدر عن وزارة الاتصالات اللبنانية في 17 يناير 2019. هذا ولم يُعرف سبب اتخاذ القرار كما أنّه لم يُنشر على موقع الإلكتروني الخاص بوزارة الاتصالات. وفي حديثها لموقع رصيف 22، أكدت "عزة المصري"، مديرة الحملات لدى SMEX، أن هناك محاولات حثيثة للتواصل مع لجنة الإتصالات وتكنولوجيا المعلومات في مجلس النواب، إضافة إلى هيئة "أوجيرو" من أجل الوقوف على رأيهما في هذا الخصوص، خاصة أن هناك شائعات تفيد بأن قرار حظر "غرايندر" سيكون شاملاً وينسحب في وقتٍ لاحقٍ على جميع طرق الاتصالات. وتعليقاً على قرار حظر تطبيق المواعدة "غرايندر"، اعتبرت "المصري" أن هذه خطوة تصاعدية في "سيناريو" قمع الحريات في لبنان، شارحةً أنها تأتي بعد فترةٍ قصيرةٍ من قيام الدولة اللبنانية بحجب منصة Wix المخصصة لاستضافة مواقع الانترنت، على اعتبار أن الشركة إسرائيلية المنشأ والتشغيل، مع العلم أن قرار الحظر الذي يستند إلى قانون مقاطعة إسرائيل لعام 1955 تم تنفيذه فجأةً من دون إنذار أصحاب المواقع. أما عن سبل مكافحة مثل هذه الممارسات المجحفة والتي تنتهك حريات الأفراد، كشفت "عزة المصري" أن SMEX سوف تستمر في العمل كقوةٍ ضاغطةٍ من أجل حث الجهات المعنية على العدول عن قرار حظر "غرايندر". وفي انتظار صدور أي توضيحٍ رسمي من شركة الإتصالات، فإن SMEX تنصح الراغبين بالوصول إلى تطبيق المواعدة "غرايندر" باستخدام إحدى الشبكات التالية: NordVPN، Tunnel Bear، Mullvad وبالطبع TOR.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ 3 أيامرائع. الله يرجعك قريبا. شوقتيني ارجع روح على صور.
مستخدم مجهول -
منذ 3 أيامحبيت اللغة.
أحضان دافئة -
منذ 4 أياممقال رائع فعلا وواقعي
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعمقال جيد جدا
مستخدم مجهول -
منذ اسبوعينحب نفسك ولا تكره الاخر ولا تدخل في شؤونه الخاصة. سيمون
Ayman Badawy -
منذ اسبوعينخليك في نفسك وملكش دعوه بحريه الاخرين