يستعد مسيحيو العراق، للاحتفال بأعياد الميلاد في مناطقهم المحررة من قبضة "داعش"، وسط إجراءات أمنية مشددة، بعد استعادتهم بعض السكينة عقب سنوات من الترويع الذي مورس عليهم على يد التنظيمات الإرهابية بلغ حد تهجيرهم من بيوتهم والاستيلاء عليها وقتلهم، وإجبارهم على التخلي عن دينهم الذي اعتقنوه ألفيْ عام.
مسيحيو العراق هم جزء أصيل من حضارة وادي الرافدين، حيث يرتطبون عرقياً بالأمم والشعوب التي بنت الحضارات الأولى في العراق، كالآشوريين والكلدان وغيرهم، ويعدون مؤسسين أصيلين للهوية العراقية وسفراء للتعددية الدينية الثرية في الشرق الأوسط برمته.
وفي السنوات الأخيرة هاجر قسم كبير من مسيحيي العراق إلى الخارج، كما فر هاجر آخرون من قراهم ومدنهم إثر موجة العنف التي ارتكبتها داعش واتخذت مساراً يهدد وجودهم بلغ حد إجبارهم على الاختيار بين اعتناق الإسلام أو دفع الجزية، بحسب شهادات مسيحيين فروا من الموصل قبل تحريرها في العام 2017.
قبل أيام قليلة من عيد الميلاد المجيد هذا العام، تجمع بعض مسيحيي العراق في كنيسة القديس يوسف الكاثوليكية الكلدانية، للصلاة من أجل عودة جميع المهجرين إلى منازلهم، ولاستعادة الأمن والسلام.
وفي السليمانية، وهي المنطقة الكردية الشمالية من العراق، يعيش نحو 60 إلى 70 عائلة مسيحية نازحة من الموصل ومن سهول نينوى، يقومون حالياً بالتجهيز لتنظيم القداس في كنيسة القديس يوسف.
هذه العائلات تنحدر في الأساس من الموصل وتلكيف وبعشيقة وبرطلة وجميعها تقع في سهول نينوى، لكنها نزحت بداية أغسطس 2014 حين اجتاحت داعش مدينة الموصل والمدن المسيحية في نينوى.
وبحسب تقرير نشره موقع يورونيوز فإن هذه العائلات لا يمكنها حتى اليوم العودة إلى بيوتها بسبب المشاكل الأمنية التي لم تنته تماماً في العراق رغم تحسن الظرف الأمني بحسب مراقبين. وتعد السليمانية إحدى محافظات منطقة كردستان الشمالية التي تتمتع بحكم شبه ذاتي في العراق، ويبلغ عدد سكانها أكثر من مليوني شخص، غالبيتهم من المسلمين الأكراد.
وبحسب إحصاءات رسمية فقد بلغ عدد المسيحيين العراقيين قبل الغزو الأمريكي نحو مليون ونصف نسمة، فيما يبلغ عددهم اليوم أقل من 300 ألف.
"يحتفل مسيحيو العالم بعيد ميلاد السيد المسيح في 25 ديسمبر من كل عام ويُعد هذا العيد عطلة رسمية في العالم، وأيضاً في كل من الأردن وسوريا ولبنان وإقليم كردستان العراق ومحافظة كركوك”.
تأتي استعدادات مسيحيي العراق للاحتفالات بأعيادهم وسط إجراءات أمنية مشددة هذا العام كالأعوام التي سبقت الغزو الأمريكي، فمن أجل تأمين هذه الاحتفالات باشرت دوريات النجدة، منذ السبت، بالانتشار أمام الكنائس.
عيد يشجع على البقاء
يوم 10 ديسمبر الجاري، وجه البطريرك الكلداني الكاردينال لويس روفائيل ساكو، رسالة إلى رئيس مجلس النواب العراقي محمد الحلبوسي، طلب فيها إقرار أول يوم من عيد الميلاد عطلة رسمية في العراق.
وقال البطريرك في رسالته: "يحتفل مسيحيو العالم بعيد ميلاد السيد المسيح في 25 ديسمبر من كل عام ويُعد هذا العيد عطلة رسمية في العالم، وأيضاً في كل من الأردن وسوريا ولبنان وإقليم كردستان العراق ومحافظة كركوك”. وأضاف: "لذا نتقدم من دولتكم بطلب إصدار قانون من مجلس النواب الموقر، بجعل هذا العيد عطلة رسمية ليوم واحد ضمن لائحة الأعياد الرسمية في العراق، ولاسيما أن الإخوة المسلمين يخصون السيد المسيح باحترام كبير".
وختم البطريرك ساكو رسالته بالقول: "إنكم باتخاذكم قراراً كهذا سوف تـُفرحون مواطنيكم المسيحيين، وتشجعونهم على البقاء والتواصل بدل الهجرة، وتوطـّدون احترام الديانات، كما سيترك صدى جميلاً في المحافل الدولية".
غير أن العراق لم يصدر قراراً بجعل يوم 25 ديمسبر إجازة رسمية، لكن من جانبها أعلنت حكومة إقليم كردستان العراق، عن تعطيل الدوام الرسمي يوم الثلاثاء المقبل بمناسبة أعياد عيد الميلاد ورأس السنة.
وقال المتحدث الرسمي لحكومة الإقليم سفين بزي إن "حكومة إقليم كردستان قررت تعطيل الدوام الرسمي في جميع محافظات الإقليم بمناسبة أعياد الميلاد ورأس السنة".
وكانت وسائل إعلام قد نقلت عن ساكو قوله إنه يلاحظ في السنوات الأخيرة تغييراً إيجابياً على صعيد العراق، من أبرز ملامحه تعمق الروابط الاجتماعية كالتعاطف الذي يظهره المسلمون نحو المسيحيين من خلال تقديم التهاني إليهم ورغبتهم بمشاركتهم احتفالاتهم.
وتأتي استعدادات مسيحيي العراق للاحتفالات بأعيادهم وسط إجراءات أمنية مشددة هذا العام كالأعوام التي سبقت الغزو الأمريكي، فمن أجل تأمين هذه الاحتفالات باشرت دوريات النجدة، منذ السبت، بالانتشار أمام الكنائس.
في ديسمبر من العام الماضي احتفل مسيحيو مدينة الموصل العراقية بأول قداس عيد ميلاد منذ دحر تنظيم داعش المتطرف عن المدينة، التي استعادتها القوات العراقية في يوليو من العام 2017.
وتقول مؤسسات دولية إن الوضع الأمني تحسن حالياً في العراق لكن ما تزال هناك أمور مقلقة، منها شهادات تقول إن مسلحي داعش في الموصل ومنطقة سهل نينوى لا زالوا حاضرين في المنطقة لكنهم متخفين بين الأهالي حيث تخلوا عن ردائهم التقليدي وحلقوا لحاهم الطويلة .
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 5 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...