جولة ثانية من المفاوضات الماراثونية تخوضها السودان مع الولايات المتحدة، آملة برفع اسمها من قائمة الدول الداعمة للإرهاب.
واشنطن قالت، يوم الأربعاء، إنها مُستعدة لشطب الخرطوم من القائمة في حال قيامها بمزيد من الإصلاحات، ضمن شروط ستة تتضمن تعزيز تعاونهما في مكافحة الإرهاب، وتحسين سجل البلاد في مجال حقوق الإنسان.
وتأتي الجولة بعد نجاح المرحلة الأولى من المباحثات في رفع أمريكا الحظر المفروض على التجارة مع الحكومة السودانية منذ 20 عاماً، في أكتوبر 2017، لكن هذه الخطوة فقدت جوهرها نتيجة بقاء المخاوف الغربية من الدخول في شراكات اقتصادية مع الخرطوم. هذا ما دفع الأخيرة للسعي إلى جولة جديدة.
6 شروط للرفع من القائمة
في العام 1993، أدرجت إدارة الرئيس الأمريكي الأسبق بيل كلينتون السودان على قائمة الدول الراعية للإرهاب، بسبب وجود عناصر من منظمة أبو نضال وحركتي "حماس" و"الجهاد الإسلامي" الفلسطينية و"حزب الله".
حينها، اتهمت واشنطن الحكومة الإسلامية بقيادة الرئيس الحالي عمر البشير بإيواء الإرهابيين، بمن فيهم زعيم "تنظيم القاعدة" أسامة بن لادن الذي عاش فيها بين عامي 1991 إلى 1996.
وفي العام 1997، زادت الولايات المتحدة ضغوطها على الخرطوم بموجب ما يُعرف بـ"حالة الطوارىء الوطنية"، وفرضت عقوبات أدت لتوقف الشركات الأمريكية عن التجارة مع السودان وجعلتها مُعقدة لأي شركة أجنبية تودّ التعامل مع البلاد.
وقبل أسبوع، جدّد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب حالة الطوارئ الوطنية، إلا أن الخارجية الأمريكية نشرت 6 شروط لشطب السودان من القائمة السوداء للإرهاب في حال وفت بها.
وحدّدت الوزارة، في بيانها، الشروط في "توسيع التعاون في مكافحة الإرهاب، تعزيز حماية حقوق الإنسان وممارساتها بما في ذلك حرية الاعتقاد والصحافة، تحسين وصول المساعدات الإنسانية، وقف الأعمال العدائية الداخلية، خلق بيئة أكثر ملاءمة للتقدم في عملية السلام في السودان، اتخاذ خطوات لمعالجة بعض الأعمال الإرهابية البارزة، والالتزام بقرارات مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة المتعلقة تجاه كوريا الشمالية".
لماذا تخوض الخرطوم مباحثات جديدة مع واشنطن؟
في مطلع الأسبوع الحالي، سافر وزير الخارجية الدرديري محمد أحمد إلى واشنطن لبدء المرحلة الثانية من المباحثات، فيما أعلنت وزارته يوم الخميس الاتفاق على إطلاق المرحلة التالية من الحوار الاستراتيجي.
وفي مقابلة أجرتها صحيفة "فاينانشيال تايمز" البريطانية مع الدرديري، الأسبوع الماضي، قال إن إزالة بلاده من قائمة الإرهاب هدف السياسة الخارجية للحكومة. وأضاف: "لقد انخرطنا معهم بالفعل، ونحن نأمل جداً أن نكون في المسار الصحيح، في القريب العاجل".
ويأمل السودان في أن يؤدي إنهاء برنامج العقوبات في العام الماضي إلى تطبيع العلاقات التجارية مع الغرب، لكن العديد من المؤسسات المالية ظلت مُترددة في التعامل مع الدولة، وظلت معظم المعاملات الدولية صعبة، رغم أنها لم تعد محظورة.
ونتيجة لذلك، استمرت معاناة الاقتصاد، إذ انخفضت قيمة الجنيه السوداني بنسبة 85% مقابل الدولار منذ بداية العام وبلغ التضخم 68% في سبتمبر، بحسب "فاينانشيال تايمز".
أعلنت واشنطن أنها مُستعدة لشطب الخرطوم من القائمة في حال قيامها بمزيد من الإصلاحات، ضمن شروط ستة تتضمن تعزيز تعاونهما في مكافحة الإرهاب وتحسين سجل البلاد في مجال حقوق الإنسان
في العام 1993، أدرجت إدارة الرئيس الأمريكي الأسبق بيل كلينتون السودان على قائمة الدول الراعية للإرهاب، بسبب وجود عناصر من منظمة أبو نضال وحركتي "حماس" و"الجهاد الإسلامي" الفلسطينية و"حزب الله"...
وقال الدرديري للصحيفة إن إزالة السودان من قائمة رعاة الإرهاب سيساعد على إقناع البنوك الدولية بالتعامل مع البلاد وتمكين الحكومة من التعامل مع صندوق النقد الدولي بشأن مسائل تخفيف عبء الديون والمساعدة في الميزانية.
ويبلغ قوام ديون السودان الخارجية حوالي 50 مليار دولار، إلا أنها غير قادرة على الوصول إلى اتفاقات من شأنها تخفيف الديون طالما ظلت في قائمة الإرهاب.
كما يحول بقاؤها في القائمة دون قدرتها على إبرام صفقات أسلحة أو شراء معدات متقدمة للرعاية الصحية على سبيل المثال.
وأوضح الدرديري: "إنهم (الأمريكيون) يتحدثون معنا الآن عن دورنا في المنطقة، وعن سجل حقوق الإنسان لدينا، وكذلك السماح بوصول المساعدات الإنسانية (مناطق) المتمردين".
وأشار إلى رغبة بلاده في الحصول على استثمارات و"الوصول إلى الأسواق المالية الدولية.... إذا كان لنا أن نحصل على كل هذه الفوائد، فيجب أن نبدأ أولاً في التأكد من تطبيع علاقاتنا مع الولايات المتحدة".
وفي السنوات الأخيرة سعت الخرطوم إلى تحسين علاقاتها الخارجية مع قوى دولية عديدة، كما مع مصر وقطر والسعودية وتركيا، إضافة إلى روسيا والاتحاد الأوروبي، إلا أن الأساسي يبقى كامناً في تحديد طبيعة علاقتها بواشنطن.
وتسود حالة من التفاؤل بالتطورات الأخيرة، مدعومة بتقارير إيجابية للخارجية الأمريكية عن السودان، لا سيما توقفه عن دعم الكيانات المُصنفة كمنظمات إرهابية، وجهوده في إرساء السلام بين أطراف النزاع على السلطة في جنوب السودان.
ويُعد استقرار الأوضاع في جنوب السودان في صالح السودان، خاصة إذا كان نفط الجنوب يمر عبر خطوط أنابيب ومحطات تصدير في السودان، وأي زيادة في الإنتاج تشكل دعماً هائلاً لسندات الخزينة في كلا البلدين، حسب هيئة الإذاعة البريطانية.
ويرى مراقبون أن قرار شطب السودان قد يتأخر إلى يوليو من العام المقبل على الأقل.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومينكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 5 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...