وجه المدعي العام الياباني، الاثنين، رسميّاً التهمة لكارلوس غصن بعدم التصريح عن مداخيله منذ سنة 2015 تقدر قيمتها بـ4 مليارات يَن. كما وجه لشركة نيسان تهمة تقديم مستندات لا تعلن مداخيل غصن بشكل صادق وشفاف. وأعلنت هيئة الإذاعة والتلفزيون اليابانية (NHK) ووكالة كيودو للأنباء الاثنين تجديد فترة اعتقال غصن، إمبراطور صناعة السيارات البرازيلي الفرنسي من أصل لبناني، عقب صدور مذكرة توقيف جديدة بحقه، تتضمن اتهامات أخرى بـ "سوء السلوك المالي" لعدم التصريح عن كامل دخله عن ثلاث سنوات إضافية، تُزاد على اتهامات مماثلة عن خمس سنوات أخرى، بسببها تم اعتقاله منتصف الشهر الماضي.
وكان الاثنين اليوم الأخير في فترة اعتقال غصن السابقة، ومعه جريج كيلي أقرب معاونيه الذي يواجه الاتهامات نفسها، إلا أن القانون الياباني يسمح بتمديد اعتقالهما 22 يوماً أخرى وبإعادة اعتقال المشتبه بهم عدة مرات بتهم مختلفة، ويمنح للمدعين العامين الفرصة لاستجوابهم فترات طويلة، رغم الانتقادات الدولية التي طالته.
واعتقل غصن في 19 نوفمبر/ تشرين الثاني في اليابان، للاشتباه بعدم تصريحه عن جزء من دخله بين عامي 2010 و 2015 يقدّر بنحو خمسة مليارات ين ياباني، أي ما يعادل 44 مليون دولار.
اتهامات جديدة
وكشفت وسائل إعلام يابانية محلية أن التحقيقات خلصت إلى إخفاء غصن بيانات متعلقة بحوالي أربعة مليارات ين أخرى، خلال السنوات الثلاث الماضية. ولم يعفِ القضاء شركة نيسان، موجهاً لها تهمة المشاركة في الجرم لأنها "قدمت المستندات الرسمية التي تقلل من قيمة دخل غصن".
وفي حال ثبوت صحة هذه الاتهامات، فإن الحد الأقصى للعقوبة التي تواجه غصن جراء "تقديم بيان مالي كاذب" تصل إلى السجن 10 سنوات وغرامة تقدر بـ 10 ملايين ين ياباني، أي ما يعادل حوالي 89000 دولار.
وذكرت وكالة أنباء "كيودو" أن غصن أقر بتوقيع وثائق لتأجيل جزء من راتبه إلى ما بعد إحالته للتقاعد، لكنه لم يصرح بذلك لأن المبلغ لا يحتاج إلى التصريح عنه لأنه لم يحدد بشكل نهائي.
وأضاف مصدر مقرب من التحقيقات أن غصن وكيلي "ابتكرا" هذا النظام عقب صدور قانون جديد يجبر أعضاء الشركات الذين يتقاضون رواتب مرتفعة على التصريح عنها.
في المقابل، تشتبه السلطات اليابانية في أن غصن قام بتأجيل التصريح عن جزء من دخله لتجنب انتقادات الموظفين والمساهمين لارتفاع راتبه.
وجه المدعي العام الياباني، الاثنين، رسميّاً التهمة لكارلوس غصن بعدم التصريح عن مداخيله منذ سنة 2015 تقدر قيمتها بـ4 مليارات يَن.
تفيد تقارير إعلامية معتمدة على تصريحات مسؤولي السفارات الذين زاروا كارلوس غصن في محبسه، أنه يعيش في زنزانة تبلغ مساحتها خمسة أمتار مربعة في أحد سجون العاصمة طوكيو.
مِن منقذ نيسان إلى متهم بالاختلاس
وسارعت الشركتان اليابانيتان، نيسان وميتسوبيشي، إلى عزل غصن من رئاستيهما فور توجيه الاتهامات له نوفمبر الماضي، واتهمته نيسان، التي أنقذها من الإفلاس عام 2000 وحوّلها للربحية خلال عام واحد، بأنه أعلن على مدى سنوات عن عائدات تقللّ من مدخوله الفعلي، حسبما توصل تحقيق داخلي أجرته الشركة.
وأعلنت نيسان أنه تم اكتشاف عدة أعمال سوء سلوك مثل استخدام أملاك الشركة لغايات شخصية، وقدمت التماساً لمحكمة في ريو دي جانيرو للمطالبة بمنع ممثلي غصن من دخول شقة فخمة مطلة على شاطئ كوباكابانا الشهير. وأضافت في بيان لاحق أنها "تأخذ الموقف على محمل الجد"، وتشعر بـ "الأسف العميق"، لافتةً إلى أن الإفصاح الكاذب في تقارير الأوراق المالية السنوية يضر بشكل كبير بسلامة الكشف عن أوراقها المالية.
وتعهدت الشركة مواصلة جهودها للكشف الدقيق عن المعلومات. وسبق أن أكدت النيابة اليابانية تعاون الشركة التام مع جهات التحقيق، وبدأت الشركة عملية اختيار "خليفة غصن"، وستعلن اسمه في 17 ديسمبر/ كانون الأول الجاري.
ودفع موقف نيسان، ساتورو تاكادا المحلل في شركة "تي آي دبليو" للأبحاث والاستشارات في طوكيو، للتصريح لوكالة الأنباء الفرنسية بأنه إذا أعفي غصن من المحاكمة أو ثبتت براءته، فسيؤدي ذلك إلى إرباك كبير داخل إدارة نيسان.
كذلك صوّت مجلس إدارة شركة ميتسوبيشي بالإجماع على إقالة غصن من رئاسة الشركة، بينما أبقت شركة رينو الفرنسية على غصن في منصب الرئيس التنفيذي ورئيس مجلس الإدارة، مع تعيين رئيس تنفيذي بالوكالة لتعويض غيابه.
كيف يعيش في محبسه؟
ينفي غصن، الذي التزم الصمت منذ توجيه الاتهام له، جملة الاتهامات المذكورة، وأوضحت مصادر في شركة رينو الفرنسية التي لا يزال يقودها بشكل رسمي أنه يعيش "حالة ذهنية قتالية".
وتفيد تقارير إعلامية معتمدة على تصريحات مسؤولي السفارات الذين زاروا غصن في محبسه، أنه يعيش في زنزانة تبلغ مساحتها خمسة أمتار مربعة في أحد سجون العاصمة طوكيو، وأبلغ زواره أنه "يحظى بمعاملة جيدة، لكنه اشتكى من البرد"، إذ تصل درجة الحرارة في العاصمة اليابانية 5 درجات مئوية فقط.
ويقضي غصن، الذي أعرب عن استيائه من الطعام الذي يعتمد في معظمه على الأرز في السجن، جل وقته في قراءة الكتب والإطلاع على التقارير الإخبارية.
ولا توجد مؤشرات حالياً لإخراج غصن من السجن "بكفالة" حتى بدء المحاكمة المحتملة، لكن الإجراءات المفترضة الآن تتضمن محاكمته في محكمة محلية، يحق بعدها للمدعين والمتهمين الاستئناف عقب صدور الحكم أمام محكمة عليا، ويستغرق هذا عدة سنوات قبل صدور حكم نهائي.
وفي ظل المحنة التي يعيشها كارلوس غصن، أحد الغرباء القلائل الذين تمكنوا من تولي مناصب قيادية مهمة في اليابان، يبقى لبنان داعماً له، وبعد حملة شعبية للتضامن معه تحت عنوان "كلنا كارلوس غصن"، وصفه وزير الداخلية اللبناني، نهاد المشنوق، بـ "طائر الفينيق اللبناني الذي لن تحرقه شمس اليابان".
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
Mohammed Liswi -
منذ يومأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ 3 أياملا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ 6 أياممقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...
Nahidh Al-Rawi -
منذ أسبوعتقول الزهراء كان الامام علي متنمرا في ذات الله ابحث عن المعلومه
بلال -
منذ أسبوعحلو
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ أسبوعالمؤرخ والكاتب يوڤال هراري يجيب عن نفس السؤال في خاتمة مقالك ويحذر من الذكاء الاصطناعي بوصفه الها...