انتصارٌ كبيرٌ حقّقه حراك "السترات الصفراء" بإعلان الرئاسة الفرنسية مساء الأربعاء إلغاء الزيادة في ضريبة الوقود خلال العام 2019، في خطوة لتهدئة الاحتجاجات التي تذهب مطالبها أبعد من مجرّد إلغاء ضريبة الوقود. أمام تصميم الحراك الشعبي في فرنسا لأكثر من أسبوعين على الضغط على السلطة لتتراجع عما بدا في الأول "لا رجعة فيه"، كان على الرئيس إيمانويل ماكرون الذهاب أبعد مما ذهب إليه رئيس الوزراء الذي علّق الزيادة في الضريبة على الوقود الثلاثاء، فقام ماكرون بعد يوم واحد بإلغائها تماماً في محاولة لاستعادة التهدئة. هذا التراجع كلّف ماكرون سخرية الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، الذي غرّد في تويتر متهكّماً من رضوخ الرئيس الفرنسي لحراك "السترات الصفراء" ومن تراجعه عن سياساته في مجالي البيئة والمناخ. رفض الإليزيه التعليق على سخرية ترامب، مكتفياً بالتلميح أنه علِم بتلك السخرية، فالوقت ليس للحسابات مع الخارج بل لرَأْبِ الصدع في الداخل، واستباق مظاهرات منتظرة السبت يقول مراقبون إنها لن تكون أقل عنفاً من مظاهرات السبت الماضي التي كلفت باريس قوس نصرها. مساء الأربعاء،أعلنت المتحدّثة باسم مكتب ماكرون أن "الزيادة المرتقبة في أسعار الوقود لن يتم تطبيقها في العام 2019"، كما قال رئيس الوزراء الفرنسي، إدوارد فيليب، أن الزيادات ألغيت تماماً من مشروع موازنة العام المقبل. ولم تتوقف مساعي الحكومة الفرنسية عند هذا الحدّ، حيث تعهّدت أيضاً بـ "إجراء تقييم لفعاليّة إصلاحها المثير للجدل للضريبة على ثروة دافعي الضرائب الأكثر ثراءً" رغم تراجع السلطات التنفيذية إلا أنها تدرك أنها هذا غير كافٍ لإخماد الغضب الشعبي، فأعرب الإليزيه عن تخوّفه من "أعمال عنف واسعة" قد تحصل السبت أثناء التظاهرات الاحتجاجية التي دعت إليها حركة "السترات الصفراء". وقال مصدر في الإليزيه لفرانس برس: "لدينا أسباب تدعو إلى الخوف من أعمال عنفٍ واسعةٍ خلال التظاهرات التي تستعدّ "السترات الصفراء" لتنظيمها رغم "تنازلات الحكومة" التي ألغت مساء الأربعاء، ضريبة كان مقرّراً فرضها على الوقود طوال سنة 2019.
انتصارٌ كبيرٌ حقّقه حراك "السترات الصفراء" بإعلان الرئاسة الفرنسية مساء الأربعاء إلغاء الزيادة في ضريبة الوقود خلال العام 2019، في خطوة لتهدئة الاحتجاجات التي تذهب مطالبها أبعد من مجرّد إلغاء ضريبة الوقود.
أمام تصميم الحراك الشعبي في فرنسا لأكثر من أسبوعين على الضغط على السلطة لتتراجع عما بدا في الأول "لا رجعة فيه"، كان على الرئيس ماكرون الذهاب أبعد مما ذهب إليه رئيس الوزراء الذي علّق الزيادة في الضريبة على الوقود الثلاثاء، فقام ماكرون بعد يوم واحد بإلغائها تماماً في محاولة لاستعادة التهدئة.
شماتة ترامب
تجاهلت الرئاسة الفرنسية تماماً تغريدة ترامب الساخرة يوم 4 ديسمبر/ كانون الأول "أنا سعيد لأن صديقي إيمانويل ماكرون والمتظاهرين في باريس توصلوا للنتيجة التي توصلت إليها قبل عامين"، وأردف قائلاً: "اتفاقية باريس تشوبها عيوب قاتلة، لأنها ترفع أسعار الطاقة للدول التي تتسم بـ"المسؤولية" بينما تبرّئ بعض أكثر الدول تلويثاً في العالم. في إشارة واضحة للاتفاق العالمي للمناخ الذي احتضنته باريس نهاية 2015 وانسحبت منه الولايات المتحدة. وعاد للتعليق على تغريدته بالقول "في العالم.. يريدون هواءً نظيفاً ومياهاً نظيفة دون دفع المقابل، وقد قطعت شوطاً كبيراً في تحسين البيئة الأمريكية، لكن دافعي الضرائب الأمريكيين - والعمال الأمريكيين - لا ينبغي أن يدفعوا مقابل تنظيف تلوّث بلدان أخرى.موقف الصحافة العربية من الاحتجاجات
الصحافة المصرية والإماراتية تناولت حراك "السترات الصفراء" بتحفّظ حيناً وشيطنة المحتجّين حيناً آخر، وذهب بعضها إلى حدّ اتهام الإخوان بالضلوع في المظاهرات في باريس لتخريبها. اليوم السابع القريبة من النظام في مصر اعتبرت حراك السترات الصفراء بمثابة "تسونامي" يجتاح فرنسا ومن بعدها أوروبا. صحيفة اليوم السابع كانت أكثر تشاؤماً من الصحافة الفرنسية نفسها عندما وضعت عنواناً لأحداث عنف السبت " أسبوع الدم والنار في فرنسا.. تصاعد التخريب باحتجاجات "السترات الصفراء".. إصابة 65 شخصاً بينهم 11من قوات الأمن.. "مثيرو الشغب" يحولون الشانزليزيه لساحة قتال.. والشرطة تستخدم قنابل الغاز.. وشعارات تطالب بإقالة ماكرون" وفي تناول الموقع لخبر تعليق الضرائب تجاهل أهمية القرار في تهدئة الوضع،وركّز في المقابل على أنه "سيكلّف الخزانة الفرنسية ملياري يورو"، واعتبر القرار مجرّد "مراوغة" من الرئيس الفرنسي، مع الإشارة إلى "ملاحقة المخربين" وسخرت صحيفة اليوم السابع من الرئيس الفرنسي لتقديمه المزيد من التنازلات لإرضاء المحتجّين وقالت الأربعاء: "على طريقة عبد الفتاح القصري فى ابن حميدو.. ماكرون يتراجع أمام السترات الصفراء ويوقف زيادة أسعار الوقود... فرنسا على موعد مع مزيد من التنازلات.. مسؤول حكومي يؤكّد إمكانية تغيير الموقف من ضريبة الثروة..وترامب يتشفّى". صحيفة البيان الإماراتية وصفت الاحتجاجات في بدايتها بأنها "مظاهرات شعبيّة عبر البلاد احتجاجاً على ارتفاع أسعار البنزين والديزل، وخطط الحكومة لزيادة الضرائب على وقود المركبات" لكنها سرعان ما غيّرت موقفها ووصفت المحتجّين بـ "المخرّبين"، وكتبت في الأول من ديسمبر/ كانون الأول: "اندلعت مواجهات السبت بين مئات "المخرّبين" وقوّات الأمن الفرنسية في قلب باريس، التي شهدت إحراق سيارات وتكسير واجهات زجاجيّة وإقامة متاريس، وذلك على هامش تظاهرة جديدة لحركة "السترات الصفراء" أما خبر استجابة الحكومة للمحتجين فكتبت فيه البيان: أعلنت الحكومة الفرنسية الثلاثاء أنها ستعلّق الزيادة المقرّرة على ضريبة الوقود مدّة ستة أشهر في محاولة لتهدئة الاحتجاجات العنيفة التي تحولت إلى أسوأ أزمة يواجهها الرئيس ايمانويل ماكرون. وأضافت: يعتبر هذا تنازلاً بين العديد من التنازلات التي قدّمها رئيس الوزراء الفرنسي إدوار فيليب في كلمة تلفزيونية نادرة بعد أن هزّت البلاد اشتباكات في الشوارع وأعمال تخريب في باريس خلال عطلة نهاية الأسبوع. وتغيّرت لهجتها للمرة الثانية عقب استجابة السلطات الفرنسية للمحتجين فكتبت الأربعاء: رضخت الحكومة الفرنسية لمطالب "السترات الصفراء" وأعلنت تعليق زيادة أسعار الوقود لستة شهور، فيما رفع الحراك الميداني سقف المطالب متوعداً بتظاهرات صاخبة السبت المقبل طالما أنه ليس هناك تغيير حقيقي. وعادت لتركّز في تغطيتها على إجراءات الحكومة الفرنسيّة في التهدئة متجاهلةً المخاوف بشأن مزيد من العنف في الاحتجاجات، فقالت: أشارت الحكومة الفرنسية، إلى أن الرئيس إيمانويل ماكرون ربما يعدّل الضريبة على الثروة التي يقول منتقدون إنها تحابي الأغنياء. وتابعت: وتبذل حكومة ماكرون جهوداً كبيرة لتهدئة غضب الشارع عبر "حقنة" زيادة الضريبة على ثروات الأغنياء. جريدة الرياض السعودية كانت أقلّ اهتماماً بالأحداث، لكنها تبنّت وجهة نظر مقاربة، فنشرت في الأول من ديسمبر/ كانون الأول، تحت عنوان "باريس تحترق"، العديدَ من الصور التي تظهر الاحتجاجات العنيفة هناك، ووصفت الاحتجاجات بـ "الفوضى" وقالت في الثاني من ديسمبر:أطلقت شرطة مكافحة الشغب في فرنسا الغاز المسيل للدموع السبت على محتجّين ارتدوا سترات باللون الأصفر الفوسفوري وحاولوا كسر الطوق الأمني في شارع الشانزليزيه الشهير بالعاصمة باريس قبل ثالث احتجاج على ارتفاع تكلفة الوقود. أما خبر استجابة الحكومة الفرنسية للمحتجين فنشرته مقتضباً ولم تتناول الأحداث بعدها سوى عن "إعلان الإليزيه تخوّفه من معاودة المحتجّين لأعمال العنف خلال مظاهرات السبت المقبل". في المقابل، كانت صحيفة الاتحاد الإماراتية أكثر موضوعيّة في تغطيتها للأحداث، فلم تبدِ انحيازاً لأي طرف وابتعدت عن التهويل كذلك. وحتى الآن، قُتل أربعة أشخاص وأصيب المئات منذ اندلاع احتجاجات "السترات الصفراء" في 17 نوفمبر/ تشرين الثاني احتجاجاً على سياسة الحكومة الاجتماعيّة والماليّة، بدأها السائقون واتّسعت لتشمل التلاميذ والطلاب والمزارعين. وأحالت السلطات القضائيّة 13 شخصاً إلى التحقيق، بتهمة "ارتكاب أعمال تخريب" استهدفت قوس النصر، على خلفية أعمال العنف التي اندلعت، ولا سيّما في قلب العاصمة، السبت الماضي، بحسب النيابة العامة في باريس.رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومينكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 6 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...