في 14 مارس العام الماضي، أوقف أمن مطار محمد الخامس في مدينة الدار البيضاء المغربية رجل الأعمال اللبناني البارز قاسم تاج الدين، حين كان متوجهاً إلى العاصمة اللبنانية بيروت. وقتها، أوضحت السلطات المغربيّة أن القرار أتى نتيجة وجود أمر دولي، صادر عن السلطات القضائية الأمريكية، بإلقاء القبض عليه. كانت واشنطن قد أدرجت تاج الدين (63 عاماً) على قائمة الإرهاب قبل ذلك بحوالي 8 سنوات (مايو 2009)، إثر اتهامه بتبييض الأموال واستخدامها في "أنشطة إرهابية"، قاصدة بذلك تمويله لـ"حزب الله". الجديد في قضيّة تاج الدين كان إعلان وزارة العدل الأميركية، يوم أمس، خبر إقرار رجل الأعمال اللبناني بـ"الذنب" في التهمة الموجهة إليه وهي "الالتفاف على العقوبات المفروضة عليه".
تحويلات تخطت المليار دولار
في بيان نشرته، قالت وزارة العدل إن تاج الدين أقرّ بالذنب في تهمة "التآمر مع خمسة أشخاص على الأقل للقيام بمعاملات مالية بقيمة أكثر من 50 مليون دولار مع شركات أمريكية في انتهاك للعقوبات"، التي تحظر على من يُدرَج على لوائحها المشاركة أو الاستفادة من المعاملات التي تضم أمريكيين (أفراد وشركات) دون الحصول على ترخيص من وزارة الخزانة. وإضافة إلى معاملاته مع الشركات الأمريكية، قام تاج الدين مع شركائه بإجراء تحويلات إلى خارج أمريكا، تخطت قيمتها المليار دولار، مستغلاً النظام المالي الأمريكي. وكان اعتراف تاج الدين أتى، حسب الوزارة، نتيجة اتفاق معها، وفي حال قبلت المحكمة الجزئية في واشنطن بهذا الاتفاق (إقرار تاج الدين بالذنب)، سينتظره السجن لمدة خمسة أعوام، في مقابل دفعه لغرامة مالية قيمتها 50 مليون دولار قبل الحكم عليه. ومن المقرّر أن تصدر المحكمة حكمها في هذه القضية في 18 يناير القادم، حسب المدعية العامة الامريكية جيسي ليو. وأوضح مات ويتيكر، القائم بأعمال وزير العدل، أنه "في يناير الماضي، بدأنا فريق تمويل الإرهاب والنزاعات بعدما وضعت وزارة العدل (حزب الله) لها هدفاً، وفي أكتوبر الماضي، حدّد النائب العام (حزب الله) بين خمس منظمات في أولويات فريق عمل الجريمة المنظمة العابرة للحدود. وقد عملت إدارة مكافحة المخدرات لمدة ثلاث سنوات من أجل الوصول لمقاضاته... حتى الانتهاء بنجاح". وعلّق، محتفياً بإقرار تاج الدين بالذنب، وقال: "سنواصل استهداف (حزب الله) وغيره من الجماعات الإرهابية وداعميها وسنواصل الفوز".استهداف تاج الدين وعائلته
يحمل تاج الدين ثلاث جنسيات؛ هي اللبنانية، السيراليونية والبلجيكية. وكانت واشنطن وضعت كذلك شقيقيه على قائمة الإرهاب عام 2010، بعد إعلانها اتخاذ عقوبات اقتصادية ضد شركات متهمة بغسل الأموال تنشط في أفريقيا، وفي مقدمتها شركات تابعة للأخوين علي وحسين تاج الدين في غامبيا ولبنان وسيراليون وجمهورية الكونغو الديموقراطية وجزر العذراء البريطانية.في بيان نشرته، قالت وزارة العدل إن تاج الدين أقرّ بالذنب في تهمة "التآمر مع خمسة أشخاص على الأقل للقيام بمعاملات مالية بقيمة أكثر من 50 مليون دولار مع شركات أمريكية في انتهاك للعقوبات"
عام 2009، أدرجت واشنطن تاج الدين على قائمة الإرهاب إثر اتهامه بتبييض الأموال واستخدامها في "أنشطة إرهابية"، قاصدة بذلك تمويله لـ"حزب الله"وحين جرى اعتقاله في المغرب، كان تاج الدين قادماً من كوناكري، وبعد أسبوع واحد تم نقله على متن طائرة خاصة إلى واشنطن، بموجب "معاهدة المساعدة القانونية المتبادلة" النافذة بين المغرب وأمريكا منذ عام 1993، والتي تنص على التعاون الثنائي في المسائل الجنائية. وأفاد بيان لوزارة العدل الأمريكية حينها أن الاعتقال والمحاكمة كانا نتيجة تحقيق استغرق عامين، أجرته إدارة مكافحة المخدرات الأمريكية (DEA) بدعم من هيئة الجمارك الأمريكية وحماية الحدود (CBP).
إضافة إلى معاملاته مع الشركات الأمريكية، قام تاج الدين مع شركائه بإجراء تحويلات إلى خارج أمريكا، تخطت قيمتها المليار دولار، مستغلاً النظام المالي الأمريكيويعتبر البيت الأبيض شركات تاج الدين بأنها جزء من شبكة عالمية تقدم ملايين الدولارات لـ"حزب الله"، كما يعتبره "من أخطر المجموعات الارهابية في العالم"، بينما قالت السلطات الأمريكية إن تاج الدين كان قادراً على إخفاء تورطه ومواصلة التعامل مع شركات أميركية عبر استخدام شبكة معقدة من الأسماء التجارية. يُذكر أن السلطات البلجيكية كانت أوقفت تاج الدين كذلك، حيث حققت معه بتهم تبييض الأموال لصالح "حزب الله"، كما جمّدت الحكومة الأنغولية أنشطة اقتصادية لعائلته بطلب من واشنطن عام 2011.
"مشروع كاسندرا"
في يناير عام 2018، أعلن القضاء الأمريكي إنشاء وحدة خاصة للتحقيق حول "حزب الله"، وكُلّفت الوحدة التحقيق حول الأفراد والشبكات التي تقدّم دعماً لـ"حزب الله" وملاحقتهم بين أفريقيا وأمريكا الوسطى والجنوبية. واعتبر وزير العدل الأمريكي آنذاك جيف سيشنز أن إنشاء الفريق يأتي رداً على امتناع الرئيس باراك أوباما، بعد الاتفاق النووي، عن ملاحقة "حزب الله" ضمن "مشروع كاسندرا" الذي بدأت تحقيقاته في فبراير عام 2015. وكان المشروع أُطلق على العملية الأمنية التي اعتبرت أمريكا أنها أدت إلى كشف الشبكة التابعة لـ"حزب الله" المنخرطة في عمليات تهريب المخدرات إلى أمريكا وأوروبا لتمويل مشاركة الحزب في سوريا، وذلك بالتعاون مع سبع دول بينها فرنسا وبلجيكا وألمانيا وإيطاليا. ويأتي اعتراف تاج الدين في وقت توالت الرسائل الأمريكية/الإسرائيلية في الفترة الماضية ضد "حزب الله"، بدءاً من لائحة العقوبات التي طالت قيادييه وصولاً إلى عملية البحث الإسرائيلية عن الأنفاق، جنوبي لبنان، تحت عنوان "درع الشمال".رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومينكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 6 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...