لم تجد وزارةُ العدل السعودية حلاً لوقف سيل القضايا المتزايد على محاكمها إلا تدشين حملةٍ تحاول إقناعَ أصحاب القضايا العائلية بعدم رفع قضايا يمكن أن تسبّبَ شرخاً في العائلة، حتى ولو كان الثمن خسارةَ الحقوق.
انتشرت حملة #لاتكسب_قضيه وتخسر أهلك على مواقع التواصل الاجتماعي، مسببةً جدلاً واسعاً، وسخريةً كبيرة في الوقت ذاته.
تحاول وزارة العدل أن تخففَ سيلَ القضايا المنهمر سنوياً على المحاكم، حيث ارتفع عدد القضايا التي وصلت المحاكم السعودية بنسبة 99% خلال الفترة من 21 سبتمبر 2017 حتى أغسطس 2018، بحسب بيانات وزارة العدل، ووصل عدد القضايا التي تم البتّ فيها إلى أكثر من 30 ألفَ قضيةٍ، بحسب مصادر في وزارة العدل.
تسبب افتتاح ثلاثِ محاكمَ تجارية في كل من الرياض وجدة والدمام في رفع عدد القضايا الواردة على وزارة العدل، بعد أن كانت القضايا التجارية من اختصاص وزارة التجارة.
يؤكد المستشار القانوني أحمد الرشيد أن حملة وزارة العدل غير منطقية، وفيها هضمٌ لحقوق المظلومين، قائلاً لرصيف22 : "غير منطقي أن تتكلف وزارة العدل الملايين على حملة توجهها للمظلومين، وتشجع الظالمين بينما كان يجب أن توجهها للظالم الذي يسرق أموال الناس، ثم يطالبهم بعدم رفع القضايا ضده كي لا يخسروه".
"التصدّي لعدد القضايا المتزايد سنوياً لا يكون بمطالبة المظلوم بالسكوت عن حقه، والتنازل عنه، كي يكسب ودّ الظالم، لأنه في نهاية المطاف، سيقطع العلاقةَ معه، فلا أحد سيستمر في علاقة مع شخص ظلمه وأكل حقه، حتى لو كان أخوه".يضيف المتحدث: "التصدّي لعدد القضايا المتزايد سنويا لا يكون بمطالبة المظلوم بالسكوت عن حقه، والتنازل عنه، كي يكسب ودّ الظالم، لأنه في نهاية المطاف، سيقطع العلاقةَ معه، فلا أحد سيستمر في علاقة مع شخص ظلمه وأكل حقه، حتى لو كان أخاه". "الأهل الحقيقيون يعطونك حقوقك لا يسرقونها" هكذا رد القانوني علي الخطيب على حملة وزارة العدل، مصرحاً لرصيف22 :"فكرة غير جيدة، وتنفيذٌ غير جيد، وإنفاقٌ في غير محلهِ، فالمحاكم توجد كي يحصل فيها المظلوم على حقه، وإن انتفى منها هذا الشيء فلا قيمة لوجودها. شاهدنا عبر التاريخ، صحابة وخلفاء اتجهوا للقضاء للحصول على حقوقهم، ولم تحصل بينهم خلافات. وإن حاول أحدهم أن يسرق حقي فمن غير المعقول أن يُطلب مني أنا المظلوم السكوت كي لا أقطع صلة الرحم". يتابع: "كثيرٌ من الحقوق ستُدهر جراء هذا المنطق الذي لا يستقيم مع القانون، ولا العقل، الأحرى بوزارة العدل أن تخاطبَ من يأكل حقوق ذويه، وتطالبه بإعادتها، لا أن تستخدم لغةً عاطفيةً سمجة، لتخويف المجني عليه من التوجه للقضاء"، ويشدد الخطيب على أن حلّ تكدس القضايا لا يكمن في منعها بل في "زيادة عددِ المحاكم، وإجبار القضاة على الحضور في مواعيد العمل الرسمية، والالتزام بسرعة البتّ في القضايا، حينها ستمر القضايا دون تأخير". لم تتجاوب وزارةُ العدل مع اتصالات رصيف22، للتعليق على الجدل الذي سببته الحملة، غير أن مصادرَ في الوزارة أكدت لرصيف22 أن سوءَ فهمٍ كبير حدث من قبل الناس، وأن الهدفَ من الحملة هو "الحضّ على الصلح، وليس التفريط في الحقوق"، مضيفاً :"الصلح هو الحل الأمثل كما قال الممثل في الفيديو، وهو بالتأكيد أفضل، فالمحاكم لم توجد إلا للفصل بين المتخاصمين مهما كانوا".
جدل كبير
على موقع "تويتر"، كان الجدلُ واسعاً، ومعظم التغريدات انتقدت حملةَ الوزارة، معتبرةً أنها غيرَ موفقة، نشط وسم #لاتكسب_قضية بشكل كبير خلال اليومين الماضيين، وعبره استغربت الإعلامية أحلام اليعقوب من محاولة بعض مشاهير التواصل الاجتماعي تسويقَ الحملة التي اعتبرتها غير منطقية، وكتبت: "معليش كل من سوق للهاشتاغ #لاتكسب_قضية خل يثبت أنه تنازل عن حقه وما استلم قيمة الإعلان، عفة النفس وكرمها فضيلة لكن التنازل عن الحق عباطة لا الدين يرضاها ولا الشرع، إعلان غير موفق أبداً"، مضيفةً: "التنازل عن الحقوق يعني أن القضاء مجحف وأن الظالم مستبد لدرجة تفريق الأسرة". في الاتجاه ذاته، اعتبر مصعب الصقعبي الفكرة غيرَ صحيحة، مطالباً بتوجيه الحملة للعائلة التي تسرق حقوق أبنائها، مضيفاً :"كان أولى أنكم توجهون كلامكم للشخص الذي أكل حق الأخ بغير حق واضطره للجوء للمحاكم، كما أن آية (والصلح خير) وردت في حالة امرأة خافت من زوجها نشوزا، وأنتم أسقطتموها على مشاكل الإرث". من منتقدي الحملة ورافضيها محمد آل صالح الذي اعتبر الفيديو فاشلاً ويروج لفكرة السكوت عن الظلم والبغي من قبل الإخوة ضد بعضهم، مستغرباً من إنتاجه ونشره، فيما شدّد مقرن المقرن على أن الحملة غير موفقة في مسمّاها، مضيفاً: "هي حملة تشجع على الابتزاز العاطفي، الظلم في القضايا المماثلة مبني على التهديد بقطع الصلة من بعض الأهالي إذا لم يتنازل صاحب الحق، فيكسب الظالم". عبد اللطيف القرين غرد قائلاً: "هناك حالات من الأَولى ألا تشجع فيها (الصمت) حتى مع خسارة الأسرة! أنت جهة حقوق وعدل لا إصلاح. الإصلاح اختصاص التنمية الأسرية وغيرها"، أيضاً كتبت نورة السلطان: "وزارة العدل تعبت من كثر القضايا قالو نسوي لهم إعلان يتصالحون ويفكونا أبرك". في المقابل، هناك قلّةٌ أيَّدوا الحملة، منهم صالح ناصر الذي اعتبرها حملة جميلة، مضيفاً: "ستزيد من روابط المجتمع وتعزيز سلوكه الإنساني والديني ولو ضايقت بعض المحامين لكونها توقف الكثير من أعمالهم". فيما كتب عبد الله الخريف: "هل تتخيّل أن هنالك بشر خسروا أهاليهم، عشان يكسبون قضايا ضدهم؟ الجواب نعم للأسف، ولذلك وزارة العدل أطلقت حملة نبيلة وجميلة وفيها كثير من القيم عنوانها: #لاتكسب_قضيه وتخسر أهلك".رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يوممتى سوف تحصل النساء في إيران على حقوقهم ؟!
مستخدم مجهول -
منذ يومينفاشيه دينيه التقدم عندهم هو التمسك بالتخلف
مستخدم مجهول -
منذ يومينعظيم
Tester WhiteBeard -
منذ يومينtester.whitebeard@gmail.com
مستخدم مجهول -
منذ 3 أيامعبث عبث
مقال عبث من صحفي المفروض في جريدة او موقع المفروض محايد يعني مش مكان لعرض الآراء...
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعرائع