بملابس رسميةٍ وبملامح بشريّةٍ صينيّةٍ غايةٍ في الدقّة، وبصوتٍ بشريٍّ محترفٍ لا لَكْنةَ فيه، ظهرَ أوّلُ مذيعٍ آلي يقدّم نشرة الأخبار بواسطة تقنية الذكاء الاصطناعي عبر فيديو خاص بثّته وكالة "شينخوا" الصينية للأنباء. إنه أمرٌ مفزعٌ لنا نحن الصحفيين، "زميلنا" روبوت يقرأ النشرة. الروبوت الصحفي، يُثبت أن الآليين ذوي الملامح البشرية في طريقهم للسيطرة على مهنٍ كثيرة في المستقبل القريب، من بينها الصحافة، ربما. الآليُّ الذي قدّمته "شينخوا" بالتعاون مع شركة "سوغو" يعتبر أوّل مذيع أخبارٍ بتقنية الذكاء الاصطناعي في العالم، ويستطيع هذا المذيع الآلي بثَّ الأخبار بشكلٍ يجعله أقرب للمذيع الحقيقي الذي يظهر على القنوات الإخبارية. والآليُّ الذي نتحدّث عنه ليس مجرّد شخص غير حقيقي ظهر لأسباب دعائية وسيختفي بعدها، بل أن مذيع الذكاء الاصطناعي أصبح عضواً رسمياً ضمن فريق إعدادِ تقارير وكالة "شينخوا" للأنباء التي تعمل على مذيعين آخرين لتزويدِ الجمهور بمعلومات إخباريّة موثوقة تصلهم في الوقت المناسب وباللغة الصينية والإنجليزية. هذا المذيع متوفّرٌ الآن عبر مختلف منصّات الإنترنت والهاتف المحمول التابعةِ لوكالة "شينخوا" وتطبيقاتها وحسابها الرسمي. وبحسب ما نشره موقع "يورونيوز" فالمذيع الآليّ يعتبر ابتكاراً تقنياً حديثاً في مجالِ استخدامِ الذكاء الاصطناعي، وتُعدُّ تجربة عرضه عبر الفيديو أوّلَ تجربة مكتملة تنجح في دَمْجِ التسجيل الصوتي والفيديو في الوقت الحقيقي مع شخصية افتراضية.
https://www.youtube.com/watch?time_continue=8&v=FwPhzckx05w
ويَجمعُ مذيع الذكاء الاصطناعي بين صور وأصوات المذيعين البشر باستخدامِ تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي حيث يُمكنه قراءة الأخبار بنفسِ طريقةِ التأثير التي يوفّرها المذيعُ البشري، والسبب هو أن برنامج التعلّم الآليّ المُدْمَج به قادر على توليفِ الكلام الواقعي وحركات الشفاه وتعابير الوجه. وفي حالةِ نجاح التجربة فيمكن لهذا النوع من الآليين أن يرفع فعاليّة العمل لأخبار التلفزيون ويُخفّض تكاليف تسجيل البرامج علاوةً على السرعة في التغطية أثناء الحوادث الطارئة وغير ذلك حسب القائمين على التجربة. وبحسب مختصّين بالعمل الإعلامي فإن تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي يمكنها العمل على تحسين الكفاءةِ بشكل كبير، كما يمكن أن تقلّل من تكلفة إنتاج التقارير الإخبارية التلفزيونية اليومية، كما تسمح بإنتاجِ التقارير الإخبارية العاجلة بسرعةٍ شديدةٍ. والإعلان عن تقنيّة الذكاء الاصطناعي الجديدة في تقديم الأخبار جاء خلال الدورة الخامسة للمؤتمر العالمي للإنترنت التي تحتضنها حالياً بلدة ووتشن بمقاطعة تشجيانغ شرق الصين. ونجح الروبوت المذيع في خَطْفِ الأنظار في المؤتمر، لكن بعض نظرات الجمهور له لم تكن تحمل انبهاراً فقط، بل حملتْ أيضاً بعض الخوف من الإتقان الشديد في صناعته ومجاراته التصرفات البشرية. وفي السنوات الأخيرة، وبالتحديد بعد ظهور الروبوت "صوفيا" التي حصلتْ على الجنسيّة السعودية، ارتفعتْ بعض الأصوات المتخوّفة من الذكاء الاصطناعي، حجّتهم في ذلك أنّه يؤثر على حياة البشر بشكلٍ سلبي، خصوصاً في مجال الوظائف، حيث يوشك الذكاء الاصطناعي أن يحلَّ محلَّ البشر في وظائف كثيرة. ومن الناحية الحقوقية تتخوّف الكثيرُ من المنظمات من التطوّر الشديد في الذكاء الاصطناعي، حيث سبق وطالبت منظمة العفو الدوليّة بفرضِ قيودٍ أخلاقيّة تَضْمَن ألّا تُستخدم تقنيات الذكاء الاصطناعي إلّا في خدمة البشر، محذرةً من أن يتمَّ استخدام الذكاء الاصطناعي في المجال العسكري، لصناعة روبوتات قد تقتلُ البشر يوماً ما ويصعب التحكّم فيها. هل تتخوّفون من الذكاء الاصطناعي وتشعرون أنه يهدّدُ وجودكم؟ صوفيا نفسها تُدرك تخوّفات البعض، حيث سبق وقالتْ لأحد مراسلي الوكالات العالمية "هناك معارضون لوجودي لكن المؤيدين أكثر" مضيفةً بصوتٍ أنثويٍّ مليء بالثقة "لن نكون بديلاً عن البشر، لكننا سنكون أصدقاء لهم وسنساعدهم. لقد عرفنا رأي صوفيا بالموضوع لكننا لمْ نعرفْ ما رأي الفقهاء في الأمر؟
إنه أمرٌ مفزعٌ لنا نحن الصحفيين، "زميلنا" روبوت يقرأ النشرة.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومينكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 5 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...