"إنه انقلاب نفذته حركة النهضة (إخوان) للهيمنة على تركيبة الحكومة بواسطة رئيس الحكومة يوسف الشاهد". بهذا علق حزب "نداء تونس" (حزب الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي) على التعديل الوزاري الذي أجراه رئيس الحكومة مساء الاثنين وشمل عشر حقائب.
التعديل الذي جاء بعد أيام من إعلان الرئيس السبسي فك الارتباط بحركة النهضة، عزز مكانة النهضة في الحكومة بعكس توجه رئيس الجمهورية، إذ حافظت النهضة على حقائبها في الحكومة، ولم يشمل التعديل وزارتَيْ العدل والخارجية.
وكان الشاهد قد أعلن مساء الاثنين تعديلاً وزارياً مستخدماً صيغة جديدة: "قررتُ". هذه الصيغة التقريرية تترجم أحادية عملية التعديل الذي قام به دون الحصول على موافقة رئيس الجمهورية، حتى لو كانت صورية، لأن الموافقة على تركيبة الحكومة هي في عهدة البرلمان الذي يمنح الحكومة الثقة أو يحجبها عنها.
هذه الصيغة "التقريرية" كانت محل تعليق ليلة الاثنين فور إعلان الشاهد التعديل الوزاري، إذ سارعت رئاسة الجمهورية بلسان الناطقة باسمها سعيدة قراش، إلى القول إن رئيس الباجي قايد السبسي "غير موافق على التعديل الوزاري الذي أعلنه رئيس الحكومة يوسف الشاهد". وقالت إن الشاهد اتبع تمشياً يتسم "بالتسرع وسياسة الأمر الواقع ولم يتشاور مع رئيس الجمهورية حوله". وأكدت أن الشاهد أبلغ السبسي بتركيبة حكومته الجديدة في آخر هذا اليوم (الاثنين).
هذان التشنج والتلويح بـ "عدم موافقة الرئيس" ترجمتهما قيادات حركة نداء تونس، في ندوتها الصحفيّة الثلاثاء، بقولها إن التعديل الوزاري الذي أعلنه رئيس الحكومة مساء الإثنين، هو "انقلاب قامت به النهضة للهيمنة على تركيبة الحكومة بواسطة يوسف الشاهد، الذي لم يكن إلا أداة طيّعة لها" على حد تعبيرها.
وكان السبسي قد أعلن قبل أيام إنهاء علاقة حزبه بحركة النهضة، قائلاً: "أنا ليس لي علاقة مع النهضة. كانت لي علاقة برئيس حزب النهضة راشد الغنوشي، وهذه العلاقة ما تزال قائمة برغبة منه فقط وليس مني، وعندما تكون هناك اختلافات في وجهات النظر، فهذا لا يعني أن شعرة معاوية يتم قطعها، ونحن مستمرون في هذا الاتجاه".
وقال القيادي في حركة نداء تونس رضا بلحاج، الثلاثاء في المؤتمر الصحفي إنّ التحوير الوزاري جاء في ظروف معينة، ولم يكن نتيجة مشاورات مع الأحزاب، خاصة حركة نداء تونس الفائز في انتخابات 2014، مبيناً أن الشاهد لم يعلم رئيس الجمهورية بالتحوير الوزاري بصفة قانونيّة، وهذا يُعد تجاوزاً لصلاحياته، بحسب قوله.
واتهم بلحاج رئيس الحكومة وحركة النهضة باستغلال أحكام الدستور "لعزل رئيس الجمهورية وجعله غير قادر على ممارسة صلاحياته، وهو يشبه إلى حد ما، ما حصل يوم 7 نوفمبر 1987 عند إزاحة الرئيس الحبيب بورقيبة"، وفق قوله.
وقبل أشهر انقلب حزب "نداء تونس" على رئيس الحكومة يوسف الشاهد بعد انتقاده تدخل ابن رئيس الدولة حافظ قائد السبسي في الحكم، عقب مطالبة الأخير بإقالة الشاهد، فجمّدت نداء تونس عضوية رئيس الحكومة في صفوف الحزب، واتهمته بالخروج عن الخط السياسي لنداء تونس، واستدعته للاستجواب فرفض الحضور، فجمّدته.
وشكّل الشاهد إثر ذلك كتلة نيابية منافسة جعلت حزب نداء تونس يتراجع إلى المرتبة الثالثة في البرلمان بعد كتلتي حزب "النهضة" و"الائتلاف الوطني". إلا أنه وجد الحل بالانصهار مع الاتحاد الوطني الحر الذي يترأسه سليم الرياحي في 14 أكتوبر 2018.
في المؤتمر الصحفي المنعقد الثلاثاء، ذهب بلحاج إلى حد القول إن تونس تعيش "وضعاً انقلابياً عبر افتكاك السلطة من طرف النهضة"، قائلاً إن هناك تهديدات تترصد المسار الديمقراطي، وهو ما "يهدد مستقبل تونس والمكاسب التي تم تحقيقها منذ الثورة".
أما الأمين العام لحركة نداء تونس سليم الرياحي، الذي انضم إليها قبل أسبوعين، بعد انصهار حزبه والنداء في حزب واحد، فقال في المؤتمر إن الإسراع بالتعديل الوزاري هدفه التغطية على الأحداث التي استجدت يوم السبت الماضي، والمتمثّلة في محاولة اقتحام مقر حزب نداء تونس لفرض سياسة الأمر الواقع، بتحريض من رئيس الحكومة يوسف الشاهد وحركة النهضة، على حد تعبيره.
ووصف الرياحي التعديل الذي قام به الشاهد "دون إعلام رئيس الجمهوريّة" على حد تعبيره، وقبل الذهاب إلى البرلمان لطلب الثقة، هو "إجراء مخطىء ومنافٍ لما جاء به الدستور، خاصّة ... التحوير لم يكن بسيطاً بل شمل أغلب الحقائب الحكومية... تغيير 13 وزيراً يعني الإقرار ضمنياً بفشل الحكومة، وهو ما يتطلّب أيضاً تغيير رئيسها"، حسب قوله.
الرياحي طالب بإيقاف التعديل الوزاري "إجرائيّا" محمّلاً نواب البرلمان المسؤوليّة في إقرار تركيبة الحكومة، بل قال إنهم "مشاركون في عمليّة انقلابية على الديمقراطية وعلى ثورة 2011" لو وافقوا عليها.
كذلك طالب رئيس الجمهورية بالتدخل "لحماية الدستور" ونواب البرلمان "عدم التصويت للتعديل الحكومي في صورة عرضه على البرلمان"… وأضاف: "إنّ هذا التحوير هو انقلاب أقوى من الانقلاب المسلّح".
تشنج وتلويح "عدم موافقة الرئيس" ترجمتهما قيادات حركة نداء تونس، في ندوتها الصحفيّة، بقولها إن التعديل الوزاري الذي أعلنه رئيس الحكومة، هو "انقلاب قامت به النهضة للهيمنة على تركيبة الحكومة بواسطة يوسف الشاهد، الذي لم يكن إلا أداة طيّعة لها"
"إنه انقلاب نفذته حركة النهضة (إخوان) للهيمنة على تركيبة الحكومة بواسطة رئيس الحكومة يوسف الشاهد". بهذا علق حزب "نداء تونس" (حزب الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي) على التعديل الوزاري الذي أجراه رئيس الحكومة مساء الاثنين وشمل عشر حقائب.
حكومة الشاهد هي حكومة النهضة
وفي تصريح إذاعي، قال نور الدين بن تيشة، المستشار السياسي للرئيس السبسي، إن حكومة الشاهد "أصبحت حكومة حركة النهضة وبعيدة كل البعد عن نتائج انتخابات 2014". وكان الشاهد قد أعلن مساء الاثنين أنه قام بالتحوير الوزاري وتحمل مسؤولياته فيه وفقاً للصلاحيات الممنوحة له دستورياً "لإضفاء مزيد من الفعالية والنجاعة على العمل الحكومي". وقال بن تيشة في تصريح لإذاعة موزاييك: "هذه حكومة شكّلتها حركة النهضة.. وهي التي قررت الشاهد رئيساً لحكومتها"، مشدداً على أن رئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي لم تتم استشارته حول هذا التحوير، قائلاً: "رئاسة الجمهورية سمعت بالتحوير في الإعلام". وأكد أن الشاهد أرسل قائمة بالتحوير الوزاري والتشكيلة الحكومية الجديدة "مغايرة" للتي أعلنها مساء الاثنين. والتعديل الوزاري الذي قام به الشاهد هو الأول منذ إعلان تركيبة حكومته في 20 أغسطس 2016 ، وقال الشاهد مساء الاثنين إن تعديله الوزاري "كان قائماً على أساس الملاءمة بين البحث عن الكفاءة والقدرة على خدمة الشأن العام والحوار مع الفاعلين السياسيين من أجل تكوين فريق حكومي متضامن ومتكامل ومسؤول لوضع حد للأزمة السياسية الراهنة ولتحقيق الاستقرار في البلاد وتسوية الملفات العالقة". وقال القيادي بالجبهة الشعبية (يسار) زهير حمدي إن التحوير الحكومي الأخير سيطرح أزمة سياسية جديدة، بعدما رفضه السبسي، وأكد في تصريح لوكالة الأنباء التونسيةً الثلاثاء، أن الجبهة الشعبية تعتبر أن التحوير الحكومي ليس حلاً للأزمة التي تمر بها تونس، ووصفها بالأزمة السياسية المركبة. وووصف التحوير الوزاري بـ "الخليط الذي جمع النهضة بعدد من المنتمين الى المنظومة القديمة من حزب التجمع الدستوري الديمقراطي المنحل ومجموعة من المطبّعين مع الكيان الصهيوني"، في إشارة لوجود وزير يهودي في تركية الحكومة. هذه الأزمة "المركبة" التي تشهدها تونس تأتي قبل سنة من الانتخابات الرئاسية، في ما يشبه الصراع المنتقل من داخل حزب نداء تونس الذي كان الشاهد ينتمي إليه، لينهي فعلياً حكومة الوحدة الوطنية، بعد أن أعلن موتها الرئيس السبسي بقوله إنه فك الارتباط مع حركة النهضة. الخلاف ليس في عدم موافقة السبسي على التعديل، لأن موافقته شكلية، فالدستور لا يلزم رئيس الحكومة باستشارة رئيس الدولة حين يقوم بتعديل وزاري إلا إذا تعلق الأمر بالدفاع والخارجية لأنهما وزارتان سياديتان. الكرة الآن في ملعب البرلمان لمنح حكومة الشاهد الثقة أو حجبها عنها.رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومينكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 6 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...