مع تواصل قطعِ العلاقاتِ الدبلوماسية بين تونس وسوريا على مستوى السفيرين، تتفاقمُ معاناة اللاجئين السوريين، لا سيما الراغبين في تجديد وثائقِ سفرهم، فلا خيارَ أمامهم سوى السفر إلى الجزائر لإتمامِ الأمر، لكن هذا الطريق أيضاً ممنوع. في 30 يونيو الماضي، قدّرَ مُمثل المفوض السامي للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مازن أبو شنب، عددَ اللاجئين المُسجلين في تونس بحوالي 1000 شخصٍ، قال إن غالبيتَهم سوريون، بينما تشير تقديراتٌ أخرى إلى أن عددَهم الإجمالي يبلغ الآلافَ. تزامن الإعلان عن قرب إقرار القانون، الذي بموجبه ستُنشأ هيئةٌ لحماية اللاجئين مع رفض تونس طلبات أوروبية بإقامة مركز إيواءٍ للاجئين في البلاد، بسبب غيابِ الاستعدادات اللوجستية والمادية ولظروف الانتقال الديمقراطي التي تمرّ بها البلاد منذ الثورة، بحسب الصحيفة.
مظاهر معاناة السوريين في تونس
دخل السوريون إلى تونس عبر الحدودِ الليبية والجزائرية منذ عام 2011، وزاد تدفقهم إليها مع تحويل النظام الانتفاضة السلمية إلى مواجهات مُسلحة. منذ ذلك الوقت يعيش السوريون في تونس أوضاعاً معيشيةً صعبة نتيجة غيابِ الحكومة عن رعايتهم والمساعدة في قضاء شؤونهم، بحسب مؤسسات المجتمع المدني. تفاقمت حدّة الأوضاع منذ قطع الرئيس التونسي السابق، المنصف المرزوقي، العلاقاتِ الدبلوماسية مع الحكومة السورية، احتجاجًا على "مجزرة حمص"، طُرد على إثرها السفير السوري من تونس في فبراير 2012. ربما اتخذ المرزوقي موقفاً رسمياً، حاولت تونس بعد رحيله، في عدة مناسبات إعادة مد الجسور مع دمشق بصيغة جديدة، وإن لم ترتقِ إلى مستوى عودة السفير، في المقابل ظهرت بوادرُ معاناةِ السوريين في تونس بعد عامين، من تاريخ إغلاق السفارة، حين دقَّ موعد تجديد وثائق السفر والإقامة. إلى جانب 5 موافقاتٍ من الجهاتِ التونسية، على السوريين الذهاب إلى الجزائر للحصول على موافقةٍ أخرى من سفارة بلادهم هناك، بينما يُمنعون من عبور الحدود إليها بسبب انتهاء إقامتهم. في يناير 2013، قالت صحيفة "الشروق" التونسية إن المهربين يحصلون من اللاجئين السوريين على مبلغ يتراوح بين 300 و500 دينارٍ تونسي للشخص الواحد لتمكينِه من عبورِ الحدود إلى الجزائر. الصحيفة قالت حينها أيضاً إن اللاجئين يحصلون على ربع ما يتقاضاه التونسيون نظير عملهم، إضافة إلى عدم حصولهم على أيام محددةٍ للراحة أو إدراجهم ضمنَ مظلة التأمينات الاجتماعية.حتى الزواج من تونسية لا يمنح اللاجئين استثناءات
رَغم ما أبداه الرئيسُ التونسي، الباجي قايد السبسي، من استعدادٍ للتواصل مُجددًا مع النظام السوري، إلا أن البرلمان قطع الطريقَ أمام مشروع لائحة تطالبُ السلطات بإعادة العلاقات الدبلوماسية مع دمشق، عندما صوَّت ضده غالبية النواب في 19 يوليو 2017. وفي نوفمبر من نفس العام، احتفت مفوضيةُ شؤون اللاجئين بقصة الحب المُتوجة بالزواج بين أسماء، ابنةِ مدينة صفاقس،بشوكت ابنِ حلب، وكيف وقفت بجانبه ودعمته. لكن الزواجَ وإن كان عن حبّ، لم يشفع أيضاً لدى السلطات التونسية في تسهيل أوضاع اللاجئين. لاجىءٌ آخر متزوج من تونسية، روى لموقع "مُهاجر نيوز"، ما يواجهه، قائلاً "السوري في تونس يعاني من مشاكل إدارية جمّة تنغص عليه حياته"، موضحاً أن أوراق إقامته والجنسية التونسية لزوجته لم تشفع له، فهو كغيره من السوريين مضطرٌ لتجديد جواز سفره في الجزائر. أضاف أنه بانتهاء مدة إقامة السوريين لا يمكنهم مغادرةُ الأراضي التونسية إلى الجزائر، لاعتبار السوري مقيماً بطريقة غير شرعية، ويعرّض نفسَه بالتالي للملاحقة بتهمة اجتياز الحدود، إذ تفرض عليه غرامةٌ قيمتُها 30 يورو عن اليوم الواحد بدايةً من انتهاء تأشيرةِ الدخول أو انتهاء شهادةِ الإقامة إن كان يتوفر عليها، بحسب قوله لـ"مهاجر نيوز". وقال مُنذر إن معاناةَ السوريين تمتدُّ إلى عدم قدرتهم على استخراج وثائقَ مدنية مثل الأوراق الخاصة بالمواليد الجدد وحالات الوفيات. الرجل الذي يمتلك مطعماً في العاصمة تونس، أعرب في حديثه لـ"مهاجر نيوز"، عن تفضيله إرسالَ جوازه إلى سوريا لتجديده كل عامين، بتكلفة تبلغ 400 دولارٍ، بدلاً من خوض مخاطرةِ تهريبه إلى الجزائر لإتمام ذلك. يأتي هذا في وقتٍ تعتزم تونس إصدارَ قانون لحماية اللاجئين، في سابقة هي الأولى من نوعها في الدول العربية، وسطَ ترقبٍ لما قد يقدمه القانون من محوِ معاناةِ اللاجئين العالقين. صحيفة "الصباح" التونسية قالت في 2 يوليو 2018، إن وزارةَ العدل انتهت من مسودة القانون الذي استغرق مسارُ إعداده 6 سنواتٍ منذ التفكير فيه في 2012 بمشاركة الحكومة وممثلين عن المجتمع المدني. "الصباح" كشفت أنه حتى يونيو الماضي، بلغ عددُ اللاجئين وطالبي اللجوء 1014 شخصاً، موزعين إلى 129 طالبَ لجوء و885 لاجئًا، 75% منهم سوريون، أما البقية من العراق، إيران وإفريقيا الوسطى.مع تواصل قطعِ العلاقاتِ الدبلوماسية بين تونس وسوريا على مستوى السفيرين، تتفاقمُ معاناة اللاجئين السوريين، لا سيما الراغبين في تجديد وثائقِ سفرهم، فلا خيارَ أمامهم سوى السفر إلى الجزائر لإتمامِ الأمر، لكن هذا الطريق أيضاً ممنوع.
تفاقمت حدّة الأوضاع منذ قطع الرئيس التونسي السابق، المنصف المرزوقي، العلاقاتِ الدبلوماسية مع الحكومة السورية، احتجاجًا على "مجزرة حمص"، طُرد على إثرها السفير السوري من تونس في فبراير 2012.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 5 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...