حادث مفاجئ نتيجة السيول، إهمال إداري، سوء البنى التحتيّة، خطأ فردي… قد تتعدّد الأسباب الكامنة وراء حادثة البحر الميّت بتعدّد التحليلات، وقد تتداخل تلك الأسباب، لتبقى النتيجة المؤلمة هي وفاة 20 شخصاً، معظمهم من الأطفال الذين كانوا في رحلة مدرسيّة.
العدد مرشّح للارتفاع، حسب الدفاع المدني في الأردن، في ظلّ وجود 34 إصابة، ومفقودين آخرين تستمرّ عمليات البحث عنهم.
وكان 37 من طلاب مدرسة فيكتوريا في منطقة برج الحمام، وهم من الصفين السابع والثامن، قد خرجوا في رحلة مدرسيّة ومعهم 7 من أعضاء هيئة التدريس إلى منطقة في منطقة المياه الساخنة/الزارة. وللمفارقة كانت أهداف الرحلة، حسب الورقة التي وصلت إلى الأهالي: التعايش مع البيئة المحيطة، تحمّل المسؤولية وسرعة البديهة للتعامل مع الظروف.
وحين كان الطلاب أسفل أحد الجسور القريبة من البحر الميت، طالتهم السيول الناجمة عن الأمطار الغزيرة وجرفتهم إلى البحر.
وروى أحد الغواصين التابعين للدفاع المدني الأردني أن طالباً يدعى عمر أخبره بأن الأمواج التي جاءتهم من فوقهم كانت مرتفعة جداً وجرفتهم صوب البحر.
حمل المنقذ الطفل على كتفيه ليسبح به لأمتار وسط الرياح القوية نحو الشاطئ، وإن كان عمر محظوظاً فإن آخرين غيره ما زالوا مفقودين أو يصارعون إصابات حرجة، وبينهم كذلك من عائلات كانت موجودة في المنطقة للتنزّه.
بموازاة ذلك، أعلنت وكالة الأنباء الأردنية وفاة نائب مدير شرطة إربد العقيد خلدون الغرايبة خلال تفقده الأوضاع في أودية في الغور الشمالي، جراء السيول التي اجتاحت المنطقة القريبة من البحر الميت.
ومعروف أن البحر الميت هو أكثر نقطة منخفضة على سطح الأرض، أما طبيعة المنطقة القاحلة ووديانها العميقة تجعلها عرضة للسيول، وقد نقل التلفزيون الرسمي عن قائد الشرطة العميد فريد الشرع قوله إن السيول امتدت إلى مسافة تجاوزت الـ 5 كيلومترات.
حادث مفاجئ نتيجة السيول، إهمال إداري، سوء البنى التحتيّة، خطأ فردي… قد تتعدّد الأسباب الكامنة وراء حادثة البحر الميّت بتعدّد التحليلات، وقد تتداخل تلك الأسباب، لتبقى النتيجة المؤلمة هي وفاة 20 شخصاً، معظمهم من الأطفال الذين كانوا في رحلة مدرسيّة
استبق رئيس الوزراء الأردني الاتهامات وأكد على أن المقصرين والمسؤولين عن هذه الكارثة ستتم محاسبتهم، بينما ظهر أن الاتهام يطال المدرسة بشكل أساسي...
حالة من الحداد والصدمة عمّت الأردن مع بدء انتشار الأخبار يوم أمس، فهناك من نعى طفله الوحيد الذي خسره بعدما خسر والدة الطفل قبل حوالي الشهر، ومن نعى زوجته المعلمة التي خسرها هو وطفله الوحيد ذو العامين… فوراء كل ضحية أو مصاب أو مفقود في تلك الحادثة قصة وعائلة وآمال معلقة ماتت أو تضرّرت في البحر الميّت.
حالة الحداد الشعبيّة انعكست استنفاراً رسمياً، حيث ألغى الملك عبد الله زيارته التي كانت مقررة إلى البحرين اليوم، من أجل متابعة تداعيات الحادث، حسب ما أوردت وكالة الأنباء الرسمية (بترا).
بدورها، عبّرت زوجته الملكة رانيا عن تعاطفها مع العائلات قائلة "قلوبنا انفطرت من هول الفاجعة"، بينما توجه رئيس الوزراء عمر الرزاز إلى المنطقة لمتابعة جهود الإنقاذ.
من جهتها، دعت وزارة الأوقاف الأردنيّة مساجد المدن المختلفة إلى أداء صلاة الغائب على أرواح "شهداء" حادث حافلة طلاب المدارس.
واستمرّت جهود الإنقاذ طوال الليل، بينما تحركت الأجهزة المدنية والعسكرية، وتم إرسال طائرات مروحية وتحريك آليات من وزارات البلديات والأشغال العامة وشركة البوتاس العربية للتعامل مع الحادث.
وصباح اليوم، قال مصدر في الدفاع المدني إن الأجهزة المعنية بعمليات البحث والإنقاذ ما زالت تبحث عن مفقودين آخرين جرفتهم السيول. وأشارت مصادر الدفاع المدني كذلك إلى انهيار جسر في منطقة البحر الميت وإغلاق الطريق بالاتجاهين.
واستبق رئيس الوزراء الأردني الاتهامات وأكد على أن المقصرين والمسؤولين عن هذه الكارثة ستتم محاسبتهم، بينما ظهر أن الاتهام يطال المدرسة بشكل أساسي.
وأشار الرزاز إلى أن المخاطبات بين المدرسة التي ينتمي إليها الطلاب والتي قامت بالرحلة، وبين وزارة التعليم كانت حول رحلة إلى منطقة "الأزرق" وليس البحر الميت، مذكراً أن هناك عدم التزام واضح بالتعليمات، وبالتالي ستتم محاسبة كل المخطئين والمتسببين في وفاة الطلاب.
بدورها، أعلنت المتحدثة باسم الحكومة جمانة غنيمات البدء في تحقيق بشأن مخالفة المدرسة للترخيص الممنوح لها والتوجه إلى منطقة البحر الميت.
في المقابل، تشارك مغرّدون التعليق بشأن المسؤولية عن الحادث، بين من أشار إلى فساد ما في البنية التحتية، وبين من ربط الأمر كذلك بالمسؤوليّة الفرديّة وبسلوك من يزورون المنطقة ويرمون النفايات هناك متسببين بسدّ المجاري.
وعلى خط آخر من الحادثة، كان التضامن مع الأردن من الخارج يتفاعل، بينما اكتسى تضامن السعودية معها بشكل أساسي طابعاً سياسياً، إذ توالت المواقف السعودية مؤكدة على دعم المملكة الأردنية ووضعها "كل إمكانياتها في خدمة حكومة وشعب الأردن لتجاوز الأضرار التي خلفتها السيول"، مذكرة بموقف الأردن الأخير الذي أكد على الوقوف إلى جانب السعودية "في كل الظروف" على خلفية قتل جمال خاشقجي.
ومن جهة ثانية، برز "دور" إسرائيل في العديد من التغطيات الإخباريّة، ليتخذ شكل التضامن الدعائي، الذي تكرّر بالتأكيد على "تعاطفها" مع فاجعة الشعب الأردني، وعلى دورها "اللافت" في المشاركة بعمليات الإنقاذ. وقال الجيش الإسرائيلي إنه أرسل عدداً من الطائرات المروحية وعلى متنها جنود من وحدة خاصة للبحث والإنقاذ.
وإن كان لأشكال المحاسبة والتضامن وقت للنقاش والتحليل، تبقى الفاجعة الأشد وطأة واقعة على أهالي بدأوا باستلام جثث أبنائهم، وعلى قلوب أمهات/آباء، أزواج/زوجات و أخوة وقفت صباح يوم الخميس لتودّع محبوباً يتجه سعيداً إلى رحلة مدرسيّة، كي يعود مساء بأخبار ممتعة عن نهار جميل، قبل أن تدرك أن كل ذلك سيتحوّل إلى كارثة.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
نُور السيبانِيّ -
منذ يومالله!
عبد الغني المتوكل -
منذ يومينوالله لم أعد أفهم شيء في هذه الحياة
مستخدم مجهول -
منذ يومينرائع
مستخدم مجهول -
منذ 6 أيامكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ أسبوعتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت