شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

ادعم/ ي الصحافة الحرّة!
الشرق الأوسط يتحوّل إلى جحيم والحرّ يقتل أكثر من الحروب​

الشرق الأوسط يتحوّل إلى جحيم والحرّ يقتل أكثر من الحروب​

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

حياة

السبت 6 أغسطس 201601:36 م
يبدو أن على أهل الشرق الأوسط، الذين لا يزالون متشبثين بالبقاء قي بلدانهم ويأبون مغادرتها، أن يحزموا أمتعتهم، ويفكروا في الذهاب إلى وجهات أخرى في العالم، إذ لا تكتفي المنطقة ببؤسها وحروبها ودمارها، بل تتحول إلى جحيم "يشوي" من تبقى من ساكنيها على مهل، ومن لم يمت بحد السيف، فقد يموت بعد أعوام من شدّة الحرّ. تتساءل تقارير مختلفة عما إذا كانت منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، سيكونان جحيماً حارّة غير قابلة للسكن مع نهاية القرن الجاري. ومما لا شك فيه إلى الآن، أن الحرّ يقتل أهل المنطقة أكثر من الحروب المتنقلة نفسها، إذ أكدت دراسة صادرة عن وكالة البيئة التابعة للأمم المتحدة، في شهر مايو الماضي، أن عدد من يلاقون حتفهم نتيجة للظروف المناخية القاسية في غرب آسيا (شبه الجزيرة العربية والهلال الخصيب) يصل إلى 230 ألف شخص سنوياً. إليكم بعض الأرقام والحقائق التي توضح التغير المناخي في المنطقة منذ سبعينيات القرن الماضي إلى المستقبل القريب.
يبدو أن الوقت قد حان لنحجز مقاعد في رحلة هروب جماعية من المنطقة...
هل ستكون منطقة الشرق الأوسط جحيماً حارّة غير قابلة للسكن مع نهاية القرن الحالي؟
سجل صيف 2015 نقطة تحول تاريخية في موجات الحرارة التي ضربت المنطقة في شهر أغسطس. للمثال، وصلت الحرارة في إيران إلى 72 درجة مئوية وأعلن العراق عطلة رسمية لمدة أربعة أيام، خوفاً على الموظفين والطلاب من التجول في الشوارع، ولم تسلم العواصم التي تكون حرارتها أكثر اعتدالاً في العادة من تلك الموجة الحارة ومنها دمشق وعمان وبيروت. أما في شمال إفريقيا، فقد نقلت جريدة الشرق الأوسط عن مصادر مصرية رسمية في الشهر نفسه، أن ما يقارب مئة مواطن مصري قد لقوا حتفهم إثر ضربات شمس، و2000 آخرين أصيبوا بما يعرف بالإجهاد الحراري. كل ذلك دعا إلى البدء بالاستقصاء عن التغير المناخي في المنطقة، ومدى الخطورة التي قد يخلفها، وكيف تساعد الحروب والكثافة السكانية الهائلة في زيادة المشكلة لا في الحدّ منها.

من سبعينيات القرن الماضي إلى اليوم

يذكر شكري الحسن، وهو أستاذ في علم البيئة من مدينة البصرة، في تقرير لصحيفة The Economist، أن مناخ المدينة الساحلية العراقية قد كان مشابهاً لمناخ جنوب أوروبا حتى سبعينيات القرن الماضي، وقد أطلق عليها اسم "فينيسيا" الشرق الأوسط، إذ روى شط العرب السواقي المنخفضة العابرة في المدينة، وما يقارب 10 مليون شجرة نخيل، يعدّ تمرها من الأفضل في العالم. إلا أن الحرب وتسرب المياه المالحة من البحر بسبب كثرة السدود، والتنقيب عن النفط، دفعت المزارعين إلى ترك أراضيهم، فتسبب ذلك بخسائر فادحة وحوّل معظم الأراضي الرطبة والبساتين صحراء. اليوم، يبلغ متوسط  حدوث عواصف الرمل أو الغبار مرة كل ثلاثة أيام. وقد سجلت البصرة هذا الشهر رقماً قياسياً في درجة الحرارة، بعد الكويت ووادي الموت في كاليفورنيا، حيث وصلت الحرارة إلى 53.9 درجة مئوية. وبينما استفادت عدة بلدان في العالم من التغير المناخي منذ سبعينيات القرن الماضي، بشتاء أخف وطأة وأكثر اعتدالاً، سجلت الدول العربية ارتفاعاً هائلاً في درجات الحرارة، وعدداً أكبر من الأيام الحارة جداً، وعدداً أقل بكثير من الأيام الصيفية المعتدلة. وحسب دراسة سابقة نشرت في مجلة Climate Change، عن معهد ماكس بلانك للكيمياء، فإنه بين عامي 1986 و2005، كان معدل استمرار الموجات الحارة في المنطقة لا يتعدى 16 يوماً، لكنه سيصل إلى 80 يوماً مع حلول 2050، وإلى 118 يوماً مع نهاية القرن. ووفق الدراسة نفسها،  فإنه في الأيام الحارة تصل درجات الحرارة في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، اليوم، إلى نحو 42.7 درجة مئوية، في حين أن الرقم قد يصل إلى 46 درجة عام 2050، ثم إلى 50 درجة عام 2100، وهي درجات قد تسبب عواقب كبرى على صحة الإنسان والبيئة.

الموت قتلاً أو قيظاً

كذلك أشارت دراسة أكاديمية هولندية نشرت في أبريل الماضي إلى أن درجات الحرارة يمكن أن ترتفع 7 درجات مئوية بحلول نهاية القرن، وتوقعت دراسة أخرى للأمم المتحدة أن العواصف الرملية ستزداد في العراق من 120 عاصفة سنوياً إلى 300 سنوياً، وفي صنعاء عاصمة اليمن، من المتوقع أن تنفد المياه عام 2019، وفي تعز الواقعة جنوب العاصمة، انهارت معدلات المياه الجوفية فعلاً. وتوقع الدكتور الفاتح الطاهر، أستاذ المناخ في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا، أن درجة الحرارة ستصل بين 2070 و2100 في معظم دول الخليج إلى مستويات لا يستطيع تحملها الفرد أكثر من 6 ساعات، مضيفاً أن الحرارة القصوى التي يصل إليها الطقس الآن عادية، إلا أن الحال لن يبقى كما هو، وما نشهده اليوم هو "غيض من فيض" مما سنشهده في المستقبل. أما في شأن التصحر والجفاف وانخفاض منسوب المياه الجوفية، فإن البحر الميت يتقلص متراً واحداً في السنة، وهذا يعني أنه يجفّ، وهنالك توقعات لأن يُغرق ارتفاع منسوب مياه البحر 11% من المدن البحرينية في نهاية القرن. يظهر أن الوقت قد حان لنحجز مقاعد في رحلة هروب جماعية من المنطقة، قبل أن تلتهمنا ألسنة الحرارة!
إنضمّ/ي إنضمّ/ي

رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard
Popup Image