أعلنت العنود السنوسي، إبنة رئيس المخابرات الليبي السابق في نظام معمر القذافي أنه لا ينبغي أن تتم محاكمة والدها في ليبيا؛ وإلا فإنه قد يواجه حكماً بالإعدام دون الحصول على محاكمة عادلة. وأضافت في حديث إلى رصيف 22: "إذا بقي والدي في ليبيا، فلن يواجه إلا عقوبة الإعدام. لذا، ينبغي أن تتم محاكمته في لاهاي، حتى يعرف العالم كله الحقيقة."
كانت المحكمة الجنائية الدولية قد أصدرت في يونيو 2011 مذكرة اعتقال بحقّ عبد الله السنوسي، الرئيس السابق للاستخبارات العسكرية الليبية، قبل أن يقوم الثوار المدعومون من حلف شمال الاطلسي بإنهاء حكم العقيد القذافي الذي استمر طوال أربعة عقود. وجهت المحكمة التي تتخذ من لاهاي مقرّاً لها إلى السنّوسي تهمتين بارتكاب جرائم ضد الإنسانية وأمرت ليبيا بتسليمه. هو متهم بالتواطؤ في قتل وتعذيب مدنيين خلال الثورة الليبية.
ولكن في أكتوبر الماضي، أصدر القضاة في الغرفة التمهيدية في المحكمة الدولية قراراًيسمح بمحاكمة السنوسي في ليبيا، زاعمين بأن سلطات بلاده أحرزت تقدماً في القضية وبأنها قادرة على محاكمته وعلى استعداد للمضي قدماً بذلك. وكان القرار، الذي وصفه محامو السنوسي المعيّنون من قبل المحكمة الجنائية الدولية بـ"المفاجئ"، قد نشر في نفس اليوم الذي تم فيه اختطاف رئيس الوزراء الليبي علي زيدان لفترة وجيزة من قبل ميليشيا محلية، في ما اعتبره مراقبون دليلاً على ضعف الحكومة المركزية في ليبيا وهيمنة الميليشيات على البلاد.
تقول العنود السنّوسي: "إن الحكومة ضعيفة جداً، والميليشيات هي التي تسيطر"، متساءلة "كيف يمكنهم حماية والدي إذاً؟" منذ ذلك الحين، قام محامو السنوسي باستئناف القرار الذي يسمح بمحاكمته في ليبيا، معلنين بأن لديهم أدلة على تعرّضه لسوء المعاملة وهو رهن الاحتجاز.
في حديث الى رصيف 22، قال بن إيمرسون، محامي الدفاع الرئيسي للسنوسي: "لقد حثثنا دائرة الاستئناف على نقض هذا القرار على أساس أن السيد السنوسي لا يمكنه الحصول على محاكمة عادلة ونزيهة في ليبيا"، وأضاف: "يجب أن يحاكم السنوسي أمام المحكمة الجنائية الدولية إذ أنه لن يواجه عقوبة الإعدام هناك".
يقول أولئك الذين يؤيدّون نقل السنوسي إلى لاهاي بأن أي محاكمة في ليبيا ستكون منحازة وسيكون حكمها مقرراً سلفاً، بالنظر إلى ضعف الدولة المركزية وعدم قدرتها على فرض سيادة القانون. كما أنهم يشيرون إلى المعاملة السيئة التي تعرّض لها سجناء ومقاتلون في عهد القذافي، وغير ذلك من انتهاكات تطال الحقوق الأساسية للمتهمين، بما في ذلك حق الحصول على محامين، وقد تم منع فريق دفاع السنوسي مراراً من مقابلته.
قال إيمرسون بأن فريقه قدّم للقضاة "أدلة جديدة دامغة" تبيّن أن السنوسي يتعرض لسوء المعاملة في السجن. وبحسب إيمرسون، ضمّن محامو الدفاع طلب استئنافهم صورة للسنوسي في جلسة استماع تعود إلى شهر أكتوبر، تظهره في زي السجن الأزرق مع كدمات على وجهه.
طالب المحامون بأن تؤمر ليبيا بوقف محاكمة السنوسي حتى يصدر القضاة في لاهاي حكمهم النهائي. بحسب إيمرسون، فإنه من المثير للقلق أنّ "ليبيا تمضي قدماً بمحاكمة شكلية وإجراءات بالغة الجور لن تؤدي إلّا إلى نتيجة واحدة – أي إدانة وإعدام السيّد السنّوسي".
ذكر المحامون في معرض طلب الاستئناق المقدّم من قبلهم بأن النظام القضائي الليبي يواجه حالة من الإنهيار. وكان إيمرسون قد حذّر إبان تقديم الطلب "من انزلاق البلاد إلى الفوضى على نطاق واسع حيث القانون السائد الوحيد هو قوّة السلاح، فيما الميليشيات المسلحة تفعل ما تشاء".
46 شخصاً قتلوا الأسبوع الماضي بعد أن قامت ميليشيات بإطلاق النار على متظاهرين يطالبونها بإخلاء طرابلس. والبارحة، تمّ اختطاف مصطفى نوح، نائب رئيس المخابرات الليبية.
قالت العنود السنوسي بأنها تعمل مع المحامين على ملف الاستئناف بقضية والدها. ورأت العنود أن محاكمة والدها في ليبيا ستكون ظالمة ومسيّسة، وأرجعت عدم وجود ضغط من المجتمع الدولي على ليبيا لتسليم والدها إلى دوره الحساس كرئيس لجهاز المخابرات في بلاده، والمخاوف من أن يؤدّي التوسع بمحاكمته إلى كشف تفاصيل قد تكون مصدر إحراج لوكالات الاستخبارات الأخرى. "يعرف الكثير" تقول، مضيفةً أنه كان دائماً يبقيها بعيدة عن شؤون الدولة.
حتى الدول الغربية التي دعمت قرار مجلس الأمن الذي يحيل كبار قادة النظام الليبي السابق إلى المحكمة الجنائية الدولية لم تقم بالضغط على ليبيا لتسليم السنوسي، أو سيف الإسلام القذافي المطلوب أيضا من قبل المحكمة الدولية، وهو حاليا قيد الاحتجاز من قبل ميليشيات في بلدة الزنتان.
كان موقع Mediapart الفرنسي قد أجرى تحقيقاً، بعد سقوط القذافي، عن العلاقة بين السنوسي ومسؤولين فرنسيين، كما وجد تقرير لوكالة رويترز روابط بين السنوسي وجهود لجمع التبرعات لحملة الانتخابات الرئاسية للرئيس السابق نيكولا ساركوزي.
تعتقد العنود بشدّة بأنه سيجري سريعاً الحكم على والدها بالإعدام في المحاكم الليبية، بالإضافة إلى تعريضه للتعذيب في السجن. كما شدّدت بأنها لا تحاول فقط حماية والدها، ولكنها تشعر بصدق بأن الحكم عليه مقرر مسبقاً.
حتى الساعة، سمح للعنود بزيارة والدها مرة واحدة فقط في شهر فبراير، وكان قد فقد الكثير من وزنه، وكان ضعيفاً بشكل واضح.
كانت العنود نفسها قد اعتقلت في أكتوبر من العام الماضي من قبل السلطات الليبية، لدخولها بشكل غير شرعي إلى البلد. أفرج عنها بعد عشرة أشهر، لتعود وتختطف من قبل ميليشيا في نفس اليوم. اعتبرت منظمة العفو الدولية حينها بأن اختطافها يشكّل علامة على أن النظام القضائي في ليبيا "مختل وظيفياً".
اتهمت العنود الحكومة الليبية بالتواطؤ مع المتمردين، مشيرة إلى أنها لم تقدم لها الحماية عمداً، وحثت الدول الغربية وجامعة الدول العربية على مساعدة والدها.
وجواباً على سؤالها حول ما إذا كانت تعتقد بأنه يتوّجب على والدها أن يحاكم أصلاً، قالت العنود بأنه ليس لديها اعتراض على ذلك، مضيفة "أنا أؤيد أن تتم محاكمته، ولكن، يجب على الأقل أن تكون محاكمته عادلة". ما يعني أن يحصل والدها على حق الحصول على محامين للدفاع عنه، بالإضافة الى الزيارات، والخدمات الطبية، والتواصل مع منظمات حقوق الإنسان. تسمح مثل هذه المحاكمة لليبيين حسب رأيها "بمعرفة الحقيقة ومن هو عبد الله السنوسي". أضافت في الختام أنه إذا لم يتم تأمين هذه الحقوق لوالدها "فستكون عقوبة الإعدام أمراً لا مفر منه".
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ يومرائع. الله يرجعك قريبا. شوقتيني ارجع روح على صور.
مستخدم مجهول -
منذ يومحبيت اللغة.
أحضان دافئة -
منذ يومينمقال رائع فعلا وواقعي
مستخدم مجهول -
منذ 6 أياممقال جيد جدا
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعحب نفسك ولا تكره الاخر ولا تدخل في شؤونه الخاصة. سيمون
Ayman Badawy -
منذ أسبوعخليك في نفسك وملكش دعوه بحريه الاخرين