شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

ساهم/ ي في صياغة المستقبل!
مناهض للصهيونية ومُدافع شرس عن فلسطين.. الوجه الآخر لجورج سميث الفائز بنوبل للكيمياء

مناهض للصهيونية ومُدافع شرس عن فلسطين.. الوجه الآخر لجورج سميث الفائز بنوبل للكيمياء

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

سياسة

الجمعة 5 أكتوبر 201809:02 م
"إنه أول تصفيق حار أحظى به"، هكذا ردّ أستاذ علم الأحياء والبيولوجيا في جامعة ميسوري جورج سميث على فوزه بجائزة نوبل للكيمياء مؤخراً. من اللهجة السويدية لمحدثه على الهاتف الذي أبلغه بالفوز أدرك أن الأمر "ليس حيلة من صديقه"، كما يقول. احتفى تلامذة وزملاء سميث بفوزه، معبّرين عن استحقاقه للجائزة "التي تأخرت"، والتي حصل عليها، مع زميلين آخرين في الكيمياء، لبحثهم الذي يستخدم أسلوب التطور الموجه لإنتاج إنزيمات لكيميائيات وعقاقير جديدة، يمكنها تطوير اللقاحات في المستقبل.
لكن في الضفة الأخرى لـ"نوبل" وكل ما تمثّله، كان ثمة غضب عارم من فوز سميث. هو غضب إسرائيلي لفوز من يفضّل، أولاً وقبل الكيمياء ربما، التعريف عن نفسه كـ"مناهض للصهيونية، وداعم للقضية الفلسطينية ولحركات مقاطعة إسرائيل".   وبينما كان زملاء سميث (77 عاماً)، وبينهم من يعرفه منذ أكثر من أربعين عاماً، يتحدثون عن "إبداعه" و"عبقريته" و"تواضعه"، لافتين إلى أن الرسائل الجامعية التي يُشرف عليها تُنشر دائماً في كتب، كان الإسرائيليون يستحضرون صفات أخرى في سميث باعتباره "داعماً لتدمير الدولة اليهودية".

الفوز المزعج لإسرائيل

فور إعلان فوز سميث، فتحت الصحف الإسرائيلية ملفه بغضب شديد، فهو لم يترك موقفاً وتصريحاً أو نشاطاً قد يدفع إسرائيل للتعامل مع هذا الفوز بغضب أقل. علقت "هآرتس" الإسرائيلية بالقول إن نشاط سميث السياسي جعله شخصية مثيرة للجدل في جامعة ميسوري، وهدفاً للجماعات الموالية لإسرائيل. واشتكت الكاتبة في الصحيفة آليسون سومر من ورود اسم سميث على الموقع المسمى "بعثة الكناري"، والمعروف بأنه ينشر عادة ملفات على الإنترنت حول أساتذة وطلاب ومتحدثين في الجامعة مؤيدين للفلسطينيين ويدعون  لسحب الاستثمارات من إسرائيل، بينما أشارت إلى اعتماد المسؤولين الإسرائيليين على هذا الموقع كمرجع عند التدقيق في هويات من يدخلون إسرائيل، ومنعهم من الدخول في حال كانوا من الناشطين مع حركة المقاطعة. وفي السياق ذاته، لفتت "تايمز أوف إسرائيل" إلى "حب" العالمين الآخرين - اللذين شاركا سميث بالجائزة - لإسرائيل وعن تعاونهما معها.
في الضفة الأخرى لـ"نوبل" وكل ما تمثّله، كان ثمة غضب عارم من فوز سميث. هو غضب إسرائيلي لفوز من يفضّل، أولاً وقبل الكيمياء ربما، التعريف عن نفسه كـ"مناهض للصهيونية، وداعم للقضية الفلسطينية ولحركات مقاطعة إسرائيل"
منذ فترة طويلة، ينشط سميث لصالح القضية الفلسطينية، وقد اعتاد توجيه انتقادات حادة إلى إسرائيل نتيجة انتهاكاتها ضد الفلسطينيين، ولديه تصريحات ومواقف عديدة أزعجت الفلسطينيين منها وصفه لوعد بلفور مرة بـ "فصل خسيس في الظلم الاستعماري الاستيطاني"
 
وجاء في الصحيفة أن "العالمة الأمريكية فرانسيس أرنولد، من معهد كاليفورنيا للتكنولوجيا، مختلفة في هذا الشأن عن سميث. في يونيو، زارت إسرائيل في مؤتمر برعاية الدولة حول الكيمياء في القدس". والحال نفسه مع الفائز الثالث وهو غريغوري وينتر، من مختبر مختبر البيولوجيا الجزيئية في كامبريدج، لأنه عضو في مجلس العلوم المشترك للمملكة المتحدة وإسرائيل، والذي يضم خبراء من الجهتين. وهكذا ركزت الصحيفة على اختلافهما عن سميث، "كاره إسرائيل"، وعرّفت عنه بأنه "محاضر متقاعد في علم الأحياء، وصف نفسه بأنه ما بعد الصهيونية...كتب العديد من المقالات ضد الدولة اليهودية وهو عضو في العديد من المنظمات اليهودية المناهضة لإسرائيل، رغم أنه ليس يهودياً".

بالنسبة لسميث... فلسطين أولاً

ما يزعج الإسرائيليين وما جعلهم يبرزونه كاعتراض على فوز سميث، هو نفسه ما يدعو العالم الأمريكي للفخر، وما يحرّك حياته وأفكاره، كما يقول. "أنا لا ديني ولست يهودياً بالميلاد، لكن زوجتي يهودية وأبناءنا تعمدوا وفق الديانة اليهودية، وأنا مُنخرط في الثقافة والسياسة اليهودية"، يقول أستاذ علم الأحياء والبيولوجيا في جامعة ميسوري، مؤكداً على عمله الدؤوب لـ"تحقيق العدالة لفلسطين". منذ فترة طويلة، ينشط سميث لصالح القضية الفلسطينية، وقد اعتاد توجيه انتقادات حادة إلى إسرائيل نتيجة انتهاكاتها ضد الفلسطينيين، ولديه تصريحات ومواقف عديدة أزعجت الفلسطينيين منها وصفه لوعد بلفور مرة بـ "فصل خسيس في الظلم الاستعماري الاستيطاني". ومعروف عن سميث أنه عضو في منظمة "صوت اليهود من أجل السلام"، وهي منظمة يسارية الميول تهدف إلى وضع حد للاحتلال الإسرائيلي للضفة الغربية وقطاع غزة والقدس الشرقية. كما يُعتبر من المؤيدين المتحمسين لحركة المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات على إسرائيل (BDS)، كجزء من نشاطه المؤيد لفلسطين. واعتاد إثارة غضب الجماعات المؤيدة لإسرائيل، كونه يدعو دائماً إلى "وضع حد للنظام التمييزي في فلسطين" وإنهاء "السيادة العرقية اليهودية على الشعوب الأخرى".

"ادعموا حركة المقاطعة"

ذكرت التقارير الصحفية بقيام سميث بانتقاد أغنية الشاعرة نعومي شيمر الشهيرة التي حملت عنوان "القدس الذهبية"، معلقاً بالقول إن "وصمة التفوق اليهودي… متأصلة في كلمات شيمر". ويبقى البارز في مسار سميث مقالات كتبها، ومنها ما نشره في أبريل الماضي في صحيفة محلية أمريكية اسمها "كولومبيا تريبيون"، وناقش من خلاله أبرز التواريخ المهمة في تطورات القضية الفلسطينية منذ النكبة، مُنتقداً الخطاب السياسي الإسرائيلي المتكرر الذي يرى الفلسطينيين "تهديداً ديموغرافياً أبدياً". من بين ما جاء في المقال، كان رأي سميث أن ما تسميه إسرائيل "حرب الاستقلال" عن بريطانيا عام 1948 هو تسمية "مشوهة"، متسائلاً "هل كانت حرب استقلال أم حرباً للتهجير وانتزاع الأراضي؟"، ليجيب "كانت حقاً حرب تجريد للشعب الفلسطيني من أرضه". وأنهى سميث مقالته بإعلانه دعم حركة مقاطعة إسرائيل (BDS)، داعياً المجتمع العالمي لنبذ التعامل مع الشركات والمؤسسات الإسرائيلية والدعوة لعودة المنفيين من الشعب الفلسطيني وتحقيق المساواة الكاملة مع الإسرائيليين.

مواصلة المسار

في عام 2015، أعلن سميث (77 عاماً) اعتزامه تحليل "التصورات الصهيونية". وكان من المفترض أن ينظم فعالية للحديث عن "التطهير العرقي في فلسطين"، مُعتمداً على ما ورده في كتاب المؤرخ الإسرائيلي المناهض للصهيونية إيلان بابيه. وكانت محاولة سميث تنظيم المحاضرة واحدة من أكثر الحوادث إثارة للجدل في حياته، إذ واجه احتجاجات ضخمة في جامعة ميسوري من الجماعات الطلابية الموالية لإسرائيل، وهو ما اضطر الجامعة لتأجيلها ومن ثم إلغائها بحجة "عدم تسجيل الكثيرين" لحضور الفعالية. وفي تقرير صحفي، عقّب سميث على إلغاء المحاضرة  بالقول إنه لا يعارض اليهود، ولا اليهود الذين يعيشون في فلسطين، بل "يعارض سيادة عرق اليهود على الأعراق والشعوب الأخرى". ما حدث وما يحدث لا يبدو أنه يثني سميث عن مواصلة نشاطه المؤيد لفلسطين ضد سياسات الاحتلال الإسرائيلي، وقد استمر في كتابة آرائه ورسائله للصحف والمجلات حول القضية الفلسطينية، بينما تسجل سيرته الذاتية على موقع "mondoweiss" المناهض للصهيونية، تقليله من إنجازاته كعالم كيمياء على حساب الظهور بموقف "الداعم لحركة العدالة في فلسطين" والتي تأسست داخل جامعة ميسوري الأمريكية.

رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard
Popup Image