غرقت شبكات التواصل في لبنان منذ بعد ظهر أمس الاثنين بنقاشات لامتناهية، سببها فيلم هوليوودي عنوانه "Wonder Woman" كان من المزمع عرضه في الصالات بعد غد الخميس.
وعلى الرغم من شهرة القصة التي تجسّد امرأة بقوام صلب وشخصية خارقة، فقد تسببت بطلة الفيلم غال غادوت الإسرائيلية بانقسام حاد في الآراء لناحية مقاطعته أو مشاهدته.
حملة "مقاطعة داعمي إسرائيل في لبنان"، أرسلت شكوى أمس إلى "مكتب مقاطعة إسرائيل" في وزارة الاقتصاد مطالبةً إياه بتسليط الضوء على ما يحصل.
وبدورها، وبعد ساعات من شيوع الخبر، أكدت وزارة الاقتصاد اللبنانية عبر بيان أصدرته مساء الاثنين، أنها "باشرت باتخاذ الإجراءات اللازمة لحظر عرض الفيلم في لبنان"، مشيرة بذلك إلى إيصالها رسالة رسمية للأمن العام اللبناني، بانتظار أن يتحرك الأخير بقرار يمنع العرض. إلا أن قرار منع العرض صدر عن بعد ساعات من الانتظار والترقّب، وقد أعلنت مجموعة "Grand Cinemas" الخبر رسميا عبر تغريدة على تويتر:
مكتب مقاطعة "إسرائيل"، الذي يقوم بدوره بتبليغ الأمن العام، ومنها أفلام الممثلة نتالي بورتمان، التي تملك جنسية إسرائيلية وأمريكية، إذ لم يتم التبليغ عن أي من أفلامها من قبل في لبنان.
مسابقة ملكة جمال الكون 2004
تعددت النقاشات عن "حق المنع" في زمن تسهل مشاهدة أي فيلم بواسطة تحميل بسيط على الإنترنت. واعتبر البعض أن المقاطعة خيار شخصي، يعود لكل فرد حر في المجتمع، بحسب مبادئه وأولوياته. بينما قال آخرون إن "فشل الأفراد باتخاذ قرارات سريعة" يحتّم على الدولة القيام بخطوات استباقية كمنع عرض فيلم معين.
انقسمت حلقة النقاش في لبنان: قسم دافع عن حق عرض الفيلم، مشدداً على أن إنتاجات أُخرى من إخراج إسرائيليين أو داعمين لإسرائيل تم عرضها في لبنان، حتى أن غال غادو شاركت في عدة أفلام سابقاً، منها مجموعة "Fast and furious"، التي عرضت خلال السنوات الماضية، بالإضافة إلى أفلام Batman vs Superman, Keeping Up With The Joneses, Criminal, Date night, التي لم تمنع أيضاً.
عدد من المدونين اللبنانيين شدد على أن الفيلم إنتاج فني وتبقى حرية اختيار مشاهدته لكل فرد في المجتمع، منهم الناقد السينمائي والمدون أنيس تابت، الذي اعتبر أنه لن يتراجع عن كتابة نقد عن الفيلم، خصوصاً بعد أن قام عدد من المتابعين بحذفه عن "فيسبوك" لأنه أبدى رأيه بالفيلم.
قسم آخر من المتابعين عبّر عن دعمه لجهاز الرقابة اللبناني، وتمنى منع الفيلم بشكل كلي، لأن البطلة تدعم وتعترف بالكيان الإسرائيلي وذلك واضح في منشوراتها، خصوصاً على "انستغرام" في صورة تجمعها بشمعون بيريز.
الصفحات الفكاهية اللبنانية أيضاً وجدت نفسها معنية بالنقاش الدائر:
يقول الدكتور سماح إدريس، رئيس تحرير مجلة الآداب، وعضو مؤسس في حملة "مقاطعة داعمي إسرائيل في لبنان": "لا قرار رسمي واضح حتى الساعة من الأمن العام اللبناني بخصوص منع الفيلم". وتشير المعلومات المتداولة إلى أن الإجراءات البيروقراطية قد تكون سبب تأخير موعد تأكيد خبر المنع أو عدمه.
وقد سلط إدريس الضوء خلال الأيام الماضية على أهمية التحرك والمطالبة بمنع الفيلم في لبنان. فكان من أوائل الذين دعوا كل مواطن إلى تحمل مسؤولياته والتبليغ عما يثير ريبته.
وعن الدعوة إلى منع عرض فيلم غال غادوت، بينما لم تُمنع سابقاً أفلام ممثلين آخرين، يقول إدريس إن الحملة غير قادرة على رصد ومتابعة كل إصدار ورفع بلاغ عنه إلى "مع الرقابة ضد اسرائيل… وضد الرقابة مع الفن"
مسلسل الرقابة السينمائية ليس جديداً في لبنان، فقد سبق لوزارة الاقتصاد والتجارة، أن قامت باتخاذ الإجراءات لحظر عرض فيلم Batman V superman عام 2016، وفور شيوع خبر منع فيلم Wonder Woman وجد عدد من الناشطين اللبنانيين نفسه عالقاً في دوامة مفرغة من الأسئلة: فمن جاهر بخطر الرقابة سابقاً، وجد في مناصرته للقضية الفلسطينية مبرراً لتبرير الرقابة اليوم، فيما آخرون أصرّوا على الفصل مشددين أن لا حق للدولة بلعب دور "القيّم على الآراء"، وأن المقاطعة، وإن حصلت بطريقة فردية، ستُثبت قناعة المقاطِع بالقضية، المقاطعة الشخصية بدت خياراً أمثل لكُثر. وكانت السلطات اللبنانية قد منعت خلال السنوات السابقة عرض عدد من الإنتاجات السينمائية في لبنان، منها فيلم للمخرج اللبناني زياد الدويري، الذي صورت أجزاء منه في تل أبيب. الفيلم الذي نال رخصة لعرضه في لبنان قبل أشهر، مُنع بعد أن تراجعت السلطات اللبنانية عن قرارها بعدما طالب مكتب مقاطعة إسرائيل في جامعة الدول العربية، بمنع عرضه ليس في لبنان فحسب بل في كل الدول العربية. وقال دويري يومها إن الجامعة العربية قررت منع عرض الفيلم في الدول الـ22 الأعضاء في الجامعة، لأنه "قصد إسرائيل وصور مع بضعة ممثلين إسرائيليين". طرحت إذاً Wonder Woman تساؤلات عديدة وأثار نقاشاً كان لا بد منه في الساحة اللبنانية، إلا أن الخطر الحقيقي يكمن في تشريع الرقابة التي أثبتت اليوم أنها سلاح ذو حدين، قد يفيد أحياناً خلال التعامل مع العدو، إلا أنه، وإن أُعطي مساحة كافية، سيكون كفيلاً بإعادة صقل عقول المتابعين، بالطريقة التي تناسب مقص الرقيب والقائمين عليه.رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
Mohammed Liswi -
منذ يومأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ 3 أياملا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ 6 أياممقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...
Nahidh Al-Rawi -
منذ أسبوعتقول الزهراء كان الامام علي متنمرا في ذات الله ابحث عن المعلومه
بلال -
منذ أسبوعحلو
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ أسبوعالمؤرخ والكاتب يوڤال هراري يجيب عن نفس السؤال في خاتمة مقالك ويحذر من الذكاء الاصطناعي بوصفه الها...