أشرف مروان بطلٌ قوميٌ في مصر وإسرائيل على حدّ سواء لما حقَّقَه من سلامٍ بين البلدين. هكذا قدّمت "نتفليكس" الجاسوس أو الملاك أشرف مروان أمس بعد شرائها الفيلم الإسرائيلي "الملاك" قبل إنتاجه بعام، والمأخوذ من كتاب "الملاك - الجاسوس المصري الذي أنقذ إسرائيل" (2010) لكاتبه الإسرائيلي يوري بار جوزيف. إذ اعتَبرَ الفيلم، بحسب "روايته الإسرائيلية"، أنّ لا منتصرَ في حرب أكتوبر (1973) التي وقع ضحيتَها 17 ألف قتيلٍ سوى "السلام" الذي ساهم مروان بخلقه حتى تمتْ معاهدةُ السلام بين مصر وإسرائيل عام 1979، والتي نال كلٌّ من الرئيس أنور السادات ورئيس الوزراء الإسرائيلي مناحم بيغن على إثرها جائزةَ نوبل للسلام. عدَّتهُ إسرائيل "الملاك" مُنقذَها، بعدما حوّل أسرارَ الحكومة المصرية إلى كتابٍ مفتوحٍ أنقذها من الهجوم المصري السوري المشترك في حرب أكتوبر، كونه صهراً للرئيس الراحل جمال عبد الناصر، ومستشاراً للرئيس الراحل أنور السادات. لطالما اعتُبرت قصة مروان الأكثر إثارةً في القرن العشرين، بحسب يوري بار جوزيف، ما بين الحياة الباهرة والموت المريب من شرفة منزله في لندن قبل 11 سنة (2007)، وذلك ما لم يكشفْهُ الفيلم الذي كان متوقَعاً أن يثيرَ جدلاً قد يفوق الجدلَ الذي أثاره الكتابُ نفسه لدى صدوره.
"من أول ما شفته عرفت إنه غبي"
- جوزك عبيط مش المفروض يكون قاعد معانا مع ناس مهمة (الرئيس جمال عبد الناصر) - بتتكلم عن جوزي.. (منى جمال عبد الناصر) - الراجل دا ازاي ممكن يكون قدوة لحفيدي؟ عدم وجوده أحسن. من أول ما شفته عرفت إنه غبي. اتصل مروان بعد سماعه حوارهما بأيامٍ قليلةٍ بالسفارة الإسرائيلية في لندن (مكان إقامته) طالباً السفير الإسرائيلي مايكل كوماي. لم يرضَ المتحدث إليه تحويل المكالمة إلى كوماي قبل أن يعرفَ اسمه. "سأعرّفه عن نفسي.. لدي معلوماتٌ تهم المخابراتِ الإسرائيلية". مع ذلك، لم يرضَ تحويلَ المكالمة حتى معرفة اسمه، فقال له "أشرف مروان". لكن المكالمة رغم ذلك لم تتحول إلى كوماي. فقد أقفلَ مروان الخط بعد أن زادت أسئلةُ المتحدث إليه. توفي الرئيس عبد الناصر، وليكسبَ مروان ثقةَ الرئيس السادات، قدم له ملفاتِ رشاوٍ وفسادٍ للوزراء الثلاثة سامي شرف، علي صبري وشعراوي جمعة الذين استقالوا بعد أن أصبح السادات رئيساً، وقرروا إطلاقَ تحدٍ سياسيّ ضده، ما دفعَ الساداتَ لتعيين مروان مستشاراً له. مكالمةٌ هاتفيةٌ "مُسجلة" تعود وتهدد مروانَ بعد أن شعرَ بالاستقرار مع السادات. فما سببُ مكالمته للسفارة الإسرائيلية التي كشف فيها عن اسمه وأن لديه معلوماتٍ تهمُّ المخابرات الإسرائيلية ومن ثم اختفى؟ "موقفك لا يسمح لك بالمفاوضة صديقي، إن خرجتَ من هنا سيصل تسجيلُ صوتك إلى الصحف المصرية خلال دقائقَ يا أبو جمال"، ذلك ما أجبره على استمرار ما بدأه. بحسب الفيلم، عمل مروان جاسوساً لثلاثة أسباب: للانتقام من والد زوجته منى، الرئيسِ المصريّ السابق جمال عبد الناصر لإهانته المستمرةِ له، لحاجتِه للمال، وللمحافظةِ على أرواح الأبرياء من "حرب أكتوبر"، ما أثارَ السخريةَ بين مشاهدي الفيلم. وما شجعه أيضاً، كان تأثره بمحاضرةٍ جامعيةٍ عن الجاسوس المزدوج "غاربو"، الذي وصفه المحاضرُ بــ"صاحب مزرعة دواجن فاشل" تحوّل إلى أعظم عميلٍ مزدوجٍ في التاريخ، لاقتناعِه أن عليه العملَ من أجل البشرية وإنقاذ العالم من الزعماء.جاسوسٌ لإسرائيل… فقط
قُدّم مروان على أنه جاسوسٌ لإسرائيل فقط في الفيلم، وليس بطلاً قومياً كما تقولُ الرواية المصرية التي بدأ الصحافي والسيناريست هاني سامي كتابتها، متمنياً في حوار سابق مع "رصيف22" إن كان المصريون قد بادروا في روايةِ قصة مروان التي "تخصهم"، بدلَ أن يظهرَ الفيلم المصري "العميل" وكأنه ردُ فعلٍ لفيلم "الملاك"، مُحملاً مسؤولية التأخير على "المسؤولين في الأجهزة المعنية بالأمر"، إذ أنه تقدمَ بطلبِ كتابة سيناريو قبل عامين، ولم يتم الردُّ حتى أغسطس الماضي. لم يكن بالفيلم "عميلاً مزدوجاً" حتى. رغم أن "الملاك" مأخوذٌ من كتاب جوزيف إلّا أن تفاصيلَ عدة تم تجاهلها، أبرزها سؤاله الذي ورد في الكتاب: "كيف يُعقل أن الحكومةَ المصرية لم تقمْ بأية محاولةٍ للتحقيق في خيانته أو إخضاعه للمحاكمة، في الفترة الفاصلةِ بين الكشف عن هويته كبابل في 2002 وبين موته في 2007؟ بل كرَّمته وضخّمتْ مساهمتَه في حرب 1973؟" إذ يعتقدُ الكاتب الإسرائيلي أن مروان كان بالفعل عميلاً مزدوجاً، لدى مصر وإسرائيل. ما مصلحةُ رؤساء مصر في التستر على الخيانة ربما يتساءلُ البعض، فيما يقول آخرون أن "التستر" كان ضرورياً لخفي "الخدعة" التي عاشها الرؤساء."موقفك لا يسمح لك بالمفاوضة صديقي، إن خرجتَ من هنا سيصل تسجيل صوتك إلى الصحف المصرية خلال دقائقَ يا أبو جمال" هكذا توّرط أشرف مروان مع المخابرات الإسرائيلية واضطر بعدها إكمال ما بدأ به "لدي معلوماتٌ تهم المخابراتِ الإسرائيلية" - فيلم الملاك
الرئيس الراحل جمال عبد الناصر لابنته منى في فيلم "الملاك": "جوزك عبيط مش المفروض يكون قاعد معانا مع ناس مهمة..من أول ما شفته عرفت إنه غبي". هل عمل أشرف مروان جاسوساً لإسرائيل للانتقام فقط؟ وهل يستحق الفيلم تلك الضجة؟
أين الممثلون المصريون؟
ما أثار استياءَ الجمهورِ العربي "اللهجة المصرية" التي لم تُتقَن، كما تساءل العديد "أين الممثلون المصريون؟" متناسيين أن مشاركةَ ممثلٍ مصريّ في هذا الفيلم "الإسرائيلي" تعني إنهاءَ مسيرتَه الفنية في العالم العربي، لذلك جسّد الممثل الهولندي من أصولٍ تونسيةٍ مروان كنزاي دورَ أشرف مروان، والممثل الإسرائيلي ساسون جاباي دورَ الرئيس الراحل أنور السادات، والممثل الأمريكي من أصولٍ فلسطينية وليد زعيتر دورَ الرئيس الراحل جمال عبد الناصر. اللافت للأنظار أيضاً كان ضعفَ السيناريو الذي لم يبدُ عفوياً كما أداء الممثلين الركيك الذي جرّدَ الفيلمَ من أيةِ واقعية. ستنجحُ إسرائيل حتماً في ترويجها الزائفِ للسلام من خلال "الملاك"، لكنَّ لغزَ مروان أشرف لم يرحلْ معهُ عندما سقطَ من شرفة منزله في لندن، فعاجلاً أم آجلاً ستظهرُ قصتُه الحقيقية.رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يوممتى سوف تحصل النساء في إيران على حقوقهم ؟!
مستخدم مجهول -
منذ يومينفاشيه دينيه التقدم عندهم هو التمسك بالتخلف
مستخدم مجهول -
منذ يومينعظيم
Tester WhiteBeard -
منذ يومينtester.whitebeard@gmail.com
مستخدم مجهول -
منذ 3 أيامعبث عبث
مقال عبث من صحفي المفروض في جريدة او موقع المفروض محايد يعني مش مكان لعرض الآراء...
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعرائع