"قاوم يا شعبي قاومهم. لن أرضى بالحل السلمي، لن أُنزل أبداً علم بلادي، حتى أُنزلهم من وطني، أركعهم لزماني الآتي، قاوم يا شعبي قاومهم".
&feature=youtu.be&t=40قصيدة، مُرفقة بمشاهد مصورة للمواجهات الفلسطينية-الإسرائيلية، نشرتها الشاعرة دارين طاطور في أكتوبر 2015، حَكَمَتْ عليها بالسجن الفعلي 5 أشهر، والسجن مع وقف التنفيذ 6 أشهر أخرى، بقرار صادر من محكمة الاحتلال في الناصرة، بتهمة "التحريض على العنف والإرهاب"، ولكن أين تقع جريمتها؟ في أي سطر وأي كلمة بالتحديد؟
ندّدت وسائل التواصل الاجتماعي ووسائل الإعلام العربية باعتقال طاطور، ولكن ما كتبه مردخاي كرمنتزر في "هآرتس" العبرية تعليقاً على سجنها، يصوّب على ازدواجيّة معايير الحكم في إسرائيل وعلى التمييز العنصري الفاقع بحق العرب.
ما ينطبق على يهود إسرائيل لا ينطبق على العرب
اتهم كرمنتزر المحاكم الإسرائيلية بالتمييز العنصري بين العرب واليهود في الأحكام الصادرة تجاههم، لافتاً إلى أن الحُكم الصادر بحق طاطور يُعتبر مثالاً على أن ما يحق ليهود إسرائيل فعله، لا ينطبق على العرب. "يجب أن تكون الأحكام عادلة، وليست متعلقة بالعرق أو الديانة، بغض النظر إن كان ما فعلته طاطور محرضاً على العنف والإرهاب أم لا".
لفت الكاتب إلى تعامل السلطات الإسرائيلية التي تزين بمكيالين: شاعرة تُحبس من أجل قصيدة بتهمة التحريض على العنف والإرهاب، بينما تعتبر السلطات الإسرائيلية المستوطن باروخ غولدشتاين "بطل قومي" وليس "إرهابي"، بعدما قتل 29 مصلياً في عملية قتل جماعي عام 1994 داخل الحرم الإبراهيمي، في مدينة الخليل.
كما أشار كرمنتزر إلى استهجانه من قرار المستشار القضائي السابق للحكومة الإسرائيلية، يهودا فاينشتاين، الذي ألغى عام 2012 أي اتهام ضد مؤلفي كتاب "توراة الملك" الذي يبث أفكاراً عنصرية ضد العرب في إسرائيل تصل إلى حد قتلهم.
ومثال على ما جاء في الكتاب وفق الكاتب "يمكن الأخذ بعين الاعتبار قتل الرُضّع (من غير اليهود) بسبب الخطر المستقبلي الذي قد يشكلونه إن كانوا سينشأون ليصبحوا أشراراً مثل والديهم".
لم تكن وحشية هذا التعليق كافية لإيصال الحاخامات إلى المحكمة بتهم جنائية، على الرغم من تأثير هؤلاء الحاخامات على "قطيعهم" أكثر بكثير إذا ما قيس بتأثير شاعرة عربية كان حدود تأثيرها في الفضاء العام - قبل محاكمتها- محدود جداً، حسب ما علّق كرمنتزر.
هنا يعود الكاتب إلى ادعاء محكمة الصلح في الناصرة أن سبب الحكم هو الاكتفاء بأن يكون للخاضع للمحاكمة تأثير محتمل على فرد واحد، ليتساءل معترضاً "هل المعيار نفسه يجري استخدامه مع الحاخامات؟ هل يمكن لنظام يدعي العدالة أن ينظر إلى طاطور في عينيها ثم يقرّر مقاضاتها تاركاً الحاخامات؟"
أكد كرمنتزر أن بعد ذكر هذه الأمثلة، لا بد من قول إن لا عدالة في الأحكام الصادرة بين اليهود والعرب، بينما ذكر قاعدة عامة وهي "يتم إرسال العرب إلى السجون إلى فترات طويلة، وبالمقابل، نادراً ما يُرسل اليهود إلى السجون".
نتيجة عكسية لإسرائيل
حُكم على طاطور بالحبس لئلا تؤثر على غيرها، ولكن ما طرحه كرمنتزر كان في غاية الأهمية، وهو أن الحكم الذي صدر بحقها، سلّط الضوء عليها وزاد من دائرة المتأثرين فيها.
هكذا، اعتبر أن الحكم عليها ما هو إلا ترويج لقضيتها، وترويج لقصائدها التي كان على العالم أجمع أن يسمعها ويقرأها، وليس فقط الأقلية الذين يتابعونها.
"ألم يفكروا كيف حوّلوا طاطور من شخص ثانوي إلى بطلة وطنية؟" تساءل كرمنتزر.
"هناك بالفعل من يسعى لتدمير إسرائيل، ولكن منهم من أصبح يحرض على العنف بسبب تصرفات إسرائيل معهم". هذا ما قاله الكاتب عبر الصحيفة الإسرائيلية، لتوضيح التمييز العنصري الذي يتعرض إليه العرب هناك.
"أُعطي العالم إرهاب الحب"
بعد صدور الحكم بسجنها، قالت دارين طاطور لصحيفة "هآرتس" أيضاً "كنت أتوقع السجن وهذا ما حدث. لم أكن أتوقع العدالة. منذ البداية الاعتقال كان سياسياً، لأن القضية تتعلق بحرية التعبير، وسُجنت لأني فلسطينية".
وأضافت طاطور أن محاكمتها قد أزالت الأقنعة، لأن العالم بأكمله سيعرف قصتها، وقصة الآلاف مثلها. "سوف يسمع العالم كله ما هي ديمقراطية إسرائيل، ديمقراطية لليهود فقط، في حين يذهب العرب فقط إلى السجون".
"قالت المحكمة إنني مدانة بالإرهاب. إذا كان هذا هو إرهابي، فإنني أعطي العالم إرهاب الحب"، أكدت طاطور.
مردخاي كرمنتزر عبر "هآرتس" معترضاً: "دارين طاطور تُحكم بالسجن ومن قتل 29 مصلياً داخل الحرم الابراهيمي يصبح بطلاً قومياً؟ المحاكم الإسرائيلية تزين بمكيالين وتمارس التمييز العنصري"
الشاعرة دارين طاطور: "سوف يسمع العالم كله ما هي ديمقراطية إسرائيل، ديمقراطية لليهود فقط، في حين يذهب العرب فقط إلى السجون. قالت المحكمة إنني مدانة بالإرهاب، إذا كان هذا هو إرهابي فإنني أعطي العالم إرهاب الحب".
يُذكر أن طاطور اعتُقلت في أكتوبر 2015 وقضت عدة أشهر في السجن قبل أن توضع رهن الإقامة الجبرية في منزلها في يناير 2016. لم يسمح لها باستخدام الهواتف أو الإنترنت لأنها كانت "تهدد السلامة العامة"، وفي 8 أغسطس الحالي، سيتم حبسها في سجون الاحتلال.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومينكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 6 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...