أعلن ضابط درزي في الجيش الإسرائيلي، انسحابه من الخدمة العسكرية، عبر منشور على حسابه على فيسبوك يوم 29 يوليو، اعتراضاً على قانون القومية الإسرائيلي الذي تسبب في انتقادات شديدة للدولة العبرية.
وفي المنشور طالب الضابط "أمير جمال" قادة مجتمعه بوضع حد للتجنيد الإجباري للدروز، لكن بعدها تمت إزالة منشوره من على حسابه.
وكتب جمال "هذا الصباح، حين استيقظت متوجهاً إلى مقر قيادتي في الجيش، سألت نفسي، لماذا؟ لماذا يتعين علي أن أخدم دولة إسرائيل، وهي الدولة التي خدمتها أنا وشقيقاي وأبي بإخلاص".
وكتب جمال، "تعاملت مع إسرائيل بحب وبإحساس بالمسؤولية، لكن في النهاية ما الذي حصلنا عليه؟ (هو وأفراد أسرته) أصبحنا مواطنين من الدرجة الثانية".
وفي المنشور قال جمال إنه طرح على نفسه سؤالاً مفاده هل يستمر في خدمة البلد؟ وأجاب عليه بأنه لا يريد الاستمرار، وأنه متأكد من أن هناك مئات آخرين سيتوقفون عن الخدمة في الجيش الإسرائيلي وسينسحبون بعد قرار نتنياهو (رئيس الوزراء الإسرائيلي) وحكومته.
والقانون الذي يقصده أمير جمال هو قانون "الدولة القومية" الذي يمنح اليهود حصراً حق تقرير المصير، ويعتبر أن إسرائيل هي "الوطن التاريخي للشعب اليهودي".
وتسبب القانون الإسرائيلي في حالة جدل كبيرة، على المستوى الدولي، وأيضاً داخل إسرائيل نفسها، لدرجة قيام النواب العرب في الكنيست بتمزيق القانون ورميه في وجه بنيامين نتنياهو.
وكانت إسرائيل كثيراً ما تروج لصورتها باعتبارها دولة ديمقراطية يهودية، وأن نظامها القانوني يحمي حقوق العرب، الذين يشكلون أكثر من خُمس السكان، فضلاً عن حماية حقوق الأقليات الأخرى. لكن يرى مراقبين إن القانون حطم هذه الصورة المزعومة.
وقال الضابط جمال في منشوره إنه بعد تفكير طويل قرر ترك الخدمة والتوقف عن خدمة البلد، واصفاً حكومة إسرائيل بأنها "تأخذ ولا تعطي في المقابل".
وختم جمال منشوره قائلاً "أطلب من كل شخص ضد قانون الدولة القومية أن يشارك ويرسل اقتراحي لقادة المجتمع (الدرزي) بهدف إيقاف قانون التجنيد الإجباري لأفراد الطائفة الدرزية".
وتضمن القانون الإسرائيلي الجديد، 11 قسماً، جاءت تحت عناوين فرعية هي: المبادئ الأساسية، رموز الدولة، عاصمة الدولة، اللغة، لمّ الشتات، العلاقة مع الشعب اليهودي، الاستيطان اليهودي، يوم الاستقلال ويوم الذكرى، أيام الراحة والعطل، نفاذ القانون.
وجرد القانون الذي أقره الكنيست في 19 يوليو، اللغة العربية من مكانتها كلغة رسمية في إسرائيل، واعتبار اللغة العبرية وحدها اللغة الرسمية بينما العربية مجرد لغة "ذات وضع خاص".
ويؤكد مشروع القانون أيضاً على أن القدس هي عاصمة إسرائيل، والتقويم العبري هو التقويم الرسمي للدولة، بالإضافة إلى العطلات اليهودية.
وقصة الضابط جمال ما هي إلا فصل في قصة أكبر عنوانها الأنسب هو "الرفض الدرزي الكبير لقانون القومية"، ويعتبر الكثيرين داخل إسرائيل وخارجها أن القانون يقود إلى "الفصل العنصري، أو الأبارتايد".
وقال المحاضر الجامعي البروفيسور قيس فرو في اجتماع احتجاجي عقده الحزب الشيوعي في حيفا أن "المطلوب من الدروز الآن هو التكاتف مع سائر العرب في البلاد ومع القوى اليهودية الديمقراطية".
ويرى فرو أن إسرائيل بتطبيقها لهذا القانون اعتبرت رسمياً أن الجنود غير اليهود هم عملياً مرتزقة، مضيفاً "أناشد أبناء طائفتي (الدروز) التوقف عن التملق والمداهنة وتبني سجال المرتزقة. فقط بالمعركة المشتركة مع القوى الديمقراطية اليهودية وسائر أبناء الشعب العربي في البلاد يمكن تحقيق النتائج المرجوة".
وكان المحاضر الجامعي الدكتور رباح حلبي قد كتب مقالاً في صحيفة "هآرتس" العبرية اعتبر فيه أن القانون الجديد "صورة طبق الأصل للتعامل اليومي المتبع في إسرائيل تجاهنا نحن الدروز وتجاه سائر العرب".
واعتبر حلبي في مقاله أن القانون يسيء لسمعة إسرائيل لدى أمم العالم المتحضرة، لكنه من ناحية أخرى جيد للدروز لأنه "يضع حداً للوهم في شراكة المصير التي تدعيها دولة إسرائيل، على حد تعبيره.
وبحسب حلبي فإن القانون جيد للدروز لأنه "بمثابة صفعة مجلجلة لكل من تمسك بأوهام المواطنة المتساوية والكاملة في إسرائيل".
ويشير تحليل صحافي حديث إلى أن تصاعد الاحتجاج على "قانون القومية" في صفوف أبناء الطائفة العربية الدرزية، خاصة أولئك الذين يخدمون في الجيش الإسرائيلي، يظهر أن نتنياهو، يواجه أزمة حقيقية يمكن أن تضطره إلى التراجع أو تعديل هذا القانون، بهدف إدخال إضافات عليه تمنح الدروز مكانة فيه.
ويرى التحليل أن احتمال تراجع نتنياهو سيكون بسبب أزمة خروج ضباط دروز من الجيش بسبب "قانون القومية". كما أن حملة الاحتجاج الدرزية تركز بالأساس على "وتر حساس" هو ما يوصف بأنه "حلف الدم"، في إشارة إلى مقتل مئات الجنود الدروز خلال الحروب والعمليات العسكرية للجيش الإسرائيلي.
عُلقت لافتة عند مدخل المقبرة في قرية عسفيا، وكُتب فيها: "إلى شهداء حروب إسرائيل الدروز. سامحونا! لم نعرف كيف نحافظ على الكرامة التي منحتمونا إياها. أرسلناكم وحولناكم شهداء من الدرجة الثانية".
"هذا الصباح، حين استيقظت متوجهاً إلى مقر قيادتي في الجيش، سألت نفسي، لماذا؟ لماذا يتعين علي أن أخدم دولة إسرائيل، وهي الدولة التي خدمتها أنا وشقيقاي وأبي بإخلاص".
واتخذ احتجاج الدروز أكثر من شكل، أحدهم كان في المقابر، حيث علقت لافتة عند مدخل المقبرة في قرية عسفيا، وكُتب فيها: "إلى شهداء حروب إسرائيل الدروز. سامحونا! لم نعرف كيف نحافظ على الكرامة التي منحتمونا إياها. أرسلناكم وحولناكم شهداء من الدرجة الثانية".
ومن المتوقع أن تنظم الطائفة الدرزية مظاهرة في تل أبيب، يوم السبت المقبل. سيشارك فيها كل من رئيس أركان الجيش الإسرائيلي الأسبق، غابي أشكنازي، ورئيس الموساد السابق، تمير باردو، ورئيس جهاز الأمن العام (الشاباك) السابق، يوفال ديسكين.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومينكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 6 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...